واشنطن - من حسين عبدالحسين
مع إعلان مصر والأردن والمغرب، بعد السعودية والإمارات وقطر وإسرائيل، المشاركة في مؤتمر المنامة للسلام العربي مع الدولة العبرية، ومع التوقعات بتأكيد عُمان مشاركتها في أي لحظة، بقيت الكويت وحيدة لناحية عدم تأكيدها حضور المؤتمر، المتوقع انعقاده على مستوى وزراء الخارجية والمال، في 25 الجاري.
وما تزال تفاصيل «صفقة العصر»، التي يتوقع أن يقدمها كبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر، مبهمة، إلا أن عنوانين رئيسين تقدما إلى الواجهة، وأثارا نقاشاً حاداً وانقسامات، حتى داخل حزب ترامب الجمهوري نفسه.
العنوان الأول هو إعلان نهاية «حل الدولتين»، الذي كان يقضي بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وهو الحل الذي بنيت عليه عملية السلام منذ اتفاقية أوسلو في العام 1993، مرورا بسلسلة من قرارات مجلس الأمن التي صدرت في زمن الرئيس السابق جورج بوش الابن، وحتى اليوم.
وفي إطلالاته في واشنطن، كرر كوشنر أن نقاط قوته تكمن في انعدام خبرته في شؤون السياسة الدولية، وهو ما يحرره من كل الأفكار المسبقة التي لم تثمر سلاماً، ويسمح له بتقديم أفكاراً جديدة غير القديمة السائدة. إلا أن الفلسطينيين، الذين يعارضون في غالبيتهم التخلي عن حل الدولتين، يكررون أن انعدام خبرة كوشنر لا تعني بالضرورة عدم انحيازه، وأن صهر الرئيس الأميركي، مع مساعده جايسون غرينبلات وسفير أميركا لدى إسرائيل دايفد فريدمان، هم من اليهود الأميركيين المحافظين، ومن المعروفين بدعم حركات الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، التي يطلق عليها الإسرائيليون التسمية التوراتية يهودا والسامرة.
وفي سياق إلغاء مبدأ «حل الدولتين»، نجح فريدمان في إقناع وزارة الخارجية الأميركية بالتخلي عن كل المفردات التي دأبت على استعمالها على مدى الربع قرن الماضي، بإشارتها إلى الأراضي الفلسطينية بـ«المحتلة»، واستبدال كلمة «محتلة» بعبارة «تحت سيطرة إسرائيل».
على أن إلغاء «حل الدولتين» حسب «صفقة القرن» لم يواجه بمعارضة فلسطينية فحسب، بل أميركية كذلك، وديموقراطية، وحتى من داخل الحزب الجمهوري نفسه، الذي برز منه السناتور ليندسي غراهام، ليقود حملة داخل مجلس الشيوخ لإصدار قرار يعرب عن دعم المجلس وتمسكه بتسوية الدولتين.
وغراهام هو أحد أبرز حلفاء ترامب، وزار إسرائيل منذ فترة قصيرة، وجال مع رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في مرتفعات الجولان السورية، المحتلة منذ العام 1967.
ودعا غراهام ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على تلك المرتفعات، وهو ما فعله الرئيس الأميركي لاحقاً بإعلان رئاسي.
أما البديل عن حل الدولتين، حسبما رشح من معسكر كوشنر، فهو القيام بوصل المدن الفلسطينية التسعة الكبرى في الضفة الغربية بالأردن، ومنحها حكما ذاتياً، بإشراف أردني، وضخ كمية كبيرة من الأموال في «الضفة الشرقية»، أي الأردن، لإقامة اقتصاد قوي يعتاش منه فلسطينيو الضفة الغربية.
ومن الأفكار التي قدمها جماعة كوشنر، بناء نحو نصف مليون وحدة سكنية على الجهة الأردنية من الحدود مع الضفة الغربية، بحيث تتحول هذه المناطق الحدودية إلى ضواحي مزدهرة للمدن الفلسطينية.
وتتطلب النهضة الاقتصادية الموعودة نحو 100 مليار دولار، يرجح المقربون من كوشنر أن تساهم إسرائيل بثلاثين ملياراً منها، ودول عربية بثلاثين ملياراً، وأميركا وأوروبا تتكفل بالأربعين المتبقية. هذه الأموال، التي سيتم ضخها على الجانب الأردني من الحدود مع الضفة وعلى الجانب المصري من الحدود مع غزة، من المتوقع أن تؤدي إلى فورة اقتصادية على مدى العقد المقبل، وهو ما يسمح للفلسطينيين بمقارنة أوضاعهم «من دون دولة» مع أوضاعهم أثناء مفاوضات «حل الدولتين»، وهو ما سيؤدي، حسب اعتقاد كوشنر، إلى «خيار سهل» عند الفلسطينيين، وهو الموافقة على سيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها حاليا في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
العنوان الثاني في مؤتمر المنامة هو «مواجهة إيران». تحت هذا البند، من المتوقع أن يقترح المسؤولون الأميركيون تحويل «صناع السلام» من المشاركين في المؤتمر إلى تحالف سياسي وعسكري لمواجهة إيران، وخصوصاً لجهة سعيها النووي، و«لنشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، وهي الجائزة التي يبدو أن فريق كوشنر، يعتقد انه يمكن منحها لبعض الدول العربية مقابل مساندتها لسلام بلا «حل الدولتين».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق