| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
استخدم مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان عبارات قاسية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، قائلا في جلسة استماع بلجنة فرعية في الكونغرس ان الرئيس السوري «أصبح من الماضي»، مضيفا «هو ليس اصلاحيا بل هو رجل يعتمد حكمه على الإرهاب والسرقة والتعذيب»، في موقف اعتبر مراقبون انه قد يمهد لنقلة في الموقف الاميركي، وان كان جاء ردا على انتقادات لاذعة من قبل اعضاء اللجنة لموقف الادارة الذي اعتبروه متراخيا مع النظام.
واذ قال فيلتمان امام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي استدعي اليها مع مساعد وزيرة الخارجية لشؤون حقوق الانسان مايكل بوزنر، ان الولايات المتحدة تبحث عن الوقت الانسب لدعم المتظاهرين باستخدام ورقة الطلب من الاسد الرحيل، الا انه اضاف ردا على سؤال حول مستقبل سورية ما بعد الاسد «لا نملك ضمانات حول النتيجة، ولكننا نعمل على المشاركة في صناعتها». «الاسد اصبح من الماضي».
وافتتح اعضاء اللجنة، من الحزبين، الجلسة بهجوم ساحق، وبادر رئيسها النائب الجمهوري عن ولاية اوهايو ستيف شابوت الى القول ان مشكلة السياسة الاميركية تجاه سورية «لا تكمن في ما فعلته الادارة حتى الآن، وانما في ما لم تفعله بعد».
وفي ظل اجماع النواب على استحالة قيام اميركا بأي عمل عسكري بحق سورية او اي دولة اخرى، اعتبر شابوت ان الادارة تعمد الى الاختباء خلف استحالة القيام بعمل عسكري من اجل اخفاء سياستها المهادنة. وقال ان «الافتراض بأن المطالبة بتغيير ديموقراطي تتطلب عملية عسكرية اميركية من اجل خلع من هم في السلطة بالقوة، هو عذر تستخدمه الادارة من اجل عدم كسر الجرة مع النظامين في طهران ودمشق».
بعد شابوت، تحدث النائب الديموقراطي عن ولاية نيويورك غاري اكرمان بلهجة اقوى. ورغم ان الجمهوريين والديموقراطيين يتجنبون عادة مهاجمة الادارة ان كان الرئيس عضوا في اي من حزبيهم، الا ان اكرمان هاجم فيلتمان وبوزنر بقوة، وقال: «على الرئيس (اوباما) ان يدعو بشار الاسد، ذاك الديكتاتور المخضبة يداه بالدماء، الى التنحي».
وهاجم اكرمان تصريحا سابقا لكلينتون اعتبرت فيه ان الاسد «عليه ان يفهم انه ليس ممن لا غنى عنهم»، فقال انه من المخزي «العبث بحياة الناس في سورية باستخدام تعابير مهذبة مثل التي يستخدمها المحامون». واضاف: «يجب على التجارة مع سورية ان تتوقف... على الفور، ويجب على النظام المالي الاميركي منع التعامل مع البنوك السورية... على الفور، وعلى جميع الرحلات السورية الرسمية الى الولايات المتحدة ان تتوقف... على الفور».
هنا حاول فيلتمان احتواء الهجوم الكاسح الذي شنه اعضاء الكونغرس، فعمد الى استخدام لهجة حادة في حديثه عن الاسد ونظامه، ولكنه شدد على انه يعود للشعب السوري وحده تحديد كيف سيكون «الفصل المقبل» من تاريخ سورية. وقال: «يمكن للرئيس الاسد ان يؤخر او يعرقل (التغيير)، ولكن ليس بوسعه ايقافه».
وساند فيلتمان زميله بوزنر الذي قال ان «شعب سورية لم يعد خائفا، التظاهرات تكبر، والاسد خسر شرعيته».
لكن رغم حدتها، لم ترق لهجة مسؤولي الخارجية الى طموحات اعضاء الكونغرس، فقال شابوت: «لماذا لا نقول (للأسد) ان عليه الرحيل؟ مازلنا نتأرجح... الوزيرة كلينتون قالت انه خسر شرعيته، ثم تراجع الرئيس اوباما عن هذا الموقف بالقول انه مازال في طور خسارة شرعيته». واضاف شابوت: «لقد خسر الاسد شرعيته... لماذا نصف القذافي بغير الشرعي ولكن لا نفعل ذلك مع الاسد؟ لماذا لا نقول ان عليه الرحيل؟»
هنا حاول فيلتمان التماس العذر لادارته، فاعتبر ان الطلب من الاسد الرحيل هو تكتيك يمكن استخدامه مرة واحدة فقط. وقال ان الادارة تحاول ان تفعل كل ما من شأنه مساعدة المطالبين بحريتهم على الارض، وانها تبحث عن الوقت الانسب لدعم المتظاهرين باستخدام ورقة الطلب من الاسد الرحيل.
الا ان تعليل فيلتمان لم يعجب اكرمان ابدا، فتدخل منفعلا وقال انه ليس من عادة الولايات المتحدة التدخل عندما لا تكون مصالحها معنية. وذكر بأن واشنطن لم تدخل الحرب العالمية الثانية الا بعد ان شنت اليابان غارة بيرل هاربر عليها. واعتبر ان كل واحدة من مصالح الولايات المتحدة في المنطقة اليوم تحتم على واشنطن الطلب من الاسد الرحيل.
واضاف اكرمان: «ممكن ان اتفهم فكرة الوقت المناسب، ولكن هذا قد يكون متأخرا» موضحا: «انا اعلم ما الذي تنتظرونه... انتم تنتظرون ان يصبح الاسد على الباب، ثم تقولون له ارحل». وتساءل اكرمان: «ما هذه السياسة المتفادية للخطر التي تعتمدونها؟ ما الذي تنتظرونه؟ من الممكن ان تؤذي دعوتنا له ان يرحل؟ تؤذي مشاعر (الاسد)؟».
وتابع اكرمان: «(الاسد) قاتل، ادفعوه، قولوها، افعلوها، لا عيب في قولها، بل العيب هو في عدم الطلب منه الرحيل».
وفي ظل الهجوم الكبير على سياسة واشنطن تجاه دمشق، تدخل بوزنر، وقال ان الادارة لا تراهن على احد في سورية، بل انها تقف خلف المتظاهرين في حماة، وهو- حسب بوزنر- ما اظهرته زيارة السفير روبرت فورد اليها. وقال بوزنر: «نحن نحاول ان نسهل اجتماع المعارضة في دمشق، وتركيا... لدينا استراتيجية».
هنا قاطعه اكرمان: «لتكن استراتيجية مرفقة بالطلب من الاسد الرحيل».
وحاول فيلتمان هذه المرة التخفيف من الضغط على زميله، فقال: «الشعب السوري يعرف اين نقف، وهم يرون ما نفعله من اجلهم، وهم استقبلوا السفير فورد بالورود في حماة». واضاف: «ان التظاهرات تكبر وتزداد عددا... الاسد يخسر، ليس بسبب كلماتنا، بل لان الشعب السوري يستفيق من الكوما، ويقول لا للقمع». وقال: «الاسد اصبح من الماضي».
وأشار فيلتمان الى ان وضع سورية وإيران في خانة واحدة يسلط الأضواء على حكومتين «تتشاطران سجلاً مشيناً بشأن حقوق الإنسان، ودورهما التخريبي والمدمر في المنطقة». ووصف قادة إيران بأنهم «لا يعرفون ما هو العيب، وهم خطيرون وخبثاء».
وأضاف «ليس صدفة أن إيران هي أفضل صديق لبشار الأسد، كما أن سورية هي أفضل صديق لإيران، وأن الدولتين ليس لهما حلفاء حقيقيون في المنطقة».
واستخدم فيلتمان، الذي خدم سفيراً لبلاده في بيروت خلال فترة حساسة للغاية شهدت اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري وهي تجربة صبغت موقفه من سورية، لغة قاسية للغاية خلال وصفه لطبيعة نظام الأسد، حين قال إن «الأسد ليس إصلاحياً، بل هو رجل يعتمد حكمه على الإرهاب والسرقة والتعذيب».
وسأل عضو الكونغرس الديموقراطي عن ولاية فيرجينيا جيري كونولي: «هل نحن قلقون حول مستقبل سورية؟».
فأجاب فيلتمان: «لا نملك ضمانات حول النتيجة، ولكننا نعمل على المشاركة في صناعتها». وختم فيلتمان بالقول ان في سورية «التغيير آتٍ».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق