واشنطن - من حسين عبدالحسين
ظهرت إلى العلن الكذبة الأولى على لسان الرئيس دونالد ترامب، بعدما أعلن صديقه ومحاميه عمدة نيويورك السابق رودي جولياني ان الرئيس كان سدد مبلغ 130 الف دولار لإسكات نجمة الافلام الاباحية ستورمي دانيالز، قبل الانتخابات الرئاسية في خريف 2016.
وقال جولياني لشبكة «فوكس نيوز»: «لقد دفعوا المال من خلال شركة محاماة وسددها الرئيس. كانت تلك مبالغ دفعها محاميه كما كنت سأفعل، من أموال شركته للمحاماة أو أي أموال أخرى لا يهم. وسدد الرئيس ذلك المبلغ على مدى أشهر عدة»، مضيفاً ان المبلغ لم يشكل انتهاكاً لقوانين تمويل الحملة الانتخابية لأنه «لم يكن من أموال الحملة».
وتزامن إعلان جولياني مع تعديل في الرواية من جهة ترامب، الذي صار فريقه يعتبر أن ادعاء دانيلز عن إقامة علاقة جنسية مع ترامب، قبل سنوات، هو محض افتراء.
وسبق لأحد مراسلي البيت الأبيض ان سأل ترامب إن كان يعرف أن محاميه مايكل كوهن قد قام بتسديد المبلغ المذكور لاسكات دانيالز، فأجاب ترامب بالنفي، وهذا يعني أن الرئيس بات في موقع الكاذب بعدما أكد تصريح جولياني أن مصدر المبلغ هو مال ترامب الشخصي.
وعلّق ترامب على تصريحات جولياني، في سلسلة من تغريداته الصباحية الشهيرة، أمس، بإعادة تقديم روايته حول ما وصفها بالادعاءات الكاذبة لدانيالز عن علاقة جنسية بينهما.
ويخضع محامي ترامب الشخصي ومحامي شركته وعائلته مايكل كوهين للتحقيقات أمام مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي)، بعدما اقتحم محققون من الجهاز الامن المذكور مكتب كوهن في برج ترامب في مدينة نيويورك، وصادروا كومبيوتره الشخصي ووثائق.
وكان فريق محامي ترامب، الذي يعد للدفاع ضد تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر في امكانية تورط المرشح ترامب أو العاملين في حملته مع عملاء الحكومة الروسية اثناء الانتخابات الرئاسية، قد شهد تغييرات تشي بأن الرئيس الاميركي لا ينوي الخوض في دفاع قانوني، بل يعمد إلى خوض مواجهة سياسية ضد مولر والتحقيق.
في هذا السياق، خرج آخر محامي البيت الابيض تاي كوب، بشكل مفاجئ، معلناً تقاعده، ليتولى الفريق جولياني وايميت فلود، والأخير هو المحامي الذي ترافع باسم الرئيس السابق بيل كلينتون، يوم كان الأخير يتعرض لاجراءات خلع من منصبه على خلفيه تورطه في علاقة جنسية مع المتدربة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي في العام 1998.
وتزامناً، جدد ترامب حملته على التحقيق الذي يصفه، باستمرار بـ «صيد الساحرات»، معتبراً أنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فإنه قد يضطر الى «استخدام الصلاحيات الرئاسية»، في تصريح يعد بمثابة تهديد رئاسي بطرد مولر والمسؤولين عن التحقيق في وزارة العدل.
على ان التقارير من داخل البيت الابيض تشير الى ان مستشاري الرئيس عمدوا الى تحذيره مراراً من مغبة طرد مولر أو المسؤولين عنه، معتبرين أن مثل هذه الخطوة ستثير أزمة سياسية حادة في وجه الرئيس من دون ان ينجح في وقف التحقيق، الذي سيستمر بغض النظر عن هوية مسؤولي وزارة العدل.
وفعلياً، تفرعت التحقيقات عن مولر، الذي عثر على تجاوزات أثناء تحقيقه، فلم يلاحقها لأنه غير مفوض بذلك، بل أبلغ الوزارة، التي أحالتها على المدعين الفيديراليين المعنيين.
هكذا، أصبحت التحقيقات في موضوع دانيالز منفصلة عن عمل مولر، وغير خاضعة للتجميد في حال طرده أو وقف تحقيقه.
بدوره، رد وكيل وزارة العدل رود روزنستاين، وهو المشرف على تحقيقات مولر بسبب تحييد الوزير جيف سيشنز نفسه، بعدما ثبت اتصاله بالسفير الروسي السابق في واشنطن، للحفاظ على حيادية التحقيق، بالقول انه على الرغم من التهديدات التي يصدرها بعض الاشخاص ضد وزارة العدل، الا ان «الوزارة لن تتعرض للابتزاز من أي نوع». وروزنستاين هو ممن عينهم ترامب في منصبه، وطالبه الرئيس بالولاء بسؤاله «في صف أي فريق تقف انت يا رود؟». إلا ان روزنستاين يبدو انه يسعى للحفاظ على مهنيته ومصداقيته، حتى لو تسبب ذلك بغضب رئاسي عليه.
سلسلة الاضطرابات القانونية والسياسية هذه التي يعاني منها ترامب دفعت عدداً كبيراً من المعلقين الى اعتبار ان الرئيس الاميركي سيسعى الى القيام بخطوات كبيرة ولافته للنظر في السياسة الخارجية، من قبيل التوصل لاتفاقية تاريخية مع كوريا الشمالية أو توجيه ضربة لايران، لتشتيت الانتباه عن التحقيقات والمصاعب التي تلاحقه في الداخل.
ومن هذا القبيل، كشفت وسائل الاعلام الاميركية ان ترامب تفاوض مع الحكومة الاوكرانية سراً، ووافق على تزويدها بصواريخ مضادة للآليات تساعد الجيش الاوكراني في تصديه للميليشيات الموالية لموسكو شرق البلاد، مقابل إقفال كييف ابوابها في وجه مولر وتحقيقاته. وفعلاً، قامت أوكرانيا بالتضييق على عمل مولر، وسمحت لبعض الشهود في قيام مسؤولين اوكرانيين سابقين بتسديد رشى لرئيس حملة ترامب السابق بول مانوفورت بالفرار الى موسكو، حيث يستحيل التحقيق معهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق