بدلا من ان يتحول التعاون في الموضوع السوري الى خطوة ايجابية تساهم في تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، حسب ما كان يرغب الرئيس باراك أوباما، تحول التعاون الاميركي - الروسي الى نموذج دفع كل من واشنطن وموسكو الى التغني به، وتصويره على انه تطور ايجابي في العلاقات بينهما يمكن ان يساهم في تحسينها في مجالات اخرى.
وتداولت الاوساط الاميركية ان زيارة وزير الخارجية جون كيري الى موسكو ولقائه بوتين كانت «زيارة ناجحة جدا وايجابية»، وان «الوزير عاد متفائلا بأن الأزمة السورية تقترب اكثر من الحل».
وتنقل الاوساط الاميركية ان بوتين قال لضيفه الاميركي ان «النجاح في التوصل لوقف الاعمال العدائية داخل سورية اثبت رؤية موسكو القائلة بأن الهدنة ممكنة عندما تقوم كل جهة بضبط المقاتلين المحسوبين عليها على الارض السورية»، فرد كيري بالقول «ان الهدنة تثبت كذلك صحة رؤية الولايات المتحدة وحلفائها، اذ ان نجاح القوات الحكومية السورية في استرجاع تدمر من (الدولة الاسلامية) داعش لم يكن ممكنا لولا الهدنة التي سمحت للقوات الحكومية بتركيز مجهودها لاسترجاع تلك المدينة».
هكذا، يبدو ان بوتين وكيري متفقان على اهمية ما توصل اليه الطرفان حتى الآن، لناحية فرض هدنة في سورية، سمحت بدورها في اضعاف «داعش» واسترجاع بعض المناطق التي كان يسيطر عليها هذا التنظيم.
وتقول الاوساط الاميركية ان كيري ناقش مع بوتين كيفية المضي قدما في التوصل الى حل، وان تحقيق سلام سوري دائم يتطلب تعزيز الهدنة، والبناء عليها، ودفع العملية السياسية. وقال كيري لمضيفه الروسي ما مفاده ان الولايات المتحدة حلفاءها التزموا بالشق المتعلق بهم واقنعوا المعارضة السورية بالانخراط في حوار سياسي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد من دون شروط.
وتابعت المصادر ان كيري طلب من بوتين بدوره «ممارسة المزيد من الضغط على حلفائه في سورية حتى يأخذ الأسد ونظامه المفاوضات على محمل الجد، وحتى يقتنع الأسد ان لا مجال للمناورة بعد الآن، وان السبيل الوحيد المفتوح امامه هو الدخول في عملية الانتقال السياسية».
وشددت على ان كيري وبوتين توافقا على ان «عملية الانتقال السياسي في سورية تعني الانتقال من الوضع الحالي الى وضع مختلف»، فيما يبدو انه اشارة الى موافقة موسكو الضمنية على رحيل الأسد بعد التسوية.
كذلك اكدت المصادر الاميركية ان كيري وبوتين «لم يتطرقا الى البحث في مصير الأسد»، لكنها تابعت انه صار مفهوما لدى العاصمتين ان «تعديلا دستوريا يعني انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة»، وان «المجتمع الدولي، وفي طليعته اميركا وروسيا، لا تأخذان انتخابات الأسد الرئاسية والبرلمانية على محمل الجد».
على ان النقطة الوحيدة التي مازالت تحتمل التأويل هي عملية منع الأسد من الترشح في انتخابات رئاسية مقبلة. يمكن، حسب المصادر الاميركية، ان يحدد الدستور السوري الجديدة مدة اقصر للرئيس وعدد الولايات الممكنة. ولأن الدستور لا يمكن ان يسمي اشخاصا او يستثنيهم، يمكن ارفاقه ببند ينص على ان تحديد مدة حكم الرئيس بولايتين هو بند سيتم تطبيقه «بمفعول رجعي»، اي انه يتم احتساب الولايتين اللتين شغلهما الأسد منذ ان خلف والده في العام 2000.
لكن البحث في مصير الأسد «يعود للسوريين المتفاوضين وحدهم برعاية الأمم المتحدة»، هي اللازمة التي صار يكررها المسؤولون الاميركيون، على انهم يضيفون القول: «نحن لا نرى ان للأسد مستقبلا في سورية».
وتقول الاوساط الاميركية ان زيارة كيري لبوتين كانت ناجحة الى درجة صارت تدفع مسؤولي ادارة الرئيس باراك أوباما الى التسريع في التوصل الى تسوية في سورية، لعلها تتحول الى نموذج في ما يمكن تحقيقه مع الروس في الملفات الاخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق