| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
أربكت تصريحات رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد، عن التزام إيران بالاتفاقية النووية المبرمة بينها وبين الدول الكبرى، إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي يبدو أن فريقه يعكف على تبني سياسة جديدة ترفع من الضغط في وجه الإيرانيين، بعيداً عن «النووي» وشؤونه.
وقال دانفورد، أثناء مثوله الثلاثاء الماضي في جلسة استماع أمام لجنة «شؤون القوات المسلحة» في مجلس الشيوخ شهدت المصادقة على التجديد له في منصبه، ان التقارير التي تصله تشير إلى أن إيران ملتزمة ببنود الاتفاقية النووية، معتبراً أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية يُضعف من مصداقيتها، ويدفع دولاً مثل كوريا الشمالية إلى تفادي الدخول في اتفاقيات مشابهة إذا ما رأت أن أميركا لا تحترم هذا النوع من الاتفاقيات.
كما اعتبر دانفورد أن انسحاب الولايات المتحدة أحادياً من الاتفاقية سيثير حلفاء أميركا ضدها، وأن إعادة فرض العقوبات الاميركية على قطاع النفط الإيراني بشكل أحادي لن تؤتي ثمارها ما لم تلتزم دول العالم بتطبيق العقوبات الأميركية الجديدة، وهو أمر مستبعد.
ويأتي موقف دانفورد في وقت تنخرط الإدارة في نقاش حامي الوطيس في شأن تقريرها المقبل إلى الكونغرس منتصف الشهر المقبل، الذي تفيد فيه الادارة المشرعين إن كانت إيران ملتزمة بالاتفاقية أم لا.
ويسعى ديبلوماسيو وزارة الخارجية، وعلى رأسهم الوزير ريكس تيلرسون، إلى تقديم إفادة تؤكد أن إيران متجاوبة، وهو ما يعني ضرورة تمديد الإعفاءات المرتبطة بالعقوبات الأميركية، فيما يسعى العاملون في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الابيض، وغالبيتهم من المعينين سياسياً، إلى رفع تقرير للكونغرس يشير إلى أنه «رغم التزام إيران بنص الاتفاقية، إلا أنها لا تلتزم بروحيتها». ويبرر البيت الابيض «عدم التزام إيران بروح الاتفاقية» بالاشارة إلى قيام طهران بتجارب على الصواريخ البالستية، وهو ما يعتقد معارضو تمديد الإعفاءات بأنه يقوّض الاتفاقية.
على أن المتابعين في العاصمة الاميركية يرصدون إشارات مُفادها أن المطالبين بالانسحاب من الاتفاقية النووية بدأوا بالتخلي عن مطالباتهم، وباشروا على ما يبدو بتطبيق «الخطة باء»، وهي خطة تقضي بتفادي الحديث عن الاتفاقية، وحشد التأييد السياسي الأميركي والعالمي ضد نشاطات إيران الأخرى المسماة «نشاطات مزعزعة لاستقرار المنطقة»، مثل التجارب الصاروخية، وتمويل ودعم ميليشيات في العراق وسورية ولبنان واليمن، وهي الميليشيات التي تُقوّض سيادات الحكومات المحلية وتتسبب بزعزعة استقرار المنطقة عموماً، حسب معارضي الاتفاقية.
أولى بوادر الاستراتيجية الجديدة للمطالبين بزيادة الضغط على ايران جاءت في دراسة أصدرتها «جمعية الدفاع عن الديموقراطيات»، وهي من مراكز الأبحاث اليمينية المحسوبة في عداد «أصدقاء إسرائيل». وجاء في الدراسة انه منذ التوصل للاتفاقية النووية مع إيران وإفراج العالم عن أرصدتها المجمّدة، رفعت طهران من كمية الأموال المخصصة لـ «حزب الله» اللبناني إلى 800 مليون دولار سنوياً. واضافت الدراسة ان ميزانية الحزب مرهقة بسبب انخراطه في الحرب السورية.
واتهمت الدراسة الحزب اللبناني بابتزاز المغتربين الشيعة اللبنانيين، وتهريب المخدرات، وتبييض الأموال. كما اتهمت نائب رئيس فنزويلا طارق العيسمي، وهو من أصل لبناني، بفتح حسابات مصرفية له في ولاية فلوريدا الأميركية، يقوم من خلالها بتبييض الأموال لمصلحة الحزب.
وأكد بعض معارضي الاتفاقية مع إيران أن حلفاء الولايات المتحدة أعربوا عن استعدادهم للتصدي للنشاطات الإيرانية الصاروخية وتلك الداعمة لميليشيات في المنطقة، وأنه يمكن العمل مع هؤلاء الحلفاء، مثل رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون، على مواجهة طهران في الشؤون غير النووية، فيما الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاقية النووية يُبعد حلفاء مثل ماكرون، ويجعل من التعاون معهم ضد طهران أمراً صعباً ومعقداً.
في المقابل، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تصريحات نقلتها قناة «الجزيرة»، مساء أمس، أن بلاده ستنسحب من الاتفاق النووي إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه، معتبراً أن «واشنطن ستكون في موقف أفضل إن التزمت بالاتفاق».