السبت، 23 أبريل 2016

ايران تعود للهجوم

حسين عبدالحسين

كيف يصادف انه في الاسبوع الذي يستضيف فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرئيس الاميركي باراك أوباما في الرياض، تنشر صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا تشير فيه الى ان “جمعية اقرباء ضحايا هجمات ١١ ايلول (سبتمبر)” تسعى الى مقاضاة السعودية لتورطها في الهجمات، ما يسمح للقضاء الاميركي باقتطاع تعويضات لأسر الضحايا من الايداعات الحكومية السعودية في بنوك الولايات المتحدة؟

كيف يصادف ان تنسف قوات الرئيس السوري بشار الأسد اتفاقية “وقف الاعمال القتالية”، وتجبر المعارضة على الانسحاب من مفاوضات جنيف، بعدما كان النظام هو الذي يحاول المماطلة والتملص، وان يحدث ذلك بالتزامن مع بلوغ الوجود الايراني في سوريا مرحلة الاحتلال المكتمل المواصفات مع انتشار وحدات الجيش النظامي “آرتيش” في بعض المحافظات السورية؟

كيف يصادف ان تقوم الكتل السياسية في “مجلس النواب” العراقي بتصعيد غير مسبوق بمحاولتها، للمرة الاولى منذ العام ٢٠٠٨، استبدال رئيس البرلمان السني، الذي تختاره عادة الكتل السنية في ما بينها وتصادق عليه الكتل الباقية، بنائب سني محسوب على الكتل الشيعية؟

كيف يصدف ان تتعثر مفاوضات الكويت حول اليمن باعلان الحوثيين التغيب، ما ينذر بتصعيد غير مسبوق على كل الجبهات؟

الاجابة عن هذه الاسئلة الاربعة هي ايران، التي يبدو ان “شهر عسل” المفاوضات النووية بينها وبين عواصم القرار انتهى من دون ان يفضي الى تحسن ملموس في الاقتصاد الايراني بسبب ابقاء اميركا على العقوبات المفروضة لشؤون غير نووية، اذ ذاك صارت ايران تلجأ الى التصعيد مجددا لتشتيت النظر عن فشلها الاقتصادي داخليا.

هي ليست مصادفة ان تنجح “جمعية اقرباء ضحايا ١١ ايلول (سبتمبر)”، بعد عقد ونيف على تأسيسها، في طرح مشروع قانون في الكونغرس يقضي باجبار الحكومة الاميركية على رفع السرية عن ٢٨ صفحة من تقرير “لجنة تقصي حقائق هجمات ١١ ايلول” التابعة للكونغرس.

طبعا توحي السرية المفروضة على هذه الصفحات حاليا بوجود مؤامرة بين الطبقتين الحاكمتين في اميركا والسعودية، لكن من يعرفون واشنطن يعلمون ان السرية مفروضة لحماية مخبري أميركا بين المسلمين الاميركيين، وحماية مصادر المعلومات التي تسلمتها واشنطن من الحكومات الحليفة قبل الهجمات، ولم تتحرك على اثرها لمنع تلك الهجمات.

اما من يحرض الكونغرس لاقرار القانون، الذي يبدو محرجا لكل من واشنطن والرياض، فدوائر ضغط معروفة بقربها من الايرانيين، وتاليا من بعض محرري وكتاب صحيفة “نيويورك تايمز”. هي ليست مصادفة ان الهدنة في سوريا صارت تبدو عملية “تسلم وتسليم” بين القوات الروسية، التي خفضت دعمها للأسد، بتعزيزات ايرانية غير مسبوقة، فما ان انتهت العملية، أمرت طهران بالعودة الى الهجوم ضد المعارضين السوريين بهدف الحسم العسكري.

وهي ليست مصادفة ان يوافق حوثيو اليمن على هدنة يلتقطون اثناءها انفاسهم استعدادا لجولة مواجهات قادمة، يبدو انها ستأتي هذه المرة بدعم ايراني اكبر. وختاما، ليست مصادفة ان تأمر ايران حلفاءها في العراق بالتصعيد، بعدما فعلت واشنطن كل ما بوسعها لفتح الطريق عربيا امام رئيس الحكومة حيدر العبادي، فاقنعت في كانون الاول (ديسمبر) الرياض بافتتاح سفارتها في بغداد واعادة سفيرها، للمرة الأولى منذ ربع قرن.

ايران عادت الى الهجوم في عموم منطقة الشرق الاوسط، وهي ستعود مرارا وتكرارا للتغطية على فشلها الداخلي، والاخير يرتبط ببنية نظام الجمهورية الاسلامية، التي قال يوما مؤسسها ومرشدها الأول روح الله الخميني ان “الثورة الاسلامية في ايران لم تأت لتخفيض سعر البطيخ”، حسبما ورد في كتاب ولي نصر “النهضة الشيعية”. صدق الخميني، فالحكومة التي صممها وأورثها لعلي خامنئي لم تأت لتحسن مستوى معيشة الايرانيين، بل لتقوض مستوى معيشة كل الشعوب المجاورة لايران باغراقها في دوامة حروب لا نهاية لها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق