الخميس، 10 أبريل 2014

واشنطن: تغيير الموازين العسكرية في سوريا؟

حسين عبدالحسين

لم يكن في العاصمة الأميركية الكثير من المؤشرات على أن إدارة الرئيس باراك أوباما، قررت تبني سياسة جديدة تجاه سوريا، إلى أن قدّم وزير الخارجية، جون كيري شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع. 

الشهادة نفسها لا تدل على انقلاب في الرؤية الأميركية تجاه الموضوع السوري، باستثناء أمرين: الأول تشديد كيري على أن علاقة واشنطن بالمعارضة السورية تختلف عن الماضي، وانها اليوم أقوى وأنجح وأكثر فاعلية، والثاني هو إصرار الوزير الأميركي -- في مواجهة توبيخ أعضاء اللجنة له بسبب التقاعس الأميركي -- على عقد جلسة مغلقة "لتحديث" معلوماتهم حول النشاطات الأميركية في سوريا.

حتى جلسة الأربعاء، كانت السياسة الأميركية المعلنة تجاه الأزمة السورية، والتي لخصتها قبل أسبوعين مساعدة كيري لشؤون الشرق الأدنى، آن باترسون، في جلسة استماع في اللجنة نفسها، مبنية على سبع نقاط، تتصدرها أولوية واشنطن "مكافحة الإرهاب" والفصائل التي تعتبرها واشنطن متطرفة بين الثوار، ثم "منع المدن السورية التي تسيطر عليها المعارضة من الانهيار"، فتزويد "المعارضة المسلحة بالمساعدات غير الفتاكة"، ثم "إنهاء خطر أسلحة سوريا الكيماوية"، ثم دعم دول جوار سوريا من الحلفاء والأصدقاء، و"المساهمة بسخاء بالمساعدات الإنسانية"، ودعم المعارضة السياسية "بشكل مباشر ومن خلال مجموعة لندن 11".

ما لم يرد في مطالعة باترسون العلنية يبدو أن كيري يريد أن يقوله لأعضاء الكونغرس في جلسة مغلقة، وهو قرار واشنطن زيادة عدد المقاتلين السوريين من الثوار الذين تعمل على تدريبهم في الاردن، وتزويد الثوار السوريين بكمية اكبر ونوعية أفضل من السلاح، أو هو على الأقل ما تشي به الإشادة الكبيرة، وغير المسبوقة، التي كالها وزير الخارجية الأميركي للمعارضة السورية.

على أن إحد الدروس الرئيسية التي استخلصها الثوار، ومتابعي الشأن السوري، على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من حياة الثورة السورية، يقضي بعدم الوثوق بما يقوله المسؤولون الاميركيون، وخصوصاً لناحية حديثهم عن تسليح الثوار.

لكن التقارير المتواترة في العاصمة الأميركية صارت تؤشر بازدياد إلى تحسن في العتاد وأداء الثوار السوريين، وخصوصاً في الشمال، حيث أعادوا أحياء جبهة الساحل، ونجحوا في استعادة نقاط في ريف حماة منعت قوات الأسد من تزويد الساحل بتعزيزات من جبهة حلب، والعكس بالعكس. 

وتظهر مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاتلي المعارضة يستخدمون صواريخ أميركية الصنع مضادة للدروع، وكذلك صواريخ روسية الصنع، مضادة للطائرات. 

وكانت الادارة الأميركية، أثناء الزيارة التي قام بها أوباما إلى الرياض قبل أسبوعين، قالت إنها تقبل تزويد الثوار بخمسة قواذف صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف بشروط تكفل تحديد موقعها بشكل مستمر بهدف التأكيد أنها "لن تقع في الأيدي الخطأ".

هل بدأت واشنطن تزويد الثوار السوريين بالأسلحة فعلا؟

من الصعب تأكيد ذلك، لكن التقدم الذي يحرزه المقاتلون في بعض مناطق الشمال، في حلب وضواحيها، وإدلب وريفي حماة واللاذقية، يشي بأن الثوار استعادوا المقدرة على شن هجمات، على الرغم من تعرضهم لخسائر في مناطق أخرى، وخصوصاً في وقت تتقدم فيه القوات المشتركة للأسد وحزب الله، على جبهة القلمون لتستعيد آخر معاقل المعارضين، وتشن هجمات في ضواحي دمشق وفي الجنوب.

على أنه حتى لو قامت واشنطن فعلاً بتعزيز الموقف العسكري للمقاتلين على الأرض السورية، لا يعني ذلك أن إدارة أوباما صارت تؤمن بالحل العسكري خياراً.

في جلسة الاستماع، روى كيري قصته مع الثورة السورية منذ تسلمه منصبه في شهر شباط/فبراير الماضي، وقال إنه وقتذاك زار موسكو وقابل الرئيس الروسي فلايديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، وان في ذاك الوقت كان الأسد في تقهقر مقابل تقدم للمقاتلين، وهو ما يبدو انه جعل الروس يؤيدون فكرة عقد مؤتمر لنقل السلطة التنفيذية من الأسد إلى المعارضة في جنيف. إلا انه مع انعقاد المؤتمر المذكور قبل أشهر، كانت حظوظ الأسد انقلبت، وصار يرفض التسوية جملة وتفصيلاً، ويصر على الحسم العسكري.

المشكلة أن الطرفين يعتقدان أن بإمكانهما الحسم عسكرياً، قال كيري. معتبراً أن الحسم غير ممكن، وان استمرار المواجهة ستؤدي إلى تدمير سوريا، فيما يشعر الأسد بارتياح لإمساكه الممر الممتد من دمشق إلى الساحل، ويشعر الثوار بقرب فوزهم بتقدمهم في باقي أنحاء سوريا، وخصوصاً في الشمال.

لماذا تدعم أميركا المقاتلين عسكرياً إن كانت لا تعتقد بجدوى الحسم العسكري؟

الإجابة هي، حسب كيري، بهدف تعديل الموازين على الأرض حتى يقتنع كل من الطرفين بأن لا مفر من التسوية السياسية. أو، حسبما قال أوباما في مقابلته مع مجلة "بلومبرغ فيوز" الشهر الماضي، للاستمرار في استنزاف إيران وحزب الله، وروسيا، الذين يستمرون في الدفاع عن حليفهم، الذي تحول من عضو فاعل في جامعة الدول العربية إلى حليف "تحت الركام"، حسب تعبير الرئيس الأميركي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق