واشنطن - من حسين عبدالحسين
قبل نحو 17 يوماً على موعد الانتخابات النصفية المقررة في السادس من نوفمبر المقبل، يجد الرئيس دونالد ترامب نفسه وحزبه الجمهوري في مأزق، اذ تظهر استطلاعات الرأي حتمية خسارتهما مجلس النواب في الكونغرس، فيما تحتدم المعركة بين الحزبين على مجلس الشيوخ، الذي تسعى الغالبية الجمهورية للاحتفاظ بسيطرتها عليه.
ومن شأن خسارة الجمهوريين لأي من غرفتي الكونغرس، ان يعطي الديموقراطيين اداة يمكنها تعطيل غالبية مشاريع ترامب، خصوصا في شؤون الاقتصاد. لكن بقاء مجلس الشيوخ في ايدي الجمهوريين يحفظ للرئيس الأميركي امكانية السيطرة على التعيينات المختلفة في الوزارات، وفي المناصب القضائية الفيديرالية، بما فيها مقاعد المحكمة الفيديرالية العليا التسعة، في حال تعذر استمرار أي من القضاة الحاليين لأي سبب طارئ.
في انتخابات النواب، يجمع الخبراء الاميركيون والناشطون من الحزبين ان «موجة انتخابية زرقاء»، اي ديموقراطية، مقبلة، ومن شأنها ان تطيح بسيطرة الجمهوريين على هذه الغرفة في الكونغرس. كما تظهر استطلاعات الرأي تقدم الديموقراطيين في الانتخابات المحلية للولايات، بما في ذلك احتمال انتزاعهم منصب محافظ في ست ولايات، فضلا عن انتزاعهم السيطرة على المجالس التشريعية المحلية، وهو ما يقلص من سطوة الجمهوريين في عموم البلاد في المدى المنظور.
الى الموجة الشعبية الديموقراطية المقبلة، يتحدث الاميركيون عن كمية التبرعات الانتخابية الهائلة التي اغدقتها قاعدة الحزب على قيادته. والاموال هذه تأتي من «متبرعين صغار»، وتراوح بين ثلاثة و20 دولاراً للمتبرع الواحد، فيما يستند الحزب الجمهوري إلى عطايا كبار المتمولين من اصدقاء الحزب، مثل شيلدون اديلسون، اليهودي الاميركي صاحب كازينوات القمار في لاس فيغاس وصديق رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو.
وكان الجمهوريون نجحوا، في العام 2008، في الاستحصال على حكم من المحكمة الفيديرالية العليا قضى بالسماح بنسف سقف التبرعات الانتخابية، والسماح للشركات والجمعيات بالتبرع، وهو ما يسمح للمتمولين الكبار بالتبرع مع الاختباء خلف اسماء جمعيات وهمية. لكن على الرغم من اصدقائهم المتمولين، يعاني الجمهوريون في الدورة الانتخابية الحالية من حماسة غير مسبوقة لدى الاميركيين العاديين في التبرع للحزب الديموقراطي.
ورغم تمركز المتمولين خلف الجمهوريين، حقق الديموقراطيون رقما قياسيا تمثل في جمعهم اكثر من مليار دولار في هذه الدورة الانتخابية، مقارنة بـ700 مليون جمعها الجمهوريون. وكان الرقم القياسي الماضي حققه الجمهوريون في انتخابات العام 2012، والتي جمعوا فيها 900 مليون دولار.
وكان بعض الولايات افتتحت مراكز اقتراع التصويت المبكر، وهذه اظهرت اقبالاً غير مسبوق لدى الناخبين بنسبة ثلاثة اضعاف معدل الدورات الماضية. والاقبال على الانتخاب هو في مصلحة الحزب الديموقراطي، الذي يتمتع بغالبية عددية، بما في ذلك تفوق مرشحتهم الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون على منافسها ترامب بأربعة ملايين صوت، ومع ذلك، منيت بخسارة بسبب قانون الكلية الانتخابية الاميركي المعقد.
ولعلمهم ان الغالبية الشعبية تساند الديموقراطيين، ولعلمهم ان الحماسة بين انصار الديموقراطيين في أعلى مراحلها بسبب الغضب العارم على ترامب وسياساته، راح الجمهوريون - عبر محازبيهم ممن يشغلون مناصب في الحكومات المحلية - يصدرون قوانين متشددة في الاوراق الثبوتية المطلوبة في اقلام الاقتراع، وهو ما يجعل من الاصعب على الديموقراطيين، الذين تأتي غالبية ناخبيهم من طبقات اقل اقتدارا، على الانفاق للاستحصال على اوراق هوية محدثة.
وفي ولاية جورجيا وحدها، قام المسؤول عن تنظيم الانتخابات، وهو مرشح جمهوري الى منصب محافظ، بشطب 50 الف ناخب من الاميركيين من أصل افريقي، وهؤلاء يقترعون بغالبيتهم الساحقة لمصلحة الديموقراطيين. وكذلك في ولاية نورث داكوتا، عمد المسؤولون الجمهوريون إلى اصدار قانون يفرض على الناخبين تقديم هوية تظهر مكان الاقامة، وهو ما يتعذر على السكان الاصليين من افراد القبائل ممن يعيشون في محميات لا اسماء شوارع فيها، ما يلغي اصوات 30 الفاً من الناخبين من سكان الولاية البالغ عددهم 670 الفاً، وما يعطي الجمهوريين افضلية. الا ان الديموقراطيين سعوا، بالتنسيق مع القبائل، إلى استصدار هويات حديثة للسماح للاميركيين الاصليين بالاقتراع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق