الاثنين، 25 أبريل 2016

هل ندمت ادارة أوباما على سياستها في سوريا؟

حسين عبدالحسين

تواصل مجلة "اتلانتيك" الافادة من فتح الرئيس باراك أوباما أبواب البيت الابيض لمراسلها جيفري غولدبرغ، لكتابة مقالته "عقيدة أوباما". غولدبرغ قام الاسبوع الماضي بنشر واحدة من المقابلات الكثيرة التي اجراها مع العاملين في الفريق الرئاسي. هذه المرة مع مسؤول الشرق الاوسط السابق في "مجلس الأمن القومي" فيليب غوردن، التي اعتبر فيها ان الادارة الاميركية اخطأت بعدم توجيهها ضربة لقوات الرئيس السوري بشار الأسد.

انتشرت المقابلة كالنار في الهشيم بين الاميركيين المتابعين للشأن السوري في العاصمة الاميركية، واعتبرت غالبيتهم ان ادارة أوباما نادمة على عدم تدخلها في سوريا، وان مراجعتها لمواقفها السابقة هي مراجعة حميدة، وان متأخرة.

لكن قراءة ما ورد في مقابلة غوردن لا يشي بجديد، فالمسؤول السابق يعتبر ان أوباما اخطأ بعدم توجيهه ضربة لقوات لأسد على اثر مجزرة الغوطة الكيماوية صيف العام ٢٠١٣. وقال غوردن انه كان على أوباما ان يلتزم الخطوط الحمراء التي اعلنها حفاظاً على مصداقية أميركا والقانون الدولي. 

اقوال غوردن تشبه ما أدلى به في صيف ٢٠١٣ زميله وعضو "مجلس الأمن القومي" انتوني بلينكن، والذي يعمل اليوم وكيلاً لوزير الخارجية. آنذاك، انتشرت في الصحف الاميركية تقارير عن انفعال بلينكن في الجلسة التي أعلن فيها أوباما تراجعه عن الضربة مقابل قيام الروس بنزع ترسانة الأسد الكيماوية، وقال بلينكن عبارته، التي اصبحت شهيرة في ما بعد، أن "القوى العظمى لا تناور". 

في المتبقي من مقابلته، عكس غوردن القصور الفاضح في فهم أوباما وفريقه للسياسة الخارجية ولمنطقة الشرق الاوسط، فهو اعتبر انه عدا عن ضرورة توجيه ضربة في صيف ٢٠١٣، لا مصلحة لأميركا في القيام بأي تدخل في سوريا ضد الأسد. وقال غوردن ان أميركا تدخلت في العراق عسكريا، وتدحلت في ليبيا جويا، ولم تتدخل في سوريا أبدا، وانه في الحالات الثلاث، جاءت النتائج متشابهة، ما يعني ان الأفضل لأميركا الخروج من الشرق الاوسط والتركيز على الشرق الاقصى.

النتائج متشابهة في العام ٢٠١٦، لكن بين الاعوام ٢٠١٠ و٢٠١٢، لطالما وقف أوباما ومسؤولوه للتباهي بأن أميركا هَزمت في حربها على الإرهاب "تنظيم القاعدة"، وأن الوضع في العراق مستقر بسبب نجاحات ادارة أوباما وحكمتها. لم يفهم أوباما اهمية تواصل ادارة الرئيس السابق جورج بوش مع عشائر غرب العراق، وتمويلها، وتسليحها ضد تنظيم "القاعدة"، وإعادة التوزان السني - الشيعي داخل العراق، وتالياً بين العرب وايران. من لا يرى استقرار العراق، مطلع هذا العقد، لا شك انه يرى "النتائج متشابهة".

ولأن أوباما لم يفهم كيف استتب الوضع في العراق، فهو لم يفهم كيفية الحفاظ عليه، فانهار العراق، وانهارت سوريا، ووقف أوباما مطلع العام، في آخر خطاب "حال اتحاد"، يتحسر ويقول إن أميركا لا تفهم شؤون المنطقة لانه صراع مستمر منذ أكثر من الف عام. 

الاسبوع الماضي أيضاً، أكد خليفة غوردن في منصبه في "مجلس الأمن القومي" روبرت مالي مدى قصور فهم أوباما وفريقه للمنطقة وسوريا، ففي جلسة لعدد من مسؤولي البيت الابيض مع الصحافيين عشية توجه أوباما الى السعودية، قال مالي إن الولايات المتحدة تسعى لانهاء الحربين في سوريا واليمن لانهما تشتتان مجهود دول الخليج عن الحرب ضد تنظيم "الدولة الاسلامية".

لم يفطن مالي ان رؤية دول الخليج للحرب ضد التنظيمات الارهابية أوسع من نظرة أميركا الضيقة والمحصورة بـ"داعش" والقاعدة. ولم يفطن مالي ان الحربين المذكورتين هما جزء من مواجهة ضد تمدد النفوذ الايراني في المنطقة على حساب العرب، وان انهاء الحرب في سوريا واليمن أمر ملح، لا للتفرغ لقتال داعش فحسب، بل لأن الاوضاع الانسانية في البلدين صعبة وتحتاج إلى حل ينهي طموحات الحسم العسكري والعودة الى التسلط الذي يسعى اليه الأسد والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

لم تندم ادارة أوباما على سياستها الكارثية في سوريا واليمن والعراق وعموم الشرق الاوسط. الارجح ان الادارة المقبلة، التي ستضطر للتعامل مع نتائج سياسة أوباما في سوريا والمنطقة، هي التي ستندم، بالضبط كما ندم بوش الابن على عدم اكتراث بوش الاب لشؤون افغانستان بعد نهاية الاحتلال السوفياتي في العام ١٩٨٩. ثم راح الاميركيون يتساءلون بعد العام ٢٠٠١: لماذا يكرهوننا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق