الخميس، 6 فبراير 2014

اللوبي الإسرائيلي في واشنطن يتعثر في مواجهة أوباما ... وإيران

• 80 عضواً في الكونغرس وقعوا عريضة تؤيد الديبلوماسية مع إيران وتعارض أي عقوبات

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

يعاني اللوبي المؤيد لاسرائيل، والذي تقوده «اللجنة الاميركية - الاسرائيلية للعلاقات العامة» المعروفة بـ «ايباك»، من تراجع كبير في المواجهة التي يخوضها ضد الرئيس باراك أوباما وادارته لاجبارهما على قبول اقرار الكونغرس سلسلة جديدة من العقوبات الاقتصادية على ايران، بمفعول مؤجّل يبدأ في حال لم تتوصل المفاوضات مع طهران الى حل يؤدي الى «تفكيكها الكامل لبرنامجها النووي».

وفيما حاول مجلس النواب في الكونغرس، والذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الجمهوري الاقرب الى اسرائيل، اعادة اصدار قانون العقوبات على ايران بتأييد الحزبين، على غرار الجولة الاولى العام الماضي والتي حازت تأييد 400 من 435 عضوا، الا ان هذه الجولة تبدو اكثر تعقيدا.

وفي هذا السياق، سربت اوساط الحزب الديموقراطي رسالة موجهة الى اوباما وقعها حتى الآن ثمانون عضوا في الكونغرس، تعرب عن تأييد هؤلاء الاعضاء للديبلوماسية مع ايران، ومعارضتهم لاقرار اية عقوبات اثناء المفاوضات، عملا بنص «خطة العمل المشترك»، اي الاتفاقية الموقتة التي توصلت اليها مجموعة دول خمس زائد واحد، في جنيف، في 24 نوفمبر الماضي.

على ان المواجهة بين الطرفين المؤيد والمعارض للعقوبات تأتي تحت عنوان القيام بما هو اصلح لاسرائيل وأمنها.

ورغم وقوف «ايباك» الى جانب الفئة المؤيدة لعقوبات جديدة، الا ان تنظيمات يهودية اميركية اخرى، وان اقل نفوذا، تقف الى جانب معارضي العقوبات، ما يعقد من مهمة «ايباك» او تسويقها التشريع الجديد وكأنه يأتي نتيجة اجماع اصدقاء اسرائيل من اميركيين ويهود اميركيين.

رسالة الديموقراطيين المؤيدين لاوباما، والمعارضين لعقوبات جديدة على ايران، تصدرتها مقدمة جاء فيها ان تأخير اقرار العقوبات هي خطوة مخصصة لحماية امن اسرائيل: «كأعضاء في الكونغرس، وكأميركيين، نعلن وحدتنا ودعمنا المطلق لمنع ايران من حيازة سلاح نووي، فانتشار الاسلحة النووية في الشرق الاوسط يهدد امن الولايات المتحدة و(امن) حلفائنا في المنطقة، خصوصا اسرائيل».

واضافت الرسالة انه «في الوقت الحالي، نعتقد ان على الكونغرس اعطاء الديبوماسية فرصة»، وان اي قانون او قرار من شأنه ان يضعضع الائتلاف الدولي، او ان «يقلل من مصداقيتنا في جولات المفاوضات المقبلة ويضعف فرص التقدم نحو اتفاقية نهائية يمكن التحقق منها»، وهذا، حسب الاعضاء الديموقراطيين موقعي الرسالة، امر يجب تفاديه.

وتتابع الرسالة ان «الديبلوماسية تبقى افضل خيار استراتيجي لنا»، وانه «علينا ألا نضعف فرصة تحقيق نجاح ديبلوماسي قبل ان تسنح لنا فرصة اختباره».

وكان لافتا ان الرسالة وقعها عدد من اعضاء الكونغرس الديموقراطيين من اليهود.

في هذه الاثناء، تسعى قيادة الغالبية الجمهورية في مجلس النواب، متمثلة بزعيمها عضو الكونغرس عن ولاية فرجينيا اريك كانتور، الى تحريك قانون العقوبات في محاولة لاقراره وارساله الى مجلس الشيوخ لوضع الاخير تحت الضغط بهدف الموافقة عليه.

وفي حال حاز القانون غالبية الثلثين في كل من المجلسين التشريعيين، يخسر أوباما حق النقض الفيتو. اما اذا اقرّ القانون غالبية تقلّ عن ستين عضوا في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه حزب أوباما الديموقراطي، ساعتذاك يمكن للرئيس الاميركي استخدام حق النقض «الفيتو» واعادة القانون الى الكونغرس للمزيد من النقاش.

وفيما المواجهة محتدمة في الكونغرس بين أوباما ومؤيديه، من جهة، واصدقاء اسرائيل والجمهوريين من جهة اخرى، تجري «عمليات لوبي» واسعة في الكواليس من الطرفين تقودها «ايباك» المؤيدة للعقوبات، من جهة، ولوبي مناوئ للعقوبات من جهة اخرى يتألف من مزيج مجموعات مؤيدة للنظام الايراني، واخرى يهودية معارضة لـ «ايباك»، ومجموعات يسارية معارضة للحرب بشكل عام وتعتقد ان اي تعثر للديبلوماسية مع طهران سيعني التوجه الى حرب معها كبديل وحيد.

ورغم ان القوة الهائلة التي يتمتع بها لوبي «ايباك» منذ العام 1976 عندما اجبر الرئيس الجمهوري جيرالد فورد على التراجع عن محاولته الضغط على اسرائيل، الا انه يبدو ان اللوبي المذكور فقد بريقه وسحره منذ فترة، ما دفع الاعلام الاميركي الى التقاط هذه الظاهرة والحديث عنها.

هكذا نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» على صفحتها الاولى هذا الاسبوع مقالة بعنوان «المجموعة القوية المؤيدة لاسرائيل ترى زخمها يتوقف».

ومن المتوقع ان تعقد «ايباك» في شهر مارس المقبل مؤتمرها السنوي، الذي يتحول عادة الى مهرجان تأييد مطلق لاسرائيل يشارك فيه اكبر المسؤولين الاميركيين بمن فيهم، مرارا، الرؤساء الاميركيون المتعاقبون ونوابهم، وكذلك كبار المسؤولين الاسرائيليين وعلى رأسهم رؤساء الحكومات.

الا انه بسبب المواجهة حول ايران هذا العام، صدرت دعوات داخل ادارة أوباما بوجوب محاولة مسؤوليها الابتعاد عن المؤتمر وتقليص المشاركة فيه، وهذا ان حصل، يزيد من تأزيم وضع «ايباك» وضعضعة نفوذها السياسي وصورتها كقوة سياسية كاسحة يصعب على الحكومات الاميركية المتعاقبة مواجهتها.

ومن حين لآخر، يحاول رؤساء اميركيون، خصوصا في ولايتهم الثانية وهم في طريقهم الى اعتزال العمل السياسي ولا يحتاجون، تاليا، الى تأييد شعبي او اموال انتخابية، مواجهة «ايباك»، وهو ما يبدو ان أوباما يقوم به حاليا.

الا ان الرؤساء، على اختلافهم، يحرصون على الحفاظ على ود هذا اللوبي الاميركي خوفا على مصير حزبهم في انتخابات الكونغرس، ما يعني ان المواجهة التي يخوضها أوباما ضد اصدقاء اسرائيل حاليا قد تؤثر سلبا في حظوظ حزبه مع بدء هذه السنة الانتخابية التي ستشهد انتخابات الكونغرس وعدد كبير من محافظي الولايات والمسؤولين المحليين.

ويعتقد الخبراء ان المواجهة التي قرر أوباما وادارته خوضها ضد «ايباك» اما تعني ان أوباما «وجد جرأة استثنائية»، وانه سيمضي نحو الاتفاق مع ايران بغض النظر عن التكاليف السياسية الداخلية له او لحزبه، او ان أوباما يقرأ المزاج الشعبي الاميركي ويعتقد ان اللوبي الاسرائيلي عموما، و«ايباك» خصوصا، بدأ يفقد قوته وهيبته لاسباب متعددة ومختلفة، وان الرئيس الاميركي قرر المضي في مواجهة قد ينجح خلالها بإالحاق هزيمة كاملة باصدقاء اسرائيل من الاميركيين للمرة الاولى منذ ان نجح الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان في بيع السعودية طائرات «ايواكس» الحربية، على الرغم من الاعتراضات الشديدة لـ «ايباك»، وكان ذلك قبل نحو ثلاثة عقود.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق