واشنطن - من حسين عبدالحسين
تجري انتخابات الرئاسة والكونغرس المقبلة بعد نحو سنة ونصف السنة من الآن، لكن الاجواء في واشنطن تشي وكأن الانتخابات ستجري غداً، وهو ما يملي على السياسيين من الحزبين التزام سياسات تكسبهم شعبية، وتفرض عليهم الاستعداد للمواجهة المقبلة.
يتصدر المرشحين الرئيس دونالد ترامب، الذي دخل التاريخ كرئيس أميركا الذي قدم اوراق ترشحه لولاية ثانية في أبكر وقت ممكن، وكان ذلك بعد اسابيع على دخوله البيت الابيض مطلع العام 2017. كذلك اصبح اول رئيس يبدأ حملة اعادة انتخابه في وقت مبكر لا سابق له، وهو لهذا السبب يجوب الولايات الاميركية، ويلقي الخطابات، ويحاول قطف ثمار الاقتصاد، الذي يعيش واحدة من اطول فترات البحبوحة والنمو في تاريخه.
لكن ترامب يدرك انه يواجه مصاعب جمة لاعادة انتخابه كما لم يواجهها اي من اسلافه قبله، وهو ما دفعه للاعتراف - للمرة الاولى منذ ترشحه للرئاسة صيف العام 2015 - بأن شعبيته متهاوية حسب استطلاعات الرأي. وعلى عادته، حمّل الآخرين مسؤولية هذا التهالك باتهامه خصومه من الحزب الديموقراطي برعاية تحقيق مسيّس حول تورطه مع الحكومة الروسية في التلاعب بمسار انتخابات العام 2016 التي اوصلته الى البيت الابيض.
وقال ترامب، في تغريدة، انه لولا تحقيق روبرت مولر، الذي كلّف دافعي الضرائب 41 مليون دولار، لكانت شعبيته في حدود 65 في المئة بين الاميركيين.
ولم يقدم الرئيس الارقام المتدنية لشعبيته، التي دفعته الى التعبير عن الغضب ضد الديموقراطيين وتحقيق مولر، لكن كل استطلاعات الرأي - بما فيها تلك غير المعدة للاطلاع العام والتي تجريها حملة ترامب واجهزة الحزب الجمهوري - تشير الى تأخر الرئيس الجمهوري امام ثلاثة من منافسيه الديموقراطيين، وهم نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي يتقدم على ترامب بـ11 نقطة مئوية، حسب استفتاء شبكة «فوكس نيوز» اليمينية الموالية للرئيس، والسناتور بيرني ساندرز، الذي يتقدم على ترامب بخمس نقاط مئوية، والسناتور اليزابيث وارن، التي تتقدم الرئيس الاميركي بنقطتين، والسناتور كمالا هاريس، التي تتعادل واياه.
عائق آخر في وجه اعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية يكمن في الحماسة غير المسبوقة التي يعيشها الديموقراطيون، والتي ظهرت على شكل موجة عارمة، في انتخابات العام الماضي، واكتسحت مجلس النواب في الكونغرس، وانتزعته من ايدي الجمهوريين، واعادته للديموقراطيين للمرة الاولى منذ العام 2010.
وسجلت نسبة الاقتراع يومذاك 50 في المئة، وهي كانت الاعلى منذ الستينات. ولأن نسبة الاقتراع في دورات الانتخاب الرئاسية اعلى منها في النصفية، يتوقع الخبراء ان ترتفع نسبة الاقتراع بين الاميركيين الى 67 في المئة في انتخابات العام المقبل، من 60 في المئة في العام 2016، وهو ما يقلق الرئيس الاميركي، الذي هزم منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون بسبعين ألف صوت فقط، كانت كافية لمنحه اكثرية اصوات «الكلية الانتخابية»، فيما تفوقت كلينتون بمجموع الاصوات على صعيد البلاد بأكثر من ثلاثة ملايين صوت.
ودفعت حماسة الديموقراطيين قاعدة المؤيدين الى مطالبة المشرعين باقتلاع ترامب في تصويت في الكونغرس، لكن رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي، وهي من اكثر الديموقراطيين المخضرمين وممن يتمتعون بخبرة وحنكة سياسية، وقفت حتى الآن في وجه المطالبة بتصويت الكونغرس على الاطاحة بترامب، اذ يبدو انها تعتقد ان من شأن خطوة من هذا النوع ان تدفع قاعدة المؤيدين الجمهوريين الى الالتفاف حول ترامب ودفعه للفوز بولاية ثانية، وربما خسارة الديموقراطيين غالبيتهم في النواب.
ومن شأن اهتزاز ترامب شعبياً ان يؤدي لاهتزاز الغالبية التي يسيطر عليها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، اذ يسعى اكثر من ستة من الشيوخ الجمهوريين لتجديد ولايتهم، البالغة ست سنوات، في انتخابات العام المقبل. وتشير استطلاعات الرأي إلى ان الستة هؤلاء يعانون من منافسة ديموقراطية شديدة، وهو ما يعني ان خسارة ثلاثة منهم امام منافسين ديموقراطيين من شأنها ان تنتزع الغالبية في الشيوخ من ايدي الجمهوريين، وان تعطيها للديموقراطيين.
ويحاول الجمهوريون خوض معركة شرسة ضد منافسيهم، وذلك عبر تشتيت انتباههم بترشيح جمهوريين في ولايات يسيطر عليها ديموقراطيون يسعون للفوز بولاية جديدة، مثل ميتشيغن. لكن ترامب يخشى ان تؤدي معارك على مقاعد الشيوخ، في ولاية مثل ميتشيغن، الى لفت انتباه الديموقراطيين ودفعهم للانفاق الانتخابي في الولايات التي يفتح فيها الجمهوريون معركة، والى تحريك قواعدهم، وهو ما يهدد فرص ترامب في الفوز مجددا بولاية مثل ميتشيغن كان اقتنصها في العام 2016، على عكس التوقعات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق