الخميس، 13 أغسطس 2020

اختيار هاريس لمعركة بايدن الرئاسية يضعف مناصري طهران في واشنطن

واشنطن - من حسين عبدالحسين

أعلن جو بايدن، المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، اختياره السناتور الديموقراطية عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس لتكون شريكته كمرشحة لمنصب نائب رئيس، في قرار فاجأ الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، لأنها لم تكن تحترم نائب الرئيس السابق خلال المناظرات، بحسب قوله، واصفاً إياها بأنها أكثر أعضاء مجلس الشيوخ «وضاعة وفظاعة وعدم احترم للآخرين».وكان بايدن أعلن - منذ الأيام الأولى لنيله ترشيح الحزب قبل أشهر - أنه ينوي اختيار امرأة لمنصب نائب رئيس. وقد قامت حملته بحملة تصفيات بين المرشحين للمنصب، وخلصت الى خيارين، هما مستشارة الأمن القومي لدى الرئيس السابق باراك أوباما سوزان رايس، وهاريس.
ولو قام بايدن باختيار رايس، لكان فتح الباب على مصراعيه لعودة معظم العاملين السابقين في السياسة الخارجية ومجلس الأمن القومي، من أمثال بن رودز، ولكان فتح الباب تالياً أمام أصدقاء النظام الإيراني في العاصمة الأميركية ومهندسي التقارب مع إيران والاتفاقية النووية معها.
أما اختيار هاريس، المنغمسة كلياً في السياسات الداخلية والبعيدة كل البعد عن السياسة الخارجية، فيشي بأن المرشح الديموقراطي ينوي تفويض نائبه المواضيع الداخلية، فيما يمسك هو بالملف الخارجي. 
وسبق لبايدن أن عمل - على مدى عقود - رئيساً للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. وعندما بدأ أوباما يبحث عن شريك يغطي له انعدام خبرته الخارجية، كان بايدن أبرز الديموقراطيين بسبب خبرته الطويلة وعلاقاته الخارجية.
على أن أوباما كلّف بايدن بالسياسة الخارجية، خصوصا ملف العراق، ولكن من دون أن يطلق يديه فيها. وبدوره قيام بايدن بتعيين انتوني بلينكن وبعده جايك سوليفان في منصب مستشار الأمن القومي، فأشرف بلينكن على الانسحاب من العراق، وأشرف سوليفان على تنفيذ رؤية أوباما تجاه إيران والتوصل لاتفاقية نووية معها. 
وسوليفان، الذي شارك في المفاوضات السرية مع ايران في مسقط الى جانب وكيل وزير الخارجية السابق بيل بيرنز، يعمل حالياً كبير مستشاري بايدن للسياسة الخارجية.
أما هاريس، التي تصغر بايدن بـ20 عاما وتبلغ من العمر 55 عاما، فسبق أن كانت مدعية عامة في ولاية نيويورك، وهو ما أظهر مهاراتها الكبيرة في الحوار والتحقيقات، خصوصا خلال جلسات الاجتماع في لجان الشيوخ. ومع أنها من المحسوبين على يسار الوسط داخل الحزب، إلا أنها تتمتع بشعبية واسعة لدى أقصى اليسار، أي جناح بيرني ساندرز ومؤيديه.
ومن مواقفها أثناء فترة عملها في مجلس الشيوخ، يظهر أن هاريس قامت بالتصويت لصالح قرار انتقد إدارة أوباما لعدم قيامها بممارسة حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن أدان المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. كما سبق للمرشحة الجديدة، أن صوتت لمصلحة بيان يؤيد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
ورغم مواقفها في السياسة الخارجية، الأقرب للصقور والأبعد عن الحمائم مثل رايس ورودز، إلا أنه من المستبعد أن يكون لهاريس، في حال فوز بايدن، دور كبير في العلاقات الخارجية.
ومع استبعاد رايس، واستبعاد جناحها المؤيد للعودة الفورية للاتفاقية النووية والانفتاح على طهران، صار من المرجح أن يتولى سوليفان هندسة السياسة الخارجية لبايدن في حال دخوله البيت الأبيض مطلع العام المقبل. وسبق لسوليفان أن عارض انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية وشكك بنجاعة العقوبات الأحادية عليها. لكن بعد نجاح العقوبات، كتب سوليفان أنه يعتقد أنه من غير المعقول عودة أميركا تلقائية الى الاتفاقية النووية من دون تحديثها والحصول على بعض الضمانات من الإيرانيين. 
وتظهر استطلاعات الرأي تقدماً كبيراً لبايدن على ترامب، وهي استطلاعات إن بقيت على حالها، تشي بفوزه والديموقراطيين بالبيت الأبيض، والأرجح في مجلس الشيوخ كذلك، لإضافتهما الى الغالبية التي يتمتع بها حزبهم في مجلس النواب.
وفي البيان الذي أعلن فيه اختيار هاريس، قال بايدن: «أحتاج إلى شخص يتفهم الألم الذي يعاني منه الكثير من الناس في بلدنا، ممن سواء فقدوا وظائفهم، أو أعمالهم، أو أحد أفراد أسرتهم بسبب فيروس (كورونا المستجد)». 
وأضاف: «أحتاج إلى شخص يفهم أننا في معركة من أجل روح هذه الأمة. وأنه إذا كنا سنجتاز هذه الأزمات، فنحن بحاجة إلى أن نتحد، وأن نتحد من أجل أميركا أفضل، وكامالا تفهم ذلك».
وتابع نائب الرئيس السابق: «قابلت كامالا للمرة الأولى مع ابني (الراحل) بو، وكانا كلاهما مدعيين عامين في الوقت نفسه، وكان يظهرا احتراما كبيرا لها ولعملها». 
وأضاف: «لقد فكرت كثيراً في هذا القرار عندما اتخذته، ولا يوجد رأي أقدره أكثر من رأي بو، وأنا فخور بأن تكون كامالا معي في هذه الحملة، فسجّل إنجازاتها يتضمن محاربتها - بالأسنان والأظافر - من أجل ما هو صحيح، وهذا هو سبب اختياري لها».
وختم بايدن بيانه: «لا يوجد باب لن تطرقه كامالا، ولا حجر ستتركه من دون أن تقلبه، وذلك سيعني تحسين الحياة لأميركيين كثر».
بدورها، غرّدت هاريس تعليقاً على ترشيح بايدن لها بالقول: «يمكن لجو بايدن أن يوحد الشعب الأميركي لأنه قضى حياته يقاتل من أجلنا، وبصفته رئيسا، سيبني أميركا إلى مستوى يمثلنا... ويشرفني أن أنضم إليه بصفته مرشح حزبنا وبصفتي نائب الرئيس، وسأفعل ما يلزم لجعله القائد العام لبلدنا».
وهاريس من أب جامايكي وأم هندية، وسبق أن حاولت الفوز بترشيح الحزب لهذه الدورة، قبل أن تنهار حملتها وتعلن انسحابها في ديسمبر الماضي.
وهاريس (أ ف ب)، أول مدعية عامة سوداء لولاية كاليفورنيا، وأول امرأة في هذا المنصب وأول امرأة من أصول جنوب آسيوية تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ. وهي الآن تسعى لكي تصبح أول امرأة نائبة للرئيس.
وتروي هاريس، التي تجسد حياة في بعض النواحي، الحلم الأميركي: «كانت والدتي تقول لي على الدوام: قد تكونين الأولى في القيام بالكثير من الأمور، لكن احرصي ألا تكوني الأخيرة».
كان والدها دونالد هاريس أستاذاً في الاقتصاد ووالدتها شيامالا غوبالان كانت باحثة في سرطان الثدي.
وانفصل والداها عندما كانت هاريس في الخامسة تقريبا. فربتها والدتها التي توفيت في 2009، مع شقيقتها مايا. 
وفيما من غير المتوقع أن يتبوأ بايدن البالغ 77 عاماً الرئاسة لأكثر من ولاية واحدة في حال انتخابه، فإن هاريس ستكون على الأرجح الأوفر حظا في الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي بعد أربع سنوات من الآن.
وهذا يمكن أن يمنحها فرصة أكبر في دخول التاريخ، كأول رئيسة سوداء للولايات المتحدة.
وإضافة إلى خبرتها في الفروع القضائية والتنفيذية والتشريعية للحكومة، يتوقع أن تعطي هاريس زخماً كبيراً للسباق إلى البيت الأبيض الذي طغت عليه جائحة «كوفيد - 10» والأزمة الاقتصادية.
في المقابل (رويترز)، قال ترامب، إن هاريس كانت «تسيء بشدة» لبايدن خلال الانتخابات التمهيدية. 
وأضاف للصحافيين: «أحد الأسباب التي فاجأتني أنها ربما كانت أكثر إساءة لجو بايدن حتى من بوكاهونتاس. كانت لا تحترم جو بايدن ومن الصعب اختيار شخص قليل الاحترام للآخرين».
وكان ترامب يشير إلى المرشحة الديموقراطية لانتخابات الرئاسة إليزابيث وارن بوصف «بوكاهونتاس»، نسبة إلى السكان الأصليين للولايات المتحدة.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008