الخميس، 6 أبريل 2017

هل يضرب ترامب الأسد؟

حسين عبدالحسين

تسارعت التطورات في العاصمة الاميركية بشكل جعل من الصعب على المتابعين تكهن الخطوات المقبلة للادارة الاميركية في ردة فعلها على مجزرة الهجوم الكيماوي في خان شيخون السورية يوم الثلاثاء. على ان ما توفر من معطيات يشير الى ان الرئيس السوري بشار الأسد ارتكب خطأ فادحاً، سيؤدي في الحد الأدنى الى ابقائه في العزلة الدولية، بعدما سعى اصدقاؤه العرب والاسرائيليين لفك أسره على مدى الاسابيع الماضية. اما في الحد الاقصى، فقد تفضي ضربة محتملة الى اخراج الأسد من الحكم تحت الضغط العسكري الأميركي. 

الاوضاع السياسية في العاصمة الاميركية تشير الى ان الرئيس دونالد ترامب في حالة يأس يسعى بسببها الى تسجيل أي إنجاز ممكن، فكل وعود ترامب وخطواته باءت بفشل ذريع، من حظر سفر المسلمين الى الولايات المتحدة، الذي نسفته المحاكم، الى محاولة ابطال قانون الرعاية الصحية الذي أقره سلفه باراك أوباما، وهي محاولة إنهارت تحت وطأة تشتت الحزب الجمهوري وفشل ترامب في قيادته.

ويعاني ترامب من شبح التحقيقات حول تورط عاملين في حملته الانتخابية في التنسيق مع موسكو من اجل شن هجمات الكترونية ضد حسابات اميركية تابعة لخصومه الديموقراطيين، ويعاني ترامب من إنهيار وعوده بالخروج من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، في وقت استأنفت الشركات الاميركية نقل مصانعها الى المكسيك ودول اخرى، ما يشكل طعنة في صميم وعود ترامب الانتخابية.

ولا يبدو اداء ترامب في السياسة الخارجية أفضل منه في الداخلية، فترامب رد على تهديد كوريا الشمالية باختبار صاروخ نووي بتغريدة كتب فيها: “لن يحصل”. لكن الكوريين الشماليين اطلقوا صاروخا واكثر منذ ذاك الحين، وسط إرتباك اميركي وصمت. كذلك، هددت واشنطن طهران بعواقب في حال قيام الاخيرة بتجارب صاروخية، فجربت طهران صواريخها، وجاء الرد الاميركي عديم الاهمية.

في سوريا، اثبتت اجهزة الاستخبارات العالمية ان الهجوم الكيماوي قامت به مقاتلة تابعة للأسد. هذه المرة، كان الاثبات أسهل من هجوم الغوطة الكيماوي في صيف 2013، والذي استخدم فيه الأسد المدفعية، نظرا لأن خمس رادارات دولية على الأقل رصدت ان مقاتلة الأسد كانت وحدها في الجو اثناء الهجوم الكيماوي. 

ولأن ترامب، والجمهوريين عموما، سبق ان سخروا من أوباما لتهديده الأسد بخطوط حمراء ما لبث أن تراجع عنها، ولأن ضرب الأسد اسهل للأميركيين بكثير من ضرب كوريا الشمالية او ايران، ولأن ترامب يسعى الى اظهار أنه حازم على عكس سلفه، ولأن ترامب يحتاج لانتصار سريع، ولأن الديموقرطيين — كما الجمهوريين — أهالتهم صور الاطفال السوريين من الضحايا والسائل الابيض يخرج مع لعابهم، يصبح توجيه ترامب ضربة للأسد خطوة لا تحتاج الى الكثير من التبحر او التفكير.

هذه هي اجواء واشنطن التي دفعت موفدتها الى الأمم المتحدة نيكي هايلي للانقلاب، في أقل من اسبوع، من قائلة بأن أميركا لا يعنيها مصير الأسد الى إطلاقها تهديدات بأن أميركا ستلجأ الى معاقبة الأسد مع او من دون موافقة مجلس الأمن. ويقف خلف هايلي نائب الرئيس مايك بنس، الذي كان قال في مناظرته الانتخابية ان أميركا ستضرب الأسد في عهد ترامب وان روسيا لا تفهم الا لغة القوة، ليناقضه ترامب بعد ايام ويقول أنهما لم يتناقشا في الأمر بعد.

وتزامن صعود الصقور بنس وهايلي مع اجماع في الكونغرس، عند الجمهوريين والديموقراطيين، بضرورة ضرب الأسد، مع ما يعني ذلك من منح ترامب تخويلا لم يمنحه المشرعون لأوباما عندما طلبه منهم في العام 2013. ووسط هذه الاجواء، طرد ترامب مستشاره للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، اليميني المتطرف صاحب نظريات تحالف الاقليات في سوريا ضد مسلمي العالم، من “مجلس الأمن القومي”، مع ما يعني ذلك من تصاعد في حظوظ الضربة الاميركية للأسد وقواته.

روسيا، بدورها، تتراجع كلما رأت أميركا غاضبة، كما سحبت اسطولها صيف 2013 من المتوسط عندما اطلت السفن الحربية الاميركية. هذه المرة روسيا، لم تتبجح بالفيتو في مجلس الأمن، بل دعت لنقاش بين الدول الدائمة العضوية، والأرجح ان موسكو تحاول تحديد كمية غضب أميركا لتعرف ان كان يمكنها امتصاصها، او ان كان عليها التراجع وانتظار الفورة الاميركية لتضرب الأسد وتهدأ بعد ذلك.

ختاما، تبقى مشكلة ترامب الرئيسية في عدم اهليته القيادية، وهو ما أفشل معظم خطواته حتى اليوم، بما فيها إنزال عسكري للقوات الخاصة في اليمن. لكن الارجح ان المؤسسة العسكرية ستمنح ترامب خيارات، وهذه المؤسسة لطالما قالت ان على أي ضربة للأسد ان يسبقها حل جاهز لما بعد ضرب الأسد. هذا يعني انه في إستمرار غياب الحل في سوريا، قد يضرب ترامب الأسد كفاية لجعله مشلولاً واقناعه ان لا خيار غير الخروج من الحكم، ولكن في الوقت نفسه، من المستبعد ان يضرب ترامب الأسد الى درجة تدفع الاخير للانهيار التام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق