الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

قلق وغضب في الولايات المتحدة من سياسة ترامب «الانبطاحية» أمام بوتين


تعاني واشنطن من انقسام حاد في سياستها الخارجية بين سيد القرار السياسي الرئيس دونالد ترامب، والادارات والوكالات الحكومية التي يديرها محترفون، والقادرة على تطبيق أو عدم تطبيق قرارات ترامب وسياساته حول العالم، وهو ما يخلق وضعاً غير مسبوق في تاريخ السياسة الأميركية: مواقف رئاسية لا ترى النور على أرض الواقع وشلل أميركي حول العالم سببه عدم قدرة الوكالات الحكومية على القيام بما تراه مناسباً بسبب «فيتو» الرئيس.

حدة الانقسام بين الطرفين قفزت الى الواجهة، على مدى الاسبوعين الماضيين، بعد جولة ترامب في آسيا، ومحاولته لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ثم الاتصال الذي جرى بينهما واستغرق أكثر من ساعة.

ورغم أن البيت الأبيض والكرملين توافقا على قمة أميركية - روسية على هامش جولة ترامب الآسيوية، إلا أنه تحت ضغط الإدارة والكونغرس، اضطر الفريق الأميركي إلى الاعتذار عن عقد اللقاء بين الرئيسين، وهو ما أثار حفيظة الروس وأجبر الاميركيين على محاولة استرضائهم بتدبير لقاء في اللحظة الاخيرة، إلا أن الروس رفضوا لقاء «رفع العتب»، وعاد كل من الزعيمين إلى دياره من دون لقاء رسمي ثنائي.

وأصدر البيت الأبيض البيان الرئاسي الذي كان مقرراً تلاوته بعد لقاء ترامب - بوتين في آسيا، وهو بيان تم تخصيصه للأزمة السورية. وحاول البيت الابيض التظاهر بأن اللقاء بين الرجلين تم فعلاً، لكن المحاولات الرئاسية الأميركية قابلها الإعلاميون الاميركيون بالتشكيك والاستهزاء.

وفي محاولة للملمة الوضع واسترضاء الكرملين، نظم البيت الأبيض اتصالاً بين الزعيمين تحدثا خلاله على مدى أكثر من ساعة، وشمل حديثهما أموراً متنوعة من سورية الى أوكرانيا وكوريا الشمالية.

«سياسة الانبطاح» التي يظهرها ترامب أمام بوتين، على حد وصف بعض المسؤولين الأميركيين، تثير غضب غالبيتهم.

في السياسة تجاه سورية، صار واضحاً الإجماع الأميركي على أن «ترامب تخلى لمصلحة بوتين عن التخطيط لما بعد الحرب السورية»، حسب المعلّق مايكل كراولي في صحيفة «بوليتيكو».

وفي شأن منطقة الشرق الأوسط عموماً، تتعالى الأصوات الأميركية، والاسرائيلية خصوصاً، التي تعتقد أن «إيران متفوقة في المواجهة الاقليمية ضد حلفاء الولايات المتحدة»، حسب مقال للكاتب البريطاني - الاسرائيلي جوناثان سباير في مجلة «فورين بوليسي».

سورية الشرق الأوسطية لا تتمتع بالأهمية نفسها التي تتمتع بها أوكرانيا الأوروبية لدى الرأي العام الاميركي. في شأن أوكرانيا، يُجمع الأميركيون من الحزبين على ضرورة مساندة الأوكرانيين عسكرياً ومالياً في التصدي للأطماع والتوسع الروسيين. لكن ترامب يبدي تردداً، بل تنازلاً، لمصلحة بوتين، في أوكرانيا.

وتخضع مواقف ترامب وحملته الرئاسية للتحقيق حول موقفها من أوكرانيا، إذ قام مساعدو ترامب وأصدقاء روس لهم بحذف فقرة من البيان الانتخابي للحزب الجمهوري في العام 2016، كانت تؤكد ضرورة الوقوف في صف الأوكرانيين في تصديهم للروس.

ويبدو أن الفضائح، التي تلاحقها التحقيقات القضائية في طبيعة علاقته مع روسيا، لم تُثنِ ترامب عن سعيه المستمر لاسترضاء بوتين، فهو خالف قانوناً صدر بغالبية في الكونغرس بغرفتيه، وقضى بزيادة العقوبات الاقتصادية على روسيا، إذ لم يفرض البيت الأبيض أي عقوبات جديدة على الرغم من مرور الموعد النهائي الذي كان حدده الكونغرس لفرض هذه العقوبات.

وعلى الرغم من الاعجاب الذي يعلنه ويكرره ترامب تجاه وزير دفاعه الجنرال جيمس ماتيس، لكن لا يبدو أن هذا الإعجاب تحول الى قبول ترامب لمقترحات وزيره، فوزارة الدفاع طلبت من البيت الابيض الموافقة على بيع كييف سلاحاً بقيمة 47 مليون دولار، بما في ذلك صواريخ «جافلين» المضادة للدروع والدبابات، وهو ما من شأنه تعديل موازين القوى على أرض المعارك شرق أوكرانيا.

إلا أن البيت الابيض لم يمنح موافقته للصفقة المذكورة، على الرغم من أن إحدى سياسات ترامب تقضي بزيادة المبيعات العسكرية الأميركية حول العالم الى أقصى معدلاتها، لأهداف اقتصادية ومالية يعتقد ترامب أنها تصب في مصلحة إعادة انتخابه لولاية ثانية في العام 2020. ويبدو أن الرئيس يرغب في بيع السلاح الأميركي لدول العالم قاطبة، إلا للدول التي يمكن أن تنخرط في مواجهات مسلحة ضد روسيا.

مواقف ترامب «الانبطاحية» تجاه بوتين تعزز الإشاعات القائلة ان الرئيس الاميركي مدين لموسكو، وان هذا الدين يُقوّض السياسة الخارجية الأميركية حول العالم، وهو ما يبدو جلياً في سياسات أميركا في سورية وأوكرانيا وغيرهما، وهو ما قد يعطي المحقق الخاص روبرت مولر دلائل إضافية لاستخدامها ضد الرئيس وفريقه بتهم التواطؤ مع الروس ضد اميركيين وضد المصالح القومية للولايات المتحدة بشكل عام.


ماكين: ترامب انتهازي وبلا مبادئ

واشنطن - «إيلاف»، ا ف ب - وصف السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، الرئيس دونالد ترامب بأنه «انتهازي وبلا مبادئ»، في هجوم قاس يعطي مؤشراً على الغضب بين قيادات جمهورية، بسبب دعم الرئيس للمرشح روي مور المتهم بالتحرش الجنسي للفوز بمقعد ولاية ألاباما في مجلس الشيوخ.

وقال ماكين (81 عاماً) في مقابلة مع مجلة «الاسكوير» الأميركية: «للأسف لا أعتقد أن الرئيس ترامب لديه مبادئ أو معتقدات، وأظن أنه شخص يستغل المواقف، ولا أتفق مع الطريقة التي يدير بها البيت الأبيض».

في سياق متصل، أكد السيناتور الأميركي الديموقراطي آل فرانكن أنه يشعر بـ«العار» وسيعمل على استعادة ثقة الناس، بعدما اتهم بسلوك غير لائق جنسياً، في وقت تحرك الكونغرس لمكافحة هذه الظاهرة بعد اتهامات طالت عدداً من النواب.

وقدم السيناتور اليساري الذي كان ممثلا كوميديا في السابق اعتذاره لدى عودته من عطلة عيد الشكر، ليل أول من أمس، وبعد يوم من إعلان النائب الديموقراطي جون كونييرز انسحابه من اللجنة القضائية في مجلس النواب بعد أن طالته اتهامات مشابهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق