الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

40 في المئة من أنصار «داعش» في أميركا من أصول غير إسلامية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أظهرت دراسة أصدرتها «جامعة جورج واشنطن» بعنوان «داعش في أميركا» أن «40 في المئة ممن اعتقلتهم السلطات الاميركية في عموم الولايات المتحدة بتهمة الانتماء الى تنظيم (الدولة الاسلامية - داعش) هم أميركيون ممن اعتنقوا الإسلام أخيراً». ومن شأن هذه النسبة ان تقيّض نظرية ان تعاليم الدين الاسلامي او المساجد في أميركا هي المسؤولة عن انتاج الفكر المتطرف، فهؤلاء الاميركيون الذين انضموا الى التنظيم المتطرف لم ينشأوا في بيوت مسلمين ولا في مجتمعات اسلامية، ولا ارتادوا المساجد حتى سن متأخرة، بل غالبيتهم من ابناء الطبقة الوسطى الاميركية غير المسلمة.

وجاء في الدراسة ان «عام 2015 شهد أعلى نسبة اعتقالات في الولايات المتحدة لمتهمين بالانتماء الى (داعش)»، الذي تضعه وزارة الخارجية على لائحة التنظيمات الارهابية، وأنه «حتى منتصف الشهر الماضي، اعتقلت السلطات الاميركية 56 بتهم الارهاب»، وهو أعلى رقم اعتقالات منذ هجمات 11 سبتمبر. وكان عدد الاعتقالات بتهم الارهاب لم يتعد الـ 14 العام الماضي.

الدراسة نقلت عن «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (إف بي آي) انه يراقب 900 من المشتبه بانتمائهم الى «داعش»، وانه يحقق في قضايا 250 منهم، تمت محاكمتهم 71 منهم، ويمضون احكاماً مختلفة بالسجن.

ومن اللافت للانتباه ان 21 من المعتقلين الـ 56 تتراوح اعمارهم بين 18 و20 سنة فقط، وان اثنين ممن تم توجيه تهم اليهم هم من القاصرين.

وتقدم الدراسة، التي حازت على اهتمام وسائل الاعلام الاميركية بشكل واسع، الاساليب التي يتبعها «داعش» في تجنيد اميركيين شباب، غالباً ما يعانون من إحباطات فردية واكتئابات.

ومنذ هجمات باريس الاخيرة، انهمك الاعلام الاميركي في دراسة سيناريوات يقوم بموجبها «داعش» بهجمات داخل الولايات المتحدة. وقال خبير شؤون الارهاب العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي أي» بيتر بيرغن، الذي كان مكلفاً ملف زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن، ان «قيام (داعش) بهجمات داخل اميركا هي مسألة وقت».

وتورد الدراسة بعض قصص الشبان والشابات الاميركيين ممن نجح «داعش» في تجنيدهم. ويتبين ان معلومات هؤلاء عن الإسلام، في الغالب شحيحة، وعربيتهم ركيكة. فالاميركية من اصل افريقي وابنة ضابط الشرطة جايلين يونغ (19 عاماً)، تزوجت ابن إمام مسجد اميركي مسلم، اسمه محمد دخل الله (22 عاماً)، واعتنقت الاسلام واتخذت لنفسها اسم آمنة. وراح الزوجان يخطّطان سرّاً للهروب من الولايات المتحدة الى الرقة، والعيش في ظل «الدولة الاسلامية». وقبل ان ينفذا مخطّطيهما، عملا على نشر افكار التنظيم المتطرفة.

ولركاكة عربيتها، اتخذت جايلين لنفسها على «تويتر» اسم «آمنة الأميركي»، بدلا من الاميركية. وفي تعريفها عن نفسها، كتبت انا «اختي متزوجة» وهي تعني انها «اخت متزوجة»، داعية اخوانها في الاسلام، بالانكليزية، الا يراسلوها بشكل مباشر. وكتبت ايضاً «هجرة في سبيل الله». واضافت بالانكليزية «لا تتابعوني إن كان العيش في دار الكفر يرضيكم».

وبعد اشهر على نشاط الزوجين، قبض عملاء «إف بي آي» على دخل الله، بعد تواصله مع احد العملاء المتنكّرين، لاعتقاده ان العميل ينتمي الى «داعش».

وتذكر الدراسة ان «51 في المئة من حالات الكشف عن عملاء (داعش) بين الاميركيين جاءت عن طريق خبراء وعملاء متنكّرين».

وكانت السلطات الاميركية أعلنت أخيراً انها تنوي تفعيل مراقبتها لمن تعتقدهم من انصار «داعش» داخل الولايات المتحدة، لكن ملاحقة هؤلاء امامها عقبات، فالقانون الاميركي لا يسمح باعتقال او محاكمة الا من «يقدمون عوناً معنوياً او مادياً لتنظيم ارهابي»، وهو ما يعني ان من يعبّرون عن تعاطفهم مع التنظيم يبقون تحت المراقبة، لكنهم لا يتحوّلون الى خارجين عن القانون.

كذلك، تلفت الدراسة الى ان عدداً من هؤلاء الشباب ينجذبون الى «داعش» في فترات طيش ما يلبثون ان يعودوا بعدها الى رشدهم. وختمت ان عدداً منهم يناصر التنظيم، ولكنه لن يحوّل مشاعره الى افعال لاعتبارات متنوعة.

كل هذه الاحتمالات تجعل من عملية مراقبة انصار «داعش» داخل الولايات المتحدة عملية معقدة، إذ إن لحظة تحول ايٍّ من هؤلاء، من مناصر الى ارهابي، تأتي على غفلة، يخشى اثناءها رجال القانون ان تباغتهم وتتحول الى عملية ارهابية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق