واشنطن - من حسين عبدالحسين
تتابع الأوساط الأميركية الصراع في الشمال السوري، الذي تعتقد انه يزداد تعقيداً، وتحاول فهم ما ان كانت المعطيات على الأرض هي التي ترسم مواقف القوى المحلية والاقليمية والدولية المعنية، أم ان القوى المعنية منخرطة في محاولات لتحسين موقعها على الأرض لتحقيق مكاسب يمكنها ان تفيد منها سياسياً.
وتحدد المصادر الاميركية، اربعة لاعبين دوليين منخرطين في الشمال السوري، هم تركيا وروسيا وايران والولايات المتحدة، وثلاثة محليين هم نظام الرئيس بشار الأسد، والمجموعات الكردية، وتنظيم «داعش»، الذي يعتقد كثيرون انه خسر كل الاراضي التي يسيطر عليها ولكنه حافظ على وجوده كميليشيا مسلحة قادرة على خوض «حرب عصابات»، مثل سائر الفصائل المسلحة المنتشرة في عموم الاراضي السورية.
يضاف إلى أوراق التفاوض حول من يسيطر على ماذا، صفقة المنظومة الصاروخية الروسية «اس 400»، التي اشترتها انقرة من موسكو، وهو ما تسبب بتوتر في العلاقة بين تركيا، من ناحية، واميركا والعواصم الاوروبية، من ناحية ثانية، وهو توتر قد يصل حد اخراج تركيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو أمر تتمنى روسيا حدوثه. وكانت تركيا تسلمت، قبل اسابيع، جزءا من المنظومة الروسية، لكن المفاوضات بين الاتراك والاميركيين، متواصلة. ويبدو ان الاميركيين لا يمانعون شراء تركيا المنظومة، البالغ سعرها مليارين ونصف مليار دولار، بشرط عدم تركيبها أو تشغيلها او استضافة تقنيين روس للاشراف على عملها.
وكان المبعوث الاميركي المسؤول عن الملف السوري جيمس جيفري عاد من زيارة لأنقرة أخيراً، تباحث خلالها حول عدد من الملفات المتداخلة، خصوصا اصرار تركيا على التخلص من المجموعات الكردية السورية، او دفعها الى مسافة تبعد 30 كيلومتراً على الأقل عن الحدود التركية الجنوبية مع سورية.
وتشك واشنطن، في قيام انقرة بشن هجوم عسكري، لأن موسكو تعارض الأمر لسببين: الأول انها تتظاهر انها حامية السيادة السورية وستضطر لادانة اي عملية عسكرية قد تبدأ بعد عطلة عيد الاضحى. والثاني، العلاقة بالمجموعات الكردية مقرونة بوعود قطعتها موسكو لها بمنع الأذى التركي عنها، مقابل موافقة عودتها للانضواء تحت لواء نظام الأسد، في مرحلة ما بعد رحيل القوات الاميركية.
وفي لعبة المد والجزر، تحولت محافظة ادلب الشمالية، التي تؤوي مجموعات مسلحة معارضة تحت سيطرة تركية، الى حلبة سباق بين موسكو وأنقرة، تستخدمها روسيا لتحقيق مكاسب في مواقع اخرى، رغم اتفاقات وقف اطلاق النار المتكررة التي توصل اليها الطرفان، والتي يتم انتهاكها بشكل متواصل.
اما إيران، تقول المصادر الاميركية، فمصالحها بعيدة عن الشمال السوري، ومحصورة في الوسط الشرق والجنوب، حيث تسعى لاقامة بنية تحتية عسكرية رديفة لمواقع «حزب الله» في لبنان، وهو ما يثير حنق اسرائيل، التي تسعى لدى روسيا لوقف التمدد الايراني. لكن موسكو تحتاج لعديد المقاتلين الذي يفتقده الأسد، وهو ما يضفي تعقيداً آخر على سباق حول تقاسم النفوذ في بلاد انحسر فيها نفوذ الحكومة والنظام منذ اندلاع الثورة ضد حكم الأسد في العام 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق