الجمعة، 12 مارس 2021

شنكر: الكويت لن توقّع سلاماً مع إسرائيل

واشنطن - من حسين عبدالحسين

شهدت العاصمة الأميركية يوم الأربعاء حدثين متزامنين. في الأول، تحدث وزير الخارجية انتوني بلينكن في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وفي الثاني، تحدث مساعد وزير الخارجية السابق ديفيد شنكر في جلسة إلكترونية نظمها «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، الذي أعلن عودة شنكر للعمل في صفوف باحثيه.

جلسة بلينكن كانت باهتة بلا طعم أو لون.

سأل أحد المشرعين وزير الخارجية إن كانت الولايات المتحدة قد قدّمت أي تنازلات لإيران لحملها على الانخراط في مفاوضات نووية، فأجاب بالنفي.

ثم سأل المشرع نفسه ان كانت واشنطن سترفع أي عقوبات قبل التزام إيران الكامل بالاتفاقية، بشهادة المفتشين الدوليين، فقطع الوزير الأميركي وعداً بأن ذلك لن يحصل.

لكن بلينكن راهن فعلياً على انعدام خبرة المشرع، فالولايات المتحدة قدّمت حتى الآن سلسلة من التنازلات لتحفيز ايران على الانخراط في المفاوضات النووية التي اقترحتها أوروبا، فيما رفضت طهران المفاوضات وأصرّت على رفع أميركا العقوبات كشرط مسبق لأي حوار.

هكذا، حاولت واشنطن تحفيز طهران بايعازها لكل من كوريا الجنوبية والعراق بوقف تجميد أكثر من خمسة مليارات دولار لديها من الأموال الايرانية.

كما رفعت حوثيي اليمن عن لائحة التنظيمات الارهابية، مسايرة لايران، وأوعزت للرئيس الأفغاني أشرف غني بتنسيق تشكيل حكومة انتقالية مع الإيرانيين.

وقامت كذلك بالايعاز للأوروبيين لعقد مؤتمر لتشجيع الشركات الأوروبية على الاستثمار في الاقتصاد الايراني.

كل هذه المبادرات الأميركية تجاه ايران، ويقول بلينكن إن بلاده لم تقدم تنازلات للنظام الايراني لحمله على التفاوض.

من شمال غربي العاصمة الأميركية، تحدّث شنكر من منزله، فقدم سلسلة من الحكايات المثيرة للاهتمام أثناء عمله مساعداً لوزير الخارجية في زمن الرئيس السابق دونالد ترامب، وأصدر عدداً من التوقعات، منها أن الوضع الاقتصادي في بعض الدول العربي لا يزال بالسوء نفسه الذي كان عليه ابان اندلاع تظاهرات «الربيع العربي»، قبل عشر سنوات، وأن وباء كورونا المستجد عمّق من الأزمة الاقتصادية، وهو ما دفع المسؤول السابق للاعتقاد أنه في الأشهر الستة المقبلة، ستتكثف التظاهرات وسيخرج العرب في «ثورة جوع».

ومما قاله شنكر إن «الربيع العربي» لم يتمحور حول قضايا القومية العربية أو فلسطين، بل حول المصالح الوطنية لكل بلد عربي، وأن عدداً من الدول التي عقدت في الآونة الأخيرة اتفاقات مع اسرائيل قررت أنها لن ترهن مصالحها بقيادة فلسطينية «غير قادرة على المضي قدماً وعقد صفقة».

وقال شنكر إن «السلام بين إسرائيل والكويت لن يحصل، وكذلك السلام بين اسرائيل وتونس لن يحصل»، معتبرا أنه «لا يعتقد أي مسؤول عربي أن العلاقات الأميركية مع إسرائيل تشكل عبئا على العلاقات الأميركية مع العالم العربي».

وعن سورية، ذكر شنكر أنه عندما تدخلت روسيا، «كانت واشنطن تأمل في أن تتحول سورية الى مستنقع للروس»، لكن تبين أن المقاتلات الأربعين التي نشرتها موسكو في سورية نجحت في قلب موازين الحرب لمصلحة الأسد، الذي تدعمه روسيا اقتصاديا وديبلوماسياً وتعطل أي حلول في الأمم المتحدة لابقائه في الحكم، حسب المسؤول السابق.

وتابع: «لقد حرمنا (الرئيس السوري بشار) الأسد من انتصاره، فهو لا يسيطر على كل البلاد، ونحن جنبا إلى جنب مع قوات سورية الديموقراطية، هزمنا (داعش)، وحرمنا الأسد من عائدات النفط، وأوقفنا عودة المنبوذ (الأسد) إلى المجتمع الدولي وإعادة بناء سورية الأسد».

ووصف شنكر، الأسد بأنه من «القادة الذين تجاوزوا الحدود، خصوصاً من الذين ارتكبوا الإبادة الجماعية».

عن لبنان، قال شنكر إن عددا كبيرا من اللبنانيين الأميركيين توسطوا لدى الكونغرس، واستحصلوا على توصيات مكتوبة من مشرعين لتعيين أنفسهم في منصب «مبعوث خاص الى لبنان»، لكن إدارة ترامب لم تعيّن أياً منهم لأن وزارة الخارجية متخمة بالمسؤولين ممن لديهم خبرة طويلة في الشأن اللبناني، من مساعد وزير الخارجية ديفيد هيل، الذي سبق أن عمل سفيرا لأميركا في لبنان، الى شنكر نفسه والسفيرة دوروثي شاي.

وقال إن سياسة الادارة السابقة تجاه لبنان لم تركز «على الشخصيات، بل على المبادئ، التي لو تم تنفيذها، لقوضت حزب الله».

وأضاف: «نسقنا مع الفرنسيين وأقنعناهم بالابتعاد عن فكرة دفع حزب الله للاعتدال وتشجيعه على أن يكون بناء في الحكم، كما لاحقنا المسؤولين اللبنانيين من غير الشيعة باستخدام قانون ماغنيتسكي مثل جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني» ميشال عون.

وتابع شنكر أنه «للأسف، من المرجح أن يزداد الوضع في لبنان سوءاً»، لكن لا يمكن لواشنطن أن تخرج لبنان من أزمته من دون أن يقوم القادة اللبنانيون بذلك.

وعن المفاوضات اللبنانية - الاسرائيلية، قال إن الأمل كان في «أن تناقش بيروت ترسيم الحدود البحرية بحسن نية مع إسرائيل، على أساس مبادئ الأمم المتحدة، لكن القادة اللبنانيين لا يفوتون الفرصة لتخييب الآمال، فيما يواصل حزب الله تخزين الصواريخ الموجهة بدقة والأنظمة المضادة للطائرات، وهو ما يعني أنه ان حصلت إيران على أموال (بسبب رفع العقوبات الأميركية عنها)، فستزداد قدرات حزب الله، ما يجعل الحرب (مع إسرائيل) أكثر احتمالا وأكثر تكلفة».

واعتبر المسؤول السابق أن لبنان ليس «تحت سيطرة حزب الله وحده، بل تحت سيطرة الزعماء كذلك»، ومعظم هؤلاء من الفاسدين الذين حاسبت بعضهم، الإدارة الأميركية السابقة.

وتابع: «لا يمكن أن يكون لدى (المسؤول اللبناني) حساب مصرفي في أوروبا إذا كان يسرق اللبنانيين أو يتحالف مع حزب الله، ففي لبنان، 50 في المئة من الناس تحت خط الفقر، والبنك الدولي أقر 237 مليون دولار لإطعام 150 ألف أسرة في لبنان، وكان ليكون من الرائع لو تصرف شركاؤنا في الاتحاد الأوروبي بهذه الطريقة، بدلاً من محاولة إقناع حزب الله بالمساعدة في الحكومة».

أما الحل في لبنان، «فلا يتعلّق فقط بتشكيل الحكومة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق