الثلاثاء، 24 يوليو 2018

قمة هلسنكي تبنَّت الخطة الإسرائيلية لـ... سورية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

وسط الغموض الذي لا يزال يحيط بما دار بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في قمة هلسنكي التي جمعتهما قبل أسبوع، تغرق الإدارة الأميركية في فوضى التعامل مع التقارير الصادرة عن الجانب الروسي حول ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين، بما في ذلك تصريحات صادرة عن وزارة الدفاع الروسية جاء فيها ان الأخيرة تتطلع قدماً لتنفيذ مقررات القمة بشأن سورية.
وفي ظل التضارب في التقارير والغموض، توصلت بعض الأوساط الأميركية إلى أن ما اتفق عليه الرئيسان بشأن سورية هو «الخطة الاسرائيلية» مُعدّلة بعض الشيء لتتناسب مع الرؤية الروسية. 
وكانت إسرائيل طالبت روسيا علناً، وحذا حذوها مسؤولو إدارة ترامب، بفرض انسحاب كل المقاتلين الموالين لإيران من سورية، خصوصاً مقاتلي «حزب الله» اللبناني، وسط تشكيك في واشنطن والعواصم الغربية بشأن قدرة موسكو على إجبار إيران على الإذعان لطلب من هذا النوع.
وفي الزيارة الاخيرة من الزيارات التسعة التي قام بها رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى موسكو والتقى فيها بوتين، تعتقد المصادر الأميركية ان الرئيس الروسي نجح في إقناع ضيفه الاسرائيلي بضرورة تحديد سحب القوات الموالية لإيران إلى مسافة 90 كيلومتراً عن خط «أندوف»، أي قوة مراقبة الهدنة التابعة للأمم المتحدة المتمركزة بين هضبة الجولان السوري المحتل ومحافظة القنيطرة الخاضعة للسيادة السورية.
لكن مصادر إسرائيلية نفت ذلك مساء أمس، وفقاً لوكالة «رويترز»، معلنة أن تل أبيب رفضت عرضاً من موسكو بإبعاد الميليشيات الإيرانية مسافة 100 كيلومتر عن الحدود.
وتسمح الاتفاقية الإسرائيلية - الروسية للمقاتلات الاسرائيلية بالتحليق فوق هذه المنطقة من دون اعتراض روسيا أو تصدي الدفاعات الجوية التابعة للرئيس السوري بشار الأسد لهذه لمقاتلات. وفي مقابل حرية التحليق الاسرائيلي فوق الجنوب السوري، وافقت تل أبيب على التغاضي عن اقتراب الأسد والقوات الموالية له إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها الدولة العبرية بهدف إتمام عملية استعادة الجنوب السوري من المعارضين المسلحين.
وتقول المصادر الاميركية ان الشرط في موافقة إسرائيل على بقاء الأسد في الحكم، وهو ما عبّر نتنياهو عنه علناً في زيارته الاخيرة الى موسكو، تكمن في عودة الجنوب السوري إلى ما كان عليه قبل سنة 2011، أي خاضعاً لسيطرة الأسد وتحت مسؤوليته، ما يعني أن أي انتشار عسكري للقوات الموالية لايران، أو أي محاولة لإقامة بنية تحتية عسكرية إيرانية في الجنوب، خصوصاً قواعد إطلاق صواريخ ضد إسرائيل، هو أمر يتحمل مسؤوليته الأسد، تحت طائلة قيام تل أبيب بتوجيه ضربات إليه في دمشق نفسها.
النقطة الأخيرة في الاتفاق «الغامض» بين ترامب وبوتين تتعلق بانسحاب القوات الأميركية من شرق سورية وتسليمها للأسد، علماً أن انسحاب القوات الأميركية من سورية هو أمر سبق أن طالب به الرئيسان، ترامب وبوتين، علناً، إلا أن الرئيس الأميركي تراجع تحت ضغط من كبار مسؤولي إدارته، الذين يتمسكون بضرورة بقاء القوات الأميركية في سورية لسببين: الأول التأكد من عدم عودة «داعش» إلى هذه المناطق، والثاني منع الميليشيات الموالية لإيران من احتلال هذه المناطق.
وتلفت المصادر الأميركية إلى أن التجربة في العراق أظهرت أن الميلشيات الموالية لايران، والمعروفة بـ«الحشد الشعبي»، هي التي سيطرت على الأراضي التي تمت استعادتها من «داعش» في شمال وغرب البلاد، وهو ما يبدو أن واشنطن تسعى لتفادي تكراره في الحالة السورية.
وكانت القوات الأميركية شرق سورية تصدّت، قبل أشهر، لمحاولات متعددة قامت بها قوات إيرانية وروسية وسورية لاقتحام شرق الفرات، بما في ذلك تكبيد المقاتلات الأميركية للقوات المهاجمة نحو مئتي قتيل في صفوف المرتزقة الروس، الذين ترسلهم موسكو للمشاركة في الحرب السورية. 
المصادر الأميركية تختم بأن الاتفاق بين ترامب وبوتين كرّس «الخطة الإسرائيلية في الجنوب السوري»، من دون أن يتم التوصل لاتفاق مع موسكو حول الشرق السوري. 
لكن مع مرور الساعات والأيام، تتسرب معلومات جديدة عن التعهدات التي قطعها الرئيس الاميركي لنظيره الروسي، والتي يبدو أن آخرها يتضمن موافقة واشنطن على قيام موسكو بتنظيم استفتاء شعبي شرق أوكرانيا حول رغبة السكان في الانضمام الى روسيا، على غرار الاستفتاء الذي نظمته روسيا في شبه جزيرة القرم الاوكرانية، ولم تعترف به عواصم العالم. 
وقد يكون ترامب وعد بوتين بالانسحاب من شرق سورية لمصلحة الأسد كذلك.
على خلاف البروتوكول المتبع في القمم، لم يترك ترامب خلفه أي أثر لما تحادث بشأنه مع بوتين، وهو ما دفع الكثيرين إلى التكهن وإلى محاولة استنتاج ما دار في اللقاء من مصادر روسية وغير أميركية، وهو ما دفع الحزب الديموقراطي المعارض إلى محاولة إصدار مذكرة تجبر المترجمة الأميركية، التي حضرت اللقاء بين الرئيسين، إلى الحضور للكونغرس للإدلاء بشهادتها، وهي المحاولة التي أحبطها المشرعون من حزب ترامب الجمهوري، مع ما يعني ذلك من بقاء غالبية المعنيين بالسياسة الخارجية في العاصمة الاميركية في ظلام يتكهنون.

ترامب وبوتين يريدان نظاماً عالمياً جديداً

«الجزيرة نت» - نشرت صحيفة «فاينانشال تايمز» مقالاً كتبته آن ماري سلوتر، اعتبرت فيه أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يريدان إقامة نظام عالمي جديد.
وأضافت ان قمة هلسنكي جمعت بين رئيسين يمثل كل واحد منهما مصالح بلاده من منظوره الخاص، وكلاهما يعزف على الحنين إلى الماضي الذي يصنعه في خياله، وهنا يصبح أنصار ترامب وأنصار بوتين حلفاء أيديولوجيا يعملون من أجل نشر هذه الأفكار في أوروبا كلها لدعم قادة دول مثل بنيامين نتنياهو في إسرائيل ورودريغو دوتيرتي في الفيلبين، الذي يشترك معهم في القيم والأساليب.
ولفتت إلى أن ترامب وبوتين يدعمان العودة إلى عصر سيادة الدولة غير المحدودة، ويودّان لو أنهما دمرا جميع المنظمات الدولية وعادا بالعالم إلى سياسة «القوة العظمى»، التي تتغير فيها التحالفات، مشيرة إلى قول ترامب إن حلفاء أميركا قد يصبحون خصوما في بعض القضايا، و«أصدقاء» في قضايا أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق