واشنطن - من حسين عبدالحسين
جريدة الراي
أثارت طريقة إعلان الرئيس دونالد ترامب، قيام القوات الأميركية بقتل زعيم تنظيم «داعش» الارهابي أبوبكر البغدادي، بعض السخرية والكثير من القلق في الأوساط الأميركية.
أثارت طريقة إعلان الرئيس دونالد ترامب، قيام القوات الأميركية بقتل زعيم تنظيم «داعش» الارهابي أبوبكر البغدادي، بعض السخرية والكثير من القلق في الأوساط الأميركية.
السخرية تسبّب بها قيام ترامب بنشر صورة أظهرته يجلس في «غرفة الأوضاع» في البيت الأبيض، مرتديا بذلة رسمية، والى جانبه نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الدفاع مارك اسبر، وقائد الأركان الجنرال جايمس ماكونفيل.
وعلى الفور أعادت الصورة إلى الأذهان صورة الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن وكبار أركان إدارته يوم كانوا يتابعون عملية قتل زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي أسامة بن لادن في العام 2011.
وفيما أظهرت صورة مقتل بن لادن، أوباما بملابس غير رسمية وقد بدت على محياه ملامح القلق، بدا ترامب في صورته شبه مبتسم وهو ينظر في الكاميرا، وبدت الصورة مصطنعة.
وفعلاً، أظهر التدقيق بالتفاصيل الإلكترونية للصورة انه تم التقاطها في الساعة الخامسة من بعد ظهر السبت، فيما العملية تمت مع حلول الساعة الثالثة بعد الظهر، أي في الوقت الذي كان يلعب ترامب، الغولف. وفي وقت لاحق أكدت مصادر البيت الأبيض أن الصورة تم التقاطها بعد العملية، في محاولة من ترامب للإيحاء بانه اشرف عليها، فيما هو لم يكن على علم بأنها كانت تجري.
ويعتقد خبراء في العاصمة الأميركية أن القيادة العسكرية تخفي على ترامب تفاصيل بعض المعلومات التي بحوزتها والعمليات التي تقوم بها لان الرئيس «ثرثار»، ولأن ثرثرته قد تؤدي إلى إفشال العملية وتعريض حياة أميركيين أو مصادر أميركية للخطر. وسبق لترامب ان نشر في تغريدة صورة للقاعدة التي أطلق منها الإيرانيون قمراً اصطناعياً، لم يتكلل بالنجاح، الأمر الذي كشف أن أميركا تراقب الأرض الإيرانية عن كثب، وهو ما لم يكن معلوماً لدى طهران.
وقبل صورة إيران، ابلغ ترامب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي كان يزوره في البيت الأبيض في العام 2017، أن أميركا حصلت على معلومات استخباراتية من إسرائيل مفادها بأن «داعش» كان ينوي شن هجمات بأجهزة كومبيوتر محمولة مفخخة، وهو ما عرّض المصدر إسرائيلي للخطر.
ومثله، خشيت الاستخبارات الأميركية على مصير مقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يتجسس لمصلحة أميركا، وخافت الاستخبارات أن يقوم ترامب بكشف هوية الجاسوس، فعمدت إلى تهريبه إلى واشنطن، حيث يقيم في إحدى ضواحيها.
هكذا، أبلغت الاستخبارات ترامب عن مقتل البغدادي بعد حصول العملية. لكن الرئيس، المشهور كنجم «تلفزيون الواقع»، أصرّ على الإفادة السياسية من العملية، فركّب صورة لمحاولة إقناع الأميركيين بأنه أشرف على مقتل البغدادي. لكن فارق التوقيت الذي كشفته الصورة، ونظرة ترامب ومساعديه التي خلت من القلق، أثارت السخرية تجاه رئيس يسعى للأضواء أكثر منه للإنجازات الفعلية.
ولأنه يسعى إلى النجومية دائماً، أقلق قيام الرئيس الأميركي بتقديم تفاصيل عسكرية حول العملية القادة العسكريين، فهو كشف، في خطابه المطول الذي استمر 48 دقيقة، عدداً من العناصر والأساليب والإجراءات التي ستسمح للإرهابيين، الذين ستستهدفهم أميركا مستقبلاً، التحسب لها، من قبيل إشارة ترامب إلى أن أميركا تقوم بمراقبة التواصل بين الإرهابيين عبر وسائل غير خليوية، بما فيها قنوات الإنترنت. كذلك، أشار إلى الأنفاق التي رصدتها واشنطن مسبقاً، وعدد المروحيات الثماني التي استخدمتها القوات الأميركية لتنفيذ العملية، كما الطريق الجوي الذي سلكته المروحيات ذهاباً وإياباً.
مقتل البغدادي عملية نوعية سيستخدمها ترامب لإسكات أعضاء الكونغرس من الجمهوريين ممن ينتقدون سياسته الخارجية، خصوصا تجاه سورية، وهي عملية سيستخدمها في دعايته الانتخابية لإعادة انتخابه لولاية ثانية العام المقبل، فهل سيتذكر الناخب الأميركي أن ترامب كان يلعب الغولف، وأن صورته في «غرفة الأوضاع» كانت للدعاية، أم أن الناخبين سيعتقدون أن العملية تثبت كفاءة رئيسهم في مكافحة الإرهاب وحماية الولايات المتحدة منه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق