واشنطن - من حسين عبدالحسين
بعد شهر على التحقيقات الأولية في اللجان، أعلنت نانسي بيلوسي، أن مجلس النواب سيصوّت غداً على البدء رسمياً بإجراءات خلع دونالد ترامب، وهو ما يعطي اللجان قوة قانونية أكبر لإجبار إدارة الرئيس الأميركي على التعاون مع التحقيقات، وتقديم الوثائق والشهود التي تطلبها، تحت طائلة مواجهة عقوبات تحت عنوان «احتقار العدالة».
ومن المتوقع أن تنجح الغالبية الديموقراطية، في المصادقة على القرار، فيما تتجه الأنظار إلى أعضاء مجلس النواب من الجمهوريين ممن قد ينضمون إلى الديموقراطيين. وحتى الآن، أعلن عضو جمهوري واحد تأييده لخلع ترامب، وهو النائب جستن عمّاش، وهو من أصل فلسطيني.
وفيما يقرع الديموقراطيون طبول مواجهة «كسر العظم» سياسيا مع ترامب، يعاني الجمهوريون من الفوضى التي تشوب صفوف الإدارة الحالية، إذ إن ترامب لم يقم حتى الآن «غرفة حرب»، على غرار ما فعل سلفه الديموقراطي بيل كلينتون يوم واجهته غالبية الجمهوريين بإجراءات خلع في التسعينات.
وما يقلق الجمهوريين، خصوصاً أعضاء مجلس الشيوخ ممن يشكلون الغالبية، أن الدلائل التي ظهرت الى العلن حتى الآن تشير إلى أنه لدى مجلس النواب قضية دامغة ضد الرئيس بتهمة محاولة استخدام نفوذ منصبه في الضغط على أوكرانيا لإجبارها على تقديم ما من شأنه أن يدين هنتر بايدن، ابن نائب الرئيس السابق والمرشح للرئاسة عن الديموقراطيين حاليا جو بايدن.
وما يقلق الجمهوريين أيضاً هو أن ترامب لم يقدم، حتى الآن، خطة دفاعية متماسكة يمكن لأعضاء مجلس الشيوخ الاستناد إليها في دفاعهم وتصريحاتهم، وهم يخشون أن يقدموا أي دفاع عن الرئيس، ثم تتكشف أدلة فاضحة أكثر، فيصبحون شركاء في الجرم، بحسب الرأي العام، الذي قد يدينهم بعدم انتخابهم لولايات قادمة.
جلّ ما قدمه ترامب حتى الآن هو دفاع استعراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، غالبا بمهاجمة الديموقراطيين وإطلاق أسماء تشهيرية بحقهم. ومثل ترامب، لا استراتيجية واضحة لدى البيت الأبيض لكيفية مواجهة الخطر المحدق برئاسة ترامب، وهو ما دفع الجمهوريين في الكونغرس الى عقد جلسات مقفلة للتباحث في كيفية التعامل مع الأزمة التي تزداد عمقا كل يوم.
وبعد التصويت على البدء بإجراءات الخلع، من المتوقع أن تقدم اللجان مشروع قانون للخلع، برفقة قرائن ودلائل. وإن وافقت غالبية مجلس النواب، وهو المرجح، تتحول الإدانة الى قرار ظني، ويتحول مجلس الشيوخ الى هيئة محلفين، ويدير قضاة المحكمة العليا عملية محاكمة الرئيس.
وعملية الإطاحة بالرئيس تحتاج موافقة ثلثي مجلس الشيوخ، أي 67 سناتوراً، فيما تتألف الأقلية الديموقراطية من 48 عضواً، ما يعني أن الإطاحة تحتاج لانضمام 19 سناتورا جمهورياً الى الديموقراطيين. ومن الجمهوريين، وحده السناتور عن ولاية يوتا والمرشح السابق للرئاسة ميت رومني أعلن استعداده التصويت للإطاحة بترامب، فيما يبدو أن بين الغالبية الجمهورية خمسة أعضاء ممن يخشون أن يؤدي تصويتهم ضد عزل الرئيس إلى غضب شعبي ضدهم في ولايتهم، وتالياً خسارتهم مقاعدهم، بسبب تدني شعبية ترامب في هذه الولايات.
ومن شأن خسارة الجمهوريين ثلاثة مقاعد أن يطيح بالغالبية التي يسيطرون عليها، فتصبح في ايدي خصومهم الديموقراطيين، وهو أمر يسعى زعيم الغالبية الجمهوري الى تفاديه مهما كان، وهو ما يعني أن قرار ميتش ماكونل حول دعم ترامب من عدمه يرتبط باستطلاعات الرأي وإمكانية أن تؤدي معارضة خروجه من الحكم الى خسارة الجمهوريين مجلس الشيوخ.
وبين الجمهوريين، 24 سناتوراً ممن ستجري انتخابات لتجديد ولاياتهم العام المقبل، ومن بين هؤلاء أربعة على الأقل ممن تظهر استطلاعات الرأي تأخرهم عن منافسيهم الديموقراطيين بسبب تدني شعبية ترامب، وهو ما يؤثر سلبا على حظوظ حزبه الانتخابية في بقية المناصب في عموم البلاد.
الديموقراطيون بدورهم يعتقدون أن الدلائل التي حصلوا عليها حتى الآن دامغة جداً، وهي ستقلب الرأي العام ضد ترامب، فإما يشارك الجمهوريون في إطاحته، وإما يخسرون غالبية مجلس الشيوخ، في انتخابات العام المقبل، لدفاعهم عنه، وقد يخسرون مع الغالبية، البيت الأبيض نفسه، وهو ما يعني انه اذا حافظ الديموقراطيون على مجلس النواب، وهو المرجح، تصبح أكبر ثلاث مؤسسات، الكونغرس بغرفتيه والرئاسة، في أيدي الديموقراطيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق