واشنطن - من حسين عبدالحسين
عكّرت الاحداث صفو عطلة دونالد ترامب الصيفية - بعدما بدا أن الرئيس الاميركي حقق سلسلة من الانتصارات السياسية التي انعكست ارتفاعاً طفيفاً في نسبة التأييد الشعبي له في استطلاعات الرأي - مع وقوع مجزرتين في ولايتي تكساس واوهايو.
وتزامنت المجازر، الناتجة عن تفلت السلاح وانتشاره بين الاميركيين، مع انخفاض في اسواق المال بلغ ثلاثة في المئة، وهو الاكبر منذ اشهر، وذلك بسبب الغضب الذي انتاب الرئيس الاميركي على اثر عودة الوفد الاميركي المفاوض من الصين من دون التوصل لاتفاقية تجارية بين البلدين.
على اثر المجزرتين، قال ترامب، في تغريدة، ان الوقت حان لتشديد قوانين التفتيش في خلفيات الاميركيين ممن يشترون ويقتنون السلاح الفردي، ولكنه موقف لم يكرره ترامب اثناء اطلالته في خطاب موجّه الى الاميركيين، بل آثر الالتزام بخطاب لوبي السلاح المعروف بـ«ان آر ايه»، وألقى باللائمة على «المرض النفسي والكراهية» كمسبب للمجازر بين المدنيين الاميركيين، متبنيا شعار اللوبي المذكور بالقول ان «السلاح لا يقتل، بل حامل السلاح هو الذي يقتل»، وهو ما يعني ان المشكلة هي في الناس لا في السلاح.
وتشير استطلاعات الرأي الى غضب اميركي من غياب التشريعات الناظمة لعمليات شراء وامتلاك السلاح الفردي بين الاميركيين. ويقدر الخبراء ان الاميركيين يمتلكون اكثر من 350 مليون قطعة سلاح فردي، بمعدل اكثر من قطعة سلاح للفرد الواحد.
وفور وقوع المجزرتين، سارع المشرعون، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري،، الى الحديث عن ضرورة اقرار قوانين اكثر تشدداً لعمليات مبيعات واقتناء الاسلحة، لكن ترامب لم يجارهم، بل هو اتخذ موقفا اكثر ليونة، وهو ما دفع الجمهوريين الى التراجع عن مواقفهم و«الاختباء» خلف الرئيس.
أما في الحرب التجارية التي يخوضها ترامب ضد الصين، فأشارت التقارير الى غضب انتاب الرئيس الاميركي اثر عودة الوفد المفاوض من بكين من دون التوصل لاتفاق. ويطالب ترامب الصينيين بالدخول في اتفاقية تجارية تلزمهم احترام قوانين الملكية الفردية، والتوقف عن الاستيلاء على التكنولوجيا الاميركية ونسخها واستخدامها في الصناعات الصينية والمضاربة بها على منافستها الاميركية.
ويعتقد الخبراء، ان الصين تراهن على مرور الوقت، وخروج ترامب من البيت الابيض، لتفادي توقيع اتفاقية تقدم فيها تنازلات تجارية. الرئيس الأميركي، بدوره، جعل من موضوع التوصل لاتفاقية تجارية مع الصين تنصف الولايات المتحدة وتحمي براءات اختراعاتها موضوعا مركزيا في حملة اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، وهو ما يدفعه الى المجازفة بحرب تجارية كبيرة مع الصينيين لتحقيق هدفه.
وفيما يحذّر كثيرون، منهم كبار القادة الاقتصاديين في ادارة ترامب، من عواقب حرب تجارية مع الصين على اداء الاقتصاد الاميركي، وهو ما من شأنه تهديد فرص اعادة انتخاب ترامب، يعتقد الرئيس ان أميركا يمكنها الانتصار في حرب اقتصادية، حتى لو بتكلفة اقتصادية لاميركا نفسها.
وإلى أن تنتصر أميركا على الصين اقتصادياً، ستستمر حرب ترامب الاقتصادية عليها باهتزازات في الاسواق المالية، وهو ما يثير حفيظة الاميركيين، ويؤدي لانخفاض في شعبيته في استطلاعات الرأي، التي تشير الى ان نسب تأييد ترامب، بعد مرور 930 يوماً على رئاسته، هي الادنى مقارنة مع 12 من اسلافه، أي منذ العام 1945، في الوقت نفسه من رئاستهم.
ويتطابق ترامب مع رئيس واحد في نسبة معارضة الاميركيين له في هذا الوقت من رئاسته، هو الرئيس الديموقراطي السابق جيمي كارتر. وهو من الرؤساء القلائل الذين فشلوا في الفوز بولاية ثانية.
على ان ترامب قد يراهن على متسع الوقت الذي ما زال يفصله عن موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2020، وهو ما يعني ان احداث هذا الصيف ستصبح من الماضي البعيد، سياسياً، مع اقتراب موعد الانتخابات العام المقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق