الثلاثاء، 12 يوليو 2016

الأسد يستعجل استعادة أكبر مساحة ممكنة قبل وصول رئيس جديد إلى البيت الابيض

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

تعتقد المصادر الاميركية ان «قوات الرئيس السوري بشار الأسد وحليفاتها من الميليشيات الإيرانية، تسعى إلى استعادة سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الاراضي السورية، قبل وصول رئيس جديد الى البيت الأبيض في يناير المقبل».

وترى المصادر ان «ايران تعتقد انه في غياب المفاجآت، من المرجح ان تنتخب الولايات المتحدة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون رئيسة، والتي ستتبنى سياسة مختلفة الى حد كبير عن سلفها باراك أوباما، تجاه الشرق الاوسط عموما وسورية والعراق خصوصاً».

المساعدة السابقة لوزيرة الدفاع السابق تشاك هيغل، التي من المرجح ان تشغل مناصب قيادية في حال وصول كلينتون الى الرئاسة، ميشال فلورنوي، نشرت في هذا السياق مقالة في صحيفة «واشنطن بوست» كررت فيها الدعوة إلى تغيير السياسة الاميركية في القضاء على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في العراق وسورية.

وعكست المقالة دراسة نشرها، مطلع الشهر، مركز أبحاث «دراسات أمنية أميركية»، برعاية فلورنوي ومشاركة 35 من كبار الخبراء والديبلوماسييين والجنرالات السابقين.

وعايشت فلورنوي الأزمة التي أدت الى الاطاحة برئيسها آنذاك هيغل. ومع انه كان يتمتع بصداقة وطيدة مع الرئيس باراك أوباما، منذ ان عمل الرجلان معاً في مجلس الشيوخ قبل العام 2008، إلا ان هايغل تسبّب بطرد نفسه بعدما وجّه رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، سألها فيه أنه في حال قامت قوات الأسد، افتراضياً، بضرب قوات «المعارضة المعتدلة» التي كان مقررا أن تعدّها واشنطن لقتال «داعش»، فهل تؤمن المقاتلات الاميركية غطاء جوياً للمعارضين ضد قوات الأسد. وكانت إجابة رايس على تساؤل هايغل «استقل»، وهو ما فعله الوزير السابق.

فلورنوي تعلم انه من المستحيل إلحاق الهزيمة بالتنظيم في العراق من دون ضربه في سورية، وتعرف ان ضربه في سورية يحتاج الى قوات من العرب السنّة المنخرطين حالياً في الفصائل المعارضة للأسد. وينقل المقرّبون من فلورنوي عنها اعتقادها ان «الأكراد» لا يكفون وحدهم للقضاء على «داعش» في سورية، وانهم لا يقاتلون خارج المناطق التي يعملون على ضمها لإقليمهم الكردي المستقل، ما يعني انهم لن يقاتلوا في الرقة أو دير الزور.

ويعتبر الخبراء الاميركيون ان تجربة الاعتماد على الاكراد في العراق أظهرت انهم ينوون القتال في المناطق التي تعنيهم، وان القضاء على «داعش» يحتاج الى مشاركة العشائر السنّية العراقية.

لذا، ترى فلورنوي - حسب مقالها - أن احدى الخطوات الست الضرورية للقضاء على «داعش» تتمثّل في إعداد قوة سنّية سورية وتسليحها وتأمين غطاء جوي لها، لتكون هذه شريكة لأميركا وقادرة على ضرب «داعش» والوقوف في وجه قوات الأسد.

وكما في سورية، كذلك في العراق، ترغب فلورنوي في اعادة احياء خطة الجنرال مارتن ديمبسي الاساسية لقتال «داعش»، المبنية على تكرار تجربة التحالف الاميركي مع قوات العشائر السنّية، التي عرفت بـ «الصحوات». وبسبب معارضة ايران، وتالياً معارضة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تراجعت ادارة أوباما عن فكرة انشاء «حرس وطني» سنّي مستقل، وعدّلت دعمها للمقاتلين السنّة العراقيين وحصرته بدعم عن طريق الحكومة العراقية، وكذلك الامر بالنسبة للدعم الاميركي للبيشمركة الكردية.

لكن فلورنوي تريد - كما ورد في مقالتها - دعماً اميركياً مباشراً للبيشمركة وقوات السنّة. كما ترغب في إشراك جنود أميركيين، بصفة مستشارين، على ارض المعركة او على صعيد «قادة الكتائب» العسكرية، اي ان الاميركيين يكونون في آخر نقطة محصّنة قبل خط الجبهة، وهو السيناريو الذي رفضه أوباما مراراً.

ومشاركة الاميركيين تمنح مقاتلات التحالف اهدافاً أدق على الارض، ما يعني تكثيف الطلعات الجوية الاميركية، وتالياً زيادة الإنفاق على هذه الطلعات، وهو ما رفضه أوباما وقام بحصر تكاليف الغارات الاميركية وعددها، وهو ما ادى الى خسارة مقاتلين سوريين مناطق كانوا انتزعوها من «داعش»، قبل اسبوعين، بعدما انفضت المقاتلات الاميركية عنهم ووجدوا انفسهم في مواجهة مقاتلي التنظيم من دون غطاء جوي او مدفعي.

تسليح البيشمركة، وإنشاء «حرس وطني» عراقي مستقل من مقاتلي العشائر السنّية، وتسليح المعارضين السوريين وتأمين غطاء جوي لهم على غرار حلفاء أميركا في العراق، كلها خطوات تعني ان استعادة الأسد وحلفائه للمناطق التي يسيطر عليها المعارضون السوريون تصبح عملية شبه مستحيلة، وهو ما دفع الأسد وايران الى شن هجوم «الساعات الاخيرة» لاستعادة اكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، قبل وصول الادارة الاميركية الجديدة ووصول فلورنوي او امثالها- وهم كثر- الى الادارة الجديدة، التي يبدو انها ستبدي حزماً عسكرياً اكبر في وجه «داعش»، كما في وجه الأسد والميليشيات الشيعية العراقية «المنفلتة من عقالها»، حسبما يردد المسؤولون والخبراء الاميركيون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق