السبت، 10 سبتمبر 2016

دي ميستورا بعد الاتفاق الأميركي - الروسي: نتطلع إلى سورية حرة... وديموقراطية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بعد جولات مكّوكية وخطوات متعثرة، توصّلت واشنطن وموسكو ليل الجمعة - السبت، إلى اتفاق في شأن سورية، ركناه الأساسيان وقف شامل للنار في كل أنحاء البلاد وفتح ممرات لإدخال المساعدات الغذائية بصورة دائمة، وإذا نجح ذلك لمدة أسبوع فسيتم إنشاء غرفة عمليات مشتركة، لاستهداف تنظيمَي «داعش» و«فتح الشام».

وكشف المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بعد الاتفاق عن عقد اجتماع وزاري حول سورية في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة يوم 21 الجاري لاستكمال بنود التسوية، معتبراً ذلك التاريخ «يوماً مهماً في التسوية السورية ونتطلع من خلاله الى سورية ديموقراطية حرة».

وخلال مؤتمر صحافي في جنيف، أعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، الاتفاق الذي يبدأ تطبيقه غداً، ويشمل أيضاً وقف غارات مقاتلات النظام على مناطق المعارضة، على أن تغير على أهداف تحدّدها الغرفة المشتركة، في مناطق خارج سيطرة واشنطن وموسكو في الشمال السوري.

وذكر كيري أن الاتفاق سيسمح بإطلاق عملية إنسانية في المناطق المحاصرة في حلب، مؤكداً أن «كل الأطراف ستسحب قواتها من طريق الكاستلو لتأمين عبور آمن لقوافل المساعدات الإنسانية إلى شقّي المدينة الشرقي والغربي».

وأكد لافروف أن بلاده أبلغت الحكومة السورية بالتوصّل إلى الاتفاق مع واشنطن، وتلقّت إشارات إيجابية من دمشق على قبول تنفيذ الخطوات المتوجبّة عليها.

أعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في جنيف، توصلهما الى اتفاقية هدنة مشتركة في سورية، تبدأ فجر الغد، وافقت عليه الحكومة السورية.

ونقلت التقارير من سويسرا أن لافروف جلس في بهو الفندق المطل على بحيرة جنيف بانتظار الحصول على موافقة من نظيره الاميركي، الذي كان منخرطاً في مشاورات مع المسؤولين في واشنطن، استغرقت وقتاً.

وبعد يوم شاق من المحادثات، نجح كيري في إقناع فريق الأمن القومي الاميركي بقبول الاتفاقية مع روسيا. وقالت المصادر الاميركية إن وزارة الدفاع «البنتاغون»، وعلى رأسها الوزير آشتون كارتر، كانت في طليعة المشكّكين بالنوايا الروسية، او في جدوى إنشاء غرفة عسكرية مشتركة مع الروس، لتشارك الاهداف وضربها داخل سورية.

وتنص الاتفاقية على وقف الاعمال العدائية في سورية، وفتح ممرات لإدخال المساعدات الغذائية بصورة واسعة ومتواصلة، وإذا تم ذلك لمدة أسبوع واستمر، فستقوم واشنطن وموسكو بإنشاء غرفة عمليات مشتركة، تتشارك فيها الاهداف التي في حوزتيهما، حول اماكن وجود مقاتلي تنظيمَي «داعش» و«فتح الشام» (النصرة سابقاً).

كذلك، تنص الاتفاقية على وقف مقاتلات النظام طلعاتها فوق مناطق المعارضة، وحصر تحليقها في مناطق تحدّدها الغرفة المشتركة، ويضمن الاتفاق حقّ نظام الرئيس بشار الأسد في توجيه ضربات جوية في مناطق محددة، غير المناطق التي ستكون أجواؤها تحت سيطرة واشنطن وموسكو في الشمال.

وعلى مدى الاسبوع الماضي، عقد خبراء حكوميون اميركيون وروس لقاءات، قاموا اثناءها بتقسيم الخريطة السورية الى مربعات، منها للنظام، ومنها للمعارضة، ومنها للارهابيين، ومنها مربعات يختلط فيها أكثر من فريق سوري.

وفيما حاول كيري، من جنيف عبر دائرة الاتصال المغلقة، تسويق الاتفاقية في واشنطن، تعقّدت الامور وتأجّل حسمها. وزاد في تعقيد عملية اتخاذ القرار الاميركي ابتعاد الرئيس باراك أوباما عن الأمر، وذهابه لممارسة رياضة الغولف في يوم صيفي شديد الحرارة، تاركاً القرار في أيدي كبار مساعديه.

وتنقل المصادر المتابعة للمحادثات داخل الادارة الاميركية أن وزارة الدفاع قدمت عدداً من الحجج ضد التعاون مع روسيا في سورية، أوّلها أن التعاون يبدو خارج سياق السياسة الخارجية الروسية العامة التي ينتهجها الرئيس فلاديمير بوتين، القائمة على تعطيل النظام العالمي وتقويضه باللجوء الى حركات استفزازية، ديبلوماسية وعسكرية، وثانيها التجارب الماضية، إذ إن واشنطن وموسكو سبق ان اعلنتا اكثر من هدنة منذ مارس الماضي، ولم تصمد اي منها اكثر من اسبوعين كحد اقصى، أما ثالث الاسباب فاعتبار العسكر الاميركي انه يصعب التظاهر بالصداقة مع الروس في سورية، فيما الاوضاع معهم متوترة في مناطق اخرى من العالم مثل البلطيق والبحر الاسود واوكرانيا.

إضافة إلى ذلك، شكّك مسؤولون في فريق الأمن القومي الاميركي، من خارج وزارة الدفاع، في نوايا الروس، واعتبروا ان موسكو تحاول اضاعة الوقت حتى انقضاء مدة حكم الادارة الحالية ووصول الادارة المقبلة الى البيت الابيض.

إلا ان مؤيدي الاتفاقية مع روسيا في سورية، قالوا إن انتظار موسكو الرئيس الجديد يحمل مخاطر يدركها الروس، وإنه لا ضمانة ان الرئيس المقبل لن يتخذ مواقف أقسى في سورية تدفعهم إلى الندم، لعدم دخولهم في اتفاقية مع الادارة الحالية.

وعقب محادثات طويلة، استغرقت 14 ساعة، خرج لافروف، وكيري، ليعلنا للصحافيين توصّلهم إلى 5 وثائق، تتضمن إعادة تفعيل اتفاق «وقف الأعمال العدائية» ابتداء من منتصف ليلة 12 الجاري.

وبينما لم تصدر تفاصيل ووثائق الاتفاق بعد، أعلن الوزيران أن الولايات المتحدة وروسيا ستحددان فترة لاختبار الثقة بينهما، تمتد على نحو أسبوع من إعلان «وقف الأعمال العدائية»، وإذا صمد الاتفاق خلال هذه المدة، ستشرعان بفصل «المعارضة المعتدلة» عن «فتح الشام»، تمهيداً لبدء عملية مشتركة ضد مواقعها.

وخلال المؤتمر الصحافي للوزيرين، الذي عقد فجر أمس، عبّر كيري عن أمله بأن تحقق التفاهمات مع موسكو السلام في سورية، وأن تكون مقدمة لوقف أعمال العنف كاملة في سورية. واعتبر أن لهذه التفاهمات فرصاً كبيرة لإمكان إخراج سورية من الأزمة، لكن ذلك متعلق بمدى قبول الأطراف ومساعدتهم لتحقيقها.

وأوضح أن «وقف الأعمال العدائية» سيسمح بإطلاق عملية إنسانية في المناطق المحاصرة في حلب، من دون ذكر مناطق أخرى تحاصرها ميليشيا «حزب الله» والنظام السوري في الجنوب، مثل بلدة مضايا، مؤكداً أن جميع الأطراف ستسحب قواتها من طريق الكاستلو في حلب لتأمين عبور آمن لقوافل المساعدات الإنسانية إلى شقّي المدينة الشرقي والغربي.

وأشار كيري إلى أن استمرار سير الخطة في شكل سليم، سيدفع بواشنطن وموسكو إلى تسهيل عملية الانتقال السياسي، مطالباً فصائل المعارضة السورية بأن تنأى بنفسها عن «داعش» و«فتح الشام».

من جهته، أكد لافروف أن «بعض عدم الثقة مازال موجوداً»، وأن أطرافاً عدة ليست سعيدة بهذا الاتفاق وتريد تقويضه، مؤكداً أن بلاده أبلغت الحكومة السورية بالتوصّل إلى الاتفاق مع واشنطن، وتلقّت إشارات إيجابية من دمشق على قبول تنفيذ الخطوات المتوجبّة عليها.

ولاحقاً(وكالات)، انضمّ المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى المنصّة، واعتبر أن «تاريخ 21 الجاري هو يوم مهم في التسوية السورية. حان الوقت لمنح العملية السياسية في سورية دفعة جديدة، لذلك فهي الفترة الزمنية المحددة للتأكد من أن الجميع يعمل لإيجاد وسيلة إيجابية للخروج من الأزمة».

وأضاف دي ميستورا، أنه «من المخطط عقد اجتماع وزاري حول سورية في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، يوم 21 الجاري»، ولم يستبعد إمكانية صدور تصريحات مهمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق