| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
لتركيا الحق في ان تعارض الحرب الاميركية على العراق في العام 2003. ولكن ان تقوم انقرة بذلك، ثم تطلب سرا من الاميركيين اقامة قواعد اميركية على الاراضي التركية، وتتوسلهم الابقاء على قوات في العراق اليوم هو «نفاق تركي»، على حد وصف مسؤول اميركي.
تركيا كررت «نفاقها» هذا في الحالة الليبية، اذ «ايدت بشراسة، سرا وعلنا، بقاء العقيد (معمر) القذافي ونظامه»، ثم عندما تغيرت الرياح وبدا انهياره حتميا، قفزت انقرة الى ضفة المجلس الانتقالي، وكان وزير خارجيتها (احمد داود اوغلو) من اوائل المسؤولين الاجانب الذين زاروا بنغازي، ربما للتكفير عن ذنب بلاده».
وفي الوقت الذي «تتوعد فيه تركيا اسرائيل، تبدو عاجزة امام (الرئيس السوري بشار) الاسد، وهذا سببه ابتزاز الاخير لها بموضوع حزب العمال الكردستاني»، حسب المسؤول، الذي كشف ايضا ان تركيا طلبت رسميا من الولايات المتحدة اقامة قواعد للطائرات الاميركية من دون طيار على اراضيها حتى تقوم واشنطن بتزويدها بصور جوية واستخباراتية عن المقاتلين الكرد في المناطق الجبلية جنوب شرق البلاد وشمال العراق. وقال المسؤول الاميركي ان الجيشين الاميركي والتركي يقومان بتنسيق كامل للغارات الجوية والهجمات المدفعية التي تشنها تركيا ضد مواقع كردية في الشمال العراقي، وان البلدين اقاما في العام 2007 «غرفة عمليات مشتركة في انقرة» تتسلم صورا جوية من طائرات تجسس اميركية من نوع «يو تو» و «ار سي 135» و«اي بي 3» و«آر كيو 4 غلوبا هوكس»، وان الطائرات الاميركية، التي تقلع من قاعدة انجرليك التركية، تعمل على مدى 16 ساعة يوميا في الجو لمراقبة المنطقة حيث ينشط المقاتلون الكرد.
الا ان المسؤول الاميركي اكد رفض بلاده «المشاركة في توجيه اي ضربات ضد حزب العمال الكردستاني»، رغم ان اميركا تضعه على لائحة المنظمات الارهابية. ويعزو المسؤول تحاشي واشنطن المشاركة في تسديد اي ضربات ضد الحزب الى رفضها «الدخول طرفا في نزاع محلي». كما يغمز من قناة تحالف اميركا مع كرد العراق، وخشيتها من ان يؤدي تورطها في حرب انقرة على حزب العمال الى توتير العلاقة مع حلفائها العراقيين.
انقرة بدورها تقدمت بطلب لشراء عدد من طائرات «ام كيو 9 ريبرز»، وهي نماذج حديثة لطائرات التجسس من دون طيار. وبينما تدرس الادارة الطلب التركي، تحركت اوساط الكونغرس لمنع الصفقة، فعدد كبير من اعضاء الكونغرس من اصدقاء اسرائيل يبدون استياءهم من تصرفات تركيا تجاه اسرائيل، خصوصا بعد قيام الاولى بطرد سفير الاخيرة الاسبوع الماضي على خلفية تسريبات من ويكيليكس اظهرت احتمال قيام جنود اسرائيليين بتنفيذ ما يشبه عملية اعدام لمواطن اميركي من اصل تركي كان على متن قافلة المساعدات التركية المتوجهة الى غزة العام الماضي.
وعلمت «الراي» ان «اصدقاء تركيا» في واشنطن عملوا على تكثيف اتصالاتهم بـ «اصدقاء اسرائيل»، والطلب اليهم التراجع عن منع صفقة الطائرات التي تطلبها انقرة. وعلل الاتراك تصرفات انقرة بالقول انها «خطوة سياسية فقط، ولا تؤثر بالعلاقة بين تركيا واسرائيل، ولا على امن اسرائيل».
هذا «النوع من النفاق»، على حد وصف المسؤول الاميركي، «ينطبق على سياسة تركيا الخارجية برمتها». وقال المسؤول: «يأتي الاتراك الينا مذعورين من البرنامج النووي الايراني، يطلبون منا العمل على ايقافه، ويطلبون ان نساعدهم في اطلاق برنامجهم، ثم يجلسون في مجلس الامن ويتصرفون كأصدقاء لايران».
واضاف: «يتحدث اردوغان عن تأييده لحقوق الفلسطينيين، ثم يرفض هو حقوق كرد تركيا السياسية والثقافية، ويستخدم طائرات ف 16 لدك مواقعهم وايقاع قتلى مدنيين في صفوفهم». واوضح المسؤول: «يتحدث اردوغان عن تأييده لحرية الشعوب العربية، ويعارض تدخل حلف الناتو لحماية بنغازي والليبيين من مجازر القذافي».
وتابع المسؤول الاميركي: «اما الاكثر تناقضا في الخطاب التركي فيتجلى في اطلالات اردوغان المتواصلة عن الاسد، يدين في نصفها الاسد، ويؤيد بقاءه في نصفها الآخر... ثم تستضيف تركيا المطالبين برحيل الاسد، وتبقي على علاقاتها الديبلوماسية والتجارية معه».
«الراي» سألت عن احتمال قيام تركيا بانشاء شريط عازل داخل الحدود السورية الشمالية لايواء سوريين هاربين من عنف نظامهم، فاجاب المسؤول الاميركي انه «ليس لدى تركيا لا القدرة العسكرية ولا السياسية للقيام بهكذا عملية»، وانه «على الرغم من ان انقرة تتصرف وكأنها تدير ايقاع الاحداث في المنطقة، فهي في الواقع عاجزة عن التأثير في مسار الامور، وكل ما يهمها هو مصالحها المباشرة مثل الابقاء على امتيازاتها التجارية، ان كان مع القذافي او مع معارضيه، والابقاء على من يساعدها في محاربة حزب العمال الكردستاني (الاسد)، حتى لو جاء بقاؤه على حساب الشعب السوري، الذي تزعم انقرة ان مصلحته تعنيها فيما هي لم تحرك ساكنا على الرغم من تجاوز عدد القتلى السوريين على يد الاسد اكثر من 2500».
في هذه الاثناء، «لا يضير اردوغان القليل من التصريحات عن ذهابه للحرب مع اسرائيل، او القليل من الزيارات الى ليبيا وتونس ومصر، اوالتوعد بزيارة غزة». كل هذه التصرفات، يختم المسؤول في واشنطن، «تنم عن سياسة تركية ذات وجهين، واحد شعبوي علنا والآخر يسعى الى مصالح تركيا فقط سرا... بكلمة واحدة هذه سياسة نفاق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق