الأحد، 7 يونيو 2020

نسبة البطالة المنخفضة... «خشبة خلاص» ترامب!

واشنطن - من حسين عبدالحسين

سارع الرئيس دونالد ترامب الى التمسك بتقارير وزارة العمل التي أشارت إلى انخفاض في نسبة البطالة كـ«خشبة خلاص» له من سلسلة المشاكل المعقدة التي تحيط به وتهدد فرص فوزه بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، مؤكداً أن الاقتصاد الأميركي يتعافى من وباء «كوفيد - 19».
وفي الولايات المتحدة، التي سجلت أسوأ الأضرار مع 112 ألف وفاة ونحو مليوني إصابة بفيروس كورونا المستجد، يعتقد الخبراء أن ترامب يعاني من ثلاث كوارث ذات أبعاد هائلة، يندر أن تضرب الولايات المتحدة في الوقت نفسه، وهي «كورونا المستجد»، الذي يشابه وباء الانفلونزا الإسبانية للعام 1918، والركود الاقتصادي القاسي الناجم عن الوباء والذي رفع معدلات البطالة الى نسب تقارب ما كانت عليه ابان «الكساد الكبير» في 1929، وموجة عنف عنصري لم تشهد مثلها البلاد منذ مقتل زعيم السود مارتن لوثر كينغ في 1968.
لكن الأرقام الإيجابية التي أظهرت أن البطالة لم تصل نسبة 20 في المئة، التي كانت تتوقعها غالبية الاقتصاديين، أظهرت أن عجلة الاقتصاد بدأت تدور بسرعة أكثر من المتوقع، وقد تحقق نسب نمو مرتفعة جداً للتعويض عما فاتها. 
هذه الاعتبارات دفعت ترامب الى عقد مؤتمر صحافي مفاجئ للتبجح بانجازاته، ولاعتبار أن «الأسوأ» من فيروس كورونا قد مرّ وصار خلف الأميركيين، على الرغم أن أرقام الوفيات، كما أرقام الاصابات الجديدة، عاودت ارتفاعها بسبب الاختلاط الكبير الناجم عن التظاهرات الشعبية في عموم البلاد.
وقال الرئيس الأميركي إن «أعظم شيء يمكن أن يحدث للعلاقات بين الأعراق، وللمجموعة الأفريقية الأميركية، وللآسيويين الأميركيين، وللأميركيين من جذور أميركية جنوبية، وكذلك للنساء، ولكل شيء»، هو أن يستعيد الاقتصاد عافيته، «لأن بلدنا قوي للغاية، وهذه هي خطتي، وسيكون لدينا أقوى اقتصاد في العالم». 
وكرر ما سبق أن أعلن عنه في تغريدة، أن «تطوير اللقاح يجري في مهلة أسرع من المتوقع». وأضاف: «قلت (أن اللقاح) سيكون متوفراً بحلول نهاية العام، أعتقد أنه سيكون متوفراً في وقت أقرب بكثير من ذلك». 
وتابع أن واشنطن تعمل على انتاج ملايين الجرعات، من دون أن يعلن عن اسم الشركة التي تطوّر اللقاح الذي سيثبت فاعليته وأمانه.
وكان لافتاً أن ترامب استغل مؤتمره الصحافي ليتصرف وكأن وباء «كورونا» قد انتهى تماماً، فوقف في حديقة الورود المجاورة للمكتب البيضاوي يحيط به تسعة من كبار مساعديه، منهم نائب الرئيس مايك بنس ووزراء ومستشارين. ولم يضع الرئيس أو أي ممن يحيطون به كمامات طبية للوقاية من الفيروس. 
كذلك حرص البيت الأبيض، للمرة الأولى منذ أسابيع، على وضع كراسي الصحافيين، وهي متحركة يمكن طيها، على مسافة لا تراعي المترين المطلوبة كإحدى وسائل التباعد الاجتماعي، فجلس 30 صحافياً بشكل شبه متلاصق. 
وكانت الصور أظهرت أن الكراسي كانت على مسافة متباعدة قبل المؤتمر الصحافي، ثم قام البيت الأبيض بإلغاء التباعد. كما كان لافتا أن غالبية الصحافيين شاركت من دون كمامات.
وفي وقت دأب العلماء على التحذير من مغبة التراخي الاجتماعي في مكافحة انتشار الوباء، ازداد عدد التقارير التي تشي بأن نسبة الانتشار بين الأميركيين أعلى بكثير مما يعتقده الخبراء، وهو اعتقاد قد يخفف من المخاوف المتوقعة في حال بدء موجة انتشار ثانية.
ومن الأميركيين ممن أصيبوا بالفيروس المستجد من دون أن تظهر عليهم عوارض كان جورج فلويد، المواطن الأسود الذي قضى اختناقا على أيدي الشرطي الأبيض ديريك شوفين في مدينة مينيابوليس، وهي الحادثة التي أشعلت الاحتجاجات ضد عنف بعض دوائر الشرطة وضد التمييز العنصري. 
وأظهر تقرير الطبيب الشرعي أن فلويد كان أصيب قبل 22 يوماً من موته، ما يعني أن الفيروس استهلك الوقت الذي يتطلبه حتى يتطور الى مرض، ولكن في حالة فلويد، كانت اصابة من دون أي عوارض، وهو ما يعني أن أميركيين كثيرين من أمثاله قد يكونوا أصيبوا من دون علمهم أو من دون أن تؤدي اصابتهم الى المرض، وبذلك لم يتم احتسابهم في أعداد المصابين.
ولانتشار الفيروس وارتفاع عدد المصابين ايجابية، حسب بعض العلماء، تكمن في التوصل لتحقيق «مناعة القطيع»، اذ إن من يشفى من الفيروس يتمتع بمناعة ضد الاصابة منه ولا ينقله للآخرين، على الأقل لمدة ستة أشهر، وهو ما يعني أن الاسراع في تحقيق «مناعة القطيع» يسرّع في الانتهاء من تفشي الفيروس، وتاليا القضاء عليه، وهو أمر ايجابي، صحيا، وكذلك لقطاعات الاقتصاد التي ما تزال تعمل بأدنى طاقتها بانتظار التوصل لاكتشاف لقاح أو دواء.
وبذلك تكون التظاهرات الشعبية سرّعت في عملية بناء «مناعة القطيع»، وهو الأمر الذي كان يدعو له الجمهوريون ويحّذر من مخاطره الديموقراطيون. لكن مع بدء التظاهرات الشعبية، تخلت وسائل الإعلام الكبيرة، وهي أقرب الى الديموقراطيين، عن الحذر الطبي من مغبة انتشار الوباء بشكل أسرع وأوسع، وانتقلت تغطيتها من تغطية متواصلة لأعداد المصابين والوفيات الى تغطية كاملة للتظاهرات، وكأن الوباء اختفى في ليلة وضحاها. 
وفي هذا السياق، قال انتوني فاوتشي، رئيس «قسم مكافحة الأمراض المعدية والحساسية» في «مركز مكافحة الأمراض»، إن اللقاح الذي تعمل عليه شركة «موديرنا» هو في المرحلة الثانية، أي يجري تجريبه على مجموعة صغيرة من المتطوعين. 
وتوقع الانتقال الى المرحلة الثالثة مطلع يوليو المقبل، وهو الوقت الذي تبدأ فيه مصانع الأدوية الأميركية بتصنيع هذا اللقاح على نطاق واسع يشمل صناعة 200 مليون جرعة على الأقل، بتمويل من الحكومة الفيديرالية، حتى اذا ما ثبتت فاعليته، تكون الجرعات متاحة لعموم الأميركيين في اليوم الذي يتم التأكد من أنه فعّال وآمن. 
وهذا هو اللقاح الذي أشار اليه ترامب في الغالب، من دون تسمية «موديرنا».
أما في حال تبين أن اللقاح لا يزال يحتاج الى المزيد من التطوير، وغير فعّال أو آمن، فيتم اتلاف ملايين الجرعات التي تمت صناعتها. وكذلك تعمل الحكومة مع عدد من شركات تطوير اللقاح الأخرى للتأكد أن في حال نجح أي من هذه التجارب، سيكون اللقاح الناجح متوفراً، على الفور، لملايين الأميركيين.
وفي مؤشر إلى عودة بطيئة للحياة الطبيعية، فتح متنزه يونيفرسال في أورلاندو أبوابه أمام الزوار في أول خطوة من نوعها لمتنزه ترفيهي كبير في ولاية فلوريدا، مع إجراء فحوص حرارة على بوابة الدخول وجعل وضع الكمامات الواقية إلزامياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق