| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
دفع الارتفاع الكبير في ارقام الهجمات والضحايا في العراق عدد من المسؤولين والخبراء الاميركيين الى توجيه اصابع الاتهام الى «رئيس الحكومة نوري المالكي الذي يراكم السلطة بين يديه»، وعزا الخبراء الارتفاع جزئيا الى «تهميش السنة العراقيين، الذين يشعرون انهم اهداف لحملة قمع تشنها حكومة المالكي ضدهم».
وجاء في مطالعة قدمها كل من الباحثين في «معهد دراسة الحرب» ماريسا سوليفان وستيفن ويكين ان «الاحباط الذي يصيب السنة جراء التوقف التام في العملية السياسية قد يثنيهم عن التعاون مع قوات الامن (الحكومية)، ما يسمح لمجموعات التمرد المسلح بالمزيد من حرية الحركة داخل العراق».
وعلى عكس الاعتقاد السائد وتصريحات عدد من السياسيين العراقيين، تعتبر الدراسة ان «الجهاديين» يتخذون من الاحداث في سورية غطاء لهم ليتسللوا عبر اراضيها الى العراق، يساعدهم في ذلك تناقص في مقدرة القوات العراقية على جمع المعلومات الاستخبارية وفي مقدمها على مواجهة الارهاب على اثر الانسحاب الاميركي.
وفي جلسة مغلقة عقدها عدد من المسؤولين والخبراء الاميركيين، تقدم احد الحاضرين بدراسة عن الوضع الامني والسياسي في العراق منذ انسحاب الجيش الاميركي اواخر العام الماضي. وقال: «منذ ما قبل انسحابنا ونحن نقول لاصدقائنا العراقيين، وخصوصا المالكي، ان لا حلول أمنية في العراق، وان الحل الوحيد يأتي عن طريق المصالحة الوطنية والعملية السياسية».
وتابع: «يطل المالكي عبر شاشات الفضائيات ليتحدث عن تمسكه بالمصالحة والحوار في المساء، ويذهب جنوده في الصباح لاعتقال خصومه في السياسة وتلفيق التهم لهم بممارسة الارهاب».
واضاف انه «كما (بشار) الاسد في سورية، يعتقد المالكي ان الحل الامني وحده كفيل بتثبيت الوضع في البلاد واستمراره في الحكم، اما النتائج على الارض، فتظهر عكس ذلك تماما»، وهو ما تبينه دراسة سوليفان وويكن، التي ورد فيها ان « يوليو 2012 كان الشهر الاكثر دموية في العراق منذ اغسطس 2010». وتستند الدراسة الى ارقام الحكومة العراقية، والتي يعتبرها كثيرون ارقاما محافظة، ويظهر فيها ان 325 عراقيا قتلوا في يوليو الماضي.
ويعتقد الخبراء انه على عكس الاتجاه الذي ساد بين العام 2008 والانسحاب الاميركي، والذي لحظ انخفاضا متواصلا في عدد الهجمات والضحايا بين شهر وآخر، عادت مستويات العنف الى الارتفاع منذ الانسحاب الاميركي، وخصوصا في الاسابيع الستة الماضية.
غراي سانديفورد، وهو كبير الباحثين في مركز «اوليف غروف» للدراسات الامنية في دبي، كتب ان معدل الهجمات الاسبوعي في العراق ارتفع من 56 في العام 2011 الى 110 في العام الحالي. وتظهر الارقام ازديادا هائلا في عدد الهجمات في اول اسبوعين من شهر اغسطس الجاري اذ شهد الاسبوع الاول 159 حادثا امنيا، فيما شهـــــد الاسبوع الثاني 147.
ويعزو سانديفورد الازدياد في عدد الهجمات الى انه «صار بامكان المتطرفين السنة المحافظة على وتيرة عملياتهم المرتفعة لفترات اطول»، مضيفا انه «من غير المعقول ربط الارتفاع في منسوب العنف الى عودة التمرد السني وحده»، ما يشي ان اسبابا اخرى، يتصدرها احتكار المالكي للسلطة وتهميشه للمجموعات السياسة المختلفة وتعامله معها بصورة قمعية وامنية، حسب اعتقاد سوليفان وويكين.
وفي مقارنة تظهر تحسن قدرات تنظيم «دولة العراق الاسلامية»، وهي فرع من «تنظيم القاعدة» حسب سوليفان وويكين، على شن الهجمات، تظهر دراساتهما انه في النصف الثاني من العام الماضي، اي قبل الانسحاب الاميركي، كان هذا التنظيم يشن هجمات كبيرة ومنسقة «مرة كل ستة او ثمانية اسابيع». اما في العام 2012، شن التنظيم «9 هجمات كبيرة بين مطلع يناير ومنتصف يونيو». واوضحت الدراسة ان الهجمات حدثت في 5 و23 فبراير، و15 و20 مارس، و19 ابريل، و13 و30 مايو، و9 و15 يونيو.
وتلفت الدراسة الى ان تنظيم «دولة العراق الاسلامية» تبنى 28 هجوما بين منتصف يونيو ونهاية يوليو، وان هذه الهجمات «تتنوع بين اغتيالات وبين تفجيرات تودي بحياة المئات»، وانها تأتي ضمن خطة «تحطيم الجدران» التي اعلنها التنظيم لاستعادة مواقعه.
وتعتبر كذلك ان امكانات التنظيم في تحسن كذلك، وان فيديوات تظهر اعضاءه «يتدربون على هجماتهم، ويستخدمون وسائل متطورة للتمويه وفي الاتصالات».
اما عن المناطق التي تتزايد فيها اعمال العنف، فتعتبر غالبية الدراسات الاميركية انها تتركز في ما يعرف بـ «المثلث السني» الذي يمتد بين بغداد وابوغريب والموصل، وان المدن التي شهدت ارتفاعا في اعمال العنف هي بغداد ونينوى وبابل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق