واشنطن - من حسين عبدالحسين
عمد الصحافيون الاميركيون المقرّبون من نظام الجمهورية الاسلامية في ايران إلى نشر مقالات، في كبرى المؤسسات الاعلامية الاميركية مثل «نيويورك تايمز» و«نيويوركر»، مفادها بأن الرئيس دونالد ترامب يستميت للقاء نظيره الايراني حسن روحاني، أو على الأقل إجراء اتصال هاتفي معه، وأنه في آخر محاولاته، طلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تدبير اتصال له مع روحاني أثناء تواجد الوفد الايراني، في أحد فنادق نيويورك، للمشاركة في الاعمال السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الاسبوع الماضي.
في «نيويورك»، نشرت روبن رايت، وهي من الصحافيين الاميركيين الذين يزورون طهران بانتظام، ان ترامب كان ينتظر على الهاتف، فيما راح ماكرون يطلب من روحاني الحضور الى الجناح الفرنسي للحديث مع ترامب عبر خط الهاتف المحمي الذي سبق لتقنيين اميركيين ان اعدّوه في الفندق. وكانت الساعة التاسعة والنصف مساء، وفيما كان ماكرون ينتظر وترامب على الهاتف عبر مكبرات الصوت، لم يأت روحاني، بل التزم مكانه في جناح الوفد الايراني.
ورغم ان رايت أوحت بان ترامب هو الذي يستجدي لقاء الايرانيين، إلا انها كتبت في المقالة نفسها، ان الاوروبيين، أي فرنسا وبريطانيا والمانيا، هم الذين يدفعون الى حوار مباشر بين ترامب وروحاني، او على الأقل بين الرئيس الأميركي ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، الذي قالت رايت انه سبق ان تلقى دعوة باليد من السناتور الجمهوري راند بول، المقرب من ترامب، لزيارة البيت الابيض.
ويصرّ الايرانيون على انهم لن ينخرطوا في أي حوار مع الاميركيين قبل قيام واشنطن برفع كل العقوبات التي فرضتها منذ انسحابها من الاتفاقية النووية العام الماضي.
في المقابل، يصر ترامب على أنه ليس في عجلة من أمره لحوار مع ايران، وانه يتوقع ان يأتي الايرانيون يوماً للحوار معه، تحت وطأة عقوباته الاقتصادية غير المسبوقة. ويقول الايرانيون انهم لا يثقون بأميركا، وان اي حوار يجب ان يكون بمشاركة اوروبية، لا حواراً ثنائياً.
وتشير رايت الى خطة يأمل الاوروبيون ان يوافق عليها الايرانيون، لو قيض للرئيسين الاميركي والايراني الحديث مباشرة، مبنية على اربعة بنود، من دون ان تشير الى ماهيتها.
على انه انتشرت في واشنطن في الآونة الاخيرة، تقارير اشارت الى خطوة اوروبية لتسوية اميركية مع ايران، مبنية على أربعة بنود:
- الاول، تعديل الجدول الزمني لاتفاقية فيينا النووية (2015)، وجعل البنود التي ترد فيها دائمة لا تنقضي مدتها، أي انه لا يأتي يوم يمكن فيه للايرانيون، تخصيب اليورانيوم من دون مراقبة دولية، أو التخصيب بدرجات أعلى من المتفق عليها.
- والبند الثاني، يقضي بإضافة مادة تحدد مدى الصواريخ البالستية التي يمكن لايران اجراء التجارب عليها، وتكون في الغالب قصيرة المدى، لا متوسطة أو بعيدة المدى.
- ويرتكز البند الثالث، على إنهاء فوري لحرب اليمن، والتوصل الى تسوية سياسية بين والحكومة الشرعية والحوثيين، وهو ما من شأنه ان يؤدي الى نزع فتيل التوتر في الخليج، وتأكيد حرية الملاحة فيه.
مقابل هذه البنود الثلاثة، تتعهد واشنطن رفع كل عقوباتها، وعودة الامور الى ما كانت عليه، وهو ما من شأنه ان يعيد الصادرات النفطية الايرانية من نصف مليون برميل يومياً، الى ما كانت عليه في العام 2016، اي نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً.
لكن الحوار لم يحصل، بل آثر الايرانيون تسريب الانباء عن رفض روحاني المشاركة في محادثة هاتفية، فيما كان ماكرون وترامب ينتظرانه... فما الهدف من السياسة الايرانية الحالية؟
تعتقد مصادر في الادارة الاميركية، ان هدف إيران الرئيسي، اظهار انتصارها على الولايات المتحدة، والتأكيد انها لم تشارك في حوار تحت ضغط العقوبات، بل ان الاميركيين هم الذين استجدوا الايرانيين للمباشرة بحوار. لكن يبدو ان ترامب يسعى للهدف نفسه، فهو يكرر ان الايرانيين هم الذين يطلبون الحوار، ويقول انه في انتظارهم.
كيف الخروج من الحلقة المفرغة التي يحاول فيها الطرفان اظهار انتصار كل منهما على حساب الآخر؟ الاوروبيون يعتقدون انه يمكنهم التوسط بشكل يصوّرهم المبادرين الى فتح حوار يشارك فيه الطرفان في الوقت نفسه، ومن دون ان يستجدي احدهما الحوار مع الآخر. حتى الآن، لا يبدو ان المجهود الاوروبي أدى الى اي نجاح يذكر، ولكن النجاح قد يحصل في اي لحظة، وقد لا يحصل ابداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق