الجمعة، 31 أكتوبر 2014

هل يقبل خامنئي العرض الدولي لاتفاق نووي؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

انتشرت في الأوساط الأميركية تقارير مفادها ان مجموعة دول خمس زائد واحد قدمت للوفد الإيراني في اللقاء الأخير في فيينا عرضا يقضي بتقليص إيران طرودها المركزية من نحو 10 الاف تعمل حاليا الى أربعة الاف، شرط ان تخفض طهران في الوقت نفسه من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجات عالية ومنخفضة وتبقي هذا المخزون منخفضا وتحت مراقبة دولية.

وكانت رئيسة الوفد الأميركي وكيلة وزير الخارجية وندي شيرمان قالت في خطاب الاسبوع الماضي ان «عناصر خطة مقبولة للطرفين صارت على الطاولة»، بعد ان حقق الطرفان «تقدما مثيرا للإعجاب حول قضايا بدت أول الأمر غير قابلة للتسوية»، وانه تمت تسوية الأمور الشائكة بعد «نقاشات مضنية حول كل كلمة لنص» اتفاقية محتمل.

وتعتقد الأوساط الأميركية ان وزير الخارجية جواد ظريف حمل الاتفاق المقترح الى الرئيس الإيراني حسن روحاني ليحاولا اقناع مرشد الثورة علي خامنئي بقبولها، مع ما يعني ذلك من رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على إيران، والتي ساهمت، بالتزامن مع انخفاض حاد في أسعار النفط، في المزيد من التعثر للاقتصاد الايراني المتهالك.

عن ماهية الاتفاقية المقترحة، تقول الأوساط الأميركية ان هناك أربعة عوامل تساهم في تسريع او ابطاء انتاج اليورانيوم المخصب بدرجة أعلى من 20 في المئة على طريق صناعة قنبلة نووية، وان عدد الطرود المركزية هي واحد من العوامل فقط، وان يكن العامل «الأكثر شهرة» بسبب تصريحات المسؤولين الإيرانيين المتكررة حوله.

وكانت المفاوضات تعثرت في شهر أغسطس الماضي بعدما أصرت المجموعة الدولية السماح لإيران بتشغيل «مئات» من الطرود المركزية فقط لأغراض الأبحاث، فيما أصرت طهران على الإبقاء على العدد الحالي وربما توسيعه الى 14 ألف طرد، وهو ما رفضته الدول الكبرى بشكل حازم.

والعدد أربعة الاف يمثل «حلا وسطا» بين ما اقترحه الطرفان في المفاوضات، حسب مسؤولين اميركيين، يعتبرون ان المهم في الموضوع هو التوصل الى اتفاق يمدد الوقت المطلوب لإيران للاختراق في اتجاه صناعة قنبلة نووية بشكل يسمح للمجتمع الدولي بالتنبه لأي اختراق ويعطيه الوقت الكافي للتعامل معه ووقفه.

وتضيف الأوساط الأميركية انه في الأسابيع الثلاثة المتبقية حتى انتهاء مهلة اتفاقية جنيف المؤقتة، التي جمدت إيران بموجبها جزءا من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية عنها، لم يتبق المزيد من المفاوضات لإجرائها «بعد ان تم التطرق على مدى السنة الماضية لكل المشاكل وكل السيناريوات والحلول، وكل طرف يعرف المطلوب منه للتوصل لاتفاق دائم».

ويبدو ان الاقتراب من الاتفاق النووي الدائم هو الذي دفع شيرمان للحديث في العلن الأسبوع الماضي عن المفاوضات ومصيرها، في اطلالة نادرة ولافتة، فغمزت من قناة الإيرانيين ولمحت ضمنيا الى ان الكرة في ملعبهم بقولها انها «لا تعرف» ما الذي سيحدث بعد الآن، وان الخيارات الوحيدة المتبقية هي «التصعيد من قبل جميع الأطراف».

وطبعا تعمدت شيرمان الابتعاد عن لهجة التهديد التي تثير حفيظة الإيرانيين، بل توقعت تصعيدا من جميع الأطراف، معتبرة انه ليس في مصلحة أحد منهم.

كذلك، لوحت شيرمان – التي سبق ان قالت في جلسة استماع في مجلس الشيوخ انها تعرف ان الإيرانيين يقرأون كل كلمة تدلي بها في واشنطن – بفوائد أي اتفاقية نووية دائمة بين العالم وإيران بقولها ان «التنازل في ملف يقضي بمرونة في ملفات أخرى»، أي ان اميركا ربما تنوي تعويض الإيرانيين لتنازلهم النووي في ملفات شرق أوسطية أخرى.

ويقول أحد المقربين من إدارة الرئيس الأميركي انه إذا «نجحنا في التوصل لاتفاقية مع إيران، وتعاونا لإلحاق الهزيمة بـ (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) داعش، فلا أرى ضررا في ذلك بل نصرا مزدوجا للولايات المتحدة».

هل يصبح «بوش الثالث» رئيساً للولايات المتحدة؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

فجّر جورج بي بوش، نجل محافظ ولاية فلوريدا السابق جب بوش، قنبلة سياسية أججت التكهنات حول امكانية ترشح والده لرئاسة الولايات المتحدة في العام 2016، ليصبح إذا ترشح وفاز، ثالث رئيس للولايات المتحدة من بيت واحد.

وجب بوش، البالغ من العمر( 61 عاماً)، هو ابن الرئيس السابق جورج بوش الاب وشقيق الرئيس السابق جورج بوش الابن، وفاز في انتخابات محافظ فلوريدا مرتين في الاعوام 1999 و2003، ويحظى بشعبية كبيرة داخل «المؤسسة الحاكمة» في الحزب الجمهوري.

وقال جورج بي بوش المرشح حالياً لمنصب امين خزانة في ولاية تكساس خلال مقابلة تلفزيونية انه «لا يستبعد ترشح والده للرئاسة».

وبدوره، قال نجل جب بوش الآخر، واسمه جب ايضاً،في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» ان «العائلة تؤيد مئة في المئة» والده في حال أعرب عن نيته الترشح.

وتفيد اوساط عائلة بوش ان «قائد حملة ترشيح جب هو الرئيس السابق جورج بوش الابن»، وان «بوش الاب يؤيد ذلك فيما تعارض الوالدة باربرة الترشيح، فيما لا تبدي زوجة جب ( كولومبا) أي اهتمام في الشأن العام وتفضل البقاء بعيدة عن الاضواء».

وجب يختلف كثيرا عن شقيقه جورج، فهو يتمتع بسمعة المثقف وبعلاقات مع خبراء ومؤلفين في شؤون عامة مختلفة تتنوع بين الاقتصاد والتعليم والثقافة.

وتشير الرواية الى ان جورج بوش الاب، لطالما اعتقد ان وريثه في السياسة سيكون جب بدلا من ابنه البكر جورج، الذي كان يعاني من أزمة ادمان الكحول.

لكن جورج الابن شفي من ادمانه، وراح يشق طريقه السياسي ليأخذ بثأر والده الذي لم يحسن الفوز بولاية رئاسية ثانية في العام 1992 عندما خسر امام النجم الديموقراطي الصاعد ومحافظ ولاية اركنساس بيل كلينتون.

كثيرون، وفي مقدمهم رئيس الكونغرس الجمهوري جون باينر، يرون في جب بوش مخلصاً للحزب الجمهوري وموحداً له، وهو الحزب الذي يعاني من انقسام حاد الى جناحين، وسطي ومتطرف، منذ خروج جورج بوش من الحكم في العام 2008.

ولطالما طالب باينر جب علناً بالترشح، وأعلن تأييده المطلق له، وكذلك فعلت ماكينة الحزب الجمهوري التي ما زال يقودها كثيرون من خريجي مدرسة عائلة بوش السياسية من امثال مستشار (جورج الابن ) كارل روف، الذي ما زال قيادياً فاعلا في اوساط الحزب ويخوض معركة طاحنة مع الجناح المتطرف داخله.

وتذكر «نيويورك تايمز» ان «الفريق السياسي لعائلة بوش، من سياسيين وممولين ورجال اعمال وناشطين، راحوا يتنادون لتجميع انفسهم وتنظيم صفوفهم استعدادا لتشكيل حملة جب بوش الرئاسية»، الا ان الاخير رفض حتى الآن منحهم أي توكيل لتشكيل حملة باسمه او جمع تبرعات.

على ان ترشيح جب بوش لن يكون بالسهولة التي قد يعتقدها البعض، فنقاط ضعفه الاولى تكمن في كونه من آل بوش، ما سيسمح لخصومه انتقاد ترشيحه على انه جزء من «عائلة حاكمة»، وهو امر لا تستسيغه غالبية الاميركيين المعتدّين بديموقراطيتهم. كذلك، يسمح ترشيح جب بوش لخصومه الجمهوريين مهاجمته على اساس انه منذ العام 1988، لم يصادف ان رشح الحزب احداً للرئاسة من غير عائلة بوش، هذا في الشكل.

أما في المضمون، فقد يواجه جب بوش صعوبات جمة تتعلق بجنوح جزء يسير من قاعدة الحزب تجاه اليمين، ما يجعل مواقفه المعلنة متناقضة مع عدد من مواقف الحزب، وهو ما حدا بصحيفة «واشنطن بوست» الى عنونة احد مقالاتها بالتالي: «مشكلة جب بوش لا تكمن في انه من عائلة بوش، بل في ان قاعدة الحزب الجمهوري تكره المرشحين المعتدلين». وتبرز تناقضات جب بوش مع غالبية الجمهوريين في ملف الهجرة والعلاقة بالاميركيين من اصول اميركية لاتينية، والذين ابتعدوا عن الحزب الجمهوري منذ العام 2008 على الاقل، فرغم انه يتكلم الاسبانية بطلاقة وزوجته من مواليد المكسيك، ما يجعله قادرا على استقطاب الاميركيين من اصول اميركية لاتينية، الا ان عددا لا بأس فيه من الجمهوريين يعارضون مواقف جب بوش الذي يؤيد فتح باب الهجرة لهؤلاء كما ايدها شقيقه جورج اثناء حكمه، وقبلهما جورج الاب اثناء رئاسته ايضاً. ويختلف جب عن الجمهوريين كذلك في موضوع التعليم، اذ يعتقد محافظ ولاية فلوريدا السابق ان للحكومة دوراً رئيسياً في رعاية قطاع التعليم الرسمي ، وتمويل المدارس المجانية ومساعدة الطلبة المعوزين في الجامعات، بعكس تفكير عدد كبير من الجمهوريين الذين يعارضون تدخل الحكومة في قطاعات شتى، كالطبابة والتعليم، ويفضّلون تصغير حجم الحكومة والغاء ضرائبها وانفاقها.

لا شك ان آل بوش المحنّكين في الحكم وانصارهم ومستشاريهم، يدركون العقبات التي تواجه مرشحهم المقبل، ولا شك انهم يجرون حساباتهم لمعرفة ان كان يمكنهم تفاديها. اما جب بوش نفسه، فهو وعد باعطاء جوابه النهائي حول امكانية ترشيحه مع حلول العام المقبل، اوعلى الاقل بعد ظهور نتائج الانتخابات النصفية المقررة الثلاثاء المقبل. بعد ذلك، يقطع الشك باليقين ويقدم موقفه النهائي من موضوع الترشيح.

أما في حال قرر جب بوش المضي في ترشيحه، في وقت تشير فيه كل التوقعات الى شبه حتمية ترشيح وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون للرئاسة في العام 2016، وعلى خلفية القوة الكبيرة التي تتمتع بها العائلتان، والفرص العالية لكل منهما للفوز بترشيح حزبيهما للرئاسة، فقد يعيد التاريخ نفسه بمواجهة بين العائلتين بوش وكلينتون للفوز بمنصب رئيس على غرار المواجهة الاخيرة بينهما قبل قرابة ربع قرن.

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

خبراء ينتقدون خطة أوباما ضد «داعش»: عليه تكثيف الطلعات ونشر مستشارين على الجبهات

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |


يتناوب الخبراء والباحثون الاميركيون على التشكيك بخطة الرئيس باراك أوباما القاضية بتدريب وتسليح قوات حليفة للولايات المتحدة في العراق وسورية، ويتهمون الادارة بالسذاجة، ويصرون على القول ان مصير الحملة الحالية الفشل، ويدعون الى التسريع في عمليتي التدريب والتسليح، والى نشر مستشارين عسكريين اميركيين على الخطوط الامامية للجبهة بدلا من بقائهم في المقرات القيادية البعيدة عنها، والى زيادة عدد الطلعات الجوية بشكل كبير.

ويلخص كبير الباحثين في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى» جيفري وايت الخطة الاميركية بالقول انها تقضي بتجنيد مقاتلين من مخيمات اللاجئين السوريين، وتدريبهم تدريبا خفيفا في السعودية او الاردن، وتأسيس قوة من خمسة الاف مقاتل تشارك اولى طلائعها في المعارك بعد ستة اشهر من اليوم في مهمات دفاعية بحتة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في وجه هجمات تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، ثم توسيع القوة باضافة قوات هجومية بعد ثمانية عشر شهرا.

ويقول وايت ان مجموعة من المشاكل تشوب التصور الحالي، فجدول الاوقات المقترحة لا يتناسب وتطور الاوضاع على الارض في سورية، اذ يتكبد الثوار خسائر في وجه هجمات قوات الرئيس السوري بشار الاسد و«داعش». ويضيف ان من غير الواقعية كذلك الاعتقاد انه يمكن حصر الثوار بمهمات دفاعية فقط، فطبيعة المعارك في سورية مبنية على الكر والفر بين الاطراف المتنازعة، وغالبا ما تجد مجموعة نفسها مضطرة للقيام بهجمات لاستعادة مواقع استراتيجية او فتح طرق تموين.

ويتابع الخبير الاميركي انه في غياب قوات اميركية تستعيد اراضي من «داعش»، وبحصر مقدرة الثوار السوريين على الدفاع، يصبح طرد «داعش» من المساحات التي تستولي عليها امرا متعذرا. كما ينتقد وايت تواضع العدد المقترح في سورية، ويعتبر ان لدى «داعش» 15 الى 20 الف مقاتل هناك، ترفدهم بقوات محلية، ما يعني ان الثوار سيضطرون اما الى الدفاع عن اراضيهم بعدد قليل قابل للهزيمة، او انهم سيركزون دفاعهم عن مناطق دون اخرى.

ويقول وايت: «لا يجب حصر هذه القوات بمهام دفاعية، بل يجب حثها على الهجوم ضد داعش وضد نظام الأسد كذلك»، معتبرا انه سيكون هناك انتصارات لهذه القوات وهزائم، مضيفا انه يجب توقع المشاكل التي تأتي عادة مع القوات المسلحة غير النظامية، مثل «النشاطات الاجرامية، وتجاوز لقوانين الحرب»، وما شابه.

وفي السياق نفسه، كتب المدير التنفيذي لمركز ابحاث «مبادرة السياسة الخارجية» كريستوفر غريفين عن الخطوات المقبلة الواجب اتخاذها في الحرب ضد «داعش»، فقال انه في وقت بلغ معدل الطلعات الجوية في الحرب في العام 2001 ضد «طالبان» 69 يوميا، وفي وقت بلغ معدل الطلعات في العام 1999 في كوسوفو 138، بلغ معدل الطلعات الجوية الاميركية ضد «داعش» على مدى الشهرين الماضيين سبعا في اليوم فقط.

ودعا غريفين الادارة الى زيادة عدد طلعاتها الجوية، والى نشر قوات اميركية متقدمة تساهم في صياغة الخطط العسكرية للمقاتلين الحلفاء وتزود المقاتلات الاميركية بأهداف اكثر دقة واكثر اهمية. كما دعا الى الاسراع بتزويد المقاتلين الحلفاء بالسلاح، ونقل عن مسؤولين في حكومة كردستان قولهم ان الولايات المتحدة زودت مقاتلي البيشمركة الكرد، حتى الآن، «بأقل من 100 قذيفة هاون وببضع مئات قذائف آر بي جي». واضاف ان البيشمركة تفتقر الى العتاد الاساسي الذي تحتاجه اي قوة مقاتلة، «فأقل من خمسة في المئة منهم لديهم خوذات واقية من الرصاص».

وانتقد الخبير الاميركي القوات الامنية العراقية، وقال انها تعتمد على مستشارين ايرانيين وعلى الميليشيات الشيعية، كما انتقد قيام رئيس حكومة العراق حيدر العبادي بتعيين «سياسي معاد للسنة في منصب وزير داخلية»، واصفا التعيين «بالخطوة الخطيرة التي تصب في خانة الدعاية التي يستفيد منها داعش».

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» انتقدت في افتتاحية لاقت رواجا واسعا سياسة أوباما في سورية والعراق، واعتبرت ان أوباما يسمح لقوات الأسد بالقضاء على الثوار انفسهم الذين تنوي واشنطن الاستعانة بهم للقضاء على «داعش».

وتأتي هذه الآراء في وقت يواجه الرئيس الاميركي حملة واسعة من الحزب الجمهوري تتهمه بالتردد والتقاعس والتفريط بمصالح اميركا في الشرق الاوسط. ويتهم الجمهوريون أوباما بالتودد الى ايران اكثرمن اللزوم، وبالمراهنة على التوصل الى اتفاق نووي معها كسبيل وحيد للتوصل الى حل للنزاعات في سورية والعراق والقضاء كليا على «داعش». أما في حال فشلت محاولات واشنطن في التوصل على حل عبر ايران او في خلق قوتين سورية وعراقية قادرتين على مواجهة «داعش»، فيبدو ان الرئيس الاميركي يراهن على انه سيكون اصبح خارج الحكم في غضون سنتين، عندذاك تصبح أزمتا سورية والعراق مشكلة الرئيس الذي سيخلفه.

واعلنت القيادة المركزية الأميركية أن القوات الأميركية شنت ست ضربات جوية في العراق ثلاث منها قرب الفلوجة وثلاث قرب سنجار ودمرت عدة وحدات صغيرة وعربتين للدولة الإسلامية.

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

أوباما يحافظ على نظام الأسد

حسين عبدالحسين

"لماذا يصل السلاح الى ايدي المقاتلين الكرد في كوباني في ساعات فيما يتطلب تسليح الجيش السوري الحر موافقة الكونغرس وسنوات من التحري حول هوية الثوار وتدريبهم والاجراءات الادارية؟" يتساءل احد المعلقين الاميركيين، في وقت يكاد المعنيون في العاصمة الاميركية يصلون الى اجماع مفاده ان خطة الرئيس باراك أوباما لمواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" هي خطة لن يكتب لها النجاح.

وتحت عنوان "قتال السيد أوباما ضد الدولة الاسلامية هو نصف قتال"، انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها الرئيس الاميركي، وقالت ان اجماعاً يسود الاطراف الاميركية من الاتجاهات السياسية والحزبية المختلفة مفاده ان استراتيجية "اضعاف، وتالياً القضاء على الكيان الارهابي لا يمكن ان تعمل". وشككت "البوست" في مقولة بعض اركان الادارة من ان المطلوب هو المزيد من الوقت، معتبرة ان "الوسائل العسكرية التي اعطى الرئيس تخويلا باستخدامها لا يمكنها ان تحقق الغايات التي أعلن هو عنها".

وساقت الصحيفة أسباباً متعددة خلف الفشل الاميركي، تتصدره الوتيرة البطيئة للضربات الجوية، وغياب المستشارين الاميركيين عن ارض المعركة، و"موقف أوباما الحيادي تجاه نظام بشار الاسد السوري، وهو موقف سمح للنظام بشن هجمات ضد القوات الثورية نفسها التي تعتمد الولايات المتحدة عليها لقتال الدولة الاسلامية؟".

من ناحيتها، تحدثت صحيفة "وال ستريت جورنال" عن خسارات الثوار واضطرارهم لمواجهة عدوين في الوقت نفسه: الأسد وداعش. وقالت الصحيفة ان جيش النظام نجح في كسر حصار على قاعدتين عسكريتين في ريف حماه، واستعاد عدرا القريبة من دمشق، ويكاد يطبق حصاره على حلب بعد تقدمه في قرى جبيلة وحندرات والمسلمية. وخلصت الصحيفة الى ان تراجع الثوار يعني ان الولايات المتحدة لن تجد الحلفاء الذين تبحث عنهم لاستعادة المساحات التي يسيطر عليها داعش.

وفي عطلة نهاية الاسبوع، أطل رئيس لجنة الشؤون الاستخباراتية في الكونغرس، مايك روجرز، في مقابلة تلفزيونية ليقول ان نجاح واشنطن في القضاء على داعش يرتبط بارسال قوات اميركية برية لتحقيق مكاسب اولية تعمد على اثرها الى تسليم الاراضي التي تستعيدها الى مقاتلين حلفاء. وتصريح روجرز لافت للانتباه لانه يأتي قبل اسبوع من انتخابات الكونغرس المقررة الثلاثاء المقبل، ما يعني ان السياسيين الاميركيين لم يعودوا في موقف يخشون من ناخبيهم بسبب اثارتهم موضوع استخدام قوات اميركية برية في العراق أو سوريا، وما يعني ان الرأي العام الاميركي يقترب أكثر فأكثر من الموافقة على استخدام القوات البرية.

لكن على الرغم من كل الافتتاحيات والتصريحات والمزاج الشعبي الذي صار يسبق أوباما في موقفه العسكري المحافظ والخجول في الحرب ضد داعش، مازال الرئيس الاميركي متمسكاً بخطته، على الرغم من مطالبة حتى قادته العسكريين بزيادة عدد الطلعات الجوية، المحصورة بسبع طلعات يومياً، والسماح بإرسال مستشارين اميركيين الى الخطوط الامامية بدلاً من بقائهم في مراكز قيادية متأخرة.

لم تغير انتصارات داعش من رؤية الرئيس الاميركي، الذي يبقى متمسكا بالتوصل الى اتفاق مع ايران كحل جذري للعراق وسوريا، بما في ذلك القضاء على داعش. انتصارات داعش دفعت أوباما الى القيام بخطوات على سبيل وقف زحف داعش او ابطائه، وهو ما يشي به استخدام أوباما لكلمة "اضعاف". والاضعاف الذي يتطلب مدة طويلة هي مدة سنتين كفيلة بخروج أوباما من الحكم والقاء المشكلة على خلفه حتى لا يلوث رئاسته بحرب بعدما بناها على انهاء الحروب.

اما تفكير أوباما فيصبح اكثر وضوحاً في الابحاث الصادرة عن مراكز وخبراء مقربين من ادارته، مثل البحث الاخير الصادر عن مارك لينش، الذي كتب توصية للادارة على الشكل التالي: "استخدموا ازمة داعش لخلق اتفاق اقليمي اكثر ثباتاً". واضاف لينش ان على واشنطن ان تشترط تزويدها الثوار السوريين بالسلاح باجبارهم بالتراجع عن هدفهم القاضي باسقاط الأسد، والعمل على توسيع اتفاقيات الهدنة المحلية، والدفع باتجاه حل سياسي، وحصر المجهود العسكري للثوار ضد داعش.

طبعا لم يذهب لينش بعيداً ولم يطلب اعادة الانفتاح على الأسد، ولكنه يدرك ان بقاء الأسد وتغير الحكومة الاميركية مع خروج أوباما من الحكم بعد سنتين، لا يلزم اي ادارة مقبلة التمسك بمبدأ التخلص من الأسد، الذي قد يتطلب اي اتفاق مع ايران ابقائه.

لينش هو التفكير الحقيقي لأوباما وفريقه. ربما يجد أوباما نفسه محرجاً في قول ذلك علناً، ولكن حجبه السلاح عن الثوار لثنيهم عن مواجهة الأسد، وارسال رسائل بالواسطة للأسد لتفادي تدمير دفاعاته الجوية، ومنع القيادة العسكرية الاميركية من القضاء على داعش تماماً، كل ذلك يشي بأن أوباما لا يرغب في القضاء لا على داعش ولا على الأسد، بل يفضل ادارة الازمة بأقل تكلفة مطلوبة. اما في المدى البعيد الذي يتحدث عنه أوباما ومسؤولوه، فقد لا يبقى غير الأسد -أو على الاقل نظامه من دونه حسب اعتقاد واشنطن غير المبرر- سبيلاً للقضاء على داعش، وتصبح خيارات واشنطن هي بين السيء والأسوأ، وهو السيناريو الذي قدمه الأسد منذ آذار ٢٠١١، والذي يبدو أن أوباما يساهم في تحقيقه.

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

اقتصاد الصين يتعثر وإنعاشه يتطلب إجراءات صعبة

حسين عبدالحسين - واشنطن

أشعل تسجيل الصين في الربع الثالث من السنة أدنى نسبة نمو منذ خمس سنوات عند 7.3 في المئة، نقاشاً حول مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وجاء إعلان بكين بعد يوم من إصدار مركز بحوث «كونفرنس بورد»، الذي يتخذ من نيويورك مقراً، دراسة رسمت صورة قاتمة للنمو الصيني المتوقع خلال العقد المقبل.

وتوقعت الدراسة تراجع نسبة النمو في الصين إلى 3.9 في المئة مع نهاية العقد الجاري، واستمرارها عند هذه النسبة للسنوات الخمس المقبلة، وهي نسبة وإن كانت مرتفعة بقياسات الدول الغربية، إلا أنها تُعتبر ضعيفة مقارنة بمعدل نمو 10.2 في المئة حققته الصين بين عامي 1981 و2011.

وعزت أسباب التباطؤ إلى أن «الجزء الأكبر من النمو الذي حققته الصين خلال السنوات الخمس الماضية استند إلى الاستدانة، فارتفع إجمالي الديون الصينية، العامة والخاصة، إلى 250 في المئة من الناتج المحلي». وينقسم الخبراء حول احتمال أن يؤدي الدَين الصيني إلى فقاعة على غرار ما يحصل في اقتصادات الدول المتطورة، إذ استبعد بعضهم ذلك معتبرين أن سيطرة الحكومة على مصادر التمويل تمنع هذا النوع من الانهيار.

وعادت بكين أخيراً إلى إنقاذ بعض المؤسسات الكبرى التي عانت نقصاً في السيولة، في خطوة يعتقد خبراء أميركيون أنها تمنع انتقال الصين من اقتصاد رأسمالية الدولة إلى اقتصاد رأسمالي حر. وتؤدي سيطرة بكين على مصادر التمويل إلى تقليص فاعلية السوق، وتسمح بالفساد، وتكبح الأفكار الخلاقة، وهي العائق الأبرز أمام انتقال الصين من مرحلة النمو الحالية إلى مرحلة تالية، وفق خبراء أميركيين.

ويبدو أن نموذج النمو الصيني الحالي، الذي أدى إلى «المعجزة الصينية»، استنفد قدراته، فالصين اكتفت من مشاريع تطوير البنية التحتية وزيادة عدد الوحدات السكنية، فتضاعف عدد الوحدات الشاغرة على رغم إيعاز بكين للبنوك بتسهيل قروض السكن. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، دأب اقتصاديون في العالم وفي الصين، على القول إن أمل الصينيين يكمن في تحويل اقتصادهم من الاعتماد على الاستثمارات الخارجية وتطوير البنية التحتية والتصدير، إلى الاعتماد على الاستهلاك وقطاع الخدمات.

ولا يكفي الصين أن تكون «مصنع العالم» في المدى المنظور، فبسبب سياسة الولد الواحد، بدأ الشيب يدب في المجتمع الصيني، وبدأت القوة العاملة تتقلص منذ سنوات، ما يعني أن استمرار الصين في الصناعة والتصدير يشترط تطوير صناعاتها لتشمل كمية أكبر من البراءات الفكرية والاختراعات التكنولوجية. ولطالما حاولت بكين زيادة موازنتها «للبحوث والتطوير» للحاق بالغرب، إلا أن عوائق بنيوية تمنعها من إدراك هدفها.

وعلى سبيل المثال، يشير باحثون أميركيون إلى أن ترقية أساتذة الجامعات الصينية يشترط موافقة ممثل الحزب الشيوعي في الجامعة بدلاً من تزكية الأساتذة الآخرين ممن يعملون في الحقل ذاته، ما يربط الترقيات الأكاديمية بالوساطات بدلاً من ارتباطها بالبراعة ومستوى الإنتاج الأكاديمي. أما في القطاعات الصينية الأخرى، فالتخصيص مطلوب، ولكن ذلك قد يؤثر سلباً في قاعدة مؤيدي الحزب الشيوعي والدوائر الريعية المرتبطة بهم، ما يدفع الحكومة إلى تأخير هذا النوع من الإصلاحات، والاستمرار بنموذج النمو الحالي الذي استنفد إمكاناته.

وكتب الخبير مايكل شومان في مجلة «تايم: «هناك مخاوف من أن الصين تسير على خطى اليابان عندما بدأ اقتصاد الأخيرة يتعثر مطلع التسعينات، والحل لهذه المشاكل على المدى الطويل يتطلب إعادة ترتيب طريقة عمل الاقتصاد في الصين». وأضاف: «قادة الصين أدركوا ذلك، ووعدوا باتخاذ الإجراءات التي تعطي القطاع الخاص باعاً أطول في الاقتصاد». ولفت إلى أن «السياسات وحدها قد لا تكفي، إذ أن السوق الحرة التي أطلقت في شانغهاي قبل سنة وسمح فيها بانتقال رأس المال من الصين وإليها بحرية، على سبيل التجربة، أثبتت أنها تجربة متعثرة». ويعزز تقرير «كونفرنس بورد» الاعتقاد بأن قادة الصين لن ينفذوا الإصلاحات المطلوبة، أو سينفذون إصلاحات لن تكون كافية. ولكن ماذا لو كانت الصين بلغت ذروتها، وبالنظر إلى تركيبتها السياسة والاجتماعية، لا يمكن لها القيام بالإصلاحات الجذرية والبنيوية المطلوبة؟

وطالما أن معظم الخبراء يشير إلى اليابان مثالاً، لا بد من التذكير بأن على رغم أدراك اليابان مكامن الخلل في اقتصادها، وعلى رغم المحاولات المتكررة للإصلاح والتي كان آخرها تلك التي يقوم بها رئيس حكومتها الحالي شينزو آبي، لا يمكن أحياناً تجاوز الواقع الاجتماعي الذي يمنع الحكومة من الاستناد إلى قوى السوق وحده، أو الواقع السياسي الذي يفرض على هذه الحكومات خيارات تمنع تطبيق الإصلاحات التي يتفق الجميع على ضرورتها.

وقد يجمع الخبراء وقادة الصين على الخطوات المطلوبة، ولكن تطبيقها قد يكون متعذراً لأسباب عدة، ما يعني أن الصين بلغت ذروتها في النمو الاقتصادي، وأفضل ما يمكنها القيام به منع الانهيار التام ومحاولة الإبقاء على نسبة النمو عند أعلى مستوى ممكن، ما يبدو أن الحكومة الصينية دأبت على القيام به خلال الأشهر الماضية. وختم شومان: «رحبوا بالواقع الجديد للصين واقتصادها».

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

واشنطن: يمكن المقايضة مع طهران في ملف مقابل المرونة في ملف آخر

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية وندي شيرمان عن مفاوضات الولايات المتحدة النووية مع إيران ان « إدارة (الرئيس باراك) أوباما تدرك انه في الديبلوماسية، قد تكون أحيانا فكرة جيدة توسيع الاجندة في شكل يسمح موازنة المقايضة في موضوع بمرونة في موضوع آخر».

وقالت المسؤولة الثالثة تراتبيا في الخارجية، والتي تسعى للفوز بترقية لتحوز على المنصب الثاني بدلا من بيل بيرنز الذي يحال الى التقاعد بموعد مؤجل هو 24 نوفمبر، انه «بالنظر للاضطراب في الشرق الأوسط اليوم، يصبح الاغراء لربط السؤال النووي بمواضيع أخرى مفهوما». وتابعت شيرمان، في خطاب ألقته في «مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية» أول من أمس، انه على الرغم من ان «كل الأطراف المشاركة في المفاوضات النووية اتفقت على ان هذه المفاوضات هي ذات مسار واحد، المشاركون فيها محددون، ومنطقها مستقل، وهدفها واضح، وهو تأكيد ان إيران لن تحوز سلاحا نوويا»، الا انه عليّ ان «أدلي بملاحظة: في اجتماعات منفصلة على هامش كل (جولة من) محادثاتنا، انا وأعضاء فريقي نبدي قلقنا حول وضع المواطنين الاميركيين المفقودين او المعتقلين في ايران». وأضافت شيرمان انه «مع او من دون اتفاقية نووية، ستستمر الولايات المتحدة في التعبير عن مخاوفها القديمة حول سياسات إيران التي تزعزع استقرار المنطقة او التي لا تتوافق مع المعايير والقيم العالمية».

وعن مجرى المحادثات بين مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران، قالت شيرمان: «ماذا سيحدث؟ لا أعرف، (لكني) أستطيع ان أقول لكم ان عناصر خطة مقبولة للطرفين صارت على الطاولة، بعد ان حققنا تقدما مثيرا للإعجاب حول قضايا بدت أول الأمر غير قابلة للتسوية، ولقد سوينا سوء التفاهم وعقدنا نقاشات مضنية حول كل كلمة لنص (اتفاقية) محتمل».

ودعت شيرمان الى عدم التركيز على عنصر من عناصر البرنامج النووي الإيراني من دون آخر، «فكل جزء من (البرنامج) شديد الأهمية، ان كان على صعيد البنية التحتية، او مخزون (اليورانيوم المخصب)، او الأبحاث، او نوعية المعدات، او الأسئلة حول التوقيت والترتيب».

واعتبرت المسؤولة الأميركية ان موضوعا واحدا يستحوذ على اهتمام الغالبية، على الارجح بسبب تصريحات إيران العلنية، يختص بحجم ومدى مقدرة إيران على التخصيب، أي عدد الطرود المركزية العاملة.

وتقول شيرمان: «يأمل زعماء إيران ان يتوصل العالم الى استنتاج مفاده ان الامر الواقع، على الأقل في هذا الموضوع المحوري (عدد الطرود وامكاناتها) يجب ان يكون مقبولا».وتضيف: «لكن من الواضح ان (الامر الواقع) ليس مقبولا، ولو كان كذلك، لما كان بحاجة الى هذه المفاوضات المضنية».

ورأت انه سينظر على نطاق واسع الى ايران على انها المسؤولة اذا لم يتم التوصل الى اتفاق شامل للحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وتسعى بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة للتوصل الى اتفاق مع ايران بحلول 24 نوفمبر.

وقالت شيرمان ان أفضل فرصة لايران لتجنب عقوبات اقتصادية هي ابرام اتفاق قبل ذلك الموعد.

و»اذا لم يحدث ذلك فان الجميع سيرى ان المسؤولية تقع على عاتق ايران».

وكان السفير الفرنسي في واشنطن جيرار آرو استبعد، في تصريحات سبقت خطاب شيرمان، توصل المجموعة الدولية التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي مع حلول موعد 24 نوفمبر، والذي تنتهي فيه صلاحية الاتفاقية الموقتة التي تم توقيعها العام الماضي وسمحت بتجميد جزء من البرنامج النووي مقابل رفع بعض العقوبات الدولية عن الجمهورية الاسلامية.

وقال آرو في حوار نظمته «شبكة بلومبرغ الإعلامية» في العاصمة الأميركية ان «الإيرانيين يفاوضون فعلا»، ولكن المشكلة تكمن في «ان كانوا مستعدين لتسديد الثمن المطلوب للتوصل لاتفاقية، وفي الوقت الحالي، ليسوا مستعدين».

ومثل شيرمان، قال آرو ان إيران تسعى للإبقاء على عدد طرودها المركزية الحالية لتخصيب اليورانيوم والبالغ عددها 19 الفا، نصفها يعمل حاليا، «مع حق إضافة المزيد مستقبلا للتوصل الى انتاج يورانيوم على المستوى الصناعي»، وهو مطلب، حسب آرو وشيرمان، غير مقبول لدى المجموعة الدولية.

كذلك كشف السفير الفرنسي ان إيران تريد ان تفرض الاتفاقية رفعا فوريا للعقوبات الدولية المفروضة عليها، فيما المجموعة الدولية ترغب في «رفع تدريجي وقابل للعكس».

«من الصعب»، في ظل هذه التباينات، «ان أرى كيف يمكن التوصل لاتفاق في 24 نوفمبر»، يقول آرو، لتستنتج شيرمان انه إذا فشلت المفاوضات، «فيصبح التصعيد من جميع الجهات عنوان اللعبة، وهذا ليس امرا جيدا».

واشنطن تؤكد خبر «الراي»: الحرب الإعلامية ضد «داعش» تنطلق من الكويت الأسبوع المقبل

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في تأكيد للخبر الذي انفردت به «الراي» في عددها، أمس، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الكويت ستستضيف الأسبوع المقبل مؤتمراً يبحث سبل الحد من الحملات الهادفة إلى تجنيد الجهاديين في العراق وسورية وخصوصاً عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

الناطقة باسم الخارجية جنيفر بساكي قالت إن «هذا المؤتمر سيكون فرصة لتبادل الأفكار في شكل معمق بهدف تعزيز التعاون بين الشركاء في التحالف» الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.

وسيجمع المؤتمر مندوبين من البحرين وبريطانيا ومصر وفرنسا والعراق والأردن ولبنان وعمان وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة. وسيمثل الولايات المتحدة مساعد وزير الخارجية للشؤون العامة ريك ستنغل ومنسق التحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون آلن.

وأضافت بساكي ان «جميع الدول التي ستحضر ستطالب بتحرك اكبر. البعض سبق ان اتخذ تدابير. والعديد من هذه الدول تحدث وهناك حكومات تحركت».

ومن المتوقع أن يصل كل من الجنرال آلن وستنغل إلى الكويت غداً حيث يعقد مجموعة من اللقاءات مع كبار المسؤولين ويلقي كلمة الافتتاح في المؤتمر الذي تنظمه وزارة إلاعلام من أجل وضع خطة دولية لمواجهة «داعش» في وسائل الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي.

وسيترأس ستنغل الوفد الأميركي المشارك في المؤتمر.

في السياق، علمت «الراي» ان المسؤولين في واشنطن لم يحسموا قرارهم حول امكانية اقامة مقر عسكري للتحالف ضد «داعش» في الكويت. وقال مسؤولون اميركيون، على شرط عدم ذكر أسمائهم، ان الدول التي ارسلت مقاتلاتها للمشاركة في الحملة الجوية ضد «داعش»، واقامت قواعد لها في الكويت، مثل كندا، فعلت ذلك بعد توقيع «مذكرات تفاهم ثنائية» مع الحكومة الكويتية تسمح لها باستخدام الاراضي الكويتية والمجال الجوي لشن طلعاتها.

اما الدول الأخرى المشاركة مثل الولايات المتحدة وفرنسا، فهي لم تركن مقاتلاتها في الكويت حتى الآن بل تلجأ لاستخدام حاملات الطائرات المتوقفة في عرض الخليج. وفي حال شاركت بريطانيا، فهي قد تلجأ للاعتماد على قواعد لها قريبة من سورية والعراق، مثل قبرص.
ويعتقد البعض انه في حال ازداد عدد الدول المشاركة عسكريا وقامت هذه بالاتفاق مع الكويت بانشاء قواعد لها، قد يصبح امر «انشاء مقر قيادة عسكري للتحالف في الكويت امرا عمليا».

على ان المسؤولين الأميركيين شددوا على ان أي قرار لم يتم اتخاذه بعد في هذا الشأن، وان الجنرال آلن الذي يزور الكويت كجزء من جولة تشمل عواصم الدول المشاركة في التحالف، «سيثير هذا الموضوع مع الكويتيين ومع حلفائنا الآخرين، وسيرفع توصياته إلى واشنطن».ويعتقد البعض انه في حال ازداد عدد الدول المشاركة عسكريا وقامت هذه بالاتفاق مع الكويت بانشاء قواعد لها، قد يصبح امر «انشاء مقر قيادة عسكري للتحالف في الكويت امرا عمليا».

على ان المسؤولين الأميركيين شددوا على ان أي قرار لم يتم اتخاذه بعد في هذا الشأن، وان الجنرال آلن الذي يزور الكويت كجزء من جولة تشمل عواصم الدول المشاركة في التحالف، «سيثير هذا الموضوع مع الكويتيين ومع حلفائنا الآخرين، وسيرفع توصياته إلى واشنطن».

الخميس، 23 أكتوبر 2014

الأداء الضعيف لأوباما يشكل إحراجاً كبيراً للديموقراطيين

| واشنطن – من حسين عبد الحسين |

يبدو ان الأداء الضعيف للرئيس باراك أوباما وفريقه السياسي لا يزعج حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فحسب، بل يقلق كذلك حزبه الديموقراطي قبل عشرة أيام من الانتخابات النصفية المقررة في الرابع من الشهر المقبل.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول رفيع داخل الحزب الديموقراطي قوله ان «عدم كفاءة الأداء السياسي للبيت الأبيض تحولت من مصدر ازعاج الى مصدر احراج» للديموقراطيين.

وتشير أحدث إحصاءات الرأي إلى انه من أصل المقاعد التسعة المتنازع عليها في مجلس الشيوخ، سيحصل الجمهوريون على ثمانية، تضاف الى 46 مقعدا بحوزتهم الآن، فيما تتقلص الغالبية الديموقراطية الى 46 مقعدا من أصل مئة، في وقت من المؤكد ان الحزب الجمهوري سيحافظ على الغالبية التي يسيطر عليها في مجلس النواب والبالغة 242، بل تتوقع بعض الإحصاءات ان يزداد عدد مقاعد الجمهوريين بين النواب في دلالة على الوضع المأسوي الذي يجد الديموقراطيون أنفسهم فيه.

وما يثير دهشة المراقبين هو ان الاقتصاد، الذي تصنفه غالبية الاميركيين كأولويتهم الأولى التي تحدد كيفية تصويتهم، يتحسن بشكل مطرد أدى الى بلوغ نسبة البطالة 5،9 في المئة الشهر الماضي، وهي الأدنى منذ ما قبل تسلم أوباما الحكم.

كذلك تشير البيانات الاقتصادية الى ارتفاع في ثقة المستهلكين، وعودة قطاع المنازل الى سابق عهده، وتضاعف نسبة الصادرات في السنوات الخمس الأخيرة، وعودة الصناعات الأميركية من الصين ودول أخرى حول العام الى شواطئ اميركا.

ويأتي النهوض الاقتصادي الاميركي في وقت تعاني أوروبا شبح الركود ويصل التباطؤ في النمو الصيني الى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات. ومع ذلك، لا يربط الاميركيون تحسن اقتصادهم في أوباما او في الديموقراطيين، بل يعتبرون ان الجمهوريين يتفوقون على الديموقراطيين في سبعة من أصل تسعة أمور يعتبرها الناخبون من اولوياتهم، حسب استطلاعات الرأي، بما في ذلك الاقتصاد.

حتى أصوات الناخبين الاناث، التي تصب في مصلحة الديموقراطيين منذ العام 2006 وسمحت للحزب الديموقراطي بالحفاظ على الغالبية في مجلس الشيوخ في الدورة الاخيرة، يبدو انها صارت تميل أكثر ناحية الجمهوريين، اذ أظهر احدث استطلاع للرأي قامت به وكالة «اسوشيتد برس» ان 47 في المئة من النساء يؤيدن الحزب الجمهوري، فيما أبدى 45 في المئة منهن تأييدهن لغريمه الديموقراطي.

وبسبب تدهور شعبية الرئيس الأميركي التي بالكاد تبلغ الأربعين في المئة، عمد المرشحون الديموقراطيون الى النأي بأنفسهم عنه، فغاب أوباما عن الحملات الانتخابية في كل الدوائر التي تشتد فيها المنافسة بين الحزبين، واقتصر حضوره على المشاركة في فعاليات بين الديموقراطيين أنفسهم تهدف الى جمع التبرعات للجنة الانتخابية في الحزب.

ومن المشاركات القليلة في الحملات الانتخابية كان ظهور أوباما هذا الأسبوع على المسرح مع المرشح لمركز محافظ ولاية ميريلاند انتوني براون في مدرج غص بالأميركيين من أصل افريقي، وهي المجموعة الوحيدة التي مازالت تؤيد الرئيس الأميركي بغالبية ساحقة، فهللوا له.

لكن قبل الانتهاء من خطابه، راح الحاضرون يخرجون من القاعة خوفا من الاختناق المروري الذي ينتظرهم في حال حضروا الحفل حتى نهايته. ولم يفوت اعلام الجمهوريين هذا المشهد عن الرجل الذي كان الاميركيون قبيل سنوات يتدافعون ويقفون في العراء ساعات لرؤيته او للاستماع اليه.

وبالرغم من تدهور شعبيته، لم يتوان أوباما عن الأنظار في هذه الفترة للسماح لمرشحي حزبه بالتقاط انفاسهم، بل أطل عبر مقابلة على الراديو ليقول انه «من غير الصحيح ان الديموقراطيين يبتعدون عنه، وان كل الديموقراطيين في الكونغرس ما زالوا يصوتون معه ويؤيدون قراراته».وليزيد في الطين بلة، أطل الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست ليقول ان «أوباما طلب من ماكينته الانتخابية التي عملت الى جانبه في العام 2012 مساعدة المرشحين الديموقراطيين هذا العام»، وأن الرئيس الأميركي «فعل ذلك وراء الكواليس».لكن ديموقراطيين في الكونغرس تساءلوا في مجالس خاصة: «كيف تكون مساندة أوباما لنا وراء الكواليس في وقت يقف الناطق باسمه امام كاميرات العالم بأسره ويعلن عنها؟».عشرة أيام تفصل الاميركيين عن انتخابات يبدو انها ستنقل مجلس الشيوخ من عهدة الديموقراطيين الى ايدي معارضيهم الجمهوريين، ما سيسمح للحزب الجمهوري بفرض المزيد من الشلل على حركة أوباما ويجبره على الاستناد الى صلاحياته في حق النقض (الفيتو) ضد القوانين التي ستصل مكتبه لتوقيعها من كل حدب وصوب. ومن نافل القول، ان الحزب الديموقراطي سيحمّل أوباما، كيفما اتفق، مسؤولية الخسارة، ما سيضاعف من مأساة الرئيس الأميركي الذي يبدو انه سينفق العامين المتبقيين من حكمه، على غرار سلفه جورج بوش، وهو يعاني من نقمة الجميع، خارج وداخل اميركا كما خارج حزبه وداخله.

نزاع بين عسكر أوباما ومدنييه حول الاستراتيجية في العراق

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يكد الجنرال المتقاعد جون آلن، المبعوث الرئاسي المكلف ادارة الحرب ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، يصل واشنطن عائدا من جولة في المنطقة جمعته مع كبار المسؤولين وزعماء محليين وشيوخ قبائل، حتى عاد في جولة اخرى بدأت حتى اول من أمس وتستمر حتى نهاية الشهر الجاري وتشمل الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الخمس الاخرى فضلا عن بريطانيا وفرنسا، يبحث خلالها الحرب على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش). كما وصل نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن الى العراق وعقد لقاءات مع المسؤولين في بغداد ودهوك واربيل،

في بادىء الامر، حاول البيت الابيض ابقاء زيارة بلينكن طي الكتمان، الا انها سرعان ما تسربت الى الاعلاميين، ما اجبر الادارة الاعلان عنها رسميا. وسبق لبلينكن ان عمل مستشارا للأمن القومي لنائب الرئيس جو بايدن، وكان المسؤول الارفع الذي كلف رسميا ادارة الملف العراقي من العام 2009، وهندسة انسحاب القوات الاميركية نهاية العام 2011. ومع اعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية وانتهاء الاهتمام الاميركي بالعراق، تحول بلينكن من مستشار بايدن الى نائب مستشارة الأمن القومي سوزان رايس.

اما الجنرال آلن، فهو من القادة العسكريين ممن أشرفوا على تطبيق «خطة زيادة القوات» بالشراكة مع مقاتلي العشائر السنية، والتي عرفت «بقوات الصحوة»، الى جانب قائد القوات في العراق الجنرال دايفيد بترايوس. واقام آلن علاقة مميزة مع العشائر. ويقول احد مساعديه السابقين مايكل برغنت في دردشة مع «الراي» ان «رجال العشائر غالبا ما يبادرون بصيحات التكبير عند رؤيتهم آلن واستقبالهم له»، وان «علاقته بهم ظلت متينة حتى بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق».

ومع ان آلن التزم العرف العسكري القاضي بعدم التعليق على الانسحاب الاميركي التام من العراق بهدف عدم التعارض مع القيادة السياسية التي كانت متمسكة بالانسحاب الكامل، الا ان من يعرفون الرجل يقولون انه كان يعتقد بضرورة ابقاء قوة اميركية صغيرة ترابط في العراق بعد الانسحاب وبالاتفاق مع الحكومة العراقية.

هكذا، زار العراق في اقل من اسبوع مسؤولان اميركيان يتبنيان رؤى مختلفة للعراق، فبلينكن هو صاحب مقولة انه لا يمكن لاي رئيس حكومة عراقي ان يحكم من دون علاقة جيدة مع ايران، فيما آلن هو من المدرسة المتمسكة بضرورة قيام قوات محلية في المناطق العراقية المختلفة تقوم بتثبيت الأمن ما يسمح للعملية السياسية بالسير بسلام.

هكذا، قالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي برناديت ميهان ان زيارة بلينكن شملت امورا عديدة بما فيها «التعاون مع حكومة وشعب العراق في القتال ضد داعش».

اما آلن، فأطل على الصحافيين عبر منبر آخر، هو وزارة الخارجية، ليقول ان زيارته تضمنت لقاءات مع مسؤولين عراقيين حكوميين وامنيين و»زعماء قبليين وشيوخ». واضاف الجنرال الاميركي ان لقاءاته في العراق تمحورت حول اعداد «القوات الامنية» و»تشكيل حرس وطني عراقي من متطوعين ومقاتلي عشائر» يرتبط بادارات الحكم المحلية.

التباين بين بلينكن وآلن واضح. الأول يعتقد ان حكومة وحدة وطنية في العراق قادرة على الحاق الهزيمة بـ «داعش»، اما آلن فيؤمن انه لا يمكن الحاق الهزيمة بداعش من دون اعادة تشكيل الصحوات. بلينكن سلم رئيس حكومة العراق السابق نوري المالكي «قوات الصحوة» وتجاهل قيام المالكي بوقف مرتبات مقاتليها وتحجيم زعمائها فيما آلن حافظ على علاقة جيدة بالقبائل على الرغم من خروجه من الحكم وقبل عودته اليه.

والخلاف بين العسكريين والمدنيين حول العراق، سابقا وحاليا، واضح للعيان. وتقول تقارير في العاصمة الاميركية ان الجيش غير راض عن تكبيل يديه في الحرب ضد «داعش» واعلان حصر العملية الاميركية بالضربات الجوية. ويقول الخبراء انه حتى لو ان وشنطن لا تنوي استخدام قوات ارضية، لا داعي لتأكيد ذلك عبر الاعلام، بل لا بأس في ابقاء عنصر المفاجأة حاضرا.

حتى في الحرب الجوية، يقول العارفون ان الجنرلات غير راضين عن قيام السلطة السياسية بتحديد الاهداف وكثافة الطلعات التي تبلغ ما معدله سبعة يوميا منذ بدأت في اغسطس الماضي. اما الجنرالات، فيعتقدون ان الحاق الضرر بداعش يحتاج الى ما معدله خمسين طلعة جويا.

وفي السياق نفسه، فيما كان الجنرال آلن يجول في العراق، حاول بلينكن الذهاب سرا بوعود وخطط لا تتطابق بالضرورة مع ما في جعبة الجنرال الاميركي.

وبعدما كرر كبار العاملين السابقين مع أوباما، من امثال وزيري الدفاع روبرت غايتس وخلفه ليون بانيتا، ان ادارة أوباما عمدت الى حصر القرار فيها بشكل مركزي، بما في ذلك القرار العسكري، وبعد الظهور الى العلن استياء ضباط مثل بترايوس بعدما رفض أوباما منحه عدد القوات التي طلبها لانقاذ الوضع في افغانستان، وبعدما تحدث غايتس في كتابه عن تعليمات رئيس الاركان مارتن ديمبسي الى جنرالاته بابقاء عضو مجلس الامن القومي اثناء حرب ليبيا والسفيرة في الامم المتحدة اليوم سامنتا باور بعيدة عن الخطط الحربية الاميركية هناك بعد ان أبدت حشريتها، صار مفهوما ان هناك تضارب واضح في الرؤى بين مدنيي أوباما وعسكرييه حول سياسة أميركا وحربها في العراق وسورية، وفي منطقة الشرق الاوسط عموما.

التضارب بين اعضاء ادارته ينفرد فيها أوباما، المتردد بطبعه في اتخاذ قراراته، بين اسلافه من الرؤساء الاميركيين بشكل يجعل من اداء ادارته متناقض، ويرسل الى بغداد وغيرها اشارات متضاربة، وكل ذلك يساهم باداء ضعيف وارتباك يعيق من سرعة قضاء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على داعش واعادة الأمن والسلم الى المنطقة المهزوزة اكثر من اي وقت مضى.

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

هل تنفتح واشنطن على حزب الله والنصرة؟

حسين عبدالحسين

شكل الحوار الذي بدأته حكومة الولايات المتحدة، عبر وسطاء، مع مجموعات تصنفها إرهابية تغييراً كبيراً في السياسة الخارجية الأميركية تحت عنوان "الواقعية"، التي يمارسها الرئيس باراك أوباما، والتي تحرك الحوار بين واشنطن وطهران والمستمر منذ أكثر من سنتين.

وتدير واشنطن قنوات متعددة بما يعرف "ديبلوماسية الخط الثاني"، والتي يشارك فيها مسؤولون وديبلوماسيون سابقون وخبراء وأكاديميون. ويتضمن هذا النوع من الديبلوماسية حوارات مع حزب الله اللبناني، وحركة حماس الفلسطينية، وحتى الأمس القريب جماعة "الاخوان المسلمون" في مصر.


ومن يراقب السياسة الأميركية في لبنان، يدرك أن تقارباً في المواقف بين واشنطن و"حزب الله" أدى حتى الآن الى إبقاء لبنان خارج التطاحن الدموي الإقليمي الدائر، فالولايات المتحدة لا تمانع ان يكون للحزب المذكور اليد العليا في الإمساك بالأمن اللبناني. كذلك، تراجعت واشنطن عن إصرارها على عدم تسليح الجيش اللبناني مخافة وقوع أسلحته في يد مقاتلي حزب الله، بل يبدو ان الجيش اللبناني تحول الى تقاطع مصالح وسياسات بين أميركا والحزب.


وفي هذا السياق، تطابقت مواقف اميركا وحزب الله حول احداث متعددة. فواشنطن مثلا اتخذت موقفا حاسماً ضد الشيخ احمد الأسير اثناء اجتياح القوات الأمنية لجامعه وسكنه في صيدا، منتصف العام الماضي، على الرغم من أن لا الأسير ولا المجموعة الصغيرة التي أحاطت به كانت مصنفة إرهابية. وبوقوفها ضد رجل دين بتهمة انشائه تنظيماً مسلحاً، وتغاضيها عن التنظيمات المسلحة الأخرى في لبنان، وجدت واشنطن نفسها في موقف متطابق مع "حزب الله"، وهو ما عزز من الداعين داخل واشنطن الى انفتاح أميركي على الحزب، وتوسيع الحوار معه ليشمل أكثر من الحوار عبر البريطانيين، الذين يتمتعون بدورهم باتصال مباشر مع ما يسمونه الجناح السياسي للحزب، وليشمل الحوار الأميركي مع حزب الله كذلك أكثر من الخبراء والمسؤولين السابقين الاميركيين.


لكن الحوار شيء، وتزويد السلاح لمجموعات تعتبرها واشنطن إرهابية شيء آخر، من قبيل ما حصل هذا الأسبوع بتزويد الطائرات الحربية الأميركية للمقاتلين الكرد في عين العرب – كوباني السورية بأسلحة وذخائر لمساعدتهم في حربهم الدائرة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".


وعلى الرغم من ان واشنطن وضعت "حزب العمال الكردستاني" على لائحتها للتنظيمات الإرهابية في العام 1997، وعلى الرغم من التقارير التي تشير الى ان عماد القوة المقاتلة الكردية في كوباني هو من مقاتلي هذا التنظيم، الا ان واشنطن لم تأبه لذلك، وقامت بتزويد هؤلاء بالأسلحة، وهو ما يعتبر تغييراً جذرياً في موقفها من هذه التنظيمات.


ومن المعروف ان القانون الأميركي يحظر تقديم المواطنين الاميركيين وحكومتهم اي مساعدات مادية او معنوية للتنظيمات المصنفة إرهابية.


سياسة الواقعية هذه، في التعاطي الأميركي مع المجموعات المسلحة "من غير الحكومات"، بدأت مع أواخر العام الماضي، عندما احتارت واشنطن في موقفها من قيام "الجبهة الإسلامية" في سوريا، فالولايات المتحدة كانت تسعى لرعاية مؤتمر "جنيف 2"، الذي خصص للتوصل الى حل سياسي ينهي الحرب السورية، وهي كانت تسعى الى انتزاع اعتراف أكبر عدد ممكن من الأطراف السورية اعتقاداً منها ان اعتراف هؤلاء بشرعية المؤتمر يؤدي الى قبولهم التسويات التي تصدر عنه.


هكذا، تلكأت أميركا في وضع "الجبهة الاسلامية" على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، على الرغم من ان عملية التصنيف كانت قد بدأت، وهي عملية تتضمن مجهوداً من عدد من الوزارات الأميركية، منها الخارجية والخزانة والعدل والأمن القومي. وفي وقت لاحق، صرح وزير الخارجية، جون كيري، أن الفصائل الإسلامية مدعوة الى جنيف، بعد أكثر من عامين من التهويل الأميركي من خطر الإسلاميين في سوريا. وفي نفس الفترة، عقد السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، لقاءات مع ممثلين عن هذه الفصائل.


ومنذ مطلع هذا العام، يبدو الارتباك على وزارة الخارجية الأميركية في تصنيفها المجموعات الإسلامية المقاتلة في سوريا، ربما بسبب ارتباك "تنظيم القاعدة" نفسه، الذي تعتبر واشنطن كل من على علاقة به إرهابياً.


وكانت "القاعدة" في سوريا انقسمت الى "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، ونشب صراع وتضارب حول من يبايع من. ومؤخراً، اعتبرت الخارجية الأميركية ان "الدولة الإسلامية" هي سليل "القاعدة في العراق" والذي تمت اضافته الى لائحة الإرهاب في أواخر العام 2004. اما "جبهة النصرة"، فتمت اضافتها للائحة نفسها في أيار الماضي.


وعندما شنت المقاتلات الأميركية أولى ضرباتها داخل سوريا، شملت أهدافها مواقع تعود للدولة وللجبهة ولمجموعة من "القاعدة" كانت غير معروفة حتى ذلك الوقت، وهي مجموعة "خراسان". كذلك، أظهرت الغارات الأميركية ارتباكاً في تحديد الأهداف، فشملت الضربات الأولى أهدافاً تعود "للجيش السوري الحر"، الذي يفترض أن واشنطن ستنفق مئة مليون دولار على تدريبه وتسليحه.


على أن الأصوات، وخصوصاً من المعارضة السورية، تعالت ضد استهداف أميركا لـ "الجيش السوري الحر". واعتبر بعض هؤلاء ان استهداف "النصرة" لم يكن خطوة موفقة. واستمعت واشنطن الى هذه الأصوات، ويبدو أنها أوقفت استهدافها لأهداف تعتقد انها تعود للنصرة.


في نفس الاثناء، راح بعض الخبراء في العاصمة الأميركية يحاولون اظهار تمايز بين "الدولة" و"النصرة"، فالدولة بالنسبة لهؤلاء تنظيم بربري ودموي وبغيض لا يمكن الا القضاء عليه، فيما "النصرة" مجموعة راشدة عاقلة أفرجت عن رهينة أميركي بحوزتها، وتحترم حدود الصراع السوري بتوجيهها بنادقها ضد الرئيس السوري بشار الأسد وقواته لا غير.


هل تستمر واشنطن في "واقعيتها" وتتجاهل وضعها "النصرة" على لائحة التنظيمات الإرهابية، على غرار تجاهلها وجود "حزب الله" اللبناني و"حزب العمال الكردستاني" على هذه اللائحة؟ وهل يؤدي ذلك الى تعاون، وإن "غير مقصود"، بين الطرفين للقضاء على "الدولة الإسلامية" أولاً، وربما الإطاحة بالأسد بعد ذلك؟

الخميس، 16 أكتوبر 2014

تكتم شديد تفرضه الإدارة الأميركية على سير المفاوضات النووية مع إيران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف امس، ان بلاده لا تؤيد تمديد المفاوضات النووية مع القوى الكبرى الى ما بعد 24 نوفمبر رغم تباعد المواقف بين الطرفين.

وقال ظريف على هامش المحادثات في فيينا مع مجموعة «5+1»: «ما زال هناك اربعون يوما قبل انتهاء المهلة ولا يعتقد اي من المفاوضين ان التمديد سيكون مناسبا، اننا نشاطر هذا الرأي في شأن التمديد ونعتقد ان ذلك لا يستحق حتى عناء التفكير به».واقترحت طهران وموسكو في الايام الاخيرة تمديد المهلة لايجاد اتفاق يمكن اقراره وبهدف منح الاطراف مزيدا من الوقت لتقريب مواقفها.

ولم تفض مفاوضات كيري - ظريف الى أي انفراجات، وسط تكتم شديد تفرضه الإدارة الأميركية على سير العملية التفاوضية.

الا ان متابعين في الكونغرس قالوا انه «لو كان هناك أي تغيير، لرأيناهم يتعانقون امام كاميرات الإعلاميين كما فعلوا في جنيف قبل عام».

ومازالت ايران ترفض طلبات وكالة الطاقة الذرية الدولية حول نشاطات سابقة قامت بها في مجمع «بارشين» العسكري، حيث يعتقد انها اجرت تجارب على تفجير رؤوس صواريخ غير تقليدية.

على رغم المحادثات المكثفة، مازالت الأمور العالقة، عالقة، حسب المتابعين الاميركيين، الذين يعتقدون ان إيران لا تسعى للتوصل الى اتفاق، بل إنها تستخدم العملية التفاوضية لامتصاص النقمة الدولية ضدها، فيما هي تمضي في تطوير برنامجها النووي سعيا لصناعة قنبلة، وهو ما يثير قلق الكثيرين في العاصمة الأميركية، في طليعتهم الحزب الجمهوري المعارض.

وما يزيد في القلق الجمهوري انه في الوقت نفسه الذي كان يجتمع فيه كيري وظريف في فيينا، كان مؤتمر بعنوان «ملتقى أوروبا – إيران» ينعقد في لندن بمشاركة شركات مالية واستثمارية وشركات اتصالات غربية، وبحضور عدد من رجال الاعمال الإيرانيين المقربين من النظام.

وبسبب القلق الذي يساور كثيرين في الكونغرس من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، راح ممثلان عنهما يقدمان مشاريع قوانين لتشديد العقوبات على إيران في حال فشل المفاوضات النووية معها بعد تاريخ 24 نوفمبر.

لكن البيت الأبيض مارس ضغطا على الديموقراطيين، الذين يسيطرون على الغالبية في مجلس الشيوخ، لثنيهم عن المصادقة على قوانين من هذا النوع، معتبرا ان واشنطن التزمت بموجب اتفاقية جنيف الموقتة بين مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران بعدم فرض أي عقوبات جديدة على الإيرانيين.

وينقل مقربون عن الرئيس باراك أوباما قوله انه يرفض أي نوع من العقوبات الجديدة في الكونغرس على إيران، حتى لو بمفعول متأخر يلي فشل المفاوضات.

ويكرر أوباما انه لا يريد ان توجه إيران او المجتمع الدولي أي ملامة الى الولايات المتحدة واتهامها بالتسبب في عرقلة أي اتفاق ممكن.

لكن معارضي أوباما يشيرون الى السعي الإيراني الحثيث لرفع العقوبات الدولية، حتى من دون التوصل الى اتفاق، ومن قبيل ذلك الدعوات الإيرانية المتكررة للشركات الغربية لزيارة إيران، وتنظيم مؤتمرات كمؤتمر لندن.

حتى الرئيس الإيراني حسن روحاني، وظف مجهودا سياسيا كبيرا - على هامش مشاركته في الاعمال السنوية للأمم المتحدة – للقاء مع مسؤولين دوليين واميركيين للالتفاف على العقوبات من دون اتفاق.

ودعا روحاني الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى توظيف علاقاته لإنهاء العقوبات على إيران، كما التقى الرئيس الإيراني مع مجموعة من المسؤولين الاميركيين السابقين، وزراء خارجية ومستشاري أمن قومي سابقين ممن لا يزالون يتمتعون ببعض النفوذ في واشنطن، لإقناعهم بضرورة رفع العقوبات بما فيه «مصلحة الشركات الأميركية».لماذا تسعى إيران الى رفع العقوبات الدولية عليها لو كانت تعول للتوصل الى اتفاق؟ يتساءل المشككون بجدوى المفاوضات النووية مع إيران.

ويعتقد هؤلاء ان طهران تخدع أوباما، وان الرئيس الأميركي يبدو وكأن جل اهتمامه منصب على التوصل لاتفاق مع الإيرانيين «بأي ثمن».

هكذا، يقول هؤلاء الاميركيون انهم صاروا يعولون على الوفود الأوروبية – الفرنسي خصوصا – للحصول على تفاصيل من داخل المفاوضات، وهم يعتقدون ان فرنسا وروسيا ستلعبان دورا أكبر من الدور الأميركي في الحرص على ان أي اتفاقية نهائية مع إيران تستوفي أدنى الشروط المطلوبة دوليا لضمان عدم صناعتها قنبلة نووية مقابل رفع العقوبات، هذا في حال اقتراب الطرفين او توصلهما لاتفاق

سياسة بوتين لمواجهة العقوبات تعيد روسيا إلى الاقتصاد «السوفياتي»

واشنطن - حسين عبد الحسين

قد تكون روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، نسيت الدروس الموجعة من الحقبة السوفياتية وتستعد للعودة إلى عهد الاقتصاد الموجه، أو هذا على الأقل ما يبدو من مؤشراتها الاقتصادية والسياسات التي يعلنها مسؤولوها. فبعد أن احتلت المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والصين في جذب استثمارات خارجية بـ٩٠ بليون دولار العام الماضي، تلاشت هذه الاستثمارات بسبب العقوبات الأوروبية والأميركية واليابانية، في وقت تشير التوقعات إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في روسيا هذه السنة قد لا تتجاوز ٤٠ بليون دولار، وفق توقعات «معهد الدراسات الاقتصادية العالمية» في فيينا في حزيران (يونيو) الماضي.

ولكن موسكو لا تبدو مكترثة للأثر الاقتصادي لسياساتها في أوكرانيا، بل آثرت ممارسة سياسة التحدي، على رغم تداعياتها السلبية على اقتصادها، ومن بين هذه الممارسات منع الحكومة الروسية استيراد السلع الأوروبية والأميركية رداً على فرض أوروبا والولايات المتحدة حظراً على المنتجات الروسية. وأدى المنع الروسي إلى زيادة محلية في الأسعار وارتفاع في التضخم وتراجع للروبل.

ولمزيد من التحدي، قدّم البرلمان الروسي قانوناً يجيز للحكومة، في حال إقراره، مصادرة الأموال غير المنقولة للشركات الأميركية والأوروبية، رداً على تجميد الولايات المتحدة وأوروبا أموالاً وممتلكات تعود إلى عدد من أفراد الدائرة المحيطة ببوتين. وما زال مصير الممتلكات الغربية في روسيا غامضاً، ولكن مسودة القانون تجيز للحكومة مصادرة كاملة في ما يشبه التأميم الذي قام به الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إبان تسلمها الحكم في بلدانها القرن الماضي. وسبق للحكومة الروسية أن صادرت أموال أثرياء روس وممتلكاتهم، مثل قيصر النفط السابق ميخائيل خودوركوفسكي الذي يقضي عقوبة في السجن، والمليونير فلاديمير يوفتيشنكوف، الموضوع قيد الإقامة الجبرية في منزله في موسكو.

وغالباً ما تتظاهر الحكومة الروسية بأن في إمكانها استبدال علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، أكبر شركائها العالميين، والولايات المتحدة، بعلاقات مع شركاء آسيويين، ما دفع بوتين إلى توقيع صفقة غاز مع الصين في وقت تسعى الشركات الروسية إلى توسيع أعمالها بالانفتاح على السوق النفطية الإيرانية التي تعاني عقوبات أممية. ولكن الشركات الصينية، على سبيل المثال التي أنفقت بليوني دولار هذا الأسبوع لشراء فندق «والدورف آستوريا» الشهير في نيويورك، لا تبدي حماسة للاستثمار في روسيا.

ويعي بوتين عدم الحماسة الصينية، ما دفعه إلى الاعتراف بشح الاستثمارات الغربية في بلاده التي يكاد نموها الاقتصادي يتوقف تماماً، في خطاب أدلى به الأسبوع الماضي وقال فيه إن «موسكو قوية لا تهتم للعقوبات الغربية»، كما اعترف بأن قيمة الروبل غير مستقرة، ولكنه أبدى عدم اكتراث بالاستثمارات الأجنبية. وأضاف أن حكومته مستعدة لأي طارئ من هذا النوع يتمثل بنيتها اللجوء إلى فائض العملات الأجنبية التي تخزنها، والذي يقدر بحوالى نصف تريليون دولار.

ولكن هذه الأموال معرضة للاستنزاف السريع، خصوصاً في ظل الحاجة إليها للدفاع عن الروبل واستقراره. وحتى لو لم تكن هذه الأموال معرضة للاستنزاف، فيصعب أن تقوم مقام الاستثمارات الأجنبية التي تدخل روسيا مع رأس المال البشري المطلوب لإدارتها. وفي حال حاولت موسكو توزيع رأس المال على القطاعات الروسية المتنوعة، فذلك يعني أن الدولة ستدخل مستثمراً ومالكاً هذه القطاعات، ما يعيد روسيا من اقتصاد السوق إلى اقتصاد موجه تملك الدولة وسائل إنتاجه.

وفي أحسن الأحوال، يمكن الحكومة الروسية ضخ هذه الأموال عبر المصارف على شكل قروض للشركات والأعمال، ما من شأنه دفع النمو، ولكن من دون أن يقوم مقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وقال وزير الاقتصاد الروسي ألكسي أوليوكاييف في خطاب الأسبوع الماضي: «لا توجد طريقة أفضل لدفع رؤوس الأموال الأجنبية إلى الهرب من البلاد أكثر من قانون مصادرة ممتلكات الشركات الأميركية والأوروبية». وأردف أن اقتصاد بلاده يعاني من «ستاغفلايشن»، أي ركود مصحوب بالتضخم الذي وصل إلى ثمانية في المئة فيما تبلغ نسبة النمو أقل من واحد في المئة.

وقد يكون بوتين اعتقد أن بلاده في مصاف الكبار، ويمكنها استعادة أمجادها السوفياتية حتى وسط عقوبات اقتصادية، ولكن الواقع عكس ذلك، فالعقوبات تؤذي روسيا أكثر من الغرب، وخطط بوتين البديلة أدت إلى إغلاق أسواق روسيا وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، يترافق ذلك مع ركود وهروب الشركات الأجنبية وأموالها وانخفاض سعر صرف الروبل. كل ذلك في بلد ما زال نصف اليد العاملة فيه يعمل في مؤسسات مملوكة من الدولة، ما يعني عودة روسيا في شكل شبه كامل إلى الاقتصاد الموجه والمعطل بعيداً من السوق ونمو الاقتصاد.

الخميس، 9 أكتوبر 2014

هل ردّت إيران على تفجير بارشين عبر «حزب الله» ؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أكدت مصادر ديبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى في العاصمة الاميركية ان معلومات بلغتها تشير الى ان «التفجير الكبير الذي طال موقع (بارشين) العسكري القريب من طهران، والذي راح ضحيته ايرانيان، لم يكن حادثا، بل كان هجوما مدبرا قامت به دولة اجنبية، الأمر الذي دفع طهران الى اصدار تعليماتها لحزب الله اللبناني باستهداف دورية اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا الجنوبية، ما أدى الى جرح عسكريين اسرائيليين».

وموقع «بارشين» العسكري مثير للجدل، اذ تعتقد اجهزة الاستخبارات الغربية ان ايران حاولت داخله باجراء اختبارات لتحميل صواريخها الباليستية رؤوسا نووية.

ورغم الاسئلة المتكررة لوكالة الطاقة الذرية لايران حول الاعمال في الموقع، والتي تظهر صور الاقمار الاصطناعية عمليات ردم واخفاء أدلة، مازالت طهران تمتنع عن الاجابة شفهيا او كتابيا. كذلك، على رغم مطالبات الوكالة والمجتمع الدولي لايران بالسماح لمفتشين دوليين دخول الموقع، رفضت ايران ذلك مرارا منذ العام 2005.

وكانت التقارير المتواترة من طهران اشارت الى وقوع «تفجير كبير» في ضواحي طهران، قبيل منتصف ليل الاحد، ادى الى تحطيم زجاج النوافذ على بعد 15 كيلومترا، رافقه بريق برتقالي شاهده كثير من الايرانيين. وأكدت السلطات الايرانية مقتل اثنين، رغم تكتمها على طبيعة التفجير او مكانه.

وفي وقت لاحق، عجّت مواقع المعارضة الايرانية بادعاءات تفيد ان التفجير وقع فعليا داخل او قرب موقع «بارشين» العسكري.

وتؤكد المصادر الاوروبية ان «التفجير قد يكون احبط احدث التجارب الايرانية لتسليح صواريخها برؤوس غير تقليدية». واضافت المصادر ان لا علم لديها «ان كان احد الضحايا الايرانيين هو عالم نووي حسبما تناقلت بعض وسائل الاعلام».

وفي ما يبدو رد ايران على التفحير، تتابع المصادر، «قام حزب الله بتفجير عبوة استهدفت دورية اسرائيلية في مزارع شبعا اللبنانية، وهو بمثابة تحذير للاسرائيليين بأن العودة الى العمليات السرية ضد اهداف نووية ايرانية وعلماء سيكون ثمنه حربا شاملة مع حزب الله».

ويأتي التصعيد على خلفية الملف النووي الايراني في وقت تشير التوقعات الى تعثر في المفاوضات النووية بين ايران ومجموعة دول «5 + 1» وانسداد أفق التوصل الى تسوية.

ويقول المتابعون لمجرى المفاوضات ان أكثر المتساهلين مع ايران من الوفود المفاوضة هم الاميركيون، وانه بعدما اصرت ايران على الابقاء على 19000 من الطرود المركزية التي تستخدمها لتخصيب اليورانيوم، اقترح الاميركيون ابقاء هذه الطرود في مكانها ولكن مع قطع الوصل بينها ما يمنع تشغيلها.

والموقف الاميركي المتساهل غالبا ما يتسبب بغضب اسرائيلي وتوتر في العلاقة بين البلدين الحليفين، الا انه هذه المرة، لجأ الاسرائيليون الى حلفاء آخرين، وفي صدارتها روسيا والصين وفرنسا، وتحولت هذه الدول الى رأس الحربة في معارضة استمرار النشاط النووي الايراني بوتيرته الحالية.

وكان متابعون للقاء بين الرئيس باراك أوباما ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، الاسبوع الماضي، نقلوا عن الاسرائيليين قولهم ان «لا خطة» لدى أوباما لما يحصل بعد تاريخ 24 نوفمبر، وهو الموعد النهائي للتوصل الى اتفاقية نووية بين ايران والمجتمع الدولي تؤدي الى رفع العقوبات عن الأخيرة.

وتختم المصادر القول: حتى طهران يبدو انها صارت على يقين من فشل المفاوضات، وهو ما دفع مسؤوليها الى محاولة اقناع مسؤولي العالم والامم المتحدة بضرورة رفع العقوبات عنها حتى من دون التوصل الى اتفاقية. «لكن في غياب اتفاقية، قد لا تجد الاطراف المعنية بديلا عن التصعيد».

هل توافق واشنطن على طرح أنقرة رعاية قوات برية تطيح بـ «داعش» ... والأسد؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في اطار السباق للفوز بحظوة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسورية، ابلغت الحكومة السورية المنظمة الدولية لحظر انتشار الاسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة عن وجود اربع منشآت لتصنيع المواد والاسلحة الكيماوية لم يكن نظام الرئيس بشار الأسد أعلن عنها في الماضي، ولم تدخل هذه المنشآت في الاتفاقية الاميركية - الروسية التي تم اقرارها بقرار من مجلس الأمن في سبتمبر 2013 فرض تدمير ترسانة الأسد الكيماوية والمنشآت الـ 12 التي تنتجها وتخزنها.

الا ان الأسد تباطأ في التسليم وتأخر عن المواعيد المقررة، وفي وقت لاحق اعلنت حكومته نيتها «اقفال» المنشآت الـ 12 بدلاً من تدميرها حسبما ورد في القرار، ما أثار اعتراضات اميركية واوروبية واسعة.

لكن في انقلاب مفاجئ في مواقف الأسد، أخطرت الحكومة السورية المنظمة الدولية، التي أبلغ ممثلها الى مجلس الأمن سيغريد كاغ ان دمشق اضافت اربع منشآت لم تكن اعلنت عنها قبلا، واعلنت نيتها تدمير المنشآت الـ 16 قبل نهاية نوفمبر المقبل.

وعلى الفور اعتبر مراقبون اميركيون ان خطوة الأسد جاءت ضمن السباق بين نظام الأسد وحلفائه في طهران وبيروت، وتركيا وحلفائها من الحكومات العربية والثوار السوريين للفوز بصداقة واشنطن والتأثير في سياستها، اذ نظراً للتقارير المتواترة الى العاصمة الاميركية، يبدو أن وقف زحف تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، مستبعداً بالقوة الجوية وحدها، ما قد يفرض دخول قوات ارضية كانت تركيا اقترحت ان تكون «قوات من حكومات اسلامية بمساعدة تقنية اميركية واوروبية».

ويجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه أمام خيار يقضي اما بتوسيع العملية الاميركية لتشمل قوات ارضية، وهو بمثابة انتحار سياسي له، خصوصاً قبل اقل من شهر على الانتخابات النصفية للكونغرس المقررة في 4 نوفمبر، أو الموافقة على توسيع التحالف الدولي ليشمل قوات ارضية غير اميركية، وفي الوقت نفسه توسيع مهمته لتشمل دحر «داعش» والاطاحة بالاسد.

هكذا، يعتقد المراقبون ان هناك سباقاً لاثبات حاجة واشنطن الى كل من الطرفين: تركيا تعتبر ان تدخلها لاقتلاع «داعش» ثمنه القضاء على الأسد، فيما الأسد يذكر انه أوفى بالتزاماته الكيماوية، وانه مازال قادراً على لعب دور في استعادة الاراضي من «داعش».

هذه التطورات المتسارعة اربكت أوباما، المتردد اصلا في قراراته حتى الصغيرة منها.

ويقول مقربون من الفريق الرئاسي ان أوباما عمد الى استشارة قيادته العسكرية قبل اتخاذ اي قرار، وان الاخيرة استمهلت اياما في محاولة لقلب الصورة في مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية، التي ربما تكون «نقطة الاستدارة» في الحرب ضد «داعش» بصورة اوسع.

لكن الوقت يدهم كوباني، والخبراء العسكريون يعتقدون ان رئيس الاركان الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي، واضع الخطة الحالية، يدرك صعوبة تحقيقها والحاق الهزيمة بـ «داعش» من دون الاستعانة بقوات نظامية.

وكانت المروحيات الاميركية في بغداد شاركت، للمرة الاولى منذ بدء العمليات ضد «داعش»، في مهمات قتالية هذا الاسبوع باستهدافها مواقع لـ «داعش» على مشارف بغداد، وهي بمثابة عمليات اميركية «على الارض» لا تتوافق مع وعد أوباما بعدم ارسال جنود اميركيين الى الحرب.

كذلك لم يكن اشراك مروحيات «اباتشي» ممكنا لولا وجود وحدات تدخل سريع كقوة المارينز الخاصة المتمركزة في الكويت، والتي قد تجد نفسها في وسط عمليات قتالية لانقاذ مروحيات قد تتعرض لنيران ارضية.

ولأن توسيع المهمات القتالية للجيش الاميركي بوتيرته الحالية مكلف سياسياً في الداخل الاميركي، ولأن الهدف الرئيسي هو القضاء على «داعش»، حتى لو تسبب ذلك «بعوارض جانبية» عملت واشنطن على تفاديها مثل انهيار الأسد ونظامه، يبدو مرجحا ان توافق الولايات المتحدة على الطرح التركي، وان ترعى توسيع التحالف الدولي ليشمل قوات ارضية ويطيح بـ «داعش» والأسد، وهو ما يعتقد الخبراء الاميركيون انه دفع الأسد إلى تسليم منشآت كيماوية اضافية، بل دفع ايران الى تحذير تركيا علنا وربما ارسال رسائل الى اسرائيل عبر العملية التي قام بها «حزب الله» اللبناني في مزارع شبعا وادت الى جرح جنديين اسرائيليين.

اذا، هو سباق للتأثير في خيارات أوباما وسياساته، او هكذا على الاقل يعتقد عدد كبير من المتابعين في العاصمة الاميركية.

وتقول مصادر ان أوباما من المرجح ان يحسم امره في «ايام، لا اسابيع».