واشنطن - من حسين عبدالحسين
لم تفرغ بعض الدوائر الانتخابية الأميركية من فرز وعدّ أصوات مقترعيها بالكامل، حتى بدأت التكهنات الانتخابية حول مصير الرئيس دونالد ترامب، وإمكانية فوزه بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة بعد عامين.
وتناقلت وسائل إعلام أميركية أنه بسبب الخسارة الفادحة التي مُني بها حزب ترامب، الجمهوري، وهي خسارة لا تزال معالمها تتضح أكثر مع اقتراب عملية فرز الأصوات من خاتمتها، يسيطر على الرئيس مزاجاً قاتماً، في وقت تبدو حظوظ إعادة انتخابه في أدنى مستوياتها، مقارنة بأي رئيس في التاريخ الأميركي الحديث.
وتثير قلق ترامب مجموعة عوامل يمكنها، على المدى القصير، أن تؤدي إلى حرمانه ولاية ثانية، وأن تجعل منه رئيساً لولاية واحدة.
و«رئيس لولاية واحدة» هي عبارة تكاد تقارب الشتيمة، يرددها الجمهوريون غالباً بحق الرئيس الديموقراطي السابق جيمي كارتر، ويرددها الديموقراطيون بحق الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الأب.
أما ما يقلق الحزب الجمهوري، فمجموعة عوامل يمكنها، على المدى البعيد، أن تقصي الحزب عن السياسة عموماً، وأن تحوله الى حزب المعارضة الدائم، مع تعذر عودته الى السلطة.
مجموعة الأسباب التي تقلق ترامب يتصدرها واقع أن خارطة الانتخابات النصفية الأخيرة بدت مطابقة للانتخابات الرئاسية في العام 2012، والتي تغلب فيها الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما على نظيره السيناتور الجمهوري المنتخب ميت رومني، باستثناء ولاية أوهايو، التي فاز بها أوباما وحافظ عليها الجمهوريون في انتخابات الأسبوع الماضي. ولكن حتى من دون أوهايو، إن بقيت الخارطة الانتخابية بعد عامين على شكلها الحالي، يعني ذلك حتما خروج ترامب من البيت الأبيض.
كما أن من بين الأسباب التي تقلق ترامب أسلوبه، الذي يعتقد الرئيس أنه أسلوب ساحر تفوق فيه على كل السياسيين الأميركيين المنافسين، من داخل حزبه وخارجه، يبدو أنه لم يكن أسلوباً ناجحاً، بل يبدو أن فوز ترامب في انتخابات 2016، كان من قبيل الصدفة، خصوصاً بسبب الملل الذي كان أصاب غالبية الأميركين من عائلة كلينتون.
ويتبنى ترامب أسلوباً تقسيمياً، يعمل بموجبه على تحريض القاعدة اليمينية المحافظة ضد الشرائح الأميركية الأخرى، وهو ما يعطي الرئيس الأميركي تأييداً صلباً داخل الحزب يمكّنه من الفوز على خصومه، ولكنه تأييد أصغر من أن يحمله لانتصارات على مستوى البلاد.
ربما اعتقد ترامب أن بوسعه التخلي عن أسلوبه التحريضي بعد وصوله البيت الأبيض وتقديمه نتائج في الحكم، إلا أن أداء الرئيس الأميركي بان باهتاً ومرتبكاً، رافقته تغييرات متواصلة في كبرى المناصب في إدارته.
كما فشل ترامب في إبطال قانون الرعاية الصحية، وهو أكبر انجاز للديموقراطيين وسلفه باراك أوباما، ولم ينجح ترامب في الحصول على تمويل لبناء الحائط الذي وعد به على الحدود الجنوبية مع المكسيك، على الرغم من سيطرة غالبية جمهورية على الكونغرس بغرفتيه.
الإنجاز الوحيد الذي حققه ترامب في الحكم يكمن في استصداره قانوناً قضى بتخفيض ضرائبي، فيما يصرّ الجمهوريون على أن الضرائب الأدنى تدفع إلى نمو اقتصادي أكبر. على أن النمو المذكور لم يصل الى المعدلات الموعودة، على الرغم من ارتفاع عجز الموازنة الفيديرالية المتوقع ثلاثة أضعاف ليتعدى الترليون دولار لهذا العام. وفي حال صدقت تنبؤات الاقتصاديين، الذي يعتبرون أن فترة نمو الاقتصاد الاميركي طالت، بعد عودته من الركود الكبير في العام 2008، وأن ركوداً من المتوقع أن يحصل في أي لحظة، يمكن لأي نكسة اقتصادية أن تقضي على حظوظ ترامب لولاية ثانية، خصوصاً ان جاءت النكسة على مقربة من موعد الانتخابات.
أما الحزب الجمهوري، فيعاني من مشكلة ديموغرافية تكمن في تقلص غالبية البيض بين السكان، في وقت صار معظم مؤيدي الحزب من مسنين، إذ أظهرت انتخابات الأسبوع الماضي أن ثلثي الناخبين بين عمر 18 و49 اقترعوا لمصلحة الديموقراطيين، وأن تحريض ترامب للقاعدة الجمهورية يؤدي في الوقت نفسه الى ردة فعل لدى القاعدة الديموقراطية، مع العلم أن الحزب الديموقراطي تفوق على نظيره الجمهوري شعبياً في كل انتخابات رئاسية منذ العام 1988، لكن الجمهوريين حصدوا الرئاسة بفضل «الكلية الانتخابية»، وهذه تلغي التفوق الشعبي بهوامش ضيقة، ولكنها غير قادرة على إلغاء هوامش واسعة في حال استمرت زيادة عدد الديموقراطيين شعبياً بالنسب الحالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق