واشنطن - من حسين عبدالحسين
انتشرت في الأوساط الأميركية تقارير مفادها ان مجموعة دول خمس زائد واحد قدمت للوفد الإيراني في اللقاء الأخير في فيينا عرضا يقضي بتقليص إيران طرودها المركزية من نحو 10 الاف تعمل حاليا الى أربعة الاف، شرط ان تخفض طهران في الوقت نفسه من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجات عالية ومنخفضة وتبقي هذا المخزون منخفضا وتحت مراقبة دولية.
وكانت رئيسة الوفد الأميركي وكيلة وزير الخارجية وندي شيرمان قالت في خطاب الاسبوع الماضي ان «عناصر خطة مقبولة للطرفين صارت على الطاولة»، بعد ان حقق الطرفان «تقدما مثيرا للإعجاب حول قضايا بدت أول الأمر غير قابلة للتسوية»، وانه تمت تسوية الأمور الشائكة بعد «نقاشات مضنية حول كل كلمة لنص» اتفاقية محتمل.
وتعتقد الأوساط الأميركية ان وزير الخارجية جواد ظريف حمل الاتفاق المقترح الى الرئيس الإيراني حسن روحاني ليحاولا اقناع مرشد الثورة علي خامنئي بقبولها، مع ما يعني ذلك من رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على إيران، والتي ساهمت، بالتزامن مع انخفاض حاد في أسعار النفط، في المزيد من التعثر للاقتصاد الايراني المتهالك.
عن ماهية الاتفاقية المقترحة، تقول الأوساط الأميركية ان هناك أربعة عوامل تساهم في تسريع او ابطاء انتاج اليورانيوم المخصب بدرجة أعلى من 20 في المئة على طريق صناعة قنبلة نووية، وان عدد الطرود المركزية هي واحد من العوامل فقط، وان يكن العامل «الأكثر شهرة» بسبب تصريحات المسؤولين الإيرانيين المتكررة حوله.
وكانت المفاوضات تعثرت في شهر أغسطس الماضي بعدما أصرت المجموعة الدولية السماح لإيران بتشغيل «مئات» من الطرود المركزية فقط لأغراض الأبحاث، فيما أصرت طهران على الإبقاء على العدد الحالي وربما توسيعه الى 14 ألف طرد، وهو ما رفضته الدول الكبرى بشكل حازم.
والعدد أربعة الاف يمثل «حلا وسطا» بين ما اقترحه الطرفان في المفاوضات، حسب مسؤولين اميركيين، يعتبرون ان المهم في الموضوع هو التوصل الى اتفاق يمدد الوقت المطلوب لإيران للاختراق في اتجاه صناعة قنبلة نووية بشكل يسمح للمجتمع الدولي بالتنبه لأي اختراق ويعطيه الوقت الكافي للتعامل معه ووقفه.
وتضيف الأوساط الأميركية انه في الأسابيع الثلاثة المتبقية حتى انتهاء مهلة اتفاقية جنيف المؤقتة، التي جمدت إيران بموجبها جزءا من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية عنها، لم يتبق المزيد من المفاوضات لإجرائها «بعد ان تم التطرق على مدى السنة الماضية لكل المشاكل وكل السيناريوات والحلول، وكل طرف يعرف المطلوب منه للتوصل لاتفاق دائم».
ويبدو ان الاقتراب من الاتفاق النووي الدائم هو الذي دفع شيرمان للحديث في العلن الأسبوع الماضي عن المفاوضات ومصيرها، في اطلالة نادرة ولافتة، فغمزت من قناة الإيرانيين ولمحت ضمنيا الى ان الكرة في ملعبهم بقولها انها «لا تعرف» ما الذي سيحدث بعد الآن، وان الخيارات الوحيدة المتبقية هي «التصعيد من قبل جميع الأطراف».
وطبعا تعمدت شيرمان الابتعاد عن لهجة التهديد التي تثير حفيظة الإيرانيين، بل توقعت تصعيدا من جميع الأطراف، معتبرة انه ليس في مصلحة أحد منهم.
كذلك، لوحت شيرمان – التي سبق ان قالت في جلسة استماع في مجلس الشيوخ انها تعرف ان الإيرانيين يقرأون كل كلمة تدلي بها في واشنطن – بفوائد أي اتفاقية نووية دائمة بين العالم وإيران بقولها ان «التنازل في ملف يقضي بمرونة في ملفات أخرى»، أي ان اميركا ربما تنوي تعويض الإيرانيين لتنازلهم النووي في ملفات شرق أوسطية أخرى.
ويقول أحد المقربين من إدارة الرئيس الأميركي انه إذا «نجحنا في التوصل لاتفاقية مع إيران، وتعاونا لإلحاق الهزيمة بـ (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) داعش، فلا أرى ضررا في ذلك بل نصرا مزدوجا للولايات المتحدة».