الأربعاء، 5 أغسطس 2020

تقارير أميركية: نيترات الأمونيوم سلاح «حزب الله»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

شاءت الصدف أن يطلق «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» خريطة تفاعلية حول أنشطة «حزب الله» اللبناني «الإرهابية حول العالم» في اليوم نفسه الذي تعرّضت فيه بيروت لأضخم انفجار في تاريخ الجمهورية اللبنانية. 
وشاءت الصدف أن يرد في النص الذي قدم الخريطة، أن فيها «معلومات جديدة عن لوجستيات (الحزب) بالتفصيل، مثل طرق السفر التي سلكها عناصر (حزب الله) داخل بلغاريا وخارجها في يوليو 2012 لتفجير حافلة بورغاس، واسم الأستاذ اللبناني الفرنسي الذي تفيد الشرطة القبرصية بأنه اشترى المنزل الآمن حيث كان حزب الله يخزن عبوات نيترات الأمونيوم لإنتاج المتفجرات».
ونيترات الأمونيوم هي المادة التي أوردت التقارير في بيروت بأن 2700 طن منها كانت مخزّنة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وهي التي أدى انفجارها إلى «بيروتشيما»، نسبة لضخامة الانفجار وتماثله مع إلقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية.
وتضاربت الأنباء اللبنانية حول سبب تخزين أطنان نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، فأشارت تقارير الى أن السلطات صادرت حمولة سفينة كانت تقل هذه المواد قبل سنوات، وذكرت تقارير أخرى أن عمالاً كانوا يقومون بـ «تلحيم فجوة» في جدار كانت تؤدي الى هذه المادة المخزنة، وأن درجة الحرارة المرتفعة والشرارة المتولدة من عملية تلحيم الحديد أدت لانفجار الأطنان المذكورة.
على أن التقارير الأميركية حول استخدام «حزب الله» نيترات الأمونيوم، وتهريبه على شكل عبوات مثلجة، ثم استخدامه لصناعة عبوات في هجمات حول العالم، ليست حديثة. 
ويورد تقرير أصدرته «اللجنة الأميركية اليهودية»، نهاية العام الماضي، أن تهديد «حزب الله» لأوروبا يتجلى في بناء بنية تحتية حول العالم قادرة على شن هجمات متفجرة. 
«في السنوات الأخيرة»، يضيف التقرير، «كشفت السلطات عن منازل ومستودعات آمنة تحتوي على كميات هائلة من المواد المتفجرة، ففي عام 2015، تم اكتشاف مستودع يخزن 8.3 طن من نيترات الأمونيوم في قبرص، وبعد ستة أشهر تم اكتشاف ثلاثة أطنان في أربعة مخابئ في لندن». 
ويتابع أنه «فضلاً عن مخاطر الانفجارات العرضية التي تهدد الأحياء السكنية، تم الكشف عن أن الشحنة المستخدمة في تفجير (حزب الله) في بورغاس»، في بلغاريا عام 2012، كانت «تحتوي على نيترات الأمونيوم».
بدورها، أوردت «دراسات في الصراعات والإرهاب»، وهي دورية أكاديمية رصينة صادرة عن دار «فرانسيس اند تايلور»، بحثاً بقلم الأميركيين ايون بوب وميتشل سيلبر، جاء فيها أن «حزب الله» أجرى مراراً، وعبر قارات مختلفة، نوعاً من التخطيط اللوجستي المتقدم من خلال تكديس مخزونات كبيرة من أكياس ثلج «الإسعافات الأولية» غير المؤذية، و«المليئة بنيترات الأمونيوم». 
وأضافت الدراسة: «ثبت أن هذه الخطوة يتميز بها حزب الله لتخزين المتفجرات حول العالم، وذلك حسب ما بدا جلياً من خلال إحباط عمليات للحزب في تايلند وقبرص والمملكة المتحدة». وتابعت: «كانت المرة الأولى التي قام فيها حزب الله بتخزين نيترات الأمونيوم في أكياس ثلج الإسعافات الأولية في تايلند في 2012».
في سياق متصل، وعلى الجانب الإسرائيلي، أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن جهاز «الموساد» كان قدم «لألمانيا معلومات حول مخازن في جنوب لبنان خبأ فيها حزب الله مئات الكيلوغرامات من نيترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم لصنع المتفجرات».
وفي مقابلة أجرتها إذاعة «صوت أميركا» مع مائير خافيدنفار، أشار خبير شؤون الشرق الأوسط في «المركز المتعدد التخصصات في هرتزليا في إسرائيل»، إلى أن القرار الألماني كان «يعد انحرافاً دراماتيكياً عن سياسة برلين السابقة، لكنه تم على أساس معلومات استخبارية من الموساد لجهاز الاستخبارات (بي أن دي)»، مفادها بأن «بعض المنتسبين إلى حزب الله كانوا يقومون بتخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم لصنع المتفجرات، في مستودعات مختلفة في جنوب ألمانيا».
إذاً، لا نيترات الأمونيوم بعيدة عن «حزب الله»، ولا إسرائيل غافلة عن استخدام الحزب لهذه المادة في عملياته الخارجية. لكن هل تكفي هذه المعلومات لربط تفجير بيروت بعملية إسرائيلية ضد مخزونات «حزب الله» من «نيترات الأمونيوم» في مرفأ بيروت؟ 
لا إجابات متوفرة في العاصمة الأميركية، بل تكهنات فحسب، تعتقد أن ملكية الحزب لمخزونات المرفأ أمر شبه محسوم، وأن دولة لبنان وأجهزة الإعلام المحسوبة على «حزب الله» أبدت ارتباكاً في الخروج برواية موحدة عن أسباب الحادثة، إلى أن توصلت إلى رواية مصادرتها من سفينة أجنبية قبل سنوات. 
قد يكون حادثاً عرضياً بسبب سوء ظروف التخزين، وقد يكون هجوماً على طراز الهجمات الغامضة التي تعرضت لها إيران في الفترة الأخيرة. الثابت أن الدولة اللبنانية ستصدر رواية حول تقصير بعض المسؤولين وترميهم كأكباش فداء، فيما لا إسرائيل من عادتها إعلان مسؤوليتها عن هجمات من هذا النوع، في حال كانت هي من تقف وراءها، ولا «حزب الله» في صالحه تبني مواد أدت الى أكبر تفجير في تاريخ لبنان، وإن قام الحزب باتهام إسرائيل، فسيجبره ذلك على الانتقام بفتح حرب عبر الحدود الجنوبية، وهي حرب لا يريدها الطرفان، على الأقل في الوقت الحالي.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008