واشنطن - من حسين عبدالحسين
عملية خلع الرئيس الجاري بحثها في الكونغرس، وإمكانية إخراج دونالد ترامب من البيت الأبيض، أجبرت الرئيس الأميركي على مبادلة مواقفه المرتبكة في السياسة الخارجية بسياسة واضحة ومتماسكة، مقابل تمسك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، من المغمسين في السياسة الخارجية من أمثال ليندسي غراهام وماركو روبيو، بالتصويت ضد أي قرار إطاحة ضد الرئيس.
المبادلة بين ترامب وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، أفضت إلى تقديم إدارة ترامب سياسة خارجية متماسكة حول ما تبقى من قواتها في سورية، خصوصاً في الجزء الشرقي والجنوبي، المعروف بحوض الفرات الأوسط، وهي أراضٍ صحراوية وريفية بمعظمها.
والسياسة الجديدة تقضي بالاحتفاظ بمناطق الطاقة السورية، خصوصاً حقل العمر ومعمل غاز كونوكو، ومنع الرئيس بشار الأسد أو أي من حلفائه الوصول إليها أو الإفادة منها. وهذا المنع هو جزء من الحصار على الأسد، وحرمانه من أي أموال لإعادة إعمار، ما لم ينخرط بتسوية شاملة مع معارضيه.
وتتضمن الخطط العسكرية تعزيز القوات المنتشرة اليوم بنشر دبابات «أبرامز»، وبطاريات مدفعية «برادلي»، فضلا عن «مئات من الجنود والخبراء اللوجستيين». ولم يحدد المسؤولون كم مئة من الجنود ستبقي أميركا في سورية، لكن الترجيحات تشير إلى أن عددهم سيقارب الالف.
وستواصل الولايات المتحدة تعاونها مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، لكن هذا التعاون لن يشمل منطقة حوض الفرات، بسبب الحساسية بين الأكراد والعرب، بل ان واشنطن عملت على بناء تحالف مع ست عشائر سنية تعيش في هذه المناطق، وهي عشائر الولدة، والعفادلة، والصبخة، والبو سرايا، والبقارة والعقيدات.
وسبق لهذه العشائر أن تعرضت لعنف دموي من تنظيم «داعش»، ثم ساهمت في القضاء على آخر معاقل «الدولة الإسلامية» التي تسمي نفسها «خلافة». وسعى المسؤولون للتأكيد لهذه العشائر ان الولايات المتحدة تبحث عن تحالف طويل الأمد معهم، وأنها ستمدهم بالمال والسلاح والاشراف العسكري، وستقدم لهم أموالاً لإعادة إعمار ودعم متنوع.
وإلى حرمان الأسد وحلفائه من الطاقة السورية، أشار المسؤولون في واشنطن إلى أن القوة الأميركية، مع عشائر الفرات الأوسط و«قسد»، ستسعى إلى مراقبة «الجسر البري»، الذي تقيمه إيران لربط طهران بساحل البحر الأبيض المتوسط، والذي يمرّ عبر المعبر الذي يربط البوكمال السورية بالقائم العراقية.
ويعتقد الخبراء الأميركيون أن ميليشيات «كتائب حزب الله» العراقية الموالية لإيران قامت ببناء قاعدة عسكرية كبيرة في البوكمال، وهي قاعدة تعرضت لضربات جوية، الأرجح أن إسرائيل هي من قامت بها.
ومن بين الأهداف الأميركية في السياسة الجديدة تجاه سورية، العمل على إخراج كل المقاتلين الموالين لإيران، خصوصا من الجنوب المحاذي لإسرائيل. على أن هذا الهدف لن يتضمن أعمالاً حربية، حسب المبعوث الخاص المكلف الشأن السوري جيمس جيفري، الذي ابلغ الكونغرس، أثناء جلسة استماع الأسبوع الماضي، ان واشنطن تسعى لإخراج إيران من سورية بالوسائل الديبلوماسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق