| واشنطن من حسين عبد الحسين | جريدة الراي
بعد أيام على ظهور تقارير في العاصمة الاميركية تفيد بان مسؤول الملف الايراني في الادارة الاميركية ومبعوث السلام السابق دينيس روس زار دمشق والتقى كبار المسؤولين فيها للبحث في التوصل الى سلام بين سورية واسرائيل، ووسط نفي رسمي سوري للزيارة، تضاربت الانباء في واشنطن حول حصول الزيارة، وما اذا كانت حصلت فعلا الى دمشق، أم ان روس التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مكان آخر.
ففي واشنطن تيارات عدة، تعمل احيانا وفقا لاجندات متضاربة، ما يجعل من الصعب تحديد تاريخ اجتماعات روس مع المسؤولين السوريين، خصوصا ان تم الاتفاق على سريتها.
الفريق الاساسي المعني بمتابعة مسار السلام بين سورية واسرائيل يقوده فريد هوف، ويعمل تحت اشراف مبعوث السلام الحالي جورج ميتشل. هذا الفريق يصر على ان عملية السلام بين دمشق وتل ابيب متوقفة تماما في الوقت الحالي، وينفي حصول الاجتماعات حسب علمه.
لكن الاسابيع الاخيرة شهدت احباطا اميركيا من مسار عملية السلام برمتها منذ دخول باراك اوباما البيت الابيض قبل عامين. وفي خضم ذلك، حضر الى واشنطن مسؤولون اسرائيليون رفيعو المستوى، وعقدوا لقاءات مع نظرائهم الاميركيين، الذين نقلوا اليهم خيبة امل اوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون من اداء وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، المؤيد الاول للسلام عموما ومع سورية خصوصا، في العملية السلمية.
ولطالما عمل باراك وزيرا للخارجية، وزار واشنطن تكرارا للحديث عن السلام، خصوصا في تعذر قيام وزير الخارجية الاسرائيلي اليميني افيغدور ليبرمان بالدور المطلوب، نظرا لتطرف مواقفه ولـ «غياب الكيمياء» بينه وبين نظرائه الاميركيين، على حد تعبير احد المسؤولين الاميركيين.
خيبة الامل الاميركية من باراك ودوره في عملية السلام التي كتبت عنها صحيفة «هآرتس»، اول من امس، هي التي حملت بعض المسؤولين الاسرائيليين والديبلوماسيين الاميركيين السابقين، الى الايعاز الى الادارة الاميركية بوجوب ولوج باب السلام - مع سورية خصوصا - من زاوية التعامل مع الملف الايراني.
عندما ينتقل الملف السوري من وضعية مفاوضات السلام الى وضعية ايران، تنتقل صلاحيته من ميتشل الى روس، الذي قام بزيارة سرية لاسرائيل في منتصف الشهر الماضي، حسب صحيفة «يديعوت احرونوت».
والانباء عن هذه الزيارة دفعت اكثرية المراقبين في واشنطن الى الاعتقاد ان اوباما قرر استبدال ميتشل، الذي لم ينجح في الدفع في اتجاه اي تقدم ملموس على المسار السلمي حتى الان، بروس.
«الراي» ووسائل اعلامية اميركية حملت التقارير عن امكانية استبدال ميتشل بروس الى مسؤولين في الادارة للحصول على اجابة، فسمعت نفيا اميركيا. لكن اللافت كان الحديث في الكواليس عن محادثات روس مع المسؤولين الاسرائيليين، والتي يبدو انها تركزت على ارتباط عملية السلام بموضوع ايران.
وجزمت بعض المصادر ان «روس اكمل جولته السرية بلقائه مسؤولين سوريين»، وهو ما نفته سورية، ما حمل بعض الصحافيين على العودة الى مصادرهم لتأكيد الخبر، لتقول المصادر انه «لو حصلت الزيارة سريا، فان الطرفين الاميركي والسوري سيقومان بنفيها. في الحد الادنى». وتضيف المصادر: «حصل اتصال، مباشر او غير مباشر، بين روس والسوريين».
كما يجزم العارفون في امور واشنطن ان «لدمشق اكثر من قناة اتصال مع واشنطن، تتضمن اعضاء في مجلس الشيوخ والكونغرس حاليين وسابقين». هؤلاء حملوا اخيرا رسائل مكثفة ومتكررة الى الادارة الاميركية حول «استعداد دمشق للحديث عن الابتعاد عن ايران»، وهو ما يجعل من دخول روس على خط السلام السوري - الاسرائيلي امكانية اكبر، حتى لو من دون علم بعض القنوات الرسمية، بما فيها ميتشل وفريقه، الذي ينفي اي حراك على المسار السلمي السوري - الاسرائيلي اليوم.
وفي وسط البلبلة الاميركية، يبرز تياران اميركيان. الاول يؤكد ان «دمشق جاهزة لانجاز السلام واعادة التموضع الاستراتيجي»، والثاني يجزم ان «تجربة مفاوضات السلام مع سورية في الماضي، كما اليوم، اثبتت انها اضاعة للوقت تستخدمها دمشق كلما احست بضغط دولي عليها من نوع او من آخر، ان كان في الموضوع اللبناني او الفلسطيني او غيرهما».
هل حصلت زيارة روس فعليا لدمشق بعد زيارته اسرائيل سريا؟ هل كانت تنوي التقارير عن حصول هذه الزيارة الى نسف زيارة كان ينوي روس القيام بها في المستقبل القريب الى سورية؟ هل هناك اتصال بين روس والسوريين او اختراق على المسار السلمي السوري - الاسرائيلي؟ يمكن للمهتمين في هذا الشأن والمتابعين للموضوع الحصول على اجابات متصاربة ومتناقضة من فرق اميركية عدة تعمل بالتنسيق مع فصائل اسرائيلية متباينة، فيذهب روس سرا الى اسرائيل، فيما ميتشل يزور المنطقة، وفي نفس الاثناء تتحدث واشنطن عن خيبة املها من باراك الذي يبدو انه يعد بسلام لا يقوى على الايفاء به في ظل ضعفه داخل الحكومة امام الاطراف الاسرائيلية الاخرى.
من يزور من؟ قد تحصل هذه الزيارات، وقد لا تحصل، ولكن المؤكد حتى كتابة هذه السطور ان واشنطن عازمة بحزم على تجديدها مساعيها للوساطة السلمية في الايام والاسابيع القليلة المقبلة، فيما تتواتر الاشارات من دمشق الى واشنطن - حول استعداد سورية للتوصل الى اتفاق واعادة تموضع - بشكل لا سابق له.
ويؤيد التفاؤل الاميركي حول قرب التوصل الى سلام سوري - اسرائيلي تجاوز اوباما للكونغرس وتعيينه روبرت فورد سفيرا في سورية بمرسوم، اذ بعد عام من اليوم، سيعود فورد الى مجلس الشيوخ لجلسة استماع جديدة والى معركة سياسية بين اوباما والجمهوريين اذا لم تقدم خلالها الادارة الاميركية اي انجازات ملموسة على الصعيد السوري، ويعود فورد وادارته، ومعهما العلاقة الاميركية - السورية، الى المربع الاول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق