حسين عبدالحسين
راقبت الاوساط الاميركية المعنية بسياسة الشرق الاوسط مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وخلصت الى سلسلة من الاستنتاجات، مفادها انه بعد عامين على اندلاع الحرب التي تقودها السعودية لطرد الحوثيين من صنعاء واعادة تنصيب عبدربه منصور هادي رئيساً، لم تؤد الحرب الى تغيير يذكر في ميزان القوى على الأرض.
واعتبر خبراء اميركيون ان تراجع السعودية السريع عن عدائها لصالح، وقبولها به حليفاً ضد الحوثيين، يعني أن لا حيلة للرياض في اليمن، وأن تأثير القوة الجوية السعودية محدود، وإن كان يساهم في تأجيج الكارثة الانسانية التي تفرضها الحرب المندلعة على اليمنيين.
ويقول خبراء الاميركيون إن رهان "التحالف العربي" على صالح أظهر إما أن هذا التحالف يحارب من دون افق، ومستعد تالياً للتحالف مع أي ما من شأنه تغيير الاوضاع على الأرض، او ان تقييمه لميزان القوى على الارض اليمنية خاطئ، ولا يعرف من أقوى ممن.
ويعتقد الخبراء الاميركيون انه لو كان "التحالف العربي" يعرف ان صالح ضعيف لدرجة ان انقلابه على الحوثيين سيؤدي الى مقتله في غضون يومين، لما كان راهن على صالح. كذلك، من شأن مقتل صالح، اثر انقلابه على ميليشيا الحوثي الموالية لايران وتعاونه مع التحالف الذي تقوده السعودية، ان يوحي لباقي الاطراف اليمنية ان التحالف مع الايرانيين مثمر، وان الانقلاب عليهم عواقبه وخيمة. الأمر نفسه ينطبق على رؤية اليمنيين تجاه السعودية، إذ لا بد ان الاطراف اليمنية، خصوصا من القبائل والعشائر التي تحاول غالبا الرهان على الطرف الاقوى، ان تبتعد عن "التحالف العربي"، بعدما صارت ترى محدودية قدراته في تغيير موازين القوى على الارض.
الاشكالية الوحيدة التي اقترحتها فئة من الخبراء الاميركيين تتعلق بـ"الشرعية" التي يفتقدها الحوثيون بسبب انتمائهم للأقلية المذهبية الزيدية، مقابل الغالبية السنية في اليمن. لكن الرد على هذا التحذير جاء على طريقة لفت النظر بعض الخبراء الى عدم الاهتمام الايراني بموازين الطوائف وتعدادهم في الدول العربية، والدليل الابرز مراهنة الايرانيين على اقليات مذهبية في سوريا ولبنان، ونجاحهم الى حد بعيد في فرض سطوة حلفائهم وتكريس حكمهم، بغض النظر عن تعدادهم السكاني او كونهم اقليات في بلدانهم.
وتابع الخبراء بإن كون الحوثيين أقلية مذهبية لا ينعكس على ميزان القوى على الارض اليمنية، بدليل إن دعوة هادي لانتفاضة شعبية لن تؤدي الى قيام السنة بانتفاضة ضد الحوثيين، فالشعور الطائفي شيء، وتنظيم هذا الشعور وتأطيره وتحويله الى قوة على الأرض شيء آخر، ومن غير الممكن ان يهب اليمنيون في انتفاضة شعبية عفوية في مواجهة تنظيمات مسلحة لا تمانع استخدام سلاحها لقمع معارضيها.
الصورة التي رسمها الخبراء المعنيون باليمن وشؤون الشرق الاوسط قاتمة، من وجهة نظر واشنطن: كيف يمكن تقليص نفوذ الميليشيات الموالية لايران في عموم المنطقة من دون تدخل قوات غربية على الأرض؟ الاجابة لدى بعض الخبراء اشارت الى ضرورة بدء انخراط الغرب وحلفائه من منافسي ايران في الاعداد لـ"لعبة على الأرض"، ويشيرون الى "خطة زيادة القوات" في العراق، التي تزامنت مع تحالف الاميركيين مع العشائر العراقية، وتنظيمها وتدريبها وتسليحها وتمويلها في حرب أدت الى القضاء على "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين". من دون تكرار نموذج "الصحوات" العراقية، لا تبدو القوى المنافسة لايران قادرة على وقف تمددها او وقف "نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الاوسط"، حسب التعبير الاميركي.
لكن هل لدى رئيس أميركا الحالي دونالد ترامب، الغارق في ازماته والتحقيقات التي تلاحقه، الرؤية المطلوبة لتبني واعادة تطبيق خطة مثل "الصحوات" العراقية؟ الاجابة تبدو في الغالب لا، مع ما يعني ذلك من استمرار التفوق الايراني على منافسيهم في المنطقة حتى اشعار آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق