الثلاثاء، 31 مارس 2020

ثلاثة أرباع الأميركيين تحت حظر التجول

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعد 17 يوماً من إعلان عدد من الولايات إقفالاً عاماً طاول الأمكنة العامة والمدارس والجامعات وأماكن العمل غير الأساسي، أظهر ازدياد أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد أن عدداً كبيراً من الأميركيين لم يلتزموا سياسة «الابتعاد الاجتماعي»، خصوصاً مع ارتفاع في درجات الحرارة وتحسن الأحوال الجوية، وهو ما دفع بكثيرين الى قضاء أوقاتهم في الحدائق العامة وملاعب الرياضة وكأن سياسة الإقفال كانت عطلة للبعض، وهو ما حدا بعدد كبير من حكام الولايات، بما في ذلك عمدة مدينة واشنطن العاصمة، إلى تصعيد الإقفال الى أمر منع التجول.
وسجّلت الولايات المتحدة لغاية أمس، وفاة 3180 أشخاص من أصل 170 ألف شخص تأكّدت مخبرياً إصابتهم، فيما كشفت مشاهد مروّعة من مستشفيات في نيويورك، الولاية الأكثر تضرّراً بالوباء، وفي ولايات أخرى، أنّ المنظومة الصحيّة عاجزة عن التعامل مع الأزمة وتفتقر إلى إمدادات أساسية مثل الكمّامات والألبسة الواقية وكذلك أيضاً إلى معدّات منقذة للحياة مثل أجهزة التنفّس الاصطناعي.
مع نهاية يوم الإثنين، كانت العاصمة واشنطن و28 من الولايات الخمسين، التي يسكنها ثلاثة أرباع الأميركيين، خاضعة لحظر تجول بين الساعة الثامنة مساء والخامسة صباحاً، ويستثنى من يستقل السيارة لشراء حاجيات أساسية كالغذاء، أو الدواء، أو من يقود الى مؤسسة صحية للاستشفاء. 
كذلك يستثني الحظر من يقومون بتمشية كلابهم، ومن يمارسون رياضات الجري وركوب الدراجات الهوائية. وان صدف أن أوقفت القوى الأمنية مواطناً في سيارته بعيداً عن عنوان إقامته (والعناوين مطبوعة على الهويات الوطنية واجازات القيادة)، يتم تحرير ضبط بحقه بقيمة 500 دولار.
وكان محافظ ولاية ميريلاند لاري هوغان، قال في مؤتمره الصحافي إن العاصمة واشنطن وضواحيها في ولايتي ميريلاند وفرجينيا على خطى مدينة نيويورك، وأنه من دون الإجراءات الجديدة المتشددة، قد تصبح العاصمة واشنطن وضواحيها بؤرة لتفشي الفيروس في غضون عشرة أيام.
وفي البيت الأبيض، أطل الرئيس دونالد ترامب في مؤتمره الصحافي اليومي، وقدم جهازاً صنعته شركة «مختبرات آبوت»، وهو قادر على فحص مرضى «كورونا» في غضون خمس دقائق، للنتائج الإيجابية، و13 دقيقة للنتائج السلبية. وتأمل السلطات الأميركية إنتاج هذا الجهاز بكثافة حتى يصبح استخدامه متاحاً على المدى الطويل، حتى بعد رفع قيود الإقفال وحظر التجول، على الأقل حتى تاريخ التوصل إلى علاج أو لقاح للفيروس. 
وتباهى ترامب بأن الولايات المتحدة في صدارة الدول التي أجرت فحوصات «كورونا»، وأن عددها تجاوز المليون. لكن المشكلة تكمن في أن عدد الفحوصات منخفض مقارنة بعدد السكان البالغ 330 مليوناً. وتقوم حاليا المختبرات بفحص 80 الى 90 ألف أميركي كل يوم، فيما المطلوب أن تصل الى 200 ألف يومياً. 
في هذه الأثناء، أصدرت الوكالة الفيديرالية للأدوية (أف دي آي) تراخيص على وجه السرعة لاستخدام مزيج العلاج هيدروكلسي كلوروكوين وكلوروكين والمضادات الحيوية لمعالجة الحالات المستعصية لمرضى كورونا المستجد. لكن جامعة «أم آي تي» المرموقة أعلنت أنها تكون توصلت الى علاج يمكنه منع «كوفيد 19» من دخول الخلايا البشرية، وتالياً استباق إصابة الناس بالمرض. وفور الانتهاء من التجارب المختبرية والعلاجية، التي لن تتعدى الأسابيع، حسب ما نشرت صحيفة الجامعة، «سيكون ممكناً تصنيع هذا الدواء بكميات كبيرة وبسرعة». 
في سياق متصل، قالت أوساط إدارة ترامب أن عدد الدول الاوروبية التي تتصل بواشنطن طلباً للمساعدة يتزايد، خصوصاً بعد إعلان ثلاث دول، هي هولندا واسبانيا وتركيا، سحبها من الأسواق معظم المساعدات الطبية التي تسلمتها من الصين. 
وأعلن الرئيس الأميركي، الإثنين، أنّ الولايات المتّحدة سترسل إمدادات طبيّة بقيمة 100 مليون دولار إلى إيطاليا.
وكانت بكين باشرت ما أطلق عليه المراقبون تسمية «ديبلوماسية الكمامات»، تيمناً بأطنان الكمامات التي أرسلتها الى دول العالم. وراح عدد من الخبراء، ومنهم أميركيون، يشيرون الى الفرصة التي يقدمها انتشار الوباء لصعود قيادة الصين العالمية وتراجع القيادة الأميركية. لكن تبين أن الكمامات الصينية فاسدة، وأن فلاترها لا تعمل، وهو ما يعرّض أصحابها، خصوصا الطاقم الطبي، الى مخاطر الإصابة بالفيروس أثناء تقديمهم الرعاية الصحية للمصابين. 
وأشارت مصادر أميركية الى أن إسرائيل كانت إحدى ضحايا المواد الصينية الفاسدة، وأنها استوردت أكثر من 200 ألف فحص «كورونا»، ليتبين أن الفحوص كانت تعطي نتائج سلبية دائماً، حتى للذين جاءت نتائجهم المخبرية إيجابية. 
أمام فساد أطنان المواد الطبية الصينية، وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة لإنقاذ الحلفاء والأصدقاء، فأوكلت الحكومة الى الوكالة الفيديرالية لاغاثة الأزمات (فيما) مهمة تأمين المواد الصحية اللازمة لمواجهة الوباء. 
وتأمل الإدارة أن تبدأ الماكينة الصناعية بإنتاج كل أنواع المواد المطلوبة لمكافحة «كورونا»، من فحوص سريعة ومعدات وقاية للكوادر الطبية وأجهزة تنفس اصطناعي. 
وكانت مؤسسة «جنرال موتورز» (جي أم) أعلنت أنها ستبدأ في 20 أبريل تصنيع أجهزة تنفس اصطناعي، وستنتج 50 ألف جهاز في مئة يوم، ومثلها أطلق عدد من الشركات وعوداً بصناعة مئات أطنان المستلزمات الطبية لمواجهة الأزمة. 
... قد يبدو موعد 20 أبريل متأخراً، إذ يرجح الخبراء أن يصل عدد الإصابات الأميركية ذروتها مع حلول 18 أبريل. وتوقع أحد النماذج وفاة 82 ألف أميركي مع حلول أول أغسطس.

رأي ترامب بـ «التضليل» ... كل بلد يفعل ذلك!

قلّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من شأن اتهامات مفادها، بأن الصين وروسيا وإيران تنشر معلومات مضلّلة حول أصل فيروس كورونا المستجد، معتبراً أن «كل بلد يفعل ذلك».
وصرح لقناة «فوكس» الاثنين: «هم يفعلون ذلك ونحن نفعله، ونطلق عليهم أسماء مختلفة وأنت تعرف، أنني أدلي بتصريحات قوية جداً ضد الصين، بما في ذلك حول الفيروس الصيني، الذي يستمر وجوده منذ فترة طويلة».

فيروس كورونا وانهيار أميركا

حسين عبدالحسين
الحرة

يبشّر كثيرون حول العالم بحتمية انهيار الجمهورية الأميركية تحت وطأة انتشار فيروس كورونا. هي ليست المرة الأولى التي يأمل فيها هؤلاء، بل يتوقعون على وجه التأكيد، الانهيار الأميركي. إبان "الركود الكبير" الذي اندلع في الولايات المتحدة في سبتمبر 2008، بشّر معادو أميركا بانهيار مماثل، أو على الأقل أشاروا إلى انهيار الرأسمالية تحت وطأة جشعها، وسخروا من قيام الحكومة الفدرالية بشراء أسهم كبرى الشركات الأميركية، وهو ما أثبت برأيهم نجاعة الاشتراكية، وأثبت نجاح نماذج الحكم غير الأميركية حول العالم، وفي طليعتها الصين، وروسيا، وربما تركيا أو البرازيل أو حتى إيران.

في غضون أشهر، انتهى "الركود الكبير"، وأعادت الشركات الأميركية الأموال إلى الحكومة، وشهدت الولايات المتحدة أطول فترة بحبوحة اقتصادية في تاريخها امتدت على مدى عقد، وحافظت على صدارتها بين اقتصادات العالم، ولم تتحقق النبوءات القائلة بأن القرن الحالي سيكون صينيا، وسيلي القرن الماضي، الذي أسماه الرئيس السابق بيل كلينتون، في خطاب قسمه لولاية ثانية في العام 1997، "القرن الأميركي".

لم تتصرف الحكومة الأميركية بسرعة لمواجهة انتشار فيروس "كوفيد 19" المسبب لمرض "سارس كوف 2" بين سكّانها، بل تلكأت، وارتبكت، وارتكبت عددا من الأخطاء، على غرار الأخطاء التي سبقت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية في العام 2001.

بعد الهجمات تعلّمت أميركا من أخطائها، وأدخلت تعديلات على نظامها الاستخباراتي والأمني، ونجحت في حماية نفسها، وفي إلحاق هزيمة بالإرهاب، وهو عدو عنفي غير مرئي، يشبه كورونا إلى حد بعيد.

وإلى أن تستخلص الحكومة الفدرالية دروسها من كيفية مواجهة الأوبئة، يستفيد النظام الأميركي من تصميمه المبني على تعدد مراكز القرار، والصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها حكومات الولايات داخليا، التي لم تنتظر المركز، بل باشرت باتخاذ الخطوات المطلوبة في مواجهة جائحة كورونا. أما واشنطن، فراحت تركض للحاق بالأميركيين ومساندتهم، فأقرّ الكونغرس دعما ماليا للبلاد يعينها في فترة الإقفال. وبلغت المساعدة الفدرالية أكثر من ترليوني دولار، أي ما يعادل حجم اقتصادي روسيا وإيران مجتمعتين.

قد تبدو مواجهة أميركا لانتشار فيروس كورونا ضعيفة مقارنة بكيفية مكافحة الصين للفيروس. لكن الضعف الأميركي سببه الحرص على الحريات التي ينص عليها الدستور، الذي يمنع الإجراءات التي تتيح للحكومة تضييق مساحة الحرية الشخصية للمواطنين، أو التلصص عليهم، أو متابعة تحركاتهم، أو استراق السمع إلى محادثاتهم الهاتفية.

في أزمنة مواجهة الأزمات الطارئة، مثل الحروب العالمية أو انتشار وباء، تتقلص عادة مساحة الحرية الفردية، ويتضخم دور الحكومة المركزية، التي تصبح ممسكة بزمام معظم أوجه الحياة، وتجنّد معظم مواطنيها وقطاعاتها لمواجهة الأزمة المندلعة. هذه المركزية تمنح الحكومات الدكتاتورية المتسلطة، مثل في الصين أو روسيا، قدرة على مواجهة الأزمات بشكل أسرع وخسائر أقل، لكن السرعة تأتي على حساب الحريات العامة. ثم تذوي الأزمة وتحافظ الحكومات الديكتاتورية على تسلطها. أما في الدول الديمقراطية، فتنتهي الأزمة وتعود الحريات، ويعود النمو الاقتصادي، والازدهار، والأهم من ذلك كله، يستأنف المواطنون إبداعهم وإسهامهم في التطوير والتحديث.

دروس كورونا لن تقتصر على إبقاء الحكومات الديمقراطية على أهبة الاستعداد لمواجهة الأوبئة فحسب، بل أن هذه الجائحة قد تؤدي إلى تغييرات دائمة، وهي تغييرات لا تعني انهيار أميركا ولا نهاية الرأسمالية، ولا تعني انتصار الطغيان كما في الصين وروسيا وإيران وتحوله إلى نموذج حكم عام في المعمورة، بل ستكون تغييرات في أنماط الحياة، وخصوصا الاقتصاد.

ستستخلص مؤسسات كثيرة أن "العمل عن بعد"، مثلا من المنازل بالإفادة من شبكة الإنترنت وتطبيقات التواصل، هو وسيلة أكثر فعالية وأنفع للبيئة من إجبار ملايين العمّال على إضاعة ساعات يوميا على الطرقات واستهلاك الوقود والطاقة. وكانت التقارير أظهرت أن وباء كورونا أدى لانخفاض في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وستعزز سياسات الابتعاد الاجتماعي التي فرضها انتشار الوباء السوق الافتراضية الأميركية، وستؤدي إلى المزيد من الإقفال لمحلات المآكل والملابس، وسيتوسع قطاع خدمات التوصيل إلى المنازل، وكلها أنماط مستقبلية كانت ما تزال في بداياتها ولكنها ستلاقي حتما رواجا أوسع بكثير، حتى بعد زوال الفيروس وانتهاء الابتعاد الاجتماعي. وقد تسمح الأسواق الافتراضية، بالاشتراك مع تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، بتقليص هدر المواد الأولية الذي يصاحب عملية الإنتاج الكمّي.

من مكاتبهم في بكين وطهران وموسكو، تبدو أميركا بالنسبة لإعلاميي حكومات الطغيان وكأنها على شفير الانهيار بسبب عجرفتها وجشع رأسماليتها. لكن داخل منازل الأميركيين، ثقافات جديدة تولد، وأنماط اقتصادية جديدة تتطور. سيؤدي وباء كورونا إلى أمراض ودموع أميركية كثيرة، لكن من رحم الأزمة ستولد أميركا متجددة. أما دول الطغيان، فسيزداد طغيانها ومركزية حكوماتها وتكميمها للأفواه، وسيزداد التضليل والخداع.

في أميركا وغيرها يبشّر كثيرون أن أزمة كورونا ستفتح بابا لزعامة الصين العالمية، وستتراجع الزعامة الأميركية. ربما لا يقرأ هؤلاء التقارير الاقتصادية التي تظهر أن كل الأموال التي تم سحبها من أسواق المال العالمية تم استثمارها في سندات الخزينة الأميركية، التي انخفضت الفوائد عليها إلى ما دون الصفر (أي أن الدائنين يسددون لحكومة أميركا ثمن إدانتهم لها أموالهم). لماذا لم يشتر المستثمرون سندات صينية؟ الإجابة بسيطة ومفادها أنه، بعيدا عن الدعاية الصينية والروسية والإيرانية، العالم يثق بالدولة الأميركية أكثر من أي دولة في العالم، ويعرف أن الدولة الأميركية مؤسسة بغض النظر عن حكامها، فيما الدولة الصينية حاكم بغض النظر عن مؤسساته.

الاثنين، 30 مارس 2020

ترامب يوصي بتمديد الحجر حتى آخر أبريل لخفض الوفيات من 2.2 مليون إلى 200 ألف شخص

واشنطن - من حسين عبدالحسين

للمرّة الأولى منذ وصول فيروس «كوفيد - 19» المسبب لمرض «سارس كوف 2» المعروف بكورونا المستجد، مطلع مارس الجاري إلى الولايات المتحدة، أبدى الرئيس دونالد ترامب مرونة وتفهما ومسؤولية، وبدا - على غير عادته - متخلياً عن أسلوبه في النكاية السياسية، وأوصى حكومات الولايات بتمديد إجراءات إقفال الأماكن العامة والمدارس والجامعات وكل الأعمال غير الضرورية حتى تاريخ 30 أبريل المقبل. 
وفي السياق، سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، باستخدام كلوروكين وهيدروكسيكلوروكين كعلاج للفيروس، لكن في المستشفيات فقط، وهما عقاران مضادان للملاريا يعلق عليهما ترامب آمالاً كبيرة. 
وأكدت وزارة الصحة في بيان، الأحد، أن إدارة الغذاء والدواء أعطت الضوء الأخضر من أجل «أن يقوم الأطباء بتوزيع ووصف (هذه العلاجات) للمرضى المراهقين والراشدين المصابين بكوفيد - 19 والذين يعالجون في المستشفيات، بشكل مناسب، عندما تكون التجارب السريرية غير متوافرة أو ممكنة». 
وأشاد الرئيس الأميركي في 24 مارس بهذا العقار، قائلاً إن «هناك فرصة حقيقية لأن يكون له أثر هائل. سيكون بمثابة هبة من الله إذا نجح». 
وقال ترامب أول من أمس، إن التوقعات تشير إلى «أننا لو لم نقم بإجراءات الإقفال التي قمنا بها حتى الآن، كان متوقعاً أن نصل الى مليونين و200 ألف حالة وفاة، وبسبب إجراءاتنا، نأمل بتخفيض العدد الى 200 ألف، أو حتى 100 ألف».
وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي، بعدما حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، من إمكان أن يحصد الفيروس أرواح ما بين مئة ومئتي ألف شخص في الولايات المتحدة ومن احتمال إصابة الملايين.
وتضغط الإصابات الجديدة على نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، التي سجلت أكثر من 140 ألف إصابة و2489 وفاة بالفيروس، حتى يوم أمس. 
وفي تصريح غير مألوف على لسان الرئيس الأميركي، رد على سؤال حول ارتفاع أرقام شعبيته، حسب استطلاعات الرأي، بعد بدء انتشار الفيروس بين الأميركيين، وقال: «لا تهمني أرقام شعبيتي، ما يهمني هو عودة حياتنا الى ما كانت عليه. أريد أن يعود العالم كذلك، 151 دولة تعاني من الفيروس، أريدها أن تعود الى ما كانت عليه». 
وواصل ترامب رسالته التصالحية، مؤكداً أنه «حتى الإعلام أكثر حيادية، وهذا ما عليهم فعله لأن ما يسعون اليه هو رؤية هذا الفيروس ينتهي». وأضاف: «كلنا نلعب في الفريق نفسه». 
وكرر أن الحكومة قدمت تريليونين و200 مليار دولار لدعم الأميركيين. وقال: «نحن ندفع لهم رواتبهم حتى لا يذهبوا إلى أعمالهم، هذه المرة الأولى التي يحصل ذلك، لم يسبق أن تقاضى الناس رواتب لبقائهم في منازلهم». 
وشدد الرئيس الأميركي على أن إدارته لا تريد تحقيق «نتائج أولية جيدة، ثم نتراخى وننتكس بعدها». لذا، أضاف أن الحكومة الفيديرالية توصي بتمديد الإقفال الى نهاية أبريل المقبل. وتوقع أن يبلغ انتشار الفيروس بين الأميركيين ذروته منتصف أبريل، وأمل أن تبدأ الحياة في أميركا بالعودة الى طبيعتها مطلع يونيو. 
وفي شأن حول تصريح سابق له، أنه يتوقع نهاية الاقفال مع عيد الفصح في 12 ابريل، قال ترامب أنه كان يأمل أن يحصل ذلك، ولكنه لم يعلنه كتاريخ لانهاء حالة الاقفال التي تعيشها البلاد.
وأضاف: «لن يكون هناك ما هو أسوأ من إعلان النصر قبل تحقيقه».
وعن تراجع دور الولايات المتحدة، مقابل صعود الصين والمساعدات التي تقدمها الى دول العالم، أكد ترامب أن بلاده ترسل مساعدات كثيرة الى الدول، وخصوصا الأوروبية منها. وأضاف «أننا نساعد ايطاليا واسبانيا مالياً». 
وتظهر بيانات «الاحتياطي الفيديرالي» أنه قام بتقديم 206 مليارات دولار نقداً الى بنوك أجنبية لمساعداتها على تفادي نقص السيولة لديها.
ويبدو أن التغيير الجذري في موقف ترامب، نابع من تغيير في أوساط الحزب الجمهوري، الذي وجد موقفه المستخف بانتشار وباء كورونا موقفاً خاطئاً ومكلفاً سياسياً. وفي هذا السياق، صدر عن مركز أبحاث «أميركان انتربرايز» اليميني المحسوب على الجمهوريين، خريطة طريق حول كيف يمكن للولايات المتحدة التعامل مع أزمة الوباء، أعدّها مسؤولون سابقون في الوكالات الفيديرالية المعنية بشؤون الصحة، وخبراء في المركز، وأكاديميون في جامعة جونز هوبكنز المرموقة، هم سكوت غوتليب، وكايتلين ريفرز، ومارك ماكليلان، ولورن سيلفيس، وكريستال واتسون، وجاء فيها أن التصدي يكون على أربع مراحل: «في المرحلة الأولى، إبطاء الانتشار، كما يجري في البلاد حالياً». 
وجاء في الدراسة أن «الوباء آخذ في الازدياد»، وأنه «لإبطاء الانتشار، تم إغلاق كل المدارس، والطلب الى العمال القيام بعملهم من المنازل، وإغلاق مساحات التجمع العامة مثل مراكز التسوق والصالات الرياضية، والطلب الى المطاعم حصر خدماتها بخدمات التوصيل المنزلي». 
وأضافت: «المطلوب التزام الإجراءات في كل ولاية من الولايات الخمسين لابطاء انتقال العدوى، وفي الوقت نفسه تعزيز البنية التحتية الصحية لإدارة تفشي المرض ورعاية المرضى بأمان».
يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية، حسب الدراسة، «عندما تكون كل ولاية قادرة على تشخيص، ومعالجة، وعزل حالات كوفيد - 19 لكل فرد ولمن يتصل به». خلال هذه المرحلة، «يمكن إعادة فتح المدارس والشركات، ويمكن البدء باستئناف الحياة الطبيعية على مراحل، مع الحفاظ على بعض التدابير، كالتباعد الاجتماعي، لمنع انتقال العدوى من التسارع مرة أخرى». 
بالنسبة لكبار السن ممن تزيد أعمارهم على 60 عاماً وغيرهم من السكان الأكثر عرضة لخطر «كوفيد - 19»، سيكون من المهم الاستمرار في التزامهم التباعد في المرحلة الثانية.
في هذه الاثناء، تضيف الدراسة، «سيتم تحسين النظافة العامة بشكل حاد، وتصبح النظافة الفردية أكثر روتينية، وسيتم تطهير الأسطح المشتركة بشكل متكرر، وسيُطلب من الناس في البداية ارتداء أقنعة الوجه النسيجية غير الطبية أثناء وجودهم في المجتمع لتقليل خطر الانتشار بدون أعراض». 
وتتابع: «سيُطلب من المرضى البقاء في المنزل وتكرار إجراء فحوص كوفيد - 19، ويجب أن يصبح الفحص أكثر انتشارا وروتينية، ويتم في العيادات ونقاط الرعاية الصحية الأولية».
في المرحلة الثالثة، يصار العمل على تعزيز «الحماية المناعية وانهاء التباعد الاجتماعي، خصوصا ان صارت كل الاصابات تحت المراقبة، وصارت العلاجات متطورة كفاية لانقاذ المرضى، أو ان تم التوصل لإنتاج لقاح آمن وفعّال».
أما في المرحلة الرابعة والأخيرة، فيتم «إعادة بناء استعدادنا للوباء التالي، بعد نجاحنا في التغلب على كوفيد - 19». 
وختمت الدراسة: «يجب علينا التأكد من أن أميركا لن تكون غير مستعدة في المرة القادمة لمواجهة خطر جديد من الأمراض المعدية، وهو ما سيتطلب الاستثمار في مبادرات البحث والتطوير، وتوسيع البنية التحتية للصحة العامة والرعاية الصحية والقوى العاملة، وتحسين هياكل الحوكمة الواضحة لتنفيذ خطط التأهب».

الأحد، 29 مارس 2020

«ديبلوماسية الفيروس»... واشنطن ترفض تعليق العقوبات ما لم توقف طهران حروبها

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في الأيام الأولى التي تلت طلب إيران رسمياً من صندوق النقد الدولي قرضاً بقيمة خمسة مليارات دولار لمواجهة تفشي وباء «سارس كوف 2» الناجم عن فيروس «كوفيد 19»، طلبت وزارة الخارجية الأميركية من السفارة السويسرية في واشنطن، التي تمثل مصالح إيران، إيصال الرسالة التالية إلى طهران، «ان الولايات المتحدة تتفهم الوضع الإنساني للإيرانيين، وانها مستعدة للتعاون وتقديم مساعدات إنسانية مباشرة الى الجمهورية الإسلامية».
في الأيام الأولى التي تلت العرض الأميركي، تحركت في واشنطن الدوائر المحسوبة على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بمن في ذلك مسؤولون في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وأميركيون من أصل إيراني، وعملت على تعميم مبادرة أطلقت عليها تسمية «ديبلوماسية الفيروس»، وفيها أنه مقابل قيام إيران بإطلاق سجناء أميركيين لديها، تقوم الولايات المتحدة بتعليق سلسلة من العقوبات التي تؤثر سلباً على قدرة طهران على شراء الدواء والمعدات الطبية اللازمة لمكافحة انتشار الوباء. 
في واشنطن، عقد المعنيون الأميركيون لقاءات، وتوصلوا لخلاصة مفادها بأنه، على غرار عدد كبير من الدول، تعمل إيران على إخلاء سجونها لتفادي تفشي الفيروس بين السجناء، وفي هذا السياق، سيكون في مصلحة إيران إخلاء سبيل الأميركيين لديها. «لا بأس في ذلك، يخلون سبيل معتقلينا الأميركيين، ونتعاون معهم في كل ما من شأنه مساعدتهم على مواجهة انتشار وباء كورونا»، يقول مسؤول أميركي متابع لتطورات الأحداث والمفاوضات غير المباشرة. 
أشاد المقربون من ظريف في واشنطن بـ «ديبلوماسية الفيروس»، وقالوا إن من شأنها بناء الثقة بين النظام الإيراني وإدارة الرئيس دونالد ترامب، وهم بذلك كرروا ما عكف على قوله ظريف نفسه، بعد لقائه السناتور الديموقراطية وعضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ دايان فاينشتاين، في نيويورك العام الماضي، ومرة ثانية بعد لقائه السناتور الديموقراطي وعضو لجنة شؤون الشرق الأدنى المتفرعة عن لجنة الشؤون الخارجية كريس مورفي، في ميونيخ قبل أسابيع قليلة. 
في اللقاءين، كرر ظريف العرض الإيراني نفسه: أن تقوم طهران بالإفراج عن سجناء أميركيين لديها كخطوات لبناء الثقة مع ترامب. في المرات الماضية، لم توافق إدارة ترامب على عرض ظريف، لكن مع تفاقم الأزمة الناجمة عن الوباء في إيران، أبدت الإدارة الأميركية مرونة واضحة، ولم تمانع خطوات «بناء الثقة».
على أن الديبلوماسية بين واشنطن وطهران كانت تسير على ما يرام، الى أن نسفها النظام الإيراني بسلسلة أحداث، أعقبها تصريح ناري على لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي. 
في العراق، قامت الميليشيات الموالية لطهران باستهداف مواقع عسكرية ومدنية أميركية. بعدها بأيام، قام «حزب الله» اللبناني بإرسال طائرة من دون طيّار لتخترق الأجواء الإسرائيلية قبل إسقاطها. وحتى تتأكد طهران أن الرسالة الإيرانية ضد أي ديبلوماسية مع واشنطن ستكون مسموعة في الأوساط الأميركية، رفض خامنئي المساعدات الأميركية علنا، ووصفها بـ «السمّ»، وقال إن كوادر طبية أميركية، إن زارت إيران للمساعدة، فهي لن تساعد أبدا، بل الأرجح أنها ستتفرج على الإيرانيين يموتون للتأكد من أن الفيروس الذي صنعه الأميركيون يأتي مفعوله.
وصلت الرسالة الإيرانية، ولم يتأخر الرد الأميركي، بعقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالنظام الإيراني، وخصوصاً الحرس الثوري. ويقول مسؤول أميركي، شرط عدم ذكر اسمه، إن «الولايات المتحدة تعمل على إصدار دفعات جديدة من العقوبات على إيران في الأسابيع المقبلة». 
إذاً، هو تصعيد أميركي مقابل التصعيد الإيراني. وقد سألت «الراي» المسؤول الأميركي إن كان يعتقد أن «المعتدلين في إيران حاولوا فتح قنوات ديبلوماسية مع أميركا، وعندما تجاوبت واشنطن إيجاباً، قام المتشددون بنسفها عن بكرة أبيها»، فأجاب: «نحن لا يعنينا الانقسام بين المتشددين والمعتدلين، ونحن نتعامل مع الجمهورية الإسلامية كدولة مسؤولة عن تصرفاتها وأقوالها، وفي هذه الحالة، مددنا يد المساعدة، فأجابونا بصواريخ ودعاية مضللة اتهمتنا بصناعة فيروس كورونا في مختبراتنا». 
وقدم المسؤول بياناً كانت الخارجية الأميركية وزعته، على إثر تصريحات خامنئي، وعنونته «الرد على أكاذيب المسؤولين الإيرانيين حول أميركا وفيروس كورونا».
مع تراجع حظوظ الديبلوماسية، عمد بعض الدوائر الإيرانية الى الاستنجاد بحلفاء أميركيين من ذوي الثقل الأكبر في واشنطن. هكذا، أورد موقع «فورين بوليسي» ان كل من السناتورين بيرني ساندرز وكريس مورفي، فضلاً عن عضو الكونغرس الديموقراطية اليسيا كورتيز، قاموا بتوجيه رسائل الى البيت الأبيض طالبوه فيها بتعليق العقوبات على إيران لمدة تسعين يوماً للسماح لطهران بمكافحة انتشار الوباء بين سكانها.
علّق المسؤول بالقول إن أميركا «أبدت استعداداً ومرونة للتعاون مع طهران ومساعدتها على مكافحة الوباء، لكن التعاون لا يعني أننا نقدم للإيرانيين شيكاً على بياض يسمح لهم باستيراد ما يحتاجونه لمكافحة الوباء، ويستخدمون الأموال نفسها لاستيراد ما يلزمهم لتطوير برنامجهما النووي والصاروخي». 
على خلفية هذه الديبلوماسية، تدخّلت الأمم المتحدة، ولدى سماعها من واشنطن انها لن تعلّق أي عقوبات في ظل استمرار الميليشيات الموالية لإيران في منطقة الشرق الأوسط بمواصلة هجماتها ضد أهداف أميركا وحلفائها، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يوم الأربعاء، تصريحاً طلب فيه وقف كل الحروب في المعمورة، وفرض هدنة إنسانية تسمح للبشرية بالتفرغ لمواجهة الوباء الذي يعاني منه الكوكب، وقال إن «غضب الفيروس يظهر غباء الحرب». 
إيران لم تستمع لنصائح غوتيريس، ولا يبدو أن واشنطن ستتراجع ما لم تتراجع طهران.

السبت، 28 مارس 2020

الاستعدادات الأميركية لـ «عاصفة كورونا» تسابق الزمن

واشنطن - من حسين عبدالحسين

انتقلت الولايات المتحدة من رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد على أراضيها في نهاية يناير الماضي، إلى تسجيل أكثر من مئة ألف، حتى يوم أمس، لتحتل بذلك المرتبة الأولى في العالم بإصابات «كوفيد - 19». 
كما قضى أكثر من 1700 شخص، غير أن نسبة الوفيات تبقى أدنى بكثير مما هي في العديد من الدول الأوروبية. 
وتستعد ولاية نيويورك، العاصمة الاقتصادية، لعاصفة من المصابين. ويتوقع المحافظ اندرو كومو، أن يصل العدد إلى الذروة منتصف أبريل المقبل، وهو الوقت الذي تجد فيه مستشفيات الولاية نفسها غير قادرة على استيعاب أعداد المصابين.
ومع نهاية الأسبوع، تخطى عدد مصابين نيويورك وحدها، الـ45 ألفاً، بينهم نحو 500 شرطي، (وأكثر من 500 وفاة)، ما دفع حكومة الولاية، بدعم من الحكومة الفيديرالية في واشنطن، الى الانخراط في سباق مع الوقت لبناء وتجهيز مستشفيات موقتة في قاعات رياضية وقاعات مؤتمرات ومبانٍ ضخمة. 
وكان كومو طلب من المستشفيات زيادة طاقاتها الاستيعابية بواقع 50 في المئة، وبعضها قام بزيادتها مئة في المئة بإضافة أسرّة وأجهزة تنفس اصطناعي. لكن ورغم ذلك، لا تزال نيويورك وبقية الولايات، تعاني نقصاً حاداً في كل أنواع المستلزمات الطبية، بما فيها الأقنعة الوقائية للطاقم الطبي والقفازات.
وغالباً ما تتولى الحكومة الفيديرالية تزويد الولايات بما تحتاجه في حالات الطوارئ، لكن أداء إدارة الرئيس دونالد ترامب يبدو مخيباً للآمال، على الأقل، حسب تصريحات بعض المحافظين.
يضاف الى بطء واشنطن في دعم الولايات، الكيدية التي يتمسك بها الرئيس، حتى في أوقات الطوارئ والأزمات، فهو قال علناً، الجمعة، انه طلب من نائب الرئيس مايك بنس الإحجام عن الاتصال بمحافظي الولايات ممن لا يبدون ممنونية لترامب وإدارته.
وأعلن ترامب في إطلالته الصحافية، أنه أصدر مرسوماً تشريعياً، بموجب «قانون الدفاع والطوارئ» فرض فيه على شركة «جنرال موتورز»، بوقف إنتاجها على أنواعه واستبداله بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي. 
وقال إن «في المئة يوم المقبلة ستصنع الولايات المتحدة 30 ألف جهاز تنفس اصطناعي».
كما وقع ترامب، يوم الجمعة، أمراً تنفيذياً يفوض وزيري الأمن الداخلي والدفاع لاستدعاء جنود الاحتياط في الجيش وخفر السواحل للخدمة.
وبموجب القرار، تم تفويض الوزيرين بإصدار أمر استدعاء لجنود الاحتياط من الجيش والبحرية وسلاح الجو وخفر السواحل للخدمة لمدة تصل إلى سنتين «بعدد لا يتجاوز مليون فرد في الخدمة في أي وقت».
وفيما تسابق الولايات الأميركية الزمن للاستعداد لـ«عاصفة كورونا» المقبلة، انصب اهتمام عدد كبير من المراقبين الأميركيين على مجريات الأحداث في الدول التي سبقت بإجراءاتها الولايات المتحدة، مثل الصين وإيطاليا واسبانيا. وتحادث الرئيس الأميركي مع نظيره الصيني شي جينبينغ، وبث بعدها تغريدة كانت الأولى من نوعها التي لم يشر فيها الى «كوفيد 19» باسم «الفيروس الصيني»، على ما دأب على فعله منذ أسابيع. 
وكان المسؤولون الأميركيون والمراقبون استبشروا خيراً بأن عدد الإصابات في إيطاليا بلغت ذروتها، اذ أظهرت عدد الاصابات الجديدة الأسبوع الماضي تراجعاً طفيفاً، لتعاود الارتفاع مع نهاية الأسبوع. 
ويعتبر الخبراء أن الذروة تعني بدء أعداد الاصابات الجديدة بالانخفاض تدريجياً، كما يحصل في الصين وكوريا الجنوبية. على أنه حتى الصين، التي تسجّل الحالات الجديدة فيها زيادات بمعدل 50 إصابة يوميا، لا تزال في دائرة الخطر، ولا تزال غير قادرة على رفع الحظر الذي تفرضه على مساحات كبيرة من محافظاتها، إلا جزئياً. 
ومع نهاية الأسبوع أيضاً، أقرّ الكونغرس رزمة المساعدة المالية التي يقدمها الى الشعب الأميركي، والتي بلغت قيمتها تريليونين و200 مليار دولار. ووقع ترامب القانون الذي صار نافذاً، ومن المتوقع ان تقدم الحكومة الفيديرالية دعماً للشركات الكبرى والأعمال الصغرى حتى تكفل مواصلة هؤلاء تسديد رواتب موظفيهم القابعين في منازلهم بسبب الحجر المتواصل. 
كما من المتوقع ان يحصل 90 في المئة من الأميركيين على شيكات من حكومتهم بالبريد بواقع 1200 دولار لكل راشد، و500 دولار لكل أميركي تحت سن الرشد، أي تحصل العائلة المؤلفة من أربعة أشخاص على 3400 دولار. أما هدف ضخ هذه الأموال فهو مساعدة الأميركيين في الإنفاق على حاجاتهم الأساسية حتى نهاية الحظر، في وقت قال عدد من أعضاء الكونغرس ان الحكومة الفيديرالية قد تقوم بإقرار مساعدة مشابهة في غضون ثمانية أسابيع، في حال استمرار الحظر.
في هذه الأثناء، أعلن المصرف المركزي الأميركي أن كمية الأموال التي ضخّها على مدى الأسبوع الماضي تعدت نصف تريليون دولار، منها 50 ملياراً للمصارف المحلية، و206 مليارات لحكومات العالم ومصارفها. ويستعد المصرف لفتح خطوط اعتماد، للمرة الأولى في تاريخه، للشركات التجارية على مختلف أحجامها. 
وفيما تواصل حكومات الولايات الأميركية استعدادتها للعاصفة المرتقبة، وفيما يواصل الكونغرس والاحتياطي الفيديرالي ضخ الأموال لمساندة الاقتصاد في وقت يجلس الأميركيون في بيوتهم محجورين، يتوقع الخبراء أن يصل عدد المصابين بالفيروس، الذروة منتصف أبريل، ويتوقعون أن تبدأ الولايات التخفيف من الحظر جزئياً آواخر مايو، وهذا في أحسن الأحوال، وقد يتمدد الحظر حتى نهاية يونيو أو حتى نهاية يوليو. 
وكان عدد من الولايات، مثل فرجينيا، أعلنت نهاية العام الدراسي، على أن تنظر في من يتم ترفيعهم من الطلاب في الخريف مطلع العام الدراسي المقبل. ومددت ولايات أخرى، مثل ميريلاند، العطلة المدرسية والرسمية حتى 24 أبريل، مع احتمال تمديدها مجدداً مع حلول هذا التاريخ.
الولايات المتحدة، تعيش حالياً في فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة. الأرقام مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، لكن قياسا على عدد الأميركيين، البالغ أكثر من 330 مليوناً، لا يزال عدد المصابين منخفضا نسبيا. على أن العاصفة لا تزال في أولها، وهمّ الأميركيين الأول يكمن بـ«تسطيح المنحنى» حتى تتكمن المؤسسات الصحية من استيعاب أكبر عدد ممكن توالياً، وليس دفعة واحدة، في انتظار توصل العلم الى دواء أو لقاح يبدو أنهما ما زالا بعيدي المنال.

الجمعة، 27 مارس 2020

روسيا تضلّل العالم لإخفاء ضعفها

حسين عبدالحسين

توصلت وزارة الخارجية الأميركية ومراكز الأبحاث في واشنطن إلى خلاصة مفادها أن الحكومة الروسية تشن حملة معلومات مضللة حول فيروس "كوفيد 19" المسبب لمرض "سارس - كوفيد – 2". وتتضمن حملة التضليل، التي يقودها الكرملين منذ منتصف فبراير الماضي، معلومات كاذبة، منها أن حكومة الولايات المتحدة هي التي صنعت الفيروس في مختبراتها وأطلقته كحرب بيولوجية ضد دول العالم. ومن المعلومات الكاذبة أيضا تقارير خاطئة حول كيفية انتقال الفيروس بين البشر، وحول طرق العلاج.

كما استخدم نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "كوفيد 19" لبث الذعر في أوكرانيا، ولتحريض الأوكرانيين ضد رئيسهم فلوديمير زولنسكي، الذي يسعى بوتين للضغط عليه لحمله على تقديم تنازلات في مفاوضات السلام المرتقبة بين الطرفين. ولهذا الغرض، استخدمت دعاية بوتين الكاذبة خبر قيام كييف بإخلاء 50 أوكرانيا من الصين، ووضعهم في حجر صحي في أوكرانيا.


روسيا دولة نفطية هامشية، ولولا ترسانتها النووية ودعايتها، لكانت خارج سياق الشؤون الدولية

والدعاية الروسية، التي غالبا ما تتخفى تحت ستار هويات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفت خطوة الحكومة الأوكرانية على أنها تعرّض حياة كل الأوكرانيين للخطر. وأدت الدعاية الروسية إلى تظاهرات لأوكرانيين ضد حكومتهم، ولمحاولات قطع طريق الباص الذي كان يقلّ العائدين من الصين وهم في طريقهم إلى الحجر.

وأن يستغل بوتين انتشار وباء "سارس ـ كوفيد ـ 2" لتحريض الأوكرانيين ضد حكومتهم والضغط على رئيسهم قبل المفاوضات المرتقبة هو أمر قد يكون مفهوما، وهو نفس الضغط الذي حاول بوتين توليده في فرنسا بتحريض حملة اعتراضات "السترات الصفراء" ضد الحكومة الفرنسية للضغط عليها وحملها على تبني سياسات مفيدة لموسكو، مثل تأييد عملية بناء خط غاز "نوردستريم 2"، الذي من المفترض أن ينقل المزيد من الغاز الروسي للاستهلاك الأوروبي.

على أنه من غير المفهوم ما الفائدة التي يجنيها بوتين من إلصاق تهمة إنتاج فيروس "كوفيد 19" بالحكومة الأميركية. قد تكون الإجابة الأكثر رجحانا هي أن فشل روسيا بقيادة بوتين على كل الأصعدة يدفعه لمحاولة نشر الفوضى حول العالم، إعلاميا وعلى الأرض، حتى تكون كل الدول سواسية مع روسيا في الفشل.

ولطالما حاول بوتين تبرير فشله بتكراره رسالة واحدة للروس، منذ توليه الحكم قبل ثلاثين عاما، مفادها أن خيارهم هو واحد من اثنين: إما ديكتاتورية بوتين، أو الفوضى و"الربيع العربي"، وهي العبارة التي يستخدمها حاكم روسيا لتهديد مواطنيه بحروب دموية، على غرار الحرب السورية، في حال أصروا على المسيرات المطالبة بإنهاء حكمه الأبدي.

وفي الدعاية الروسية أن الديمقراطية أكذوبة، وأن الحياة الرغيدة التي يعيشها الغرب عبارة عن وهم، وأن كبار المتمولين يتحكمون بمصائر الناس ويستغلون الثروة الوطنية. لذا، وبسبب زيف الديمقراطية، يصبح الخيار الوحيد بوتين، وهو خيار لا يختلف، بل هو أفضل، حسب دعاية الكرملين، من الديمقراطية.

وفي صلب الدعاية الروسية تصوير عظمة روسيا في العالم، وهي عظمة تفرض على البشر احترام الأمة الروسية، وهي عظمة تجلت في تفوق روسيا استراتيجيا على الولايات المتحدة في سوريا. طبعا، لا تقول الدعاية الروسية إن واشنطن لا ترى أي أهمية استراتيجية لسوريا، وأن سيطرة موسكو على نظام الأسد هي عبارة عن سيطرتها على نظام مفلس يحكم بلدا من ركام.

وفي صلب الدعاية الروسية أيضا الإيحاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو في جيب بوتين، وهو ما يعني أن الدعاية الروسية تعمل أقصى ما يمكنها لتشتيت الانتباه عن العقوبات التي فرضها ترامب نفسه، في ديسمبر، على مشروع تمديد أنبوب الغاز الروسي "نوردستريم 2" من روسيا إلى أوروبا، على الرغم من اعتراض موسكو وحلفاء أميركا الأوروبيين على العقوبات. أما سبب عقوبات ترامب فهو اعتقاده أن الغاز الروسي يعطي موسكو سيطرة استراتيجية على أوروبا، وينافس مبيعات الغاز التي يمكن لأميركا وحلفائها الشرق أوسطيين تصديرها إلى الأوروبيين.


في الدعاية الروسية أن الديمقراطية أكذوبة، وأن الحياة الرغيدة التي يعيشها الغرب عبارة عن وهم

روسيا دولة نفطية هامشية، ولولا ترسانتها النووية ودعايتها، لكانت خارج سياق الشؤون الدولية برمتها، فحجم اقتصادها بالكاد يصل ترليوني دولار، وهو بحجم اقتصاد إيطاليا أو كندا. وللمقارنة، تستعد الولايات المتحدة لإنفاق ترليوني دولار لمكافحة أزمة وباء "سارس ـ كوفيد ـ 2" والمضاعفات الاقتصادية التي ستنجم عنه. أما مبيعات أسلحة روسيا، فتضمر، وتكنولوجيتها تتراجع، وما منظومة الدفاع الصاروخي "أس 400" إلا خردة يتظاهر بعض العالم وكأنه يخشاها.

روسيا هي أكبر دولة في العالم على صعيد المساحة، وفيها موارد أولية ضخمة، وبين الروس مفكرون وعظماء، لكن مشكلة روسيا، كدول كثيرة، هي فشلها في إقامة دولة ديمقراطية حديثة تسمح لها باستغلال مواردها البشرية والطبيعية بأفضل السبل الممكنة حتى تحجز لها مكانا فعليا في طليعة دول العالم، بدلا من مكانها الحالي كقوة عظمى من ورق.

قد يُقنع بوتين بعض العالم لبعض الوقت أن كل دول العالم تتخبط، وأن روسيا استعادت مجدها بقيادته، لكن حبل الكذب قصير، وتأثير بوتين في العالم لا يذهب أبعد بكثير من دعايته، التي غالبا ما يكتشف الناس زيفها، ويكتشفون معها زيف بوتين وأحلامه عن عظمته الموهومة، وعن عظمة بلاده التي تعاني من حكمه.

الولايات تشدد «العزل» وترامب يستعجل إنهاءه

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في وقت باشرت الولايات الأميركية بتشديد إجراءات العزل للتخفيف من انتشار «كوفيد 19»، كرر الرئيس دونالد ترامب، ان تعليق الاقتصاد مشكلة أكبر من الوباء نفسه، وأن الولايات المتحدة لم تقم على وقف العمل، بل على العمل، في حين أقرّ مجلس الشيوخ، ليل الأربعاء، بغالبية ساحقة خطة «تاريخية» بقيمة تريليوني دولار لدعم أكبر اقتصاد في العالم في مواجهة التداعيات الكارثية للجائحة التي حصدت حتى اليوم أرواح أكثر من ألف شخص في الولايات المتحدة.
والخطة المدعومة من ترامب، هي ثمرة مفاوضات شاقة بين مجلس الشيوخ والبيت الأبيض ولا تزال بحاجة لإقرارها في مجلس النواب، اليوم، قبل أن يحيلها الكونغرس على الرئيس لنشرها.
وفي وقت سابق، الأربعاء، أكد الرئيس الأميركي إنه سيمنح عملية العزل والإغلاق مهلة تنتهي مع عيد الفصح في 12 أبريل المقبل، وإنه سيعمل على تقييم النتائج، ويقرر في ضوئها ان كانت أميركا ستواصل سياستها الحالية، أم أنها ستوقفها وتعيد الأعمال والاقتصاد الى ما كان عليه قبل بدء انتشار الوباء.
وتتضارب سياسة الرئيس مع توقعات الخبراء، الذين يرون أن وقف انتشار الوباء يتطلب مدة زمنية تراوح بين ستة وثمانية أسابيع. أما المشكلة فتكمن في أن الولايات الخمسين لم تبدأ اجراءاتها في الوقت نفسه، اذ باشرت أوهايو وميريلاند وفرجيينا إغلاق المدارس والأعمال في 14 الجاري، وهو ما يعني أن مهلة ثمانية أسابيع تنتهي في منتصف مايو، فيما أعلنت ولايات مثل ميسوري وفلوريدا بدء الاغلاق قبل أيام فقط. 
وما لم تلتزم البلاد خطاً زمنياً موحداً، ستبقى عرضة لانتشار الفيروس في حال خففت كل الولايات من الاجراءات الصارمة في التاريخ نفسه.
ويشير الخبراء الى أنه مضى قرابة أربعة أسابيع على قيام إيطاليا بإجراءتها المشددة لوقف انتشار الوباء، وأن هذه الإجراءات لم تشِ بعد بنجاحات تذكر. على أن الخبراء توقعوا أن تبدأ أرقام الحالات الجديدة في ايطاليا بالتراجع ابتداء من منتصف أبريل.
وكان محافظ ولاية نيويورك أندرو كومو قال إن نسبة تزايد المرضى في المستشفيات كانت تتضاعف كل ثلاثة أيام، ومنذ فرض الاقفال في الولاية، صارت أرقام المرضى تتضاعف كل خمسة أيام. 
صحيح أنه ما زال مبكراً إعلان النصر أو الإشارة الى تحسن، لكن كومو اعتبر انه لا شك أن الاقفال يساهم في تأخير انتشار الحالات، ويسمح للمؤسسات الصحية بالتعامل مع المصابين على مدى فترة أطول، بدلاً من مواجهة «تسونامي» في أعداد المرضى تؤدي الى تعطيل النظام الصحي بأكمله وتمنع المؤسسات من استقبال مرضى يعانون من أي طارئ.
وقام عدد من الولايات، مثل ميريلاند وفرجينيا، بالانضمام الى نيويورك، أكثر الولايات التي تعاني من تفشي الوباء، وأعلنت إقفالاً شاملاً، باستثناء محال المواد الأساسية، مثل مخازن التموين والسوبرماركت والصيدليات. حتى هذه المحلات، صارت تمنع تجمهر الزبائن داخلها، وراحت تنشر موظفين على مداخلها يسمحون بدخول عدد قليل من المتسوقين الذين اصطفوا على الأبواب مع مراعاة مسافة مترين المطلوبة بين المنتظرين. 
على أن أمنيات ترامب بإعادة تشغيل الاقتصاد قد تكون خارج قدرته على فرضها، فالاقفال يتم بأوامر من حكومات الولايات ومحافظيها، وحتى يجبرهم الرئيس على انهاء الاقفال، يتطلب ذلك تشريعاً فيديرالياً في الكونغرس (القانون الفيديرالي يسمو على قوانين الولايات). 
لكن مع مجلس نواب تسيطر عليه غالبية من الديموقراطيين، من غير المرجح أن ينجح الرئيس في استصدار قانون يجبر الولايات على وقف الاقفال.
ويبدو أن اكثر ما يشغل ترامب في «أزمة كورونا» ليس عدد ضحايا الوباء، بل فرص فوزه بولاية ثانية، وهو ما قاله صراحة في تغريدة، اعتبر فيها أن الاعلام الأميركي يسعى، بكل ما أوتي من قوة، لتصوير أن اداءه في التعامل مع أزمة الفيروس كان أداء باهتاً، وأن الهدف، حرمانه من ولاية ثانية.
إلى ذلك، أظهرت حصيلة لجامعة جونز هوبكنز، أنّ عدد الوفيات بالفيروس بلغ أكثر من 1031 بينما تجاوز عدد الذين ثبتت مخبرياً إصابتهم الـ70 ألفاً.
وتتصدّر نيويورك قائمة الولايات الأكثر تضرّراً بالوباء، إذ سجّلت وفاة 280 شخصاً بالفيروس، حتى الآن.
ويبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 327 مليون نسمة، وقد حذّر تقرير أحيل على الكونغرس هذا الشهر من أنّ الفيروس قد يصيب في نهاية المطاف ما بين 70 إلى 150 مليوناً.

البنتاغون
عسكرياً، جمدت البنتاغون، الأربعاء، لمدة شهرين كلّ تنقلات العسكريين الأميركيين حول العالم، بما فيها عمليات إرسال الجنود إلى مناطق القتال أو إعادتهم إلى وطنهم. 
وأوضحت في بيان، أنّ قرار التجميد الذي سيسري على نحو 900 ألف عنصر «سيكون له أثر على عمليات التدريب والانتشار وإعادة الانتشار وتحركات أخرى للقوات».
ولغاية صباح الأربعاء، أحصت وزارة الدفاع 435 إصابة في صفوف موظفيها العسكريين والمدنيين وأفراد أسرهم والمتعاقدين معها. وتوفي متعاقد واحد بسبب الفيروس.
والثلاثاء، أعلنت البحرية تسجيل ثلاث إصابات بالفيروس على متن حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» التي تبحر في المحيط الهادئ، في أول عدوى تسجّل على متن سفينة حربية أميركية.

خلافات
وفي مجلس الأمن، أثار الفيروس خلافاً عميقاً بين أميركا والصين.
ونقلت شبكة «أن بي سي»، عن 4 ديبلوماسيين لم تسمهم، إصرار الولايات المتحدة، على تضمين نص قرار مجلس الأمن الذي يتم التشاور بشأنه حالياً عبارة «الأصول الصينية لفيروس كورونا».
ووفقاً للقناة، فإن الصينيين يحاولون إدراج إشارة واضحة في نص القرار تشيد بـ«جهود الصين الجبارة لاحتواء الفيروس».

أميركا تستجدي العالم: 
أعطونا «كل شيء»

ناشدت إدارة الرئيس دونالد ترامب دولاً عدة حول العالم، لمنحها أو بيعها مستلزمات طبية، مثل مطهر اليدين وأجهزة التنفس، لمكافحة الجائحة المتسارعة.
وفي قائمة حصلت عليها شبكة «سي إن إن»، حددت وزارة الخارجية 25 مستلزماً، وطلبت من الديبلوماسيين أن يطلبوا من دولهم المضيفة الحصول على هذه الإمدادات.
وذكرت الشبكة أن الولايات المتحدة طلبت من الدول التي ناشدتها «كل شيء»، بداية من المطهر اليدوي إلى أجهزة التنفس.
وتشمل القائمة مجموعة من المعدات التي تسعى المستشفيات الأميركية المثقلة بالأعباء للحصول عليها، ومنها أكياس النفايات الطبية، وأقنعة N-95، والقفازات، والأثواب الطبية، وقبعات الجراحة، وأغطية الأحذية، والحاويات، والنظارات الواقية، ومعقم اليدين، وسترات الحماية. كما تضم أجهزة الاستنشاق المخصصة لمرضى الربو، وأجهزة التنفس الصناعي.
والجمعة، قال ترامب إنه وضع قانون الإنتاج الدفاعي موضع التنفيذ.
ويمنح القانون، الذي يعود إلى الحرب الكورية في الخمسينات، الرئيس الأميركي سلطة واسعة «لتسريع وتوسيع إمدادات الموارد من القاعدة الصناعية الأميركية لدعم برامج الجيش والطاقة والفضاء والأمن الداخلي».

الثلاثاء، 24 مارس 2020

مصدر «كوفيد - 19»... حيوان بنغولين في ووهان

واشنطن - من حسين عبدالحسين

أكدت دراسة أصدرتها جامعة يونّان الصينية، يوم الأحد، أن فيروس «كوفيد - 19» المسبب لمرض «سارس كوف 2»، بدأ في مدينة ووهان الصينية وانتشر منها حول العالم. وبذلك، أطاحت الدراسة بالدعاية التي شنتها كل من الصين وروسيا وإيران واتهمت فيها الولايات المتحدة بتصنيع فيروس كورونا المستجد، ونشره في الصين وبقية العالم كجزء من حرب بيولوجية. 
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ليجيان زاهاو، اتهم، في تغريدة، الولايات المتحدة - وخصوصاً الجيش الأميركي - بتصنيع الفيروس وإطلاقه في ووهان. وعمد زاهاو الى بث تغريدات أخرى أورد فيها مقاطع فيديو من جلسة استماع في الكونغرس يتحدث فيها مسؤولون أميركيون عن إصابات بأمراض شبيهة بالانفلونزا في سبتمبر الماضي، في محاولة صينية للايحاء بأن الوباء بدأ فعلياً في أميركا، بدلاً من الرواية المتعارف عليها والتي تشير الى أن أول إصابة بالمرض بدأت في ووهان في نوفمبر 2019. 
ولأن الصين تحظر استخدام موقع «تويتر»، فقد أثارت تغريدات زاهاو الاستغراب في الأوساط الأميركية، إذ بدت حرب دعائية رسمية تشنها بكين ضد الأميركيين.
وكان الرئيس دونالد ترامب عمد إلى تسمية «كوفيد 19» بـ«الفيروس الصيني»، مراراً، وهو ما أثار بعض الأميركيين ممن اعتبروا في تسميته استفزازاً عنصرياً للصينيين. على أن حكومة بكين نفسها اقتنصت هذه الفرصة لتبرير محاولتها التملص من مسؤوليتها في ترك الوباء ينتشر منها الى العالم.
ورغم الادعاءات الصينية، كرر العلماء الأميركيون ان لكل سلاسة فيروسية «توقيع» يثبت منشأها، وأن علماء الصين، كما علماء أميركا، يعرفون أن خريطة الحمض النووي أكدت أن مصدر «كوفيد 19» ليس مختبراً، بل حيوانات تعيش في الصين دون غيرها. 
دراسة جامعة يونّان أكدت أن مصدر الفيروس، هو حيوان بنغولين الصيني، الذي ينتشر في منطقة تمتد من شمال شبه الجزيرة الهندية حتى جنوب منغوليا، وهو حيوان آكل للنمل.
ومما أوردته الدراسة: «أعدنا التحقيقات في الداتا المنشورة حول العينات المستقاة من رئة البنغولين... ووجدنا دلائل جينية وتطورية تطابق سارس كوف 2، وفي هذه الحالة اسمها بنغولين كوف، بالاستناد الى عينات من البنغولين الماليزي». 
وأضافت أن «نسبة التطابق الجيني بين الفيروس المستقى من رئة البنغولين الآسيوي وفيروس كوفيد - 19 بلغت 92 في المئة». 
وان يكون المصدر حيواناً آسيوياً لا يعيش في القارة الأميركية، يقطع الشكّ باليقين أن مصدر الوباء هو فعلياً، الصين، ويرفع المسؤولية عن الإدارة الأميركية أو الجيش، ويدحض الدعاية ونظرية المؤامرة التي تتهم الأميركيين بتصنيع الفيروس في مختبرات.
وكان المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران علي خامنئي، أعلن رفض بلاده، للمساعدات الإنسانية والطبية التي عرضتها واشنطن على طهران. وقال: «لا أعرف مدى حقيقة الاتهام (بأن مختبرات أميركا هي مصدر كوفيد - 19)، ولكن عندما يكون هكذا اتهام موجوداً، من الذي يثق بأن (الأميركيين) سيقدمون لنا الدواء، بل من المحتمل أن دواء (أميركا) هو وسيلة لنشر الفيروس أكثر (في ايران)». وأضاف خامنئي: «قد يرسل (الأميركيون) أشخاصاً كأطباء ومعالجين، ربما يريدون القدوم إلى هنا ورؤية تأثير السم الذي أنتجوه شخصياً».
ومساء الإثنين، وزّعت وزارة الخارجية الأميركية بيانين على لسان وزيرها مايك بومبيو، الأول بعنوان «أكاذيب خامنئي عن فيروس ووهان تهدد حياة الناس»، والثاني صفحة تضمنت تصريحات المسؤولين الايرانيين المضللة حول مصدر الفيروس، حسب وصف الخارجية. وأشارت الى أن واشنطن عرضت مساعدات إنسانية على طهران، مراراً وعبر قنوات متعددة كان آخرها سويسرا، التي تمثل مصالح البلدين لدى كل منهما في غياب العلاقات الديبلوماسية بين البلدين منذ العام 1980.
وسبق لمنظمة الصحة الدولية أن حذّرت من الدعاية الكاذبة ونظريات المؤامرة التي ترافق انتشار الوباء. وفي هذا السياق، قال المدير العام تيدروس أدهانوم غيبرييسوس «في منظمة الصحة الدولية، لا نكافح الفيروس فحسب، بل نواجه المتصيدين (على شبكات التواصل الاجتماعي) وأصحاب نظريات المؤامرة التي تقوض استجابتنا» لمكافحة الوباء.
وفي روسيا، اعتبر النائب اليميني المقرّب من الكرملين فلاديمير جيرينوفسكي، أن «الأميركيين يتسببون بتفشي فيروسات تاجية في الصين»، وأن «الفيروس يظهر في الصين بسبب رغبة شركات الأدوية الأميركية في الاستفادة من مبيعات منتوجاتها». 
وأضاف: «سيصبح الصيادلة الاميركيون أصحاب مليارات في عام 2020، وسينسى الجميع كل شيء بسرعة». 
وسيكون الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، حسب النائب اليميني، هو ضرب الاقتصاد الصيني وتقويض القوة الاقتصادية الثانية في العالم. 
ولم تتأخر القنوات الإعلامية التي تموّلها موسكو في بث نظريات المؤامرة التي أطلقها مسؤولون صينيون وروس، وأشار اليها مسؤولون وقنوات إعلامية إيرانية.
ولم تقتصر الدعاية المضللة على اتهام واشنطن بإنتاج الفيروس، إذ أشار مراقبون أميركيون الى حملة تزوير قام بها الاعلام الصيني لاعادة كتابة التطورات التي رافقت انتشار الوباء، من قبيل إضافة الاعلام الرسمي تصريحات الى تقارير في الأرشيف أظهرت وكأن الرئيس شي جينبينغ أصدر أوامره بإغلاق ووهان وتطبيق «التباعد الاجتماعي» وعزل المصابين. إلا أن «البصمات الالكترونية» على الانترنت أظهرت انه تمت إضافة تصريحات الرئيس الصيني بعد أسابيع على إطلاقه هذه التصريحات، وبعدما ثبت نجاعة الإجراءات الصينية.
في ظل حملات التضليل، يشكك أميركيون كثيرون بحقيقة أرقام الإصابات المتواترة من الصين. ولفت المعلّق في صحيفة «واشنطن بوست» جيريمي والاس، الى انه «على مدى السنوات الماضية، كلما اقترب موعد الترقيات في الحزب الشيوعي، نرى ارتفاعاً في ارقام النمو الاقتصادي في المحافظات الصينية، فيما كانت تقارير استخدام المواد الأولية والكهرباء والانتاج على حالها». 
وفي جنيف (رويترز)، أعلنت منظمة الصحة، إن هناك «تسارعاً كبيراً جداً» في عدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة.
وقالت الناطقة مارغريت هاريس، أمس، إن 85 في المئة من الحالات الجديدة في الساعات الـ 24 الأخيرة كانت في أوروبا وأميركا، و40 في المئة منها في الولايات المتحدة.
وعما إذا كانت أميركا ستصبح مركزاً جديداً للمرض، ردت هاريس: «نرى تسارعاً كبيراً جداً في حالات الإصابة، لذا فإن ذلك الاحتمال قائم». 
وتوفي 600 بينما أصيب 50 ألفاً بالفيروس في الولايات المتحدة، حتى أمس.

روسيا تضلّل العالم لإخفاء ضعفها

واشنطن - من حسين عبدالحسين

توصلت وزارة الخارجية الأميركية ومراكز الأبحاث في واشنطن إلى خلاصة مفادها أن الحكومة الروسية تشن حملة معلومات مضللة حول فيروس "كوفيد 19" المسبب لمرض "سارس - كوفيد – 2". وتتضمن حملة التضليل، التي يقودها الكرملين منذ منتصف فبراير الماضي، معلومات كاذبة، منها أن حكومة الولايات المتحدة هي التي صنعت الفيروس في مختبراتها وأطلقته كحرب بيولوجية ضد دول العالم. ومن المعلومات الكاذبة أيضا تقارير خاطئة حول كيفية انتقال الفيروس بين البشر، وحول طرق العلاج.

كما استخدم نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "كوفيد 19" لبث الذعر في أوكرانيا، ولتحريض الأوكرانيين ضد رئيسهم فلوديمير زولنسكي، الذي يسعى بوتين للضغط عليه لحمله على تقديم تنازلات في مفاوضات السلام المرتقبة بين الطرفين. ولهذا الغرض، استخدمت دعاية بوتين الكاذبة خبر قيام كييف بإخلاء 50 أوكرانيا من الصين، ووضعهم في حجر صحي في أوكرانيا.

والدعاية الروسية، التي غالبا ما تتخفى تحت ستار هويات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفت خطوة الحكومة الأوكرانية على أنها تعرّض حياة كل الأوكرانيين للخطر. وأدت الدعاية الروسية إلى تظاهرات لأوكرانيين ضد حكومتهم، ولمحاولات قطع طريق الباص الذي كان يقلّ العائدين من الصين وهم في طريقهم إلى الحجر.

وأن يستغل بوتين انتشار وباء "سارس ـ كوفيد ـ 2" لتحريض الأوكرانيين ضد حكومتهم والضغط على رئيسهم قبل المفاوضات المرتقبة هو أمر قد يكون مفهوما، وهو نفس الضغط الذي حاول بوتين توليده في فرنسا بتحريض حملة اعتراضات "السترات الصفراء" ضد الحكومة الفرنسية للضغط عليها وحملها على تبني سياسات مفيدة لموسكو، مثل تأييد عملية بناء خط غاز "نوردستريم 2"، الذي من المفترض أن ينقل المزيد من الغاز الروسي للاستهلاك الأوروبي.

على أنه من غير المفهوم ما الفائدة التي يجنيها بوتين من إلصاق تهمة إنتاج فيروس "كوفيد 19" بالحكومة الأميركية. قد تكون الإجابة الأكثر رجحانا هي أن فشل روسيا بقيادة بوتين على كل الأصعدة يدفعه لمحاولة نشر الفوضى حول العالم، إعلاميا وعلى الأرض، حتى تكون كل الدول سواسية مع روسيا في الفشل.

ولطالما حاول بوتين تبرير فشله بتكراره رسالة واحدة للروس، منذ توليه الحكم قبل ثلاثين عاما، مفادها أن خيارهم هو واحد من اثنين: إما ديكتاتورية بوتين، أو الفوضى و"الربيع العربي"، وهي العبارة التي يستخدمها حاكم روسيا لتهديد مواطنيه بحروب دموية، على غرار الحرب السورية، في حال أصروا على المسيرات المطالبة بإنهاء حكمه الأبدي.

وفي الدعاية الروسية أن الديمقراطية أكذوبة، وأن الحياة الرغيدة التي يعيشها الغرب عبارة عن وهم، وأن كبار المتمولين يتحكمون بمصائر الناس ويستغلون الثروة الوطنية. لذا، وبسبب زيف الديمقراطية، يصبح الخيار الوحيد بوتين، وهو خيار لا يختلف، بل هو أفضل، حسب دعاية الكرملين، من الديمقراطية.

وفي صلب الدعاية الروسية تصوير عظمة روسيا في العالم، وهي عظمة تفرض على البشر احترام الأمة الروسية، وهي عظمة تجلت في تفوق روسيا استراتيجيا على الولايات المتحدة في سوريا. طبعا، لا تقول الدعاية الروسية إن واشنطن لا ترى أي أهمية استراتيجية لسوريا، وأن سيطرة موسكو على نظام الأسد هي عبارة عن سيطرتها على نظام مفلس يحكم بلدا من ركام.

وفي صلب الدعاية الروسية أيضا الإيحاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو في جيب بوتين، وهو ما يعني أن الدعاية الروسية تعمل أقصى ما يمكنها لتشتيت الانتباه عن العقوبات التي فرضها ترامب نفسه، في ديسمبر، على مشروع تمديد أنبوب الغاز الروسي "نوردستريم 2" من روسيا إلى أوروبا، على الرغم من اعتراض موسكو وحلفاء أميركا الأوروبيين على العقوبات. أما سبب عقوبات ترامب فهو اعتقاده أن الغاز الروسي يعطي موسكو سيطرة استراتيجية على أوروبا، وينافس مبيعات الغاز التي يمكن لأميركا وحلفائها الشرق أوسطيين تصديرها إلى الأوروبيين.

روسيا دولة نفطية هامشية، ولولا ترسانتها النووية ودعايتها، لكانت خارج سياق الشؤون الدولية برمتها، فحجم اقتصادها بالكاد يصل ترليوني دولار، وهو بحجم اقتصاد إيطاليا أو كندا. وللمقارنة، تستعد الولايات المتحدة لإنفاق ترليوني دولار لمكافحة أزمة وباء "سارس ـ كوفيد ـ 2" والمضاعفات الاقتصادية التي ستنجم عنه. أما مبيعات أسلحة روسيا، فتضمر، وتكنولوجيتها تتراجع، وما منظومة الدفاع الصاروخي "أس 400" إلا خردة يتظاهر بعض العالم وكأنه يخشاها.

روسيا هي أكبر دولة في العالم على صعيد المساحة، وفيها موارد أولية ضخمة، وبين الروس مفكرون وعظماء، لكن مشكلة روسيا، كدول كثيرة، هي فشلها في إقامة دولة ديمقراطية حديثة تسمح لها باستغلال مواردها البشرية والطبيعية بأفضل السبل الممكنة حتى تحجز لها مكانا فعليا في طليعة دول العالم، بدلا من مكانها الحالي كقوة عظمى من ورق.

قد يُقنع بوتين بعض العالم لبعض الوقت أن كل دول العالم تتخبط، وأن روسيا استعادت مجدها بقيادته، لكن حبل الكذب قصير، وتأثير بوتين في العالم لا يذهب أبعد بكثير من دعايته، التي غالبا ما يكتشف الناس زيفها، ويكتشفون معها زيف بوتين وأحلامه عن عظمته الموهومة، وعن عظمة بلاده التي تعاني من حكمه.

الاثنين، 23 مارس 2020

الأميركيون يحبسون أنفاسهم بانتظار نتائج علاج «كورونا»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

يحبس الأميركيون أنفاسهم في انتظار نتائج علاج لمرضى فيروس «كوفيد - 19» المسبب لمرض «سارس كوفيد 2». والعلاج الجديد مبني على مزيج ثلاثة أدوية، معروفة في الأوساط الطبية منذ زمن، هي كلوروكوين، وهيدروكسيكلوروكوين، وزيثروماكس. وأعلن بعض الأطباء، منهم في جامعة ستانفورد العريقة، أنهم قاموا بإجراء تجارب لهذين الدواءين على مرضى تماثلوا للشفاء التام في غضون ستة أيام فقط.
وارتفع عدد الوفيات بالفيروس في الولايات المتحدة إلى نحو 500، بينما تجاوزت الإصابات المؤكدة الـ36 ألفاً، ما يضع البلاد في المرتبة الثالثة عالمياً على خريطة التفشي، بعد الصين وإيطاليا.
هادي خوري، وهو طبيب متخصص في الأبحاث السريرية، شرح لـ«الراي» أن العلاج الجاري التجارب عليه ليس علاجاً لكل حالات «سارس كوفيد 2»، بل للحالات الحرجة فحسب. وقال إن هذا العلاج يجري تقديمه وفق عناية طبية فقط، وإن الناس ممن سارعوا لشرائه، مثل في فرنسا أو لبنان، لا يعرفون انه لا يمكن استخدامه من دون إشراف طبي، وأنه يحتاج الى مضادات حيوية لتفادي تعقيدات قد تنتج عن استخدامه، وأن استخدامه من دون إشراف طبي قد يؤدي الى فشل كلوي.
وتابع خوري، وهو أميركي من أصل لبناني ويقيم في واشنطن، أن تكلفة هذا العلاج، المضاد للملاريا، رخيصة جداً، وأن سعر الحبة أقل من سنت واحد، وأن لدى شركات الأدوية مخزونات كبيرة بملايين الحبوب، وهي قامت بتقديمها للحكومات حول العالم، التي مررتها للمستشفيات، التي ستستخدمها لعلاج مرضى «كورونا» مجاناً.
وكان الرئيس دونالد ترامب أعلن في مؤتمره الصحافي، يوم الجمعة، أن الأوساط الطبية توصلت إلى دواء، وأن ادارة الأدوية الفيدرالية المعروفة بـ«أف دي أي»، اعتبرت أن استخدام الدواء آمن، ومنحته موافقتها. 
لكن الدكتور أنتوني فاوتشي، رئيس مصلحة الأمراض المعدية والحساسية في مركز مكافحة الأمراض الفيديرالي، والذي كان واقفاً الى جانب ترامب ودعاه الرئيس الأميركي للادلاء بدلوه حول الموضوع، دعا الصحافيين الى التريث في القفز لاستنتاج أن العلاج صار متوافراً. 
وأدى موقف فاوتشي الى غضب شعبي من تصريح ترامب، واعتبره معلّقون معلومة مضللة، وتصريحا غير مسؤول، من صاحب أعلى سلطة في البلاد.
لكن قيام حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، والذي نالت إجراءاته استحساناً بفرضه حظر تجول على مدينة نيويورك «التي لا تنام»، أثبت صلاحية ما سبق أن أعلنه ترامب عن العلاج. وقال الأحد، ان الولاية ستقوم بتأمين 750 ألف جرعة من «كلوروكوين»، و70 ألفاً من «هيدروكسي كلوروكوين»، و10 آلاف جرعة «زيثروماكس»، لمستشفيات نيويورك. 
على أن كومو شدد أن نتائج الشفاء ليست مضمونة، وأن الجسم الطبي في ولايته سيقوم باستخدام هذا العلاج لأنه آمن، على أمل أن ينجح العلاج في شفاء أكبر عدد من المصابين. 
ويستخدم الأطباء «كلوروكوين» لشفاء مرض الملاريا، المنتشر خصوصا في أفريقيا حيث تنقله لسعات البعوض. كما يستخدمون «هيدروكسيكلورين» لأمراض الروماتيزم. أما «زيثروماكس»، فهو نوع من المضادات الحيوية الذي يتم اعطاؤه للمرضى لتأكيد عدم إصابتهم بأمراض فرعية بكتيرية قد تنجم عن «سارس كوفيد 2».
وفي لفتة أظهرت أن الحزبين الديموقراطي والجمهوري وضعا خلافاتهما السياسية جانبا لمواجهة أزمة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، قال كومو الديموقراطي في مؤتمره الصحافي ان «الرئيس (الجمهوري) متفائل في نجاعة هذا العلاج، ونحن جميعنا متفاؤلون أن العلاج قد ينجح». 
وكان ترامب غرّد، يوم السبت، دراسة فرنسية ورد فيها ان أدوية مكافحة الملاريا يمكنها أن تقلّص عدد أيام المرض التي يعانيها المصابون. 
ونيويورك ليست وحدها بين الولايات التي بدأت باخضاع مرضى «سارس كوفيد 2»، إذ بدأ الأطباء في مستشفيات ولايات أخرى بوضع مرضاهم تحت هذا العلاج. 
وقال طبيب الأمراض الداخلية في مستشفى هنري فورد ماكومب في ولاية ميشيغن عبدالحفيظ شرف، أنه يوافق الرأي ان العلاج قد ينجح. 
وفي مقابلة مع «الراي»، قال الطبيب الأميركي من أصول سورية إن «الدراسات الأولية أشارت الى نتائج جيدة»، مضيفاً: «أنا بدأت باعطاء العلاج لمرضى سارس الجديد بناء على الدراسات التي قرأتها، وبناء على موافقة وكالة أف دي أي».
وتابع: «لا توجد أدلة كافية على أن هذا العلاج يعمل على معالجة مرضى كورونا على وجه الخصوص، ولكن النتائج جيدة حتى الآن، وأنا أستخدمه مع مرضاي بسبب هذه الدراسات التي قرأتها من الصين وإيطاليا وفرنسا».
وأكد أن «هذه الأدوية سليمة بشكل عام، لكننا بحاجة إلى فحص المريض بشكل متواصل لمتابعة انتظام ضربات القلب، لأن كلا الدواءين يمكن أن يؤديا الى عدم انتظام هذه الضربات». 
ومن الأمور التي ما زال الجسم العلمي بحاجة لحسمها تتعلق بكمية الجرعات المطلوب اعطاؤها للمرضى.
في انتظار الأيام الستة الموعودة التي تفصل الولايات المتحدة عن امكانية التوصل الى علاج، يحبس الأميركيون أنفاسهم على أمل أن ينجح العلاج في شفاء المصابين من ذوي الحالات الحرجة وتالياً تخفيض معدلات الوفاة، ويواصلون، حتى إشعار آخر، تطبيق سياسة «العزل الاجتماعي» والتعقيم المتواصل.
في سياق متصل، قال ترامب في مؤتمر صحافي مساء الأحد، إنّه «مستاء قليلاً» من موقف الصين حيال انتشار الفيروس، معتبراً أنه كان ينبغي على بكين «أن تُعلمنا. كان يمكن إنقاذ الكثير من الأرواح في العالم كله».
ورغم أنّه بدا وكأنّه يُحمّل بكين بعض المسؤوليّة عن انتشار الفيروس الذي اكتُشف للمرّة الأولى في ديسمبر في مدينة ووهان، فإنّ ترامب أكّد أنّ علاقته جيّدة للغاية مع نظيره الصيني شي جينبينغ. 
ولم يوفر الفيروس الكونغرس نفسه، حيث أعلن السناتور الجمهوري راند بول الأحد، أنه خضع لفحص كشف إصابته بالوباء، وذلك بعدما خالط زملاءه في الكونغرس. وفي مجلس النواب، أعلن نائبان الأسبوع الماضي إصابتهما. 
وفي بوركينا فاسو، أعلن السفير الأميركي أندرو يونغ، إصابته بالفيروس، مؤكداً فرض حجر صحي على جميع موظفي السفارة.

الخميس، 19 مارس 2020

«فورة كورونا» تنعش الصحافة والإعلام في أميركا وكوشنر... «كبش فداء» نصائح «العلاقات العامة»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعدما أدرك الرئيس دونالد ترامب فداحة الموقف في انتشار وباء «سارس - كوف - 2»، الناجم عن فيروس «كوفيد - 19»، انقلب موقف البيت الأبيض رأساً على عقب، من موقف ساعٍ لطمأنة الأميركيين والأسواق المالية بأن الأزمة ستكون عابرة، إلى موقف يحثّ كل الأميركيين على التعامل بجدية مع الأمر، والبقاء في المنازل، والاستعداد لإغلاق قد يطول حتى نهاية الصيف.
وتناقلت الأوساط الأميركية أن ترامب وجه أصابع اللوم الى صهره وكبير مستشاريه جارد كوشنر، الذي شار على عمّه بضرورة التعامل مع فيروس كورونا المستجد - الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص حتى الآن، (نحو 7000 إصابة)، على أنه مشكلة «علاقات عامة»، وعدم إعلان حال الطوارئ، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار الأسواق المالية، فأطلّ الرئيس في خطابه إلى الأمة، الأسبوع الماضي، ليتحدث عن الاقتصاد فحسب، وهو ما ساهم في تسريع الانهيار المالي، بعدما خسرت واشنطن ثقة الناس والمستثمرين الذين شعروا بأن ترامب لا يفهم مدى فداحة المشكلة.
وبعد تحييد كوشنر، اتكأ ترامب إلى العلماء في صفوف مستشاريه، وبرز منهم انتوني فاوتشي، رئيس قسم الأمراض المعدية والحساسية في مركز مكافحة الأمراض (سي دي سي)، وقرر أمس، إغلاق الحدود مع كندا أمام الحركة «غير الأساسية».
وفاوتشي الطبيب، في الثمانينات من العمر، لكنه يتمتع بصحة جيدة تجعله يبدو وكأنه في الستينات من عمره... يمارس الرياضة، ويجري أكثر من عشرة كيلومترات يومياً، خفضها إلى خمسة، لأنه يعمل 19 ساعة في اليوم منذ اندلاع «أزمة كورونا».
وخطة فاوتشي، كما بقية المعمورة، تكمن في «تسطيح الجدول»، أي تخفيض عدد المصابين في وقت الذروة للسماح للنظام الصحي باستيعابهم ومعالجتهم، وهو ما من شأنه أن يطيل مدة المرض، وتالياً «العزل الاجتماعي» المطلوب. ومع إطالة فترة العزل، تطول فترة الركود، وهو ما دفع الإدارة والكونغرس الى التحرك، على وجه السرعة، لمحاولة التخفيف من وطأة التباطؤ الاقتصادي الحاصل.
في الأيام الأولى لانهيار الأسواق المالية، قام «الاحتياطي الفيديرالي» بشراء ديون بقيمة 50 مليار دولار، إلا أن ذلك لم يهدئ من روع المستثمرين وأسواق المال، فأعلن المصرف المركزي تحوله الى هيئة هي بمثابة مصرف تجاري عام مستعد لشراء ديون أي شركة مقابل سيولة نقدية.
وبالتزامن مع تشغيل «الفيديرالي» مطابع الدولار لديه لتعويم الأسواق بالسيولة، على غرار ما فعل إبان «الركود الكبير» في 2008، حين ضخ سيولة بقيمة 13 تريليون دولار، وهو ما كان يوازي حجم الناتج المحلي وقتذاك، سارع البيت الأبيض والكونغرس هذا الأسبوع، لإعداد خطة دعم مالية من المتوقع ان تناهز تريليون دولار، تتضمن تقديم مبلغ ألف دولار لكل مواطن راشد، على أمل أن يواصل الأميركيون إنفاقهم ويواصل الاقتصاد حركته.
لكن كيف ينفق الأميركيون أموالهم وهم أسرى بيوتهم بسبب «العزل الاجتماعي»، الذي يكاد يقارب حظر التجول، كما في نيويورك، أكبر المدن الأميركية؟ الإجابة تكمن في التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، التي تحولت، في ليلة وضحاها، الى خط الحياة الرئيسي للأميركيين واقتصادهم.
هكذا، أعلنت كبرى شركات الإنتاج السينمائية في هوليوود، أنها ستطلق أفلامها عبر شبكات التلفزيون المدفوع والإنترنت بسبب إغلاق قاعات السينما، وهو ما يشكل تحولاً جذرياً بعدما امتنعت هوليوود، على مدى أكثر من عقد، على الدخول في منافسة مع شركات السينما الإلكترونية، من أمثال «نتفليكس» و«هولو» و«ايتش بي او» وغيرها.
وكما هوليوود، كذلك المطاعم، التي نقلت كل عملياتها الى خدمة التوصيل الى المنازل، والتي كانت تقدمها مقابل رسم يراوح بين اثنين وخمسة دولارات... لكن كل المطاعم وشركات التوصيل، بما في ذلك «اوبر ايت» العملاقة، أغرقت الإنترنت بالإعلانات، وأغرقت الهواتف برسائل نصية أعلنت فيها أن كل خدمة التوصيل صارت بالمجان تماماً. وإلى المطاعم تضاف مخازن التموين السوبرماركت، التي صارت جلّ مبيعاتها عبر خدمة التوصيل.
والتجارة ليست وحدها عبر الإنترنت، بل نقلت كل الشركات المعروفة المصنفة على أنها من «الياقات البيضاء» أعمالها غلى الإنترنت، منها شركات الهندسة والمحاماة والمحاسبة والتنمية، وكل أنواع الاستشارات، فضلاً عن التعليم المدرسي والجامعي.
أما الإعلام، مثل التلفزيونات والصحف، فتشير الأرقام الأولية الى أنها بدأت تنعم بـ «فورة كورونا» بسبب الارتفاع الكبير في نسبة الاشتراكات والمشاهدات والإعلانات، خصوصاً أن الناس صارت تمضي وقتاً أطول في منازلها.
في هذه الأثناء، تراجعت أرباح الراديوهات، التي تعتمد في الغالب على المستمعين من السائقين الذين ينتقلون في سياراتهم من وإلى أعمالهم يومياً.
أما الأشغال التي ستحافظ على نفسها بعد «كورونا»، مثل ما قبله، فهي المتعلقة بـ «سلاسل التموين»، مثل الغذاء والطاقة، والصناعات الثقيلة، التي سيتم تعليقها حالياً. و«سلاسل التموين» هذه لا تحتاج في الغالب الى مخالطة بشرية كبيرة مع حلول الروبوتات بدلاً من البشر في عديد كبير من هذه الأعمال.
ويقول الخبراء أن الاقتصاد الأميركي يتغيّر في غضون أسبوع، وان الاقتصاد الجديد سيعتمد إلى حد كبير على الإنترنت، وهذا الاعتماد قد لا يتقلص مع أفول «خطر كورونا» وانحسار عملية «العزل»، خصوصاً أن التقارير الأولية تشير الى أن الاقتصاد في ظل «كورونا» ساهم بتقليص الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، ما قد يشجع دولاً كثيرة على التمسك بتدابير اقتصاد الإنترنت، الذي سيمضي في قضم حصة أكبر من حصة الاقتصاد التقليدي الذي عاشه البشر على مدى الألفيات الأربع الماضية.
وديبلوماسياً، قررت عشرات السفارات الأميركية تعليق إصدار تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، كإجراء وقائي.
وأعلنت البنتاغون، أمس، إن عدد الجنود الذين أكدت الاختبارات إصابتهم بالفيروس ارتفع من 36 إلى 49.

حرّية الفاخوري تبعد «كأس» العقوبات الأميركية عن لبنان

واشنطن - من حسين عبدالحسين

قررت المحكمة العسكرية في لبنان، الإفراج عن عامر الفاخوري، المسؤول السابق في «جيش لبنان الجنوبي» الذي كان متحالفاً مع إسرائيل قبل انسحابها من لبنان في العام 2000. 
والفاخوري مواطن أميركي يعيش في مدينة دوفر في ولاية نيوهامبشير، وتم اعتقاله أثناء زيارته للبنان في سبتمبر 2019. وأثناء فترة اعتقاله، حض المسؤولون الأميركيون نظراءهم اللبنانيين على الإفراج عنه، لكن إصرار اللبنانيين على محاكمته، دفع السناتور عن ولايته جين شاهين، وهي زوجة أميركي من جذور لبنانية، إلى العمل على استصدار قانون «صفر تسامح»، والذي ينص على فرض عقوبات اقتصادية على كل المسؤولين في حكومة لبنان عن عملية الاعتقال. وحصلت شاهين، الديموقراطية، على دعم من الجمهوريين ممثلين بالسناتور تيد كروز، الذي مهر القانون توقيعه. على أنه مع إفراج بيروت عن فاخوري، صار معلوماً أن شاهين وكروز سيمتنعان عن دفع قانونهما لإقراره في الكونغرس، وهو ما يعني أن صلاحية النص ستنتهي تلقائياً مع بدء ولاية الكونغرس الجديد في يناير المقبل.
وكان وصول الفاخوري الى لبنان أثار جدلاً، إذ طالب معتقلون سابقون في «سجن الخيام»، الذي كان يديره «الجيش الجنوبي»، بمحاكمة الفاخوري، الذي وصفوه بـ«جزار الخيام». 
وقامت السلطات اللبنانية باعتقال الفاخوري، وتعذيبه، حسب المصادر الأميركية. وفي وقت لاحق، شخّص أطباء لبنانيون إصابة الفاخوري بسرطان بمرحلة متقدمة، وهو ما دفع الأميركيين الى زيادة الضغط للإفراج عنه، والسماح بعودته لإلى أميركا، لتلقيه العلاج برعاية عائلته.
على أن جدالاً أكبر اندلع حول الجهة اللبنانية التي كانت حضت الفاخوري على زيارة لبنان، وأقنعته بأن لا أحكام قضائية عليه، وأن أي أحكام ماضية سقطت بموجب مرور الزمن. 
وإبان فترة الاعتقال، سرّبت جهات غير معروفة صوراً له أظهرته الى جانب قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون أثناء مراسم حفل استقبال كانت أقامته السفارة اللبنانية في واشنطن. 
وفي وقت لاحق، نفى سفير لبنان لدى الولايات المتحدة غبريال عيسى أن تكون لديه أي علاقة مع الفاخوري، وقال إن عون لا يعرفه كذلك، وأن مراسم الاستقبال كانت مفتوحة للعموم، وأن الفاخوري دخل السفارة من دون دعوة.
لكن رواية عيسى بدا فيها ثغرات، إذ إن دوفر، تبعد 800 كيلومتر عن العاصمة، ومن غير المعقول أن يصدف أن يستقل الطائرة ليشارك في حفل كانت تنظمه السفارة على شرف قائد الجيش. ومن يعرف البروتوكول، يعلم أن السفارة غالباً ما توجه دعوات، إما بريدية كما في احتفال عيد الاستقلال، أو على الأقل عبر الهاتف أو الإيميل، مثل في حفل استقبال العماد عون.
وأن يتردد مقاتل سابق في «الجنوبي»، على سفارة لبنان، هو أمر غير مألوف، ماضياً «ويبدو انه بدأ في الغالب مع تولي عيسى، المستشار السابق للرئيس ميشال عون، موقع سفير في أميركا قبل عامين». 
ولطالما رفع عون شعار عودة «المبعدين قسراً» الى لبنان، وهي العبارة التي صارت تعني عودة مقاتلي لحد من منفاهم، إن في إسرائيل أو في دول الشتات حول العالم. 
وعيسى، من المجموعة العونية التي ساهمت في إقامة شبكة علاقات لعون يوم كان الأخير منفياً في باريس بين 1992 و2005. تلك الشبكة نسجت علاقات وثيقة مع أصدقاء إسرائيل في العاصمة الأميركية، الذين رعوا زيارة عون لواشنطن ومثوله في شهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس.
وفي لقاء مع «الراي» في بيروت في نوفمبر 2008، كشف السياسي ميشال قزي أن مسؤولين في نظام الرئيس السوري بشار الأسد طلبوا منه التواصل ورأب الصدع مع عون في باريس، في 2005، وهو دور يقول قزي انه قام به.
لكن قزي لم يكن القناة الوحيدة بين دمشق وعون، إذ تشير السيرة الذاتية لعيسى، على موقع الشبكة العونية في أميركا المعروفة باسم «الهيئة اللبنانية الأميركية للديموقراطية»، انه زار دمشق في 2005 كذلك للتفاوض مع أركان نظام الأسد. 
ويقول العارفون في واشنطن، إن جزءاً من الاتفاقية بين الأسد وعون كانت تقضي بأن يوظف الجنرال، بعد عودته الى لبنان، شبكته الأميركية في ترميم صورة الأسد، الذي كان يعاني من عزلة دولية على اثر عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في وقت سابق من 2005. 
ولم تتأخر الشبكة العونية عن محاولة ترميم صورة الأسد في واشنطن. وفي 2010، زار دمشق، اللبناني الأميركي أكرم الياس، حسب مجلة «نيوزويك» التي نقلت في 2014 عن وثيقة كان موقع «ويكيليكس» سربها، وأشارت الى لقاء بين إلياس ومستشارة الرئاسة السورية بثينة شعبان. وقدم إلياس، لشعبان دليل «نقاط كلام» متعارف عليه في واشنطن، ووعدها بتقديم استشارات أخرى لها مقابل أجر شهري قدره 22 ألف دولار.
وفي وقت لاحق، ولتبرير تحالف عون مع «حزب الله»، ولتبرير الانحياز للأسد في الحرب، استعادت الشبكة الحديث عن تحالف الأقليات في منطقة الشرق الأوسط، وهو تحالف يفترض ان يشارك فيه مسيحيو المشرق، وإيران والشيعة العرب، وإسرائيل. وتحت هذا العنوان، عقد مسيحيو المشرق مؤتمرهم في واشنطن في سبتمبر 2014، لكنه أتى بنتائج معاكسة، اذ قام السناتور كروز، الذي كان مدعواً للحديث أمام مسيحيي المشرق، بالثناء على إسرائيل، فصفق البعض وصفّر البعض الآخر مستهجناً، وهو ما دفع السناتور الى القول «انتم لا تقفون مع إسرائيل، إذاً أنا لا أقف معكم»، وغادر القاعة.

لم يدخل الفاخوري، السفارة مصادفة، ولم يعد الى لبنان بلا تنسيق مسبق، لكن من قدم له ضمانات بحمايته كمسيحي في حال عودته الى بيروت، لم يف بوعوده. على أنه تحت الضغط الأميركي، وبعد الكثير من الاستجداء الذي قام به مضيفو الفاخوري في لبنان لـ «حزب الله»، تم الافراج عنه، واقفال ملف إعادة «المبعدين المسيحيين قسراً» عن لبنان، على الأرجح من دون عودتهم.

الثلاثاء، 17 مارس 2020

الصين وكورونا وتزوير التاريخ

حسين عبدالحسين

لم تصنع الولايات المتحدة، ولا جيشها، فيروس "كوفيد 19"، المعروف بـ "كورونا" والمسبب لمرض "سارس ـ كوف ـ 2"، ولم تنشر الولايات المتحدة الفيروس في الصين، أو في أي دولة في العالم، على عكس حملة الأخبار المضللة التي تشنها جمهورية الصين الشعبية، والتي تجلّت بقيام الناطق باسم الخارجية لجيان زهاو باتهام الجيش الأميركي بنشر الفيروس في مدينة ووهان، نقطة بداية "كوفيد 19".

وزهاو هذا ينشر الدعاية الصينية عبر موقع تويتر، الذي تحظره بكين على مواطنيها، وهو ما يعني أن تغريدات المسؤول الصينية المضللة تحصل بدعم وموافقة حكوميين. على أن السؤال هو: ما مصلحة الصين في حملة التضليل التي تشنها؟

يجيب البعض، ومنهم من الأميركيين، أن التضليل الصيني سببه الإصرار الأميركي على تسمية الفيروس بـ "فيروس وهان"، أو "الفيروس الصيني"، وهو ما يدل على حقد أميركي وعداء للصين ومحاولة تحميل الصين مسؤولية انتشار الوباء العالمي. لكن الفيروسات غالبا ما تحمل أسماء المناطق التي تنطلق منها. هكذا فيروس "غرب النيل" وفيروس "إيبولا"، الذي يحمل اسم نهر في الكونغو، ومثلهما فيروس "الشرق الأوسط" المعروف بـ "ميرس"، و"الحصبة الألمانية" و"الإنفلونزا الإسبانية"، ولا جديد في نسبة فيروس كورونا الجديد إلى وهان الصينية التي انطلق منها.

أما السبب الأرجح لتفسير حملة التضليل الصينية ضد الولايات المتحدة فيعود إلى الفشل الصيني الذريع في الأيام والأسابيع الأولى التي تلت انتشار المرض، إذ لم تتحرك السلطات الصينية لاحتوائه أو عزل المصابين به الأوائل، ولو نجحت الصين في ذلك، لما انتشر الوباء في أنحاء المعمورة.

وبعد أسابيع من المكابرة، تنبهت الصين إلى خطورة المرض، فقامت باتخاذ خطوات جبارة، بما فيها بناء قرابة عشرين مستشفى في غضون أسبوع، وفرض منع تجول تام وعزل للمصابين. وبعد أسبوعين أو أكثر، بدأ عدد الإصابات في الصين يتراجع مع أنه، حتى تاريخ كتابة هذه السطور، لم يتوقف تماما، فيما راحت أعداد الإصابات ترتفع في أوروبا وفي باقي الدول التي باغتها الوباء.

ومن الخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة الصينية نشر التركيب الجيني للفيروس على الإنترنت، وهو ما سمح فورا للعلماء حول العلماء ببدء الأبحاث لإنتاج دواء أو لقاح لإنقاذ البشرية من الوباء الماضي في الانتشار.

لكن خطوات الصين الإيجابية اللاحقة لا تعني أنها لم تتقاعس في الأسابيع الأولى عن مكافحة انتشار المرض، وهو واقع تحاول الحكومة الصينية محوه وتزوير التاريخ، بما في ذلك محاولة فاضحة لتعديل محتوى صفحات إخبارية على الإنترنت، وردت فيها تعليمات وتصريحات للرئيس الصيني شي جينبينغ، لم يدع فيها لعزل اجتماعي، وهو ما يؤكد ارتكابه وحكومته أخطاء فاضحة في بادئ الأمر.

لكن الصين لا تترك التاريخ للمؤرخين إذ قامت الحكومة بتعديل التقارير الاخبارية الماضية على الإنترنت، وأضافت تصاريح صوّرت وكأن شي أعطى تعليماته بالقيام بكل الخطوات التي ساهمت في الحد من انتشار الوباء، قبل أسابيع من قيامه فعليا بإصدار هذه التصاريح.

على أن المشكلة تكمن في أن شبكة الإنترنت تؤرخ، تلقائيا، تاريخ نشر أي مادة، وتؤرخ تلقائيا أي تعديلات لاحقة، وهو ما أظهر ـ على صفحة البرمجة ـ أن تصريحات شي وتعليماته تمت إضافتها بعد أسابيع على تصريحاته الأصلية، أي أن الحكومة الصينية قامت بتزوير مؤكد وفاضح للتاريخ الذي يسجّل يوميات انتشار المرض والتصريحات والسياسات التي رافقت تطورات الأمور.

وتزوير التاريخ ليس حديثا، وليست حكومة الصين اليوم أول من تقوم به. مثلا، قام خليفة المسلمين وعزّ الحضارة العربية المأمون ابن هارون الرشيد العباسي بتزوير النقش الذي يؤرخ هوية باني مسجد قبة الصخرة في القدس، ونسبه إلى نفسه. على أنه من المعروف أن بانيه هو الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان حوالي العام 691 ميلادية. أما المأمون، فهو حكم بين 813 و833. ثم أن العباسيين ممن قاموا بنقش اسم المأمون بدلا من اسم عبدالملك، لم يفطنوا أن يعدّلوا التاريخ، فجاء تزويرهم، كتزوير الحكومة الصينية، فاقعا أعرجا لا يمكن إخفاؤه.

ومثل المزورين في الصين وفي التاريخ الإسلامي، يمتلئ التاريخ بالمزورين. والمزورون هم عادة الحكام الأقوياء، أصحاب القدرات، ومن لا يقوى الآخرون على مناقضتهم أو تصحيح تزويرهم، لذا، ظهرت مقولة أن التاريخ يكتبه المنتصرون.

في الصين، قد تكون الرواية الوحيدة السائدة مفادها أن أميركا وجيشها صنعا فيروسا ونشراه في الصين لمحاربتها، لكن الواقع هو أن القيادة الصينية تأخرت في احتواء الفيروس، فانتشر الوباء فيها وفي العالم.

العالم في مأزق، والأزمة تستدعي التكاتف بدلا من تبادل الاتهامات، لكن في وسط المعمعة، لا بد من البقاء ساهرين على محاولات تزوير التاريخ التي تقوم بها بعض الحكومات المستبدة، إن في الصين أو في إيران أو في غيرها، مع أمل الشفاء العاجل للجميع، صينيين وإيرانيين وإيطاليين وأميركيين وغيرهم.

الأحد، 15 مارس 2020

ترامب يدعو إلى «التباعد الاجتماعي» ويعلن حال طوارئ وطنية... وإيمانية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في غضون أقل من 72 ساعة، وعلى وقع التزايد المتسارع في أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، انقلبت الولايات المتحدة من دولة تعيش حياتها المعتادة، ويحاول رئيسها تهدئة مخاوف مواطنيه من مخاطر الفيروس العالمي، إلى دولة في حال طوارئ وطنية، لم تشهدها البلاد منذ الانفلونزا التي اجتاحت البلاد في العام 1968... وسط دعوة دونالد ترامب، الذي أعلن خضوعه للفحص، إلى «يوم وطني للصلاة»، اليوم.
وبعدما توجه ترامب الى الأميركيين في خطاب الى الأمة، مساء الاربعاء، قلّل فيه من مخاطر الفيروس، وقال إنه يشكل «خطراً متدنياً جداً على عامة الناس»، أجبر الاميركيون حكومتهم الفيديرالية على حذو حذوهم واعلان حال طوارئ وطنية، إثر تباطؤ نسق الحياة اليومية في أكبر قوة اقتصادية عالمية، من إغلاق مدارس وجامعات وحدائق عامة إلى هجر وسائل النقل وتعليق المباريات الرياضية. 
في الوقت نفسه، غزا المستهلكون الجمعيات ومتاجر التموين والصيدليات، وأغلقوا المحال، وتحولت المدن الى «مدن أشباح»، وشدد الديموقراطيون هجومهم على الرئيس الجمهوري، الذي أقر مساء الجمعة، تعليق رحلات السفن السياحية إلى الخارج لمدة 30 يوماً. 
امام الشعور العام، وتحت الضغط من أكبر المسؤولين الصحيين المتخصصين في ادارته، تراجع ترامب عن محاولته تزيين الفيروس والاستخفاف به، وعقد مؤتمراً صحافياً، الجمعة، أعلن فيه حال الطوارئ الوطنية، وشدد على أن مفتاح مواجهة انتشار الفيروس يكمن في تكثيف عدد الفحوصات... «مجاناً»، اذ كلّما تم الكشف عن إصابات بصورة أسرع، صار أسهل عزل المصابين وتقليص احتمال اختلاطهم ونشر الفيروس.
وقال الرئيس الأميركي: «من أجل إطلاق الطاقة القصوى لموارد الحكومة الفيديرالية، أُعلن رسمياً حال الطوارئ». وأضاف: «طوارئ وطنية، كلمتان كبيرتان جداً»، مشيراً إلى أنّ هذا الإجراء سيتيح الاستفادة ما يصل إلى 50 مليار دولار من الأصول لمكافحة الفيروس.
على أن الرئيس الأميركي، على عادته، رفض تحمّل مسؤولية التأخير في اعلان حال الطوارئ والتباطؤ في تجهيز الفحوصات المطلوبة. ولدى سؤاله عن إخفاقات التعامل مع انتشار الفيروس، خصوصاً لناحية بطء توفير الفحوص الطبية، أجاب بشكل جازم: «لا أتحمل المسؤولية ابداً لأننا تسلمنا ظروفا معينة وتسلمنا قوانين تنتمي الى وقت مختلف». 
وسرعان ما تحول رد ترامب الى مادة للهجوم عليه وعلى عاداته في التنصل من مسؤوليته، وتناول الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة له تعود الى العام 2013، قال فيها إن «القيادة تعني انك مسؤول عن أي شيء يحصل، واذا لم يحصل، فانت مسؤول ايضاً». 
ويحمّل المعترضون، ترامب مسؤولية قيام ادارته، في 2017، بحلّ مكتب مكافحة انتشار الأوبئة التابع لمجلس الأمن القومي. وأشاروا إلى أنه بين 2014 و2017، قامت الأجهزة الأميركية برصد انتشار 300 نوع وباء في 160 دولة، وتابعت ودعمت مكافحة 37 مرضاً، حول العالم، في 2016 وحده.
وحاول ترامب التكفير عن ذنوبه بإعلان أن إدارته تسعى لتأمين فحص الفيروس عبر خدمة السيارات، وجعله متاحاً وفي متناول الغالبية. ويعتقد الخبراء أن تقديم الفحص عبر هذه الخدمة يقلّص من امكانية انتقال العدوى من المرضى الى العاملين الصحيين، ويجعل الفحص في متناول الجميع.
كما أعلن الرئيس أن إدارته ستؤمن 1.4 مليون فحص الأسبوع الجاري، وخمسة ملايين فحصاً اضافياً خلال الشهر المقبل. 
إلا ان الاعلان لم يشف غليل الخبراء، الذين اعتبروا أن على الولايات المتحدة ان تحذو حذو كوريا الجنوبية، التي تقوم بإجراء 10 آلاف فحص يومياً لسكانها البالغ عددهم 50 مليوناً. ويعتقد الأميركيون أن بلادهم، التي يسكنها 330 مليوناً، تحتاج الى 60 ألف فحص يومياً، على أقل تقدير.
ورغم أنّ عدد الإصابات لا يزال منخفضا نسبياً (نحو 1700 الجمعة، بينها 50 وفاة)، تترقب السلطات تصاعداً كبيرا فور توفير آليات الفحوص على نطاق واسع.
إلى ذلك، وفي وقتٍ يُشدّد كل المتخصصين على أهمية «سبل العزل الاجتماعي»، صافح الرئيس الأميركي نحو 12 رئيساً من رؤساء الشركات الكبرى الذين تعاقبوا على المنصة، الجمعة... لكنه أمس، غرد، داعياً إلى «التباعد الاجتماعي».
وأعلن ترامب، أنه خضع الجمعة لفحص كورونا المستجد، في وقت كشف البيت الأبيض أنه سيفحص من الآن وصاعداً حرارة «جميع من هم على اتصال وثيق» معه أو مع نائبه مايك بنس.
وفي مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، سعى عبره لطمأنة الأميركيين عبر إعطاء توجيهات وإرشادات حول مكافحة الفيروس، قال ترامب إنه بانتظار نتائج الفحص المخبري الذي خضع له.
وشوهد ترامب الجمعة يصافح عدداً من الأشخاص لدى اجتماع فريق مكافحة الفيروس في الولايات المتحدة، خلافاً للتوصيات الطبية التي تدعو لتجنّب المصافحة.
وأمس، قال إن المصافحة عادة قديمة لديه، لكنّه أقر بضرورة الامتناع عنها.
وكان الرئيس الأميركي أعلن الجمعة إنه سيخضع لفحص بعد تعرّضه لحملة انتقادات على خلفية عدم الخضوع لهذا الفحص رغم لقائه أعضاء وفد رئاسي برازيلي ثبتت إصابتهم لاحقا.
إلا أن طبيباً في البيت الأبيض قلل من أهمية تلك اللقاءات، معتبرا أن لا حاجة لخضوع الرئيس للفحص بما أن «أي عوارض لم تظهر» عليه.
وأعلن البيت الأبيض أنه سيفحص من الآن وصاعداً حرارة «جميع من هم على تواصل وثيق» مع ترامب وبنس كإجراء «احتياطي».
وقام فرد من الفريق الطبي للرئاسة بفحص حرارة جميع الصحافيين الراغبين في الدخول الى قاعة الإعلام.
وقد تم بالفعل استبعاد أحدهم بعدما تبينّ أن حرارته مرتفعة.
وصباحاً، نشر ترامب عدداً من التغريدات على «تويتر» أعلن فيها أن اليوم سيكون «يوماً وطنياً للصلاة»
وكتب «إنه لشرف عظيم لي أن أعلن يوم الأحد 15 مارس يوماً وطنياً للصلاة. نحن بلد، طوال تاريخنا، نتطلع إلى الرب للحماية والقوة في مثل هذه الأوقات». 
وأضاف: «بغض النظر عن المكان الذي قد تكون فيه، أشجعك على الاتجاه للصلاة في فعل إيماني... معا سوف ننتصر بسهولة».
كما أعلن مساء، أنه سيوسع حظر الرحلات الى الولايات المتحدة ليشمل بريطانيا وايرلندا. 
وفي وقت لاحق أعلن بنس أن حظر الرحلات من بريطانيا وايرلندا سيدخل حيز التنفيذ الثلاثاء.
من جانبه، أقر مجلس النواب سلسلة تدابير تهدف إلى تخفيف أثر الفيروس على الاقتصاد. 
ويشمل النص الذي يجب على مجلس الشيوخ الموافقة عليه، إجراء فحوص الفيروس مجاناً والسماح بإجازات مرضية طارئة تصل إلى ثلاثة أشهر وتيسير الاستفادة من التأمين ضد البطالة وقسائم الطعام المجانية.
وبموجب حال الطوارئ، يتم تعليق القوانين التي تحدد عدد الأسرة التي يمكن لكل مستشفى تشغيلها، كما يتم السماح للاطباء بممارسة المهنة بشكل عابر للولايات باستخدام ترخيص عملهم في ولايتهم، في ولايات أخرى ان صادف أن تواجدوا فيها. 
الى ذلك، يطالب ترامب والجمهوريون بقيام الحكومة بشراء فائض المنتوجات النفطية، وتخزينها في الاحتياطي الفيديرالي. 
كما تسعى إدارة ترامب، بالتعاون مع «غوغل»، إلى اقامة قواعد بيانية حول الاميركيين المصابين بالفيروس، وإنشاء موقع يساعد الأميركيين على الاستدلال على المراكز الصحية المطلوبة، وعلى الخطوات المطلوب اتباعها. 
والى جانب «غوغل»، لن تتوقف محلات «وولمارت» و»تارغت» العملاقة، عن تموين مخازنها اثناء العطلة القسرية التي بدأها الاميركيون، أمس. في السياق، انتقلت كبرى الجامعات إلى خيار التعلم الإلكتروني، الأمر الذي يمثّل معضلة لمئات آلاف الطلبة الأجانب الذين لا تخوّلهم تأشيراتهم بالمبدأ اتباع هذا النهج التعليمي. 
وأعلن الجيش الأميركي أنه سيوقف السفر الداخلي - اعتباراً من غدٍ الاثنين وحتى 11 مايو المقبل - مع بعض الاستثناءات.

الخميس، 12 مارس 2020

ترامب يعلّق الرحلات مع أوروبا ... باستثناء بريطانيا

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في خطاب مفاجئ إلى الأمة، هو الثاني من نوعه منذ توليه الحكم، أعلن دونالد ترامب تعليق الرحلات بين الولايات المتحدة وأوروبا، باسثتناء المملكة المتحدة، لفترة 30 يوماً، وأعلن نيته دعم الاقتصاد بمبلغ 200 مليار دولار، على شكل قروض حكومية وإعفاءات ضريبية، للتخفيف من وطأة المضاعفات الاقتصادية التي يتسبب بها وباء «كوفيد - 19». 
وفي الوقت نفسه، ألغى الرئيس الأميركي رحلات انتخابية كان مقرراً أن يقوم بها الى ولايتي كولورادو ونيفادا.
وأضاف ترامب أن القيود تشمل أيضاً «الحجم الهائل للتجارة والشحن» بين أوروبا والولايات المتحدة، و«أشياء أخرى مختلفة ريثما نحصل على الموافقة».
وهذا الإجراء يدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة بتوقيت واشنطن (4,00 ت غ السبت). وسيطبق على كل شخص دخل فضاء شينغن خلال الأيام الـ 14 التي تسبق وصوله المرتقب الى الولايات المتحدة باستثناء الأميركيين وحاملي الإقامات الدائمة.
وفي بروكسيل، عبر قادة الاتحاد الأوروبي عن استيائهم من القرار الأميركي من دون التشاور معهم. لكن الرئيس الأميركي دافع عن قراره، قائلاً للصحافيين أمس، إنّه لم يجد وقتاً كافياً لإبلاغ الأوروبيين.
وقال مسؤولا الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لايين وشارل ميشال في بيان خطي، «إن فيروس كورونا يمثل أزمة عالمية لا تقتصر على قارة بعينها وتتطلب التعاون بدلا من التصرف من جانب واحد».
وفي خطابه الذي استغرق عشر دقائق، أصرّ ترامب على وصف فيروس كورونا المستجد، بأنه «غريب»، مصدره الصين، وأن إدارته نجحت بحكمتها في وقف انتشاره في الولايات المتحدة بوقفها الرحلات من الصين في وقت مبكر. 
كما وجه أصابع اللوم الى أوروبا، التي اعتبر أنها تقاعست عن وقف الرحلات مع الصين، فتفشى الفيروس بين سكانها، وقام بعض الأوروبيين بنقله الى الولايات المتحدة، لذا، أعلن ترامب انه عازم على القيام ببعض «الخطوات الحازمة ولكن الضرورية». 
وأضاف: «هذا هو أجرأ وأشمل جهد للتصدي لفيروس خارجي في التاريخ الحديث».
وأصرّ الرئيس الأميركي على أن الفيروس لا يشكل «خطراً داهماً على الغالبية العظمى من الجمهور»، باستثناء الأكبر سناً، الذين توجه بالطلب اليهم بتفادي السفر، وتفـــــادي الانخـــــراط في التجمعات والاماكن العامة. 
ووعد بمساعدات مالية للمتضررين من توقف الأعمال بسبب الفيروس، وقال انه سيطالب الكونغرس باقرار إعفاءات على ضريبة الدخل. وكرر أن الاقتصاد الأميركي في أوجه، وأن البطالة في أدناها، وأن هذه البحبوحة تسمح لأميركا بهامش واسع للتعامل مع الفيروس.
ويبدو أن أكثر ما يشغل بال الرئيس الأميركي هو إمكانية ركود اقتصادي يقضي على حظوظ فوزه بولاية ثانية، لذا قامت إدارته بتأخير قرار إغلاق عدد من القطاعات الاقتصادية، في الوقت الذي يحاول ترامب تأمين أموال فيديرالية لدعم أي نكسة اقتصادية للابقاء على إمكانية فوزه بالانتخابات عالية. 
أسلوب ترامب في التعامل مع «أزمة كورونا» أثار حفيظة شريحة واسعة من الأميركيين، خصوصاً من معارضيه الديموقراطيين، الذين لفتوا الى أن المشكلة ليست في أن الفيروس غريباً ويحمله غرباء الى الداخل الأميركي، إذ إن الحالات في أميركا ماضية في الانتشار، والمطلوب من الادارة، تأمين أكبر عدد ممكن من فحوصات «كوفيد - 19»، فالولايات المتحدة لا تزال متخلفة عن بقية الدول في هذا المجال.
وللمقارنة، تجري كوريا الجنوبية عشرة آلاف فحص لمواطنيها يومياً، فيما أجرت الولايات المتحدة خمسة آلاف فقط على مدى الأسبوعين الماضيين. 
ويشتكي معارضو ترامب من عدم جهوزية القطاع الصحي. وأشار رون كلاين، المسؤول السابق عن مكافحة مرض ايبولا في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الى أن ثلاثة أرباع أسرة المستشفيات، «مشغولة بالمرضى من غير فيروس كورونا». 
وأضاف أنه «إذا أخذنا نسب الاصابات في الدول الأخرى وطبقناها على أميركا، لوجدنا انها تحتاج الى نحو 7 - 12 مليون سرير للتعامل مع هذه الأزمة الصحية».
وشكّل يوم الأربعاء، انقلاباً في تعامل الأميركيين مع انتشار الفيروس، مع ارتفاع الاصابات إلى 1246، ووفاة 38 منها، فيما أغلق الكونغرس، أمس، مقره مبنى الكابيتول أمام جميع الزوار، مشيراً الى وضع «قيود» على دخول مكاتب مجلسي النواب والشيوخ حتى الاول من ابريل المقبل.
وانتخابياً، علت أصوات للمطالبة بتعليق الحملات للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، اذ انها تتطلب حشوداً جماهيرية وتعاطياً بين المرشحين وناخبيهم، وبين الناخبين مع بعضهم البعض. وما يزيد في الطين بلّة، ان المرشحين الثلاثة، أي ترامب ومنافسيه الديموقراطيين جو بايدن وبيرني ساندرز، هم في سن أكبر من 74 عاماً، وهي السن التي يعتبرها الخبراء الأكثر عرضة للتأذي من الفيروس الذي يبدو أنه ما زال ماضياً بالانتشار.
وفي برازيليا، أعلنت الحكومة أمس، أنّ مسؤولاً حكومياً التقى في نهاية الأسبوع الماضي، ترامب خلال الزيارة التي قام بها الرئيس جايير بولسونارو لواشنطن، مصاباً بالفيروس. 
وأضافت أنّها أبلغت الجانب الأميركي بالأمر، وأنّ السلطات اتّخذت «كلّ الإجراءات الوقائية للحفاظ على صحة الرئيس» البرازيلي. 
لكن ترامب أكد إنه «ليس قلقاً أبداً».

الأربعاء، 11 مارس 2020

بايدن يعزّز تقدمه على ساندرز ويقترب من الفوز بترشيح الديموقراطيين

واشنطن - من حسين عبدالحسين

لولا الذعر من فيروس «كوفيد - 19»، لاحتفل الديموقراطيون في الشوارع... لا لفوز نائب الرئيس السابق جو بايدن بالانتخابات التمهيدية في ستة ولايات، بل للحماسة الكبيرة التي أظهرتها القاعدة الشعبية للحزب الديموقراطي، اذ رغم «كورونا المستجد»، سجّلت نسبة المشاركة في الاقتراع ارتفاعاً بأكثر من 50 في المئة مقارنة بالانتخابات الحزبية للعام 2016، وهو ما يشي بأن «الموجة الزرقاء» التي انتزعت الغالبية من الجمهوريين قبل عامين لا تزال قائمة وساعية لاقتلاع الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، وحرمانه من الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
ودفع الخوف من الفيروس المتفشي عالمياً، كلا من بايدن وساندرز لإلغاء الخطاب الذي يلي عادة اليوم الانتخابي واستبداله بكلمة متلفزة، فيما مد نائب الرئيس السابق، يده لمنافسه، مؤكداً أنهما سيهزمان «معاً» ترامب.
أكبر جوائز اليوم الانتخابي الطويل، الذي كانت حصيلته 352 موفداً انتخابياً من أصل 1991 للفوز بترشيح الحزب، تمثلت بفوز بايدن على ساندرز بولاية ميشيغن، عاصمة صناعة السيارات الأميركية، وهي تقع في الغرب الأوسط، وتسكنها جالية كبيرة من العرب الأميركيين، فضلاً عن نسبة كبيرة من السود. وشكّلت هزيمة ساندرز ضربة معنوية له، إذ هو سبق أن فاز في هذه الولاية في الانتخابات التمهيدية قبل أربعة أعوام بنسبة 62 في المئة من الأصوات، لتتراجع نسبة أصواته إلى النصف. 
وكانت كبرى منظمات العرب والمسلمين الأميركيين أعلنت مساندتها ساندرز. ويقدّر عدد المسلمين المسجّلين بمليون ناخب، من أصل 130 مليون أميركي مسجل للانتخاب. وأخذ العرب، من أمثال عضو الكونغرس من أصل فلسطيني رشيدة طليب، يحشدون لمصلحة ساندرز. لكان مثلما فشلت زميلتها عضو الكونغرس من أصل صومالي الهان عمر، في منع هزيمة ساندرز في ولايتها مينيسوتا، لم تستطع طليب تحسين فرص ساندرز، الذي عانى هزيمة قاسية، وأظهر انعدام تأثير الكتلة العربية في مجريات الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي.
وإلى اكتساحه ميشيغن، فاز بايدن، وبفارق كبير في نسب الأصوات، في ولايتي ميسيسيبي وميسوري الجنوبيتين. في الأولى، بنسبة 80 في المئة من الأصوات، مقابل 15 في المئة لمنافسه، وفي الثانية، فاز نائب الرئيس السابق بنسبة 60 في المئة من الأصوات، مقابل 34 في المئة لساندرز. 
وعلى الساحل الغربي، حيث جرت الانتخابات التمهيدية في ثلاث ولايات كان اكتسحها ساندرز قبل أربعة أعوام، كانت النتائج لا تزال تشير، حتى مساء أمس، الى احتدام السباق بين الاثنين، مع أفضلية لبايدن في ايداهو، ولساندرز في نورث داكوتا.
وقال بايدن، الذي يمثل التيار المعتدل في الحزب الديموقراطي، في كلمة متلفزة لأنصاره: «أود أن أشكر بيرني ساندرز ومناصريه على شغفهم وطاقتهم التي لا تنضب».
وأضاف في خطاب هادئ أنه يتشاطر مع ساندرز «هدفاً مشتركاً»، مؤكداً «معاً سوف نهزم دونالد ترامب (...) وسنوحد هذه الأمة». 
ولفت بايدن الى التفاف الحزب الديموقراطي حول ترشيحه، وقال انه حصل على تأييد منافسيه السابقين والمرشحين سابقاً للرئاسة، بيت بوتيجيج، ايمي كلوباشار، مايك بلومبرغ، كوري بوكر، وكمالا هاريس. 
وأعلن أنه يكافح من أجل «روح هذه الأمة». 
ويبقى السؤال مطروحاً حول الموقف الذي سيتبناه ساندرز، وقد اشتد ضغط قيادة الحزب الديموقراطي فوراً من أجل أن ينسحب من السباق تحت شعار توحيد الصف بمواجهة الرئيس الجمهوري.
وقرر السناتور الذي عاد إلى معقله فيرمونت، ألا يدلي بأي موقف مساء الثلاثاء، لازما صمتاً يكشف عن المعضلة التي يواجهها السناتور الداعي إلى «ثورة سياسية» والذي أثار حماسة جماهير غفيرة ولا سيما من الشبان، أيدت وعوده بتوفير ضمان صحي شامل ودراسة مجانية.
وأقرت النائبة الديموقراطية الواسعة الشعبية ألكساندريا أوكازيو كورتيز الداعمة لساندرز «انها أمسية صعبة».
غير أن ناطقة باسم السناتور، دعت مؤيديه إلى ترقب المناظرة التلفزيونية المقبلة التي ستقتصر للمرة الأولى على المرشحين السبعينيين، وقالت بريانا جوي غراي متهكمة: «الأحد ستستمع أميركا أخيراً إلى بايدن يدافع عن أفكاره أو بالأحرى عن عدم أفكاره».