واشنطن - من حسين عبدالحسين
الخلاصة الأولية لليوم الاول لـ«مؤتمرالسلام والأمن في الشرق الاوسط»، الذي عقدته الولايات المتحدة في وارسو، هي الفوضى: فوضى في السياسة، فوضى في الاهداف، وفوضى في النتائج. المعنيون بالسياسة الخارجية الاميركية، من المشاركين في تنظيم المؤتمر، اجاباتهم متضاربة حول هدف المؤتمر والرسائل المرجوة منه.
هو مؤتمر لدعم بولندا في وجه العدوانية الروسية والاستمالة الصينية، ولابقاء بولندا في الفلك الاوروبي، وسط ابتعادها عنه بسبب تقهقر الديموقراطية فيها. وهو مؤتمر تم الاعلان عنه كمؤتمر لمواجهة ايران، في ملفيها، النووي والمزعزع لاستقرار منطقة الشرق الاوسط. وهو مؤتمر تسعى من خلاله واشنطن الى تعميم فكرة يمكن تلخيصها في تغريدة بالعربية اطلقتها الحكومة الاسرائيلية، وجاء فيها ان «إسرائيل والدول العربية يد واحدة ضد التهديد الإيراني».
هكذا، بدت اوساط الخارجية الاميركية مرتبكة، وبدا صعبا الحصول على اجابات بسيطة حول الاهداف الرئيسية للمؤتمر.
من جهته، راح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس يعقدان لقاءات مع المسؤولين البولنديين ويعدان بزيادة عدد القوات الاميركية المنتشرة في بولندا. ومن جهة ثانية، راح صهر الرئيس دونالد ترامب وكبير مستشاريه جارد كوشنر، ومعه مسؤول ملف السلام الاسرائيلي - العربي جايسون غرينبلات، يعقدان لقاءات مع رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو والوفد المرافق، وكذلك مع رؤساء الوفود العربية المشاركة في مؤتمر وارسو.
صحيح ان مواجهة ايران تتطلب قيام الولايات المتحدة بتنسيق الجهود بين حلفائها العرب والاوروبيين واسرائيل، لكن ليس مفهوما لما تتطلب مواجهة ايران «الامتناع عن التمسك بالماضي والمضي قدما نحو المستقبل»، حسب تصريح نتنياهو، اثناء لقائه ووزير خارجية عمان يوسف بن علوي. واذا كان التخلي عن الماضي هو عنوان مؤتمر وارسو، فلمَ لا يتم التخلي عن الماضي بفتح صفحة جديدة مع الايرانيين؟
لا اجابات في اوساط واشنطن حول عناوين وارسو غير المتناسقة، بل المتناقضة. جلّ ما يثير اهتمام بعض المتابعين الاميركيين هو وقوف نتنياهو في الصورة الجماعية، على بعد امتار قليلة من وزراء عرب لا علاقات لحكوماتهم مع حكومة اسرائيل.
وكان نتنياهو صرّح، بعد انتهاء لقائه مع بن علوي: «اذهب من هنا إلى لقاء ضد إيران يحضره ممثلون عن دول عربية بارزة. المصلحة المشتركة هي محاربة إيران». لم يقل نتنياهو انه ذاهب للقاء ممثلي حكومات عربية لا تزال تقاطع بلاده.
وعلمت «الراي» ان كوشنر كان حاول شخصيا، وبكل ما أوتي من وسائل ترغيب وترهيب، اقناع بعض الحكومات العربية التي لا علاقات لها مع تل ابيب، بضرورة استغلال فرصة انعقاد مؤتمر وارسو للبدء في فتح علاقات من هذا النوع، على الأقل عن طريق مصافحات بين نتنياهو ووزراء عرب.
الا ان الحكومات العربية، التي حاول كوشنر التوسط معها لمصافحة نتنياهو، رفضت طلبه، وردت بالقول انها تشارك في وارسو من اجل التباحث في «نشاطات ايران المزعزعة للاستقرار»، وانه ان كانت واشنطن ترغب في عقد لقاءات دولية من اجل التوصل الى تسوية بين العرب واسرائيل، فعلى الولايات المتحدة ان تخصص مؤتمرا لذلك، لا ان تقحم عملية السلام في موضوع ايران.
وعلمت «الراي» كذلك، ان رد كوشنر كان قوله ان الولايات المتحدة تقترب من تقديم «صفقة العصر» للتوصل الى تسوية سلمية. وتشير اوساط كوشنر الى ان تقديم الصفقة المذكورة مؤجلة بانتظار ظهور نتائج الانتخابات الاسرائيلية المقررة في ابريل المقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق