| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
ما زال الرئيس دونالد ترامب يبحث عن انتصار تشريعي يمكنه الإشارة إليه كإنجاز أمام مناصريه ومؤيديه، وتقديمه كحجر زاوية لحملة إعادة انتخابه رئيساً لولاية ثانية في العام 2020.
لكن بعد فشله في إقرار قانون ينسف قانون الرعاية الصحية الذي أقرّه سلفه باراك أوباما، وبعدما اطاحت المحاكم بمراسيمه الاشتراعية التي حاول عبرها فرض حظر على مواطني ست دول ذات غالبية مسلمة، وبعدما تعثرت محاولات ترامب الحصول على تمويل لبناء «الحائط الكبير» الذي كان ينوي تشييده على حدود الولايات المتحدة الجنوبية مع المكسيك لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، يسعى ترامب لإقناع مجلس الشيوخ بضرورة إقرار قانون يسميه قانون الإصلاح الضريبي.
ويسعى ترامب لخفض الضرائب الحكومية على الشركات من 35 في المئة حالياً إلى 15 في المئة، ويقول إن من شأن خطوة من هذا النوع أن تشجع على تدفق أموال الاستثمارات والمستثمرين الى البلاد، وتالياً خلق وظائف.
إلا أن معارضي ترامب من الديموقراطيين يشككون بإمكانية نجاح هذه الخطة، ويعتبرون أن ترامب يعمل على خفض الضرائب على كبار المتمولين، من أمثاله، بما في ذلك خفض الضرائب على التوريث، وهو ما يقلص من كمية الأموال المتوجبة على عائلة الرئيس دفعها للحكومة بعد رحيله.
على أن الديموقراطيين ليسوا وحيدين في رفض خطة ترامب تخفيض الضرائب، فالجناح اليميني المحافظ داخل الحزب الجمهوري يرفض أي تخفيض للضرائب من دون تخفيض مماثل في الإنفاق، حتى لا تؤدي التخفيضات الضرائبية الى زيادة في العجز السنوي للموازنة، وتالياً لارتفاع فوري للدين العام.
وحتى يتفادى ترامب والجمهوريون رفع العجز، أعلنوا نيتهم «إغلاق الثغرات» الضرائبية، أي تعليق الاعفاءات الضرائبية التي تمنحها الحكومة لبعض البرامج، مثل خطط التقاعد، واعفاء الضريبة على فائدة رهن المنازل، وغيرها. ويبلغ مجموع الاعفاءات 4 تريليونات دولار في عشر سنوات، وهو مبلغ كاف ليغطي خفض ضرائب الشركات وكبار المتمولين.
إلا أن ترامب يعلم أن تعليق الإعفاءات هو أمر تعارضه غالبية الاميركيين، فقال في تغريدة ان خطته تنوي الابقاء على إعفاء برنامج التقاعد، وهو ما أثار حفيظة بعض الجمهوريين، إذ إن إبقاء هذا الامتياز يجبرهم إما على تقليص التخفيض، وإما التمسك بالتخفيض مع زيادة في العجز.
على أن ترامب يصر على إقرار خطته الضرائبية، وهو لهذا الهدف أصلح علاقاته المتدهورة مع زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونل، وحاول التقرب من اعضاء المجلس بمشاركته في حفل غداء جمعه معهم في مبنى الكابيتول، قبل أيام.
لكن لطافة ترامب تجاه الجمهوريين لم تنجح في تأمين عدد الاصوات المطلوبة لتمرير القانون، إذ يستمر العداء، بل يستفحل، بين ترامب من جهة، وثلاثة من اعضاء المجلس من جهة أخرى، هم جون ماكين وجيف فلايك وبوب كوركر. وراح ترامب يتراشق والثلاثة التصريحات والهجمات عبر البيانات والتغريدات، ووصفت الناطقة باسم البيت الابيض سارة ساندرز فلايك وكوركر بأنهما «وضيعان».
وبغياب الاصوات الثلاثة، يخسر الجمهوريون غالبية 52 صوتاً التي يسيطرون عليها في المجلس، ويجدون أنفسهم مجبرين على محاولة إقناع صوتين من الديموقراطيين الثمانية والاربعين. إلا أن الديموقراطيين يستحيل ان يصوتوا لمصلحة قانون ضرائبي تراه قاعدتهم الشعبية على أنه هدية للمتمولين على حساب الدين العام.
على رغم «الكيمياء» المستجدة بين ترامب وبعض ألد اعدائه الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الا ان حملة العلاقات العامة الرئاسية لم تنجح في حصد الاصوات المطلوبة لاقرار قانون الاصلاح الضريبي، مع ما يعني ذلك من استمرار تعثر ترامب في كل وعوده التي قطعها لمناصريه اثناء الانتخابات، ومع ما يعني ذلك من تهديد لعملية اعادة انتخابه لولاية ثانية في العام 2020.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق