واشنطن - من حسين عبدالحسين
يجمع المسؤولون الأميركيون أن الحرب السورية انتهت من دون أن ينجح الرئيس بشار الأسد في حسمها لمصلحته. ويرى هؤلاء أن الأسد استعاد السيطرة على نصف إلى ثلثي الأراضي السورية، وهي مساحة يقطنها نصف إلى ثلثي السوريين، لكنهم يشيرون إلى صعوبات يواجهها الأسد وحلفاؤه، لناحية تثبيت الأمن في المناطق التي تمت استعادتها، بسبب النقص الكبير في عدد المقاتلين المنضوين في تحالف روسيا وإيران والأسد.
ويقول المسؤولون الاميركيون، في مجالسهم الخاصة، إن القاعدة في الجيش الأميركي هي أن كل ألف من السكان يحتاجون 20 رجل أمن لحفظ الاستقرار، ما يعني أن الأسد يحتاج 200 ألف إلى ربع مليون جندي للحفاظ على استقرار 10 أو 12 مليوناً من السوريين ممن يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها، فيما لا يسع الأسد والحلفاء تجنيد أكثر من 150 ألفاً.
وتتألف قوات الأسد وحلفائها الهجومية من 20 ألفاً من جيش النظام، وستة إلى ثمانية آلاف من «حزب الله» اللبناني، وألفي مقاتل إيراني، و15 ألفاً من الشيعة الأجانب من العراق وافغانستان.
حاجة الأسد إلى قوات لتثبيت المناطق التي يسيطر عليها تعني تعذر إمكانية استعادته مناطق إدلب في الشمال، ودرعا في الجنوب، ومناطق شرق الفرات. أما خروج هذه المناطق عن سيطرة الأسد يعني استمرار بعض الحروب الجانبية، مثل الحرب بين إسرائيل وايران على الأراضي السورية، وحرب تركيا والمجموعات الكردية في الشمال والشرق، والحرب بين القوات الأميركية وبعض وحدات الأسد التي تحاول بين الفينة والاخرى اقتحام المناطق الكردية التي يتواجد فيها أميركيون.
ويعتقد المسؤولون أن من شأن انسحاب القوات الاميركية البالغ عددها نحو ألفي جندي من شمال شرقي سورية الى تأجيج المواجهات بين تركيا والأكراد.
وفي ما يتعلق بالمناطق التي يسيطر عليها الأسد، يلفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه على الرغم من إعلان النظام مراراً أنه قام بتمشيط منطقة ما وتنظيفها، لا يمرّ وقت طويل قبل أن يعلن النظام القيام بالعملية نفسها، وهو ما يشي بأن تحالف الأسد قادر على الاستيلاء على مناطق سورية هجومياً، مع صعوبة الحفاظ عليها أو الدفاع عنها.
ومع أن المسؤولين الاميركيين يستبعدون إمكانية أن يقوم المعارضون المسلحون المنهكون بتنظيم صفوفهم داخل مناطق الأسد، بيد أنهم يعتقدون أن عدم قدرة الأسد على الإمساك بأمن بعض المناطق التي يحكمها قد يؤدي الى تفشي الجريمة المنظمة وتحولها الى مناطق خارجة عن القانون وعن سيطرة دمشق.
سياسياً، يشير المسؤولون الاميركيون إلى التباين الذي صار يبدو جلياً بين موسكو، التي يبدو أنها اكتفت بما حققته حتى الآن ولا ترى ضرورة الحسم واستعادة كل الأراضي السورية، وبين طهران، التي تحاول استعادة كل المناطق وإقامة قواعد تابعة لها وللميليشيات الموالية لها.
ويشير بعض متابعي الشأن السوري للاستقبال الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبشار الأسد في روسيا، حيث أعلن بوتين نهاية الحرب وضرورة انسحاب كل القوات الاجنبية من الاراضي السورية، وهو إعلان ردت عليه طهران علناً بالامتعاض، وسط تقديرات بأن بوتين لا يمانع بقاء الأمور في سورية على ما هي عليه، مع بقاء ثلث إلى نصف أراضي سورية وسكانها خارج سيطرة الأسد.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن الأسد يحاول التملص من طلب بوتين له بضرورة كتابة دستور جديد يحد من صلاحياته الدستورية وعدد ولاياته في الحكم.
لم تعد سورية ساحة يمكن لبوتين إلحاق الضرر فيها بأميركا، غير المهتمة، بل صارت ساحة تحاول إيران عبرها إلحاق الضرر بإسرائيل. بوتين يريد أذية الاميركيين، لكنه يرى نفسه صديقاً للإسرائيليين، مع ما يعني ذلك موافقته على ضرورة إنهاء النفوذ الايراني في سورية، وهي السياسة التي يتبعها بوتين بفتحه المجال الجوي السوري للمقاتلات الاسرائيلية التي تدك أهدافاً إيرانية على مزاجها، ومن دون أي رادع.
هكذا انتهت الحرب السورية من دون منتصر. أما نتائجها، فما تزال مجهولة، وهي ستظهر بلا شك في الأشهر والسنوات المقبلة، ولكن ما هو غير مجهول، حسب المسؤولين الاميركيين، هو أن سطوة الأسد لا تبدو في ذروتها حسبما يحلو للرئيس السوري تصويرها، بل تبدو حكماً مفككة بين الأنقاض، بانتظار توصل المجتمع الدولي إلى قرار نهائي بشأن مصيره ومصير البلاد بأكملها، وهو قرار قد يحتاج إلى سنوات حتى يتم التوصل إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق