واشنطن - من حسين عبدالحسين
اقتلع الحزب الديموقراطي سيطرة نظيره الجمهوري على مجلس النواب في الانتخابات النصفية للكونغرس، أمس، واستعاد الغالبية للمرة الاولى بعد ثماني سنوات من خسارتها، فيما نجح الحزب الجمهوري في تعزيز غالبيته في مجلس الشيوخ. وطابقت النتائج التنبؤات، الى حد بعيد، وان لم تبد «الموجة الديموقراطية الزرقاء» بالحجم الذي توقعه البعض.
والفوز الديموقراطي هو الاول للحزب في انتخابات على مستوى البلاد، منذ فوز الرئيس السابق باراك أوباما بولايته الثانية في العام 2012.
اما ابرز انعكاسات الانتخابات على المشهد السياسي الاميركي، فتكمن في ان عودة نانسي بيلوسي الى رئاسة الكونغرس ستنهك الرئيس دونالد ترامب سياسياً، اذ يمكن للغالبية الديموقراطية في مجلس النواب، ان تجبر الرئيس على تقديم بيانات ضرائبه، التي دأب على اخفائها منذ ما قبل انتخابه للرئاسة، على عكس العادة.
كما يمكن للغالبية الديموقراطية ان تكفل استمرار التحقيق الخاص الجاري في امكانية تورط ترامب او افراد حملته بالتواطؤ مع روسيا ابان الانتخابات الرئاسية قبل عامين.
ومع ان عددا من الديموقراطيين طالبوا المباشرة باجراءات عزل ترامب، فور تسلمهم الغالبية مطلع العام المقبل، الا ان بيلوسي اعلنت، قبل الانتخابات، انه في حال استعادة حزبها الغالبية، فهي لن تسعى لعزل ترامب.
ويعزو المراقبون عزوف الديموقراطيين عن عزل ترامب الى أمرين: الأول ان اجراءات العزل تبدأ في مجلس النواب وتنتهي في الشيوخ، حيث يمكن للغالبية الجمهورية التصويت ضد العزل. والثاني ان العزل عملية مضنية قد تستغرق فترة سنتين، وهي المدة المتبقية من ولاية ترامب الرئاسية الحالية. كما يخشى الديموقراطيون ان تؤدي اي محاولة لعزل ترامب الى التفاف شعبي جمهوري حوله، وتاليا ضمان انتخابه لولاية رئاسية ثانية بعد عامين.
ويشكل الفوز الديموقراطي علامة فارقة في الحياة السياسية الاميركية لاسباب متعددة، اولها ان الجمهوريين عملوا، على مدى العقد الماضي، على تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل يضمن تفوقهم ديموغرافيا، وتاليا يضمن سيطرتهم على الكونغرس لعقود، ما يعني ان الفوز الديموقراطي كان كبيراً إلى درجة انتزع الديموقراطيون الغالبية، رغم كل الالاعيب التي مارسها المشرعون الجمهوريون لضمان احتفاظهم بها.
الدرس الثاني من الفوز الديموقراطي، هو بمثابة انذار لترامب مفاده بان خطابه السياسي المبني على التحريض ضد الاقليات العرقية، مثل الأميركيين من اصل أفريقي والاميركيين الجنوبيين والمسلمين، هو خطاب لا يكفي لحصد شعبية تضمن الحفاظ على الكونغرس، وفي وقت لاحق قد لا يكفيه التحريض للحفاظ على الرئاسة نفسها.
واشار الخبراء الاميركيون الى التراجع الكبير الذي شهده الجمهوريون شعبيا، اذ ان الدوائر الانتخابية التي فاز بها ترامب بفارق عشر نقاط مئوية او اكثر، قبل عامين، تقلص فيها التأييد للجمهوريين، وانقلب في بعض الدوائر الى موقف سلبي ليعطي الفوز للديموقراطيين.
كما اعتبر بعض الخبراء انه لو كانت الانتخابات الرئاسية جرت الثلاثاء، وبالنظر الى نتائج التصويت الشعبي، لكان سيستحيل على ترامب الفوز بولاية رئاسية ثانية، وهو ما يعني ان على الرئيس الاميركي تعديل خطابه، وان يتبنى خطاباً اكثر اعتدالاً يمكنه من استعادة بعض الشعبية للحفاظ على رئاسته. اما ان كان في وسع الرئيس ترامب تعديل خطابه - الذي يرى كثيرون ان طبيعته تمنعه من ذلك وتملي عليه شخصيته الشعبوية التحريضية - فسؤال برسم السنتين المقبلتين حتى موعد الانتخابات المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق