الأربعاء، 22 أغسطس 2012

تركيا وحلفاؤها يستعدّون لتزويد الجيش الحر بمضادات تمكنه من فرض حظر جوي فوق حلب وادلب

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أربعة عشر قاذف صاروخ «ستينغر» اميركي مضاد للطائرات ومحمول على الكتف، وعدد كبير من القاذفات الاميركية الاخرى الممكن استخدامها لمرة واحدة فقط، وصواريخ سام «ارض - جو» مشابهة، ومضادات من عيار 14 ميليمترا محمولة على آليات، وتدريب لمقاتلي «الجيش السوري الحر» في تركيا على استخدام هذه الاسلحة، وتزويد المقاتلين بمعلومات استخباراتية حول تحرك طائرات الاسد وقواته على الارض.
هذا ملخص «لائحة المشتريات» التي تعمل تركيا وحلفاؤها في الغرب والعالم العربي على تزويدها للثوار السوريين في الاسابيع القليلة المقبلة لتمكينهم من الحاق الهزيمة بطائرات قوات الرئيس السوري بشار الاسد وتنحية سلاح الجو من المعركة كخطوة اولى لاقامة منطقة حظر جوي فوق منطقة آمنة للمدنيين السوريين تمتد على مساحة محافظتي ادلب وحلب، حسب مصادر ديبلوماسية مطلعة في العاصمة الاميركية.
وتقول المصادر ان «نجاح السوريين انفسهم في فرض حظر الجوي لا يحتاج الى قرارات من مجلس الامن او اعلان حرب من اي دولة ضد السيادة السورية». 
وتعتقد المصادر نفسها ان فرص نجاح الثوار في اقامة المنطقة الآمنة من دون تدخل خارجي «كبيرة جدا».
من يحصل على هذه الصواريخ بين الثوار السوريين؟ وهل اسقطت الولايات المتحدة تحفظاتها على امكانية وصول اسلحة، وخصوصا صواريخ «ستينغر»، الى ايدي متطرفين؟
«الراي» علمت ان «مجموعة دعم سورية»، وهي تتشكل من سوريين-اميركيين وسوريين في المهجر عموما، هي على اتصال مباشر بقوات «الجيش السوري الحر» المقاتلة داخل سورية، وهي التي تقوم بعملية اختيار المقاتلين الذين يتواصل معهم الحلفاء ويزودونهم بالمال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية. 
هذه المجموعة كلفت برايان سايرز، وهو سبق ان عمل في «تحالف الاطلسي» في بروكسل وفي كوسوفو، للقيام بمهام مديرها التنفيذي. وترى المجموعة ان مهمتها تكمن في دعم «الجيش السوري الحر» ومساعدته في التحول الى جيش بديل عن الجيش النظامي لمرحلة ما بعد الرئيس بشار الاسد.
وهذا يتطلب، حسب مقابلة ادلى بها سايرز الى احد مواقع الاخبار الاميركية، «دعم على المدى القصير مثل التمويل، والدعم اللوجستي وتحسين وسائل الاتصال» لدى «الجيش السوري الحر». اما على المدى البعيد، يقول سايرز، فالمطلوب هو «اصلاح في القطاع الامني بشكل عام وتغيير عقيدة الجيش».
يذكر ان «وزارة الخزانة» الاميركية منحت، في 26 يوليو الماضي، استثناء من اي عقوبات مفروضة على سورية لهذه المجموعة لتمويل «الجيش السوري الحر». 
في هذه الاثناء، يقول خبراء عسكريون اميركيون ان استخدام الاسد طائراته المقاتلة، خصوصا ذات الجناح الثابت، هو دليل على تراجع مقدرة قواته على الامساك بالارض. ويقول هؤلاء ان «قوات الاسد تعاني من ارهاق تام، فهي تنتقل من بقعة الى اخرى على مدى السنة والنصف الماضية، وهذا يعني انها بحاجة لنقل آلياتها مثل الدبابات والمدافع بشكل متواصل، وهذا كابوس لوجستي لدى اي جيش».
اضف الى ذلك نجح الثوار، حسب الخبراء، في السيطرة على معظم طرق الامداد في المناطق الشمالية حيث تدور المعارك، وخصوصا في منطقة جبل الزاوية جنوب شرق محافظة ادلب، عن طريق سيطرتهم على الحواجز العسكرية التي كانت تابعة لقوات النظام.
ويقول احد الخبراء ان آخر المعارك حول معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا اظهرت ان قوات الاسد «غير قادرة على استعادة الاراضي التي تخسرها، لذا فهي تحاول التعويض عن ذلك بشن هجمات من الجو».
ويقارن الخبراء الاميركيون بين معركتي حمص وحلب، فيتوصلوا الى نتيجة مفادها ان القوات النظامية التي نجحت في تدمير احياء في حمص عن بكرة ابيها واجتاحتها بالمشاة، غير قادرة على فرض التكتيك نفسه في حلب، ولا هي قادرة على محاصرة الثوار في اي مساحة داخل المدينة ولا قطع خطوط امدادهم المتصلة بتركيا.
على العكس، يعتقد الخبراء ان معركة حلب تظهر انقلابا تدريجيا في موازين القوى لمصلحة الثوار. بيد ان «سلاح جو النظام مازال قادرا على انزال عقوبة جماعية بالاحياء التي يخسر السيطرة عليها لمصلحة الجيش الحر، وهو ما يحدث في الاسابيع القليلة الماضية».
ويقول ديبلوماسيون في واشنطن انه في وسط هذه الصورة العسكرية «سيساهم تحييد طائرات الاسد في خلق مناطق آمنة تماما تحت سيطرة الجيش السوري الحر، ويمكن ان يلجأ اليها المدنيون السوريون هربا من العنف في مناطق اخرى». حتى يحصل هذا، يحتاج الثوار الى الحاق الخسائر بنوعين من الطائرات، المروحية والثابتة الجناح.
الطائرات المروحية يتم استعمالها مساندة للقوة المقاتة على الارض، وهي تعطي افضلية كبيرة لقوات الاسد، لكن نقطة ضعفها، حسب الديبلوماسيين، هي انها عرضة للنيران الارضية مثل مدافع المضادات الرشاشة والصواريخ المحمولة على الكتف. وتحاول تركيا وحلفاؤها «تعزيز القوة النارية المضادة للمروحيات لدى الثوار».
اما الطائرات الثابتة الجناح مثل مقاتلات «ميغ»، فهي تستخدم بدلا من القصف المدفعي. ويقول الديبلوماسيون ان «مراقبة اداء طيارين الجيش النظامي يشير الى ان قصفهم عشوائي»، وانه «لا يأتي بالتنسيق مع المشاة ولا تغطية لتحركاتهم»، بل هو بمثابة «عقوبة جماعية كما كانت تفعل المدافع والدبابات في درعا وحمص وحماة وغيرها».
ويضيف الديبلوماسيون ان قرار مساعدة «الجيش السوري الحر» هو احد الخيارات التي تم طرحها في المناقشات بين الحلفاء المساندين للثورة السورية ضد حكم الاسد. اما السيناريوات الاخرى، فتضمنت «اقامة مظلة جوية باستخدام قواعد بطاريات صواريخ ارض - جو مضادة للطائرات ومتمركزة على الجانب التركي من الحدود مع سورية»، لكن هذا السيناريو يتطلب بالضرورة اختراق السيادة السورية.
كذلك، تباحث الحلفاء، تركيا واميركا والدول الاوروبية والعربية، في امكانية شن حملة جوية محدودة في الشمال السوري لتدمير دفاعات الاسد الجوية والمطارات التي يمكن استخدامها لاقلاع وهبوط المقاتلات من دون الحاجة الى تدمير الدفاعات على مدى المساحة السورية بأكملها. لكن هذه الحملة الجوية، التي تحتاج الى ساعات معدودة، ستكون كذلك بمثابة اختراق للسيادة السورية، وهو امر تعارضه واشنطن من دون تفويض من مجلس الامن، حسب المصادر.
يختم الديبلوماسيون: «هناك اجماع بين الحلفاء على ان انهيار نظام الاسد حتمي، السؤال هو المدة الزمنية التي يتطلبها والثمن الذي سيضطر المدنيون السوريون الى دفعه قبل ان يحصل ذلك... نحن نحاول في التعجيل من السقوط لتفادي وقوع المزيد من ضحايا على ايدي النظام وقواته».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق