الخميس، 26 فبراير 2015

هجوم بري ضد «داعش» في العراق وسورية بمشاركة 30 ألف جندي عربي وغربي؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

رجحت مصادر في واشنطن تشكيل قوة دولية مؤلفة من 30 ألف جندي، تقوم بهجوم بري لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من مناطق غرب العراق وشماله وشرق سورية وشمالها.

وقالت المصادر لـ «الراي» إن القوة ستتألف من قوات تركية وعربية، سعودية وأردنية ومصرية وعراقية، بمشاركة أوروبية وكندية وأسترالية وأميركية، وهو ما دفع السناتور الجمهوري ماركو روبيو إلى سؤال المبعوث الرئاسي الأميركي الجنرال جون آلن حول هذه العملية أثناء جلسة استماع في «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس الشيوخ، فرد آلن: «سناتور روبيو، أنا أفضل أن أخوض في هذا الجزء من النقاش في جلسة مغلقة».

وبعد روبيو، هاجمت السناتور الديموقراطية باربرا بوكسر، وهي من حزب الرئيس باراك أوباما، طلب الرئيس من الكونغرس المصادقة على قانون جديد يخول استخدام القوة العسكرية، بما في ذلك القوات البرية، ضد «داعش». وطالبت بمعرفة المدة الزمنية المطلوبة لأي عملية برية قد يأمر بها الرئيس الأميركي.

وكان آلن قد افتتح الجلسة، أول من أمس، بالإدلاء بشهادة جاء فيها انه عاد للتو من الكويت حيث عقد مع وزير الدفاع آشتون كارتر و30 مسؤولا أميركيا ديبلوماسيا وعسكريا اجتماعات متنوعة (في معسكر عريفجان) حول مواضيع تتعلق «باستراتيجية التصدي لداعش والتقدم الذي تم تحقيقه حتى تاريخه».

وقال الجنرال الأميركي، الذي ينسق مع القيادة العسكرية للتحالف الدولي، إن الوضع في العراق لا يزال «معقدا للغاية»، وإن «الطريق أمامنا مليئة بالتحديات ولن تكون خطا مستقيما». ولكن بالنظر إلى «حيث كنا قبل ثمانية أشهر فقط»، يمكن أن «نرى النتائج التي حققتها المرحلة الأولى من استراتيجيتنا».

وأوضح آلن انه في يونيو الماضي، وعد «داعش» بإكمال تقدمه نحو بغداد وكربلاء، وها هو اليوم خسر معظم الأراضي التي استولى عليها حينذاك مثل سد الموصل، ومعبر ربيعة الحدودي، وجبل سنجار، وزمار، وتقاطع كيسيك الذي قطع خط إمداد داعش من سورية الى الموصل.

وتابع المسؤول الأميركي إنه في الأسبوع الماضي شن «داعش» هجوما على بلدة البغدادي، بالقرب من قاعدة الأسد الجوية، «حيث توجد قواتنا مع الدنماركيين والأستراليين للمساعدة في تدريب الجنود العراقيين والمتطوعين من العشائر».

وأضاف: «كما يفعل مقاتلو داعش عادة، هاجموا البلدة، قتلوا مدنيين، ودفعوا مئات العائلات إلى الفرار. لكن العراقيين لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل نظموا أنفسهم، وقاتلوا». وقال إن رئيس حكومة العراق حيدر العبادي انضم إلى غرفة العمليات في بغداد، وأمر بشن هجوم مضاد، فيما نظم متطوعو القبائل السنية أنفسهم لدعم هذا الهجوم.

وتابع: «كل الأميركيين سيكونون فخورين عندما يرون ما فعله جنودنا هناك، بمساعدتهم العراقيين والقبائل على الانضمام للمعركة ضد داعش، وهذه بداية فقط».

وأكد الجنرال الأميركي أن بلاده تسعى إلى تأمين الأموال المطلوبة لمعالجة الأزمة الإنسانية للاجئين السوريين والعراقيين. وقال إن مجهودا آخر يتركز على بث رسالة مضادة لرسالة «داعش»، مضيفا: «كما أعلن الرئيس (أوباما) أخيرا، دخلنا في شراكة مع الإمارات العربية المتحدة لإقامة مركز يبث رسائل تتصدى لهجوم داعش الشرس في حقل المعركة المعلوماتية».

إيران تنفق 35 ملياراً سنوياً على الأسد

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

درجت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الأيام الأخيرة على ترداد مقولة انها موافقة تماما على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولكن «السؤال هو كيف؟». وجاءت التساؤلات الأميركية في وقت تقاطر مسؤولو الأمم المتحدة الى العاصمة الأميركية للتباحث في الموضوع السوري العالق.

وقال مسؤولون أميركيون طلبوا عدم ذكر أسمائهم انهم سمعوا من نظرائهم في الأمم المتحدة ان تقديرات المنظمة الأممية تشير الى ان إيران تنفق 35 مليار دولار سنويا على إبقاء الأسد في منصبه، ويتضمن المبلغ المذكور تكاليف الاعمال الحربية، والسلاح والذخيرة، ومرتبات الميليشيات المختلفة الموالية لطهران والتي تقاتل في صف الأسد.

كذلك، يتضمن المبلغ المذكور أموالا قدمتها الجمهورية الإسلامية لنظام الأسد لتمويل الاعمال الأساسية للنظام، العسكرية والمدنية. لذا، يعتقد مسؤولو الأمم المتحدة انه قد تلوح في الأفق فرصة لحمل الأسد، وإيران من خلفه، على وقف العمليات القتالية نظرا للإنهاك المالي والقتالي الذي أصاب هذا الفريق.

وتابع المسؤولون الأمميون ان التصريحات الواردة من طهران تشير الى ان تكاليف الدفاع عن الأسد ساهمت في المزيد من التأزيم للاقتصاد الإيراني، حيث ردد بعض المسؤولين الإيرانيين تصريحات مفادها ان الخزينة المركزية أصبحت خاوية لدرجة ان بعض موظفي الوزارات الإيرانية توقفوا عن تقاضي رواتبهم.

وكان عدد من المسؤولين السوريين، يتصدرهم رئيس الحكومة وائل الحلقي، زاروا طهران وموسكو لطلب المزيد من المعونة المالية لتسيير شؤون الدولة. وفي إيران، واجه الحلقي، حسب التقارير الواردة الى العاصمة الأميركية، آذانا صماء دفعته الى طلب مقابلة المرشد الأعلى علي خامنئي. وكما في طهران، كذلك في موسكو، واجه المسؤولون السوريون مشاكل في طلب المعونة، فحكومة فلاديمير بوتين نفسها تعاني من ازمة مالية حادة أدت الى هبوط قيمة العملية الوطنية بواقع النصف.

على ان المجهود الذي تقوم به الأمم المتحدة للتوصل الى وقف للعمليات القتالية بين الأسد ومعارضيه لم يثمر، وهو ما دفع المسؤولين الأميركيين الى التشكيك بإمكانية توقف فريق إيران - الأسد عن القتال، رغم التكلفة المالية والبشرية الهائلة التي يتكبدها هذا الفريق.

ومع فشل الخطة الأممية، وفي وقت يجمع مسؤولو الحكومة الأميركية - بمن فيهم أوباما - على ان التخلص من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يقتضي حتما رحيل الأسد عن السلطة، صار أوباما وكبار مساعديه يرددون على مسامع من يتحدثون إليهم حول الأزمة السورية، ان الحكومة الأميركية تعتقد بضرورة اجبار الرئيس السوري على الرحيل، ولكن السؤال هو كيف؟

ولأن أوباما فتح، للمرة العاشرة على الأقل، باب الاستماع للاقتراحات حول كيفية اخراج الأسد، بعد سنوات من جولات المراجعات السياسية والنقاشات على اعلى المستويات، تقدم عدد من المعنيين في واشنطن، تصدرهم وزير الخارجية جون كيري، بمسودات حلول، على ان أكثر المقترحات التي حازت اهتماما في الأوساط الأميركية المعنية جاءت من المسؤول عن ملف سورية في وزارة الخارجية فرد هوف حتى نهاية العام 2012، والذي يعمل حاليا في «مركز رفيق الحريري» التابع لمركز أبحاث «مجلس الأطلسي». وقال بعض العارفين ان خطة الديبلوماسي المتقاعد سبق ان قدمها قبل خروجه من السلك بأسابيع، ولكنها لم تلق آذانا صاغية في حينه.

وقدم هوف ست نقاط،دعا فيها فريق وزارة الخارجية الأميركية، المكلف الملف السوري، الى الخروج من مكاتب الوزارة في حي «فوغي بوتوم» الواشنطني والانتقال الى اسطنبول وغازي عنتاب التركية، حيث المعارضة السورية، لتقديم النصيحة والمشورة والمساعدة بشكل متواصل، لا بشكل عشوائي كما يحدث حاليا.

ودعا هوف الديبلوماسية الأميركية الى قيادة عملية تنسيق تمويل وتسليح المعارضة السورية الوطنية، ودعم بنيتها السياسية والعسكرية. وكتب هوف ان «الاعتراف بالمعارضة (في ديسمبر 2012) كممثل شرعي للشعب السوري، ومن ثم غياب (اميركا) عن الأنظار لأكثر من سنتين ونصف السنة، ليس طريقة مقبولة للعمل، فواشنطن قادت عملية الاعتراف وكان عليها ان تتولى المسؤولية، ومازال عليها ذلك، فكما دفع نقص الموارد الثوار السوريين الى التخلي عن الوحدات المعتدلة، يمكن لضخ الموارد اعادتهم اليها».

وتابع المسؤول السابق ان برنامج «تدريب وتسليح» 15 الفا من ثوار سورية لا يتناسب مع الخطر الداهم الذي يمثله «داعش». كذلك، لا يمكن القضاء على هذا التنظيم بمطاردة «مجرمين مسلحين» بمقاتلات «اف 16» و«اف 18».

النقطة الرابعة،حسب هوف، تقضي بفرض منطقة حظر طيران جوي في شمال سورية الشرقي، بما في ذلك فوق حلب، «فالحرب مع داعش ليست في الرقة فحسب، والأسد ليس لديه ما يقدمه في هذا القتال غير كونه في صلب المشكلة، ما يعني ان إبقاء مقاتلاته خارج هذا الصراع هو امر أساسي لنزع فتيل الصراع، ويساهم بانقاذ أرواح آلاف السوريين بتخفيف آثار تكتيكات النظام الإرهابية الجوية».

وتابع هوف انه مع اخراج «داعش» من الشمال الشرقي، على واشنطن حث المعارضة السورية على الانتقال من غازي عنتاب الى المناطق المحررة وإقامة حكومة تعترف بها واشنطن، وهو ما يفتح الطريق امام المفاوضات مع نظام الأسد، ويقدم بديلا للموظفين والضباط في النظام للخروج من خدمة النظام والالتحاق بالحكومة الجديدة. وختم بالقول ان على الولايات المتحدة استبدال برنامج «تدريب وتجهيز» المعارضة السورية المعتدلة بانشاء قوة سورية وطنية لحفظ الاستقرار يمكنها فرض القانون والنظام في عموم البلاد.

الأربعاء، 25 فبراير 2015

أمير قطر لأوباما: كيف ينتهي «داعش» إن لم ينته الأسد؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تداولت الأوساط الأميركية تقارير مفادها أن الرئيس الأميركي باراك أوباما توجه الى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالقول «نحن نعتمد عليكم للتخلص من داعش»، فأجابه الشيخ تميم بالقول «ونحن نعتمد عليكم للتخلص من الأسد». هنا رد أوباما «كيف»، فأعقب أمير قطر بالقول «وكيف ينتهي داعش إن لم ينته الأسد؟»

هكذا تلخص المصادر الأميركية الحوار الذي دار بين الرئيس الأميركي وضيفه القطري أثناء لقائهما في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، أول من أمس.

وتقول المصادر إن التوافق والودية سادتا اللقاء، وأن الزعيمين اتفقا على ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط لاستقرار سورية، لكنهما استغرقا في بحث «كيفية القيام بذلك»، وهو ما حمل أوباما على القول بعد اللقاء: «نحن الاثنان قلقان حول الوضع في سورية، وسنستمر في دعمنا للمعارضة المعتدلة هناك، ونعتقد أنه سيكون مستحيلاً تثبيت الوضع في هذا البلد الى ان يتم انتقال الأسد، الذي خسر شرعيته، الى خارج السلطة». وأضاف أوباما: «كيف نصل الى هذه النتيجة هو سؤال يطرح تحدياً كبيراً، ولقد تبادلنا الأفكار حول كيف يمكن التوصل لذلك».

وتضيف المصادر أن أمير قطر قال لمضيفه إن «الموضوع الفلسطيني هو في أولويات الدوحة». لكن بسبب الحساسية بين أوباما ورئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو – الذي يزور واشنطن قريباً ويقاطعه الرئيس الأميركي – يبدو ان أوباما تفادى ذكر الموضوع الفلسطيني، ما حمل الشيخ تميم على القول بعد اللقاء انه لن يكرر ما قاله أوباما حول الملفات التي تم التطرق اليها، لكن الأمير أضاف: «تحدثنا أيضاً عن الوضع في فلسطين، وحول عملية السلام وحول ما هو الأفضل للفلسطينيين، وهو الموضوع المهم في الشرق الأوسط، وعلينا أن نجد حلاً لفلسطين، وأنا سعيد أن أعلم وأن اسمع منك (متوجهاً لأوباما)، أنك ملتزم العملية السلمية في فلسطين».

الجزء الأكبر من اللقاء، حسب الأوساط الأميركية، تركز حول الحرب التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وعضوية 60 دولة، منها قطر، ضد تنظيم «داعش»، حيث كرر أوباما انه لا يمكن إلحاق الهزيمة بهذا التنظيم عسكرياً فحسب، بل يجب تجفيف منابع تمويله وبث دعاية مضادة لدعايته.

وتطرق الزعيمان الى موضوع هزيمة التنظيم في العراق، فكرر أوباما لازمة ان الاستقرار هناك يرتكز الى إعطاء «فرصة لجميع مكونات الشعب العراقي – السنة والشيعة والكرد – للعيش معاً بسلام».

كذلك، شمل الحديث الازمات في ليبيا واليمن، فعلّق أوباما بالقول انه «كلما عملنا مع دول أكثر في المنطقة لمحاولة العثور على حلول سياسية للمشاكل، كلما تمكنا من تقليص التوتر الطائفي في المنطقة وعزل العنف المتطرف».

عن إيران، قال أوباما: «دار بيننا نقاش

مفيد جداً عن إيران والمفاوضات الدائرة حالياً في محاولة تقليص إمكانية حصول إيران على السلاح النووي، وهذه مفاوضات جارية، ووضعت الأمير في الصورة وأكدت له ان هدفنا هو ان نكون قادرين على التحقق من انه ليس لدى إيران سلاح نووي، وأننا سنستمر بالضغط على إيران حول أفعالها الأخرى في المنطقة، والتي غالباً ما يكون لها تأثيرات مزعزعة للاستقرار».

لكن قبل أن يستطرد الرئيس الأميركي في توجيه النقد لطهران، استدرك: «لكننا نفضل ان نحل قضايا كثيرة (مع الإيرانيين) عن طريق الديبلوماسية، وأنا أعلم أن الدوحة تشاركنا الرأي».

الثلاثاء، 24 فبراير 2015

واشنطن ترى مؤشراً على «جدّية» طهران بمشاركة صالحي وشقيق روحاني في مفاوضات جنيف

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران صارت تبدو كالبازار. في اليوم الواحد جلسة مغلقة أو أكثر يعقدها المسؤولون الاميركيون للصحافيين في العاصمة الأميركية، وتتناقض المعلومات التي يقدمونها بين الجلسة والأخرى. كذلك يتغير بين الجلسات مزاج المسؤولين الذي يتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم.

حصيلة اليوم الطويل من المفاوضات التي انعقدت في جنيف، أول من أمس، تفاؤل أميركي بجدية طهران عززه مشاركة مدير «وكالة الطاقة النووية» الإيرانية ووزير الخارجية السابق علي أكبر صالحي. كذلك شارك في الوفد الإيراني، الذي ترأسه وزير الخارجية جواد ظريف، حسين فريدون، شقيق الرئيس الإيراني حسن روحاني. ونظرا للجدية الإيرانية الظاهرة، أرسل الاميركيون وزير الطاقة ارنست مونيز ليشارك في وفدهم، الذي ترأسه وزير الخارجية جون كيري.

وتربط صالحي ومونيز صداقة قديمة، اذ كان الوزير الأميركي رئيسا لقسم الفيزياء في جامعة «أم آي تي» المرموقة اثناء دراسة صالحي فيها وتخرجه منها بشهادة هندسة نووية في العام 1977. ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان صالحي يتمتع بعلاقة مع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، وان حضوره مؤشر على رغبة إيرانية في «انهاء الموضوع».

بدوره، يتمتع فريدون، الذي عاش في نيويورك لسنوات اثناء عمله في البعثة الإيرانية الدائمة في الأمم المتحدة، بمعرفة بكيفية عمل المؤسسات الدولية، وهو على دراية بشؤون الولايات المتحدة واعتباراتها وسياساتها.

هكذا، من حيث الشكل ومن حيث عضوية الوفدين الإيراني والأميركي، بدت المفاوضات النووية بين الطرفين وكأنها تسير في منحى إيجابي، وكأن توصلها الى اتفاقية قبل نهاية الشهر المقبل صار امرا محسوما. الا ان المسؤولين الاميركيين كرروا مرارا ان كل هذه الإيجابية لا تعني بالضرورة حتمية التوصل لاتفاقية حول ملف إيران النووي، وانه رغم تجاوز مسائل كثيرة عالقة، مازال العمل جاريا على تذليل العقبات الأخيرة.

ومما رشح اوليا مما دار في مفاوضات جنيف، التي تم رفعها وتقرر استئنافها الأسبوع المقبل، ان إيران وافقت على الإبقاء على تجميد تخصيب اليورانيوم الذي نصت عليه اتفاقية جنيف المؤقتة في 24 نوفمبر 2013، والذي يسمح لطهران تخصيب على مستوى محدود لأغراض بحثية على ان لا تتجاوز نسبة التخصيب 3,5 في المئة وان لا تتجاوز كمية اليورانيوم المخصب لدى الإيرانيين الخمسين كيلوغراما، مع موافقة طهران على شحن المخزون الفائض لديها الى موسكو لتخزينه هناك. ويحق لإيران تشغيل خمسة الاف او أكثر قليلا من الطرود المركزية من الجيل الأول.

تستمر مفاعيل هذه الاتفاقية 15 سنة، السنوات العشر الأولى منها تلتزم إيران إبقاء مستويات التخصيب والتخزين على شكلها الذي يتم الاتفاق عليه. بعد انقضاء السنوات العشر، يمكن لطهران زيادة مستويات التخصيب بمراحل لم يتم تحديدها لمدة خمس سنوات.

الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في المفاوضات، حسب المسؤولين الاميركيين، هو وضع برنامج «قوي» بإشراف «وكالة الطاقة الذرية الدولية» يضمن ان إيران تحتاج عاما على الأقل لتخصيب اليورانيوم الى مستويات يمكن استخدامها لصناعة سلاح نووي. اما هدف الإيرانيين فهو الرفع الفوري الكامل للعقوبات الدولية المفروضة على طهران.

الى أي مدى اقترب الوفدان من تحقيق اهدافيهما وتاليا توقيع الاتفاقية قبل نهاية الشهر المقبل؟ يرفض المسؤولون الاميركيون التكهن، لكن مصادر في الكونغرس قالت لـ «الراي» ان الإدارة طلبت من المشرعين إبقاء الاسبوع الممتد بين 2 و6 ابريل من دون ارتباطات رئيسية خارج العاصمة حتى يتسنى للإدارة اطلاعهم على أحدث تفاصيل المفاوضات في الطريق الى توقيع الاتفاقية النهائية في 30 يونيو، حسبما هو مقرر.

خطوة الإدارة هذه تشي بأن البيت الأبيض لا يعتقد انه سيكون هناك اعلان عن اتفاقية الإطار التي سبق ان تحدث عنها كيري، وان اتفاقية الإطار هذه ستكون اتفاقية سرية بعيدة عن الأنظار يحملها كل وفد الى عاصمته لنيل الموافقة عليها وتاليا إضافة كل التفاصيل التقنية المطلوبة قبل التوقيع النهائي والاعلان العام عنها في يونيو.

اما السؤال داخل واشنطن فيرتبط بمقدرة أوباما، سياسيا، على رفع كامل وفوري للعقوبات على إيران، نظرا لأن الرئيس الأميركي يتمتع بهذه الصلاحية دستوريا ومن دون العودة الى الكونغرس. سؤال أميركي آخر هو ان كانت الجلسات المغلقة، التي تنوي الإدارة عقدها في الأسبوع الأول من ابريل المقبل مع المشرعين، يمكنها امتصاص نقمة هؤلاء ضد الاتفاقية ومحاولتهم نسفها بإقرار مجموعة من القوانين تفرض عقوبات جديدة على إيران، وتحظر على الرئيس الأميركي رفع العقوبات من دون العودة الى الكونغرس.

ويسعى الكونغرس، الذي تسيطر على غرفتيه غالبية من الحزب الجمهوري المعارض، الى إقرار قوانين من هذا النوع بغالبية مطلقة تحرم أوباما من ممارسة حق النقض الفيتو بحقها، وهو ما يتطلب استمالة مشرعين ديموقراطيين، وهو ما يبدو ان اللوبي المؤيد لإسرائيل يعمل بكد لتحقيقه، وهو ما يجعل خطاب رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو امام الكونغرس بغرفتيه في 3 مارس يبدو جزءا من هذا المجهود الهادف لنسف مجهود أوباما للتوصل الى اتفاقية مع الإيرانيين تعتبرها إسرائيل واصدقاؤها في واشنطن بمثابة وثيقة هزيمة في مواجهة الإمبراطورية الإيرانية الصاعدة.

مذكرة أميركية: لن يُقضى على "داعش" مع بقاء الأسد

حسين عبدالحسين

لا بد لأي مراقب للسياسة الأميركية تجاه سوريا، منذ اندلاع الثورة فيها في آذار/ 2011، أن يلاحظ أن في صلب هذه السياسة لجوء الرئيس باراك أوباما وأفراد ادارته الى امتصاص نقمة مطالبي واشنطن بالتدخل عن طريق إضاعة الوقت وتشتيت الانتباه بمذكرات إدارية، ومراجعات، وجلسات إعادة تقييم، ومفاوضات مع الكونغرس، وجلسات مغلقة مع الصحافيين، وحديث عن تدريب ثوار.

وفي كل مرة ترتفع الأصوات في وجه تقاعس أميركا في سوريا، تزداد ثرثرة الإدارة الأميركية حول سوريا، التي كان آخرها ادعاء وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، أنه وجه مذكرة للرئيس الأميركي حول سوريا ومستقبل الرئيس بشار الأسد فيها.


وتأتي مذكرة كيري بعد الارتباك غير المسبوق الذي ظهرت عليه ادارة الرئيس الأميركي، والذي تجلى في قمة مكافحة "العنف المتطرف"، الذي يأنف أوباما تسميته إرهاباً. ففي القمة التي وصفها ممثل روسيا فيتالي تشوركين بـ"الفوضى"، بدا ارتباك أوباما واضحاً في التباين بين خطابيه اللذين ألقاهما في القمة، في أقل من 12 ساعة، وخصصهما لمكافحة تنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية".


في الخطاب الأول، لم يتطرق أوباما أبداً إلى الرئيس السوري بشار الأسد والعنف الذي استخدمه في وجه معارضي حكمه السلميين، فدفع كثيرين منهم إلى تبني العنف والالتحاق بمجموعات متطرفة مثل داعش. في الخطاب الثاني، لفت أوباما إلى أن "عنف الأسد ضد شعبه يساهم في تأجيج التطرف".


بين الخطابين، تقول مصادر مقربة من الإدارة، قدم وزير الخارجية جون كيري مذكرة حول "سوريا ومستقبل الأسد فيها". وعلى الرغم من التكتم حول مضمون المذكرة، إلا أن المتابعين قالوا أن كيري لفت نظر أوباما إلى ارتباط مصيري داعش والأسد، وإلى الانزعاج الذي يسببه عدم الربط بينهما لحلفاء أميركا في الحرب ضد داعش، وخصوصاً السعودية وتركيا، وهو ما دفع أوباما الى إضافة الإشارة للأسد في خطابه الثاني.


وتدعي المصادر المتابعة ان مذكرة كيري أشارت إلى تعذر القضاء على داعش طالما أن "الأسد يشكل حالة من تشتيت الانتباه ويدفع المزيد من السوريين الى الالتحاق المجموعات المتطرفة بسبب عنفه ضدهم". وتقول إن ملخص ما أرسله كيري للرئيس الأميركي مفاده أنه "لا يمكن القضاء على داعش مع بقاء الأسد".


أوساط وزارة الخارجية هللت للمذكرة، وشددت على أن أميركا تعرف أن الحرب على داعش لا تحدث في وسط فراغ، وأن أميركا تعرف ما يشغل بال حلفائها وبال كثيرين من السوريين والعرب الذين يخشون أن تفتح الحرب على داعش الباب لعودة الأسد حاكماً لسوريا. لذا، تشكل مذكرة كيري تذكيراً أن واشنطن مازالت متمسكة برحيل الأسد كأساس لأي حل.


لكن المذكرة المزعومة لا تبدو أكثر من كلام، على غرار عشرات المذكرات والدراسات ومراجعات السياسة تجاه سوريا التي طلبها أوباما من إدارته على مدى الأعوام الأربعة الماضية. ويبدو ان الرئيس الأميركي يدرك أن التلميح إلى "مراجعة السياسة تجاه سوريا"، أو "إعادة التقييم" او ما إلى ذلك من تفاهات إدارية لا تغني ولا تسمن يمكنها أن تمتص نقمة المطالبين أميركا بالتدخل عن طريق تسليح الثوار وتدريبهم.


وبينما كانت وزارة الخارجية الأميركية ومسؤوليها يثرثرون حول ضرورة رحيل الأسد، كان مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستفان دي ميستورا يعقد اجتماعات مع المسؤولين الاميركيين طالباً المزيد من التأييد لخطته القاضية بوقف كامل لإطلاق النار وتجميد الاعمال القتالية، بين المقاتلين المعارضين وقوات الأسد في مدينة حلب، وبعض المناطق السورية الأخرى. وصادف وجود دي ميستورا في العاصمة الأميركية مع وجود رئيسه، أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، الذي شارك بدوره في قمة "مكافحة العنف المتطرف".


وفي مقابلة تلفزيونية، عكس بان فحوى لقاءات دي ميستورا مع المسؤولين الاميركيين بالقول إنه في سوريا "علينا أن نكون عمليين جداً في كيفية حل المشكلة، فليس هناك بديل عن الحوار السياسي والشامل، وإيجاد حل سياسي"، وأن مصير الأسد "لا بد من مناقشته في المرحلة الأخيرة من المفاوضات السياسية"، وهو ما "يجب أن يقرره الشعب السوري".


منذ العام 2009 وحتى اليوم، لم تلمس إدارة الرئيس باراك أوباما قضية دولية إلا وأفسدتها. أصرت على سحب كل قواتها من العراق فانهار ونشأت فيه خلافة إسلامية مزعومة. تدخلت في ليبيا "بقيادتها من الخلف" واعتبرته نموذجاً لشراكاتها الدولية، فإذ بليبيا تتحول الى كابوس. جعلت من الرئيس اليمني المنتخب شريكاً لها، وراحت تنسق استخباراتياً مع الحوثيين الذين أطاحوا به. شنّت حرباً على "الدولة الإسلامية"، فإذ بالدولة المزعومة تحتفظ بزمام المبادرة وتظهر مقدرة على الاستمرار في شن هجمات، فيما الحكومة العراقية وميليشياتها تصور فيديوهات منذ أشهر حتى تثبت، عبثاً، أنها استعادت مدينة تكريت.


فهل يمكن للسوريين التعويل على إدارة أميركية تفوقت على نفسها في الفشل في السياسة الخارجية، فيما تمضي في ثرثرتها حول سوريا؟

الجمعة، 20 فبراير 2015

هل تغيّر موقف أوباما فاشترط رحيل الأسد سبيلاً للقضاء على «داعش»؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

كان لافتا التغيير الذي طرأ على موقف الرئيس باراك أوباما في أقل من 12 ساعة. في اطلالته الأولى مساء الأربعاء في البيت الأبيض، تحدث الرئيس الأميركي مطولا عن مكافحة تنظيمي «الدولة الإسلامية» (داعش) و«القاعدة»، ولكنه لم يأت على ذكر العوامل الأخرى، مثل الأزمات السياسية في سورية والعراق، والتي ترافقت مع صعود مثل هذه التنظيمات المتطرفة. في اطلالته الثانية في وزارة الخارجية صباح أول من أمس، قال أوباما ان حرب الرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه أججت العنف، وان انجاز الحل في سورية يرتبط بانتقال كامل للحكم.

ما سبب التباين في الخطاب الأميركي والتغيير الذي ظهر فيه؟

يروي الناشط السوري محمد غانم انه اثناء حضوره احدى جلسات قمة «مكافحة العنف المتطرف»، التي انعقدت في العاصمة الأميركية على مدى الأسبوع الماضي، وجد ان مستشارة الأمن القومي سوزان رايس كانت تجلس في المقعد الذي أمامه، فوضع يده على كتفها وقال: «تعرفين ماذا، كل هذه الازمة التي تحاولون التعاطي معها سببها ان داعش استولى على أراض انهار الحكم فيها في سورية، وهذا حصل بسبب (الرئيس السوري بشار) الأسد».

وأضاف غانم معترضا: «الأسد هو أساس المشكلة، والرئيس (أوباما) لم يتطرق للأسد او مصيره بتاتا اثناء خطابه اليوم، وما لم تتعاملوا مع جذور المشكلة، أي الأسد، لن تصلوا الى حل».

وتابع غانم لـ «الراي» ان «رايس ابتسمت وقالت نعالج موضوع الأسد، كيف؟ بالقوة؟ فأجبت بل بفرض العملية الانتقالية عليه، وهذا لن يحصل ما لم تتغير الوقائع على الأرض، أي تتغير موازين القوى العسكرية. شاهدنا مقابلة الأسد الأخيرة، ولا يبدو انه مستعد لأي عملية انتقالية، بل يبدو ان لديه مشاريع مختلفة».

وقال غانم ان رايس ابتسمت وأومأت له بالإيجاب، ولكن من دون ان تجيب.

مساء اليوم نفسه، التقى غانم في اثناء تجواله في الممر وزير الخارجية جون كيري، فقال له انه «حتى تتغير الأمور على الأرض في سورية ضد مصلحة داعش، عليكم ان تتعاملوا مع مشكلة الأسد»، فأجاب كيري انه «كان خرج للتو من اجتماع قال فيه الكلام نفسه. ثم لكمني كيري على كتفي ممازحا».

صباح اليوم التالي، ربط أوباما فكرة القضاء على «داعش» بالإطاحة بالأسد، وقال ان هزيمة «داعش» تقتضي تحقيق انتقال سياسي في سورية أولا.

بعد خطاب أوباما الثاني، مر كيري بجانب غانم مرة ثانية، فشكر الناشط السوري الوزير الأميركي على التغيير في موقف أوباما، فأجاب كيري بالقول: «نعم، نعم، بالتأكيد خطاب اليوم أفضل».

وعلمت «الراي» من مصادر في الادارة ان كيري قدم، اول من أمس، مذكرة حول سورية ومستقبل الأسد. ولم ننجح في الحصول على إيضاحات من مسؤولين في وزارة الخارجية حول فحوى المذكرة او ان كان تغيير ما قد طرأ على الموقف الأميركي، لناحية تقديم إزاحة الأسد على القضاء على «داعش».

لكن مهما كان في مذكرة كيري الى أوباما، من المؤكد ان مضمونها لم يصل بعد الى بقية أجهزة الدولة الأميركية، ولا الى حلفائها. كذلك، يبدو ان الموقف الأميركي الجديد لم يصل الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، على الأقل بصورة غير رسمية عن طريق الديبلوماسي الأميركي السابق ومساعد الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان.

فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أطل في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامية جودي وودروف، وهي ممن أجروا لقاءات مع الأسد في فترة ما بعد اندلاع الثورة السورية في مارس 2011.

وحاولت وودروف الانقضاض على الأمين العام في موضوع الأسد، فسألته ان كانت القمة التي انعقدت في واشنطن وشارك بها تسلط الضوء على داعش وتنسى مسؤولية «نظام الرئيس الأسد عن الاف القتلى»، وان كان «العالم يعطي الرئيس الأسد إجازة قتل بتركيزه على داعش ومن دون التركيز عليه».

بان رد بالقول: «كلا، لا يمكننا ولن نعطي أي إجازة إلى أي زعيم، بما في ذلك الرئيس الأسد، لقتل شعبهم. هذا غير مقبول على الإطلاق». وأضاف: «في الوقت نفسه، علينا أن نكون عمليين جدا في كيفية حل هذه المشكلة، فليس هناك بديل عن الحوار السياسي والشامل، وإيجاد حل سياسي، وهذا ما مبعوثي الخاص، السيد (ستيفان) دي مستورا، يحاول حل هذه المشكلة، ويحاول الحصول على بعض الفضاء السياسي، قدر الإمكان».

وعندما حاصرت وودروف بان بسؤالها ان كان كلامه يعني ان رحيل الأسد ضروري للتوصل الى حل في سورية، التزم أمين عام الأمم المتحدة بـ «العملانية» التي تحدث عنها، وقال ان هذا «لا بد من مناقشته في المرحلة الأخيرة من المفاوضات السياسية، وهو ما يجب أن يقرره الشعب السوري».

ومع انه من غير الواضح تماما ان كان التغيير في موقف أوباما لناحية من يرحل قبلا، «داعش» ام الأسد، يعكس تغييرا فعليا ام خطابيا، من المؤكد ان شركاء أميركا ومسؤولي المجتمع الدولي لم تصلهم المذكرة بعد، لذا مازالوا يتمسكون بالكلام المطاطي عن الأسد ومصيره ومستقبل سورية بشكل عام.

أوباما ينقل الى الشارع معركة زيادة الحد الأدنى للأجور

واشنطن - حسين عبد الحسين

خسر الرئيس الأميركي باراك أوباما في الكونغرس معركة زيادة الحد الأدنى للأجور في الولايات المتحدة من 7.25 دولار في الساعة حالياً إلى 10.1 دولار. واحتسب البيت الأبيض الزيادة على أساس تطور التضخم المالي منذ نصف قرن. وكان الحزب الديموقراطي قدّم مشروع قانون في مجلس الشيوخ، الذي كان يسيطر على غالبيته في نيسان (أبريل) الماضي، لكنه واجه معارضة جمهورية شرسة في غرفتي الكونغرس، إلى أن انقلبت الغالبية في مجلس الشيوخ إلى الجمهوريين منذ مطلع السنة. فقضى هؤلاء على أي حظوظ لإقرار قانون يرفع الحد الأدنى للأجور فيديرالياً. وكان من شأن أي قانون فيديرالي أن يفرض على الولايات الخمسين التزام الحد الأدنى، أو إقرار حد أدنى يكون أعلى من الحد الفيديرالي المطلوب.

ويرتبط أوباما بقضية الحد الأدنى للأجور شخصياً وعاطفياً، إذ إن الرئيس الذي نشأ في أسرة متوسطة الدخل، اضطر في شبابه الى العمل في مهن متواضعة كي يفي أقساط تعليمه، فملأ أكواب البوظة في محال «باسكين روبنز»، وعمل دهاناً في المنازل ونادلاً في مطاعم المتقاعدين.

وكانت كل هذه الأعمال التي مارسها أوباما تعود عليه بالحد الأدنى للأجور. حتــــى فــي السنوات الأولى التي تلت تخرجه مـــن الجامعة وزواجه، واجه أوباما وزوجته ميشال صعوبات معيشية دفعت السيدة الأولى إلى القول في إحدى مقابلاتها، إنها كانت وباراك تبحثان في مواقف السيارات عن أثاث قديم مرمي لفرش منزلهما الأول.

ولأنّ الرئيس والسيدة الأولى يتحدران من جــــذور متواضعة، فهـــما شنا حملة لرفع الحد الأدنى للأجور، وكرر أوباما مـــراراً عــدم جواز أن يعيـــش زوجـــان يعمل كل منهما دواماً كاملاً أو أكثر في الغالب تحت خط الفقر.

ونشر البيت الأبيض بيانات أوردت أن خط الفقر لعائلة مؤلفة من فردين كان 16 ألف دولار سنوياً عام 1971، وللعائلة المؤلفة من 3 أشخاص 19 ألفاً، فيما كان الحد الأدنى للأجور 20 ألفاً. أما اليوم وباحتساب التضخم، يصبح الحد الأدنى لمدخول زوجين 15 ألفاً، أي دون خط الفقر لأي عائلة من أي حجم كان. وتشير بيانات البيت الأبيض، إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 10.1 دولار في الساعة، سيزيد مداخيل 28 مليون أميركي، والغالبية الساحقة من هؤلاء هم من الأفراد غير المتزوجين، وتبلغ نسبتهم 44 في المئة من الـ 28 مليوناً. فيما يبلغ عدد الأزواج من دون أولاد 18 في المئة أو نحو 5 ملايين، والأزواج مع أولاد 16 في المئة أو 4.6 مليون. كما تؤدي زيادة الحد الأدنى الى رفع مداخيل 3.4 مليون أميركي ممّن هم تحت سن الـ 18.

ولأنّ الكونغرس أغلق أبواب الزيادة في وجه الرئيس الأميركي، اتجه الأخير إلى قاعدته الحزبية التي راح يعبئها للضغط على الكونغرس وعلى مجالس التشريع المحلية في الولايات الخمسين. إذ تجاوبت معه 13 فضلاً عن العاصمة واشنطن، وهذه كلها تسيطر على مجالسها المحلية غالبية من الحزب الديموقراطي. حتى أن مدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا قررت رفع الحد الأدنى للأجور ليصل 15 دولاراً في الساعة مع حلول عام 2018. في وقت راحت أكبر المدن الأميركية أي نيويورك ذات الغالبية الديموقراطية أيضاً، تبحث في إمكان إقرار زيادة مشابهة.

لكن الجمهوريين الذين أقفلوا الكونغرس، لم يتراجعوا عن معارضتهم المحلية، فعارض جمهوريو نيويورك مثلاً أي زيادة بحجة أنها تؤدي إلى تضخم مالي، وتجبر الشركات في الوقت ذاته على اقفال أبوابها ونقل أعمالها إلى الولايات التي لا تفرض زيادة على الرواتب.

وكان «مكتب موازنة الكونغرس» وهو هيئة رسمية غير حزبية، أعلن أن زيادة الحد الأدنى «ستدفع بعض الشركات لا سيما منها الصغيرة والمتوسطة، إما إلى إغلاق أبوابها كلياً أو إلى تقليص القوة العاملة لديها وطرد بعض العمال. وفي المحصلة، قدّر المكتب خسارة نصف مليون فرصة عمل في السوق، لو كان الكونغرس أقرّ قانون نيسان 2014 للزيادة.

ولم يعتبر المكتب أن الزيادة تفضي إلى تضخم مالي أو إلى زيادة في الإنفاق الحكومي، على رغم أن من شأن زيادة من هذا النوع أن تكلف الخزينة الفيديرالية مليوني دولار سنوياً لموظفي الحكومة، إضافة الى مليونين إضافية على السلع، التي تبتاعها الحكومة من متعهدين خارجيين بسبب ارتفاع كلفة العمال لدى هؤلاء.

وكتب المعلق اليميني في صحيفة «فوربس» تيم وراستال، معتبراً أن «أي زيادة للأجور في أي اقتصاد، تدفع نسبة الحد الأدنى ليتعدى عتبة 50 في المئة من متوسط الدخل، من شأنها أن تبطئ سوق الوظائف والاقتصاد عموماً، على غرار ما يحصل في فرنسا التي يشهد اقتصادها صعوبات في نمو الناتج المحلي أخيراً.

وبحسب متوسط الدخل في الولايات المتحدة، يبلغ أجر العامل في الساعة 16.87 دولار، أي أن نسبة الحد الأدنى إلى متوسط الدخل في الولايات المتحدة تصل إلى 47 في المئة. ومن شأن رفعها إلى ما يطالب به غلاة الديموقراطيين في سان فرانسيسكو اي 15 دولاراً في الساعة، ان ترفع النسبة الى 89 في المئة، وهي نسبة «لن تعمل» بحسب وارستال.

لكن الحملات الجمهورية لم تثنِ الديموقراطيين عن الاستمرار في السعي إلى إقرار الزيادة في أكبر عدد من الولايات والمدن والمجالس المحلية. وكتبت صحيفة «ساندايل كاليفورنيا» في افتتاحيتها أن «عمال الحد الأدنى في مدينة لوس انجلوس يأملون في زيادة، لا للعيش في بحبوحة، بل ليتمكنوا من الاستمرار في مجتمع اليوم».

الخميس، 19 فبراير 2015

أوباما: فكرة الحرب على الإسلام غير مقبولة أبداً

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، ان «فكرة الحرب على الإسلام غير مقبولة أبدا»، مضيفا ان «المسلمين هم أكثر ضحايا الإرهاب».

وجاء كلام أوباما في خطاب ألقاه في «قمة مكافحة العنف المتطرف» التي استضافها على مدى 3 أيام وشارك فيها مسؤولون من أكثر من 60 دولة بينهم من الكويت وزير الدفاع الشيخ خالد الجراح الصباح.

وقال أوباما ان «لدينا اتصالات مع الإمارات لايجاد منابر على الانترنت لرجال الدين المعتدلين».

واشار الى انه «لا بد من معالجة الأزمات الاقتصادية لقطع الطريق على التطرف... ويجب معالجة المظالم الأساسية للشعوب».

ورأى ان «الأمن والاستقرار يتطلبان ديموقراطية»، مشيرا الى أن «القاعدة وداعش يبثان ان الغرب يشن حربا على الاسلام» ومؤكدا ان «الارهابيين يستهدفون الشباب ولذا لا بد من حوار شبابي».

وأكد الرئيس الأميركي ان حرب الرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه أججت العنف وان انجاز الحل في سورية يكون بانتقال شمولي للحكم، كما قال ان الحكومة العراقية السابقة ساهمت في تأجيج العنف.

وتوجه أوباما الى مسلمي الولايات المتحدة بالقول: «مع جريمة قتل 3 مسلمين في عمر الشباب في تشابيل هيل، مسلمون أميركيون كثر قلقون وخائفون». وأضاف: «أريد ان كون واضحاً بقدر ما يمكنني، كأميركيين من كل المذاهب والخلفيات، نقف معكم في حزنكم ونقدم لكم حبنا ودعمنا».

وفي خطأ يبدو أن مستشاري أوباما لم يفطنوا له، وضع الرئيس الأميركي في خطابه هجوم سيدني، الذي لا يتصل بـ(داعش)، مع هجمات أوتاوا وباريس وكوبنهاغن، المفترض انها مرتبطة بالتنظيم المتطرف.

ولفت أوباما إلى ان الولايات المتحدة وحلفاءها يعملون على «تفكيك التنظيمات الإرهابية»، وانه بسبب «تعقيدات العملية» نظرا «لطبيعة العدو الذي ليس جيشا تقليديا، يتطلب هذا العمل وقتا».

وأوضح ان عبارة «(عنف متطرف) لا تشمل فقط الإرهابيين الذين يقتلون أبرياء»، بل تشمل أيضا العقائد والبنية التحتية للمتطرفين، بمن فيهم من يعمل في الدعاية والتجنيد والتمويل، معتبرا «اننا جميعنا نعرف انه لا توجد صورة واحدة للعنيف المتطرف او الإرهابي،لذا لا يمكن التنبؤ بمن سيصبح إرهابيا».

وتابع:«(القاعدة) و(داعش) والمجموعات الشبيهة بها يائسة للحصول على شرعية، وهم يحاولون تصوير أنفسهم على انهم قادة دينيون او محاربون في سبيل الدفاع عن الإسلام، ولذلك يدّعي (داعش) انه دولة إسلامية، ويبثون دعاية مفادها ان اميركا، والغرب عموما، هم في حرب مع الإسلام، وهكذا يجندون ويدفعون شباباً نحو التطرف».

وزاد الرئيس الأميركي:«يجب الا نقبل ادعاءهم هذا لأنه كذبة، ويجب الا نمنح هؤلاء الإرهابيين الشرعية الدينية التي يصبون اليها، فهم ليسوا قادة دينيين، بل هم إرهابيون، ونحن لسنا في حرب مع الإسلام، بل في حرب مع الذين حرّفوا الإسلام».

وأضاف أوباما انه كما «يتوجب علينا نحن ممن لسنا مسلمين ان نرفض الرواية الإرهابية القائلة بأن الغرب والإسلام في صراع، او ان الحياة العصرية والإسلام في صراع، اعتقد ان على المجتمعات الإسلامية مسؤولية كذلك، فتنظيمي (القاعدة) و(داعش) يستلهمان، على هواهما، من النصوص الإسلامية، ويعتمدان على النظرة الخاطئة حول العالم بانهما يتحدثان باسم الدين الإسلامي او ان الإسلام بطبعه عنيف، او ان هناك نوعا من الصراع بين الحضارات».

لكن أوباما أكد ان «الإرهابيين لا يتحدثون باسم أكثر من مليار مسلم ممن يرفضون عقيدة التنظيم المبنية على الكراهية»، مضيفا انه «لا يوجد دين مسؤول عن الإرهاب، بل الناس هم المسؤولون عن العنف والإرهاب». وأكمل:«الحقيقة - وهي التي تحدث بها زعماء مسلمون عديدون - هي انه يوجد نوع من الخط الفكري الذي لا يتبنى تكتيكات (داعش)، ولا يتبنى العنف، ولكنه يتبنى فكرة ان العالم المسلم عانى تاريخيا، وهذا دقيق احيانا، وهؤلاء يصدقون ان مشاكل كثيرة في الشرق الأوسط تنبع من تاريخ الكولونيالية او مؤامرة، وهؤلاء يصدقون فكرة ان الإسلام لا يتوافق مع الحداثة او التسامح، وانه تم تلويثه بقيم غربية».

ويعتقد أوباما ان هذه الأفكار موجودة، ويتم تداولها في بعض المجتمعات حول العالم همسا، وهو ما يجعل الافراد، خاصة من الشباب المحبطين عرضة للتطرف. لذا«علينا أن نكون قادرين على التحدث بصراحة حول تلك القضايا، وعلينا أن نكون على كثير من الوضوح حول كيفية رفضنا أفكارا معينة».

الأربعاء، 18 فبراير 2015

لندع السنّة والشيعة يقتلون بعضهم البعض

حسين عبدالحسين

لا شك في أن أشهر التقارير عن النقاش الأميركي حول التدخل في سوريا، ورد في العام 2012، وجاء فيه أنه أثناء اجتماع "فريق الأمن القومي" برئاسة باراك أوباما، احتدم النقاش كثيراً بين وزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هيغل؛ فالأول كان يرى أنه لا بد من تدخل عسكري أميركي يجبر الأسد على الخروج من الحكم ويجبر نظامه على الدخول في شراكة مع الثوار، فيما عارض هيغل ذلك. عند ذاك تدخل رئيس أركان الجيش الجنرال مارتن ديمبسي لمصلحة هيغل، وردد قائلاً إن المصلحة الأميركية تقتضي عدم التدخل في القتال الدائر في سوريا، بين عدوين لواشنطن: تنظيم "القاعدة" السني و"حزب الله" الشيعي.

منذ ذلك التاريخ، كثرٌ كتبوا، في أميركا وفي إسرائيل، عن هذه المصلحة المفترضة، والتي تقضي بالتفرج على السنة والشيعة يقتلون بعضهم. واستعاد البعض دعابات أميركية من زمن الحرب العراقية الإيرانية، كقول وزير الخارجية الأسبق هنري كيسينجر، إنه كان يتمنى للاثنين؛ العراق وإيران، "حظاً سعيداً" في الحرب الدموية المستمرة بينهما.

لكن ديمبسي نفسه هو الذي قلب رأي أوباما لمصلحة التدخل ضد تنظيم الدولة الإسلامية؛ فعلى إثر انهيار القوات النظامية العراقية في الموصل في حزيران/يونيو 2014، وبدء تهديد داعش لأربيل، تسلل ديمبسي إلى الليموزين الرئاسية التي كانت تهم بالإقلاع من وزارة الخارجية إلى البيت الأبيض، بعد مشاركة أوباما في قمة جمعته مع رؤساء افريقيا. وفي المسافة القصيرة بين المبنيين، أقنع ديمبسي أوباما بخطورة الموقف، وضرورة وقف زحف داعش نحو الأكراد.

وبالفعل، بدأت أميركا غاراتها التي أوقفت تمدد داعش، وأتبعت ذلك ببناء تحالف عسكري جوي قال أوباما، الأسبوع الماضي، إنه قام بأكثر من ألفي غارة جوية، على الرغم من أن غالبية المراقبين لا يعتقدون أن عدد ضحايا مقاتلي داعش من الغارات قد وصل إلى ألف قتيل.

هكذا، كان التدخل الأميركي ضد داعش لضبط الحرب بين السنّة والشيعة، وحصر مسرحها في سوريا وبعض المناطق العراقية فقط. ومع مرور الأشهر، صارت واشنطن، التي تحاور طهران وتُغير على داعش، تبدو وكأنها منحازة للشيعة ضد السنّة. ومع الوهن الذي أصاب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، الشيعي مؤقتاً، والذي يحاور إسرائيل في أوقات أخرى، يبدو أن القلق أصاب بعض من اعتقدوا أن في الحرب السنية-الشيعية فائد أميركية. الغارة الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل قياديين في حزب الله وجنرالاً إيرانياً أظهرت أن جبهة الجنوب السورية، انتقلت بالكامل إلى يد إيران العسكرية.

وإن انتقلت حدود الجولان من يد الأسد إلى اليد الإيرانية، حسبما بث الإعلام الموالي صوراً لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيرايني الجنرال قاسم سليماني، قيل إنها التقطت له في جنوب سوريا، ما يعني أنه يتوجب على إسرائيل توقع أراض جديدة بأيدي ميليشيات حليفة لإيران.

صحيح أنه منذ تسلمت "جبهة النصرة" معبر القنيطرة في آب/أغسطس 2014، أبدت التزاماً شبيهاً بالتزام الأسد قبلها و"حزب الله" منذ العام 2006، بالهدوء على الحدود مع إسرائيل، إلا أن مزيداً من التماس مع الإيرانيين لا يعجب الإسرائيليين كثيراً.

وفي منطقة الشرق الأوسط مؤشرات أخرى على انتصارات شيعية عسكرية، فاليمن الذي سقط بيد حلفاء إيران، يقلق إسرائيل وبعض الأميركيين؛ إذ أنه سبق للقوات الحكومية اليمنية أن ضبطت عدداً من شحنات السلاح الإيرانية التي وزعتها طهران على حلفائها في عموم المنطقة، ومنهم حماس في غزة. ويأتي تفوق الشيعة على السنّة إقليمياً في وقت يبدو أوباما متجهاً نحو تسوية مع الإيرانيين بأي ثمن. أما أبلغ صورة للموقف الأميركي الجديد، فهي الرسائل المتبادلة بين أوباما ومرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، في وقت أوصد الرئيس الأميركي أبواب البيت الأبيض أمام رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي سيزور واشنطن في 3 أذار/مارس، ليقلي خطاباً أمام الكونغرس.

هكذا، بدأ بعض القلق الأميركي من إمكانية انتصار الميليشيات الشيعية، وفي سلسلة من جلسات الاستماع في الكونغرس ذي الغالبية الجمهورية المعارضة لأوباما، والمقربة من إسرائيل، راح الأعضاء وضيوفهم من الخبراء يتحدثون بالتفصيل الممل عن الخطر الداهم للميليشيات الشيعية الموالية لإيران، خصوصاً في حال انتصرت هذه على خصومها من السنة، وخصوصاً في ضوء انفتاح أوباما على إيران.

وراح أعضاء بارزون في الكونغرس، مثل العضو الجمهوري من أصل لبناني داريل عيسى، يسهب في الحديث حول جدوى حرب أميركا على داعش، والتي تبدو بأنها لا تقضي على داعش، وأن كل ما تفعله هو ترجيح كفة ميليشيات أخرى، هي أيضاً عدوة للولايات المتحدة.

طبعاً الأصوات التي دعت منذ الأيام الأولى للثورة السورية في العام 2011 إلى تدخل أميركي حاسم لوقف النشاط العسكري للأسد، حتى لا يستثير عنفاً من الجهة المقابلة، عادت اليوم لتقدم الرؤية الموضوعية للأمر؛ فكلما طالت الحرب بين السنة والشيعة، كلما تعود الطرفان على الحرب، وكلما جندوا المزيد من الشباب ودربوهم، وكلما انشأوا شبكات مالية لتمويلهم.

يوماً ما، إذا انتهت الحرب في سوريا والعراق بفوز طرف على آخر أو بتسوية ما، أين سيذهب كل هؤلاء الشباب المقاتلين من الطرفين؟ لا بد أن بعضهم لن يلقي السلاح، وقد يوجه عنفه ضد أميركا والغرب، وهو ما حدث بعد حرب أفغانستان ضد السوفيات، وهو الدرس الذي لم تفهمه أميركا بالكامل، بل فهمت أن مصلحتها هي في عدم التسليح، بدلاً من أن تكون مصلحتها في وقف الحرب. - See more at: http://www.almodon.com/arabworld/f2c8271f-c30c-46a9-ae9a-c2d897a1f72a#sthash.LLX9HcKF.7FdEJ2j7.dpuf

إيتامار رابينوفيتش يدعو إسرائيل للتدخل في الحرب السورية

جريدة الراي

باهتمام كبير، رصدت الدوائر الأميركية المتابعة تقارير تحدثت عن قيام قوات تابعة لإيران و«حزب الله» اللبناني بإعدام 12 ضابطا من الجيش السوري النظامي اثناء قيام قوات مشتركة بشن هجوم لاستعادة زمام المبادرة في الجبهة الجنوبية في سورية. وتضاربت الانباء حول سبب الخلاف بين القوات الموالية لإيران وضباط تابعين للرئيس السوري بشار الأسد، الا ان بعض المصادر الأميركية، خصوصا من المقربة من إسرائيل، أبدت تخوفها من انهيار الأسد، في وقت تعالت الأصوات الداعية لتدخل إسرائيل لقلب ميزان المعركة ضد القوات الموالية لإيران في حال هيمنت هذه القوات على المشهد السوري بدلا من الأسد.

وكتب السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن والباحث حاليا في «معهد بروكنغز» ايتامار رابينوفيتش انه «حان الوقت لإسرائيل لإعادة النظر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في سياستها حول الحرب الاهلية السورية».

ورابينوفيتش هو المسؤول الإسرائيلي الذي قاد محادثات السلام مع نظيره السوري، السفير في واشنطن حينذاك ووزير الخارجية اليوم، وليد المعلم. ومع أواخر العام 1994، أرسلت دمشق رئيس اركان جيشها حكمت الشهابي للقاء نظيره الإسرائيلي ايهود باراك.

ويعتبر رابينوفيتش من أكثر الخبراء معرفة بالشأن السوري ومن الآراء المسموعة في العاصمة الاميركية، وهو كان من أبرز الدعاة لبقاء الولايات المتحدة وإسرائيل بعيدتين عن تطورات الأوضاع في سورية، الى ان قدم ما يبدو انه انقلابا في الموقف بسبب تقدم قوات موالية لإيران لاستيلائها على المساحات السورية الجنوبية المحاذية للحدود مع إسرائيل.

وكتب رابينوفيتش: «لقرابة أربعة أعوام، أي من مارس 2011، بقيت إسرائيل على الحياد، في وقت ينقسم صانعو السياسة والمحللون الإسرائيليون الى مدرستين حول مستقبل سورية». المدرسة الاولى، حسب رابينوفيتش، هي المعروفة بمدرسة «الشيطان الذي تعرفه»، وتعتبر انه رغم كل اخطائه، يبقى الأسد ونظامه أفضل من «بديل جهادي إسلامي» أو الفوضى التي ستعم في حال انهيار النظام. اما المدرسة الثانية، يتابع المسؤول السابق، فإنها تعتبر انه حسبما بدا جليا في حرب العام 2006، أصبح الأسد جزءا لا يتجزأ من محور إيران - «حزب الله».

ويتابع رابينوفيتش ان الانقسام في إسرائيل أدى الى حيادها، وترافق ذلك مع حذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وتفضيله للوضع القائم، واقترن ذلك مع تردد في التدخل لمصلحة المعارضة السورية، التي ترفض أن تكون في موقع حليفة إسرائيل. لكن من الدول الخمس المحيطة بسورية، يعتقد رابينوفيتش ان إسرائيل هي الأقل تدخلا وتأثرا بالوضع في سورية.

الا ان الموقف الإسرائيلي قد يكون في طور التعديل بسبب ثلاثة تطورات أساسية. الأول هو «نجاح النظام، بمساعدة ضخمة من إيران وتابعها اللبناني، بإحكام قبضته على 40 في المئة من الأرض السورية». السبب الثاني، هو «ضعف المعارضة العلمانية او الإسلامية المعتدلة، عسكريا وسياسيا»، والثالث هو «القرار الواضح من إيران وحزب الله بتكثيف وجودهما ونشاطهما في الجولان السوري ولتوسيع المواجهة مع إسرائيل من الحدود اللبنانية – الإسرائيلية الى هضبة الجولان».

ويقول السفير السابق ان في السبب الثالث مفارقة تكمن في انعكاس الأدوار بين الأسد و«حزب الله»، ففي التسعينات «فاوضت سورية حول السلام مع إسرائيل فيما رعت عمليات ضدها في جنوب لبنان... وتاليا حافظت (دمشق) على جبهة هادئة في الجولان». اما اليوم، «فيحاول حزب الله إبقاء حدوده مع إسرائيل هادئة نسبيا، فيما يستعد ويمتحن الأرض لفتح جبهة مع إسرائيل في الجولان».

ويتابع انه عندما يعلن امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله تعديل «قواعد الاشتباك»، ما يعنيه هو ان الردع الذي حققته إسرائيل في العام 2006 في لبنان قد انتهى. ويقول رابينوفيتش أيضا ان «المؤسسة الدفاعية في إسرائيل لاحظت اخيرا ان حزب الله يتصرف بطريقة أكثر عدوانية، ويعد البنية التحتية في الجولان السوري لهجمات ضد إسرائيل».

اما الحل من وجهة النظر الإسرائيلية، يقول مسؤولها السابق، فيكمن في ان تعطي إسرائيل «حزب الله» وراعيه في إيران إشارة مفادها ان الرد على التصعيد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وفي الجولان لن يكون «موضعيا» بعد الآن، بل قد «يستهدف وحدات أساسية ومنشآت لنظام الأسد، وتاليا يؤثر في مجرى الحرب الاهلية السورية.

ورغم ان خبراء اميركيين عارضوا اقتراح رابينوفيتش، بالقول ان ضرب منشآت تابعة لقوات الأسد تسهم في المزيد من اضعاف للرئيس السوري وافساح المجال في دور أكبر للإيرانيين وحلفائهم للسيطرة على سورية، الا ان مؤيدي اقتراح رابينوفيتش يعتقدون ان مدفعية الأسد وقوته الجوية مازالت عاملا أساسيا في المعارك التي تخوضها قوات إيرانية على الأرض السورية، وان إنهاك قوات الأسد يفرض المزيد من الانهاك على»حزب الله» وإيران في المواجهة مع قوات المعارضة، ما يبعد الطرفين تاليا عن أي مواجهة ممكنة مع إسرائيل.

الاثنين، 16 فبراير 2015

"قناص أميركي": كلينت ايستوود يناقض نفسه!


حسين عبدالحسين

يلتزم فيلم "قناص أميركي" السطحية نفسها في أفلام هوليوود التي تصور العرب. الصبي العراقي يلبس سروالا تحت الدشداشة على الطريقة الأفغانية، بينما الذكور العراقيين يلبسون اما الدشداشة او السروال. المتحدثون العراقيون في الفيلم يتحدثون إما بعربية بليدة ومرتبكة ومتقطعة، او بلهجات غير عراقية.

وكأفلام هوليوود الأخرى، لا يرى القيمون على هذه السينما، فوارق في الطبيعة العربية او في العمارة، فطبيعة الهضاب في العاصمة الأردنية عمّان، كانت واضحة في فيلم "هيرتلوكر"، الحائز أوسكارات، والذي يفترض ان احداثه كانت تجري في العراق حيث لا هضاب. اما في "قناص أميركي"، تفسد العمارة غير العراقية والزخرفة المغربية على بعض الجدران، المشهد العراقي المطلوب تقديمه. 

فيلم "قناص أميركي"، للمخرج كلينت ايستوود، تعرض لانتقادات واسعة في الولايات المتحدة وصلت حد اتهامه بالعنصرية و"معاداة المسلمين". لكن الفيلم، الذي يلعب دور البطولة فيه الممثل برادلي كوبر، ويصور حياة قناص البحرية الأميركية كريس كايل، يظهر فهماً حول العراق والعراقيين يتميز عما سبقه من اعمال. فعلى الرغم من البطولة الأسطورية التي أراد ايستوود سبغها على كايل، الا ان المشهد الأخير للبطل المذكور في العراق يصوره وهو ينفذ بروحه من هناك، اذ يفر راكضاً بعدما حاصر مقاتلون عراقيون البيت الذي كان يتمركز فيه كايل وصحبه. وفي اثناء ركضه، أسقط كايل الانجيل الذي كان يحمله، وأسقط العلم الأميركي، وترك بعض أسلحته وراءه، وفي المشهد رمزية أن البطولة الأميركية المطلوب تصويرها انتهت بخروج أميركي مذل.

كذلك يحرص ايستوود، وهو من أبرز اليمينيين المحافظين في الحزب الجمهوري، على عدم شمل العراقيين جميعهم بصورة الإرهابيين، اذ يقدم المقاتلين على انهم في غالبهم من غير العراقيين، ويقدم السكان بمظهر المتعاونين مع القوات الأميركية، على الرغم من الفظاعات التي يلقونها من المقاتلين بسبب تعاونهم هذا.

على الرغم من ذلك، تعرض الفيلم لانتقادات واسعة، خصوصا من اليساريين الليبراليين الاميركيين والعرب الاميركيين، يبدو ان سببها استمرار الانقسام حول حرب العراق نفسها، وحول سببها وحول محاولة كتابة تاريخها.

والفيلم نفسه هو خليط لشعارات اليمين الأميركي. إذ يُفترض أن كايل بهجمات "القاعدة" ضد سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام، ولاحقاً بهجمات 11 أيلول، وهو ما اعتبره النقاد من الليبراليين ربطاً غير مقبول للهجمات بحرب العراق. وفي الحوار، يردد كايل بعض الشعارات اليمينية، مثل قوله انه يقاتل من اجل "الله والوطن والعائلة". وغالبا ما يتحدث كايل عن العراقيين بوصفهم "متوحشين".

في الوقت نفسه، يحاول ايستوود تصوير كايل على انه مسيحي مؤمن، يحمل معه الانجيل في المعارك، وله وشم على ذراعه هو صليب أحمر على طراز "الصليبيين". ويجهد الفيلم لإسباغ صفة البساطة على البطل الأميركي، ويصوره على انه رجل عائلة مخلص لزوجه ومحب لها ولأولادهما، وفاعل خير، خصوصاً في محاولاته مساعدة العسكريين السابقين ممن تعرضوا لإصابات بالغة ومزمنة.

لكن محاولات ايستوود جاءت مرتبكة ومتعثرة، ففي تصويره كايل على انه شخصية عنفية على طراز "الكاوبوي"، ناقض ايستوود فكرة الوطنية التي يفترض انها دفعت كايل للالتحاق بالبحرية. فكايل شخصية عنفية لأن والده كان يهدده "بالحزام"، ويحثه على "تصفية" أي ولد في المدرسة يعتدي عليه أو على أخيه. وفي مشهد لاحق، نرى كايل يعتدي على أخيه بسبب تباين في الرأي بينهما. ويصور الفيلم ان كايل، الذي كان يعمل مروض احصنة "روديو" محترف، سقط عن حصانه مرة وأصيب بشكل منعه من الاستمرار بعمله، ما دفعه الى الحياة العسكرية.

هكذا، بسبب اصابته وعنفه – لا بالضرورة بسبب وطنيته وحبه لأميركا – التحق كايل بالبحرية وأصبح من قناصيها الذين قتلوا أكبر عدد من "الآخرين"، الذين يقدرهم الفيلم بأكثر من 160 شخصا. حتى في محاولة تلبيس كايل هذه البطولة، تناقض لمبدأ إرساله الى الجبهة لحماية رفاق السلاح، بقتله أي خطر يراه القناص كايل من بعيد، فالولايات المتحدة كان يمكنها إيقاع مئات الضحايا العراقيين بغارة واحدة، لكن سبب اللجوء الى القناصين – اثناء مطاردة الوحدات الأميركية لمقاتلي القاعدة – كان بهدف تقليص عدد الضحايا من غير المقاتلين.

ويختم ايستوود تناقضاته بأكبرها، اذ هو يصر على تصوير كايل محباً للسلاح الفردي. واقتناء السلاح الفردي موضوع يقسم الاميركيين الى يمينيين مؤيدين ويساريين معارضين. ويصور الفيلم كايل وهو يتشاقى وزوجته بتهديدها بمسدس. بعد ذلك، ينتهي الفيلم بسطور تروي لنا انه بينما كان كايل يحاول ان يساعد عسكري سابق، قتله الأخير. لا يقدم ايستوود تفاصيل حول مقتل كايل، بل يعرض صوراً حقيقية من مشهد جنازته التي حضرتها جماهير غفيرة.

على ان المفارقة تكمن في أن هذا البطل الأميركي، الذي كان يؤيد مبدأ اقتناء الأميركيين للسلاح الفردي من دون رخص حكومية، خسر حياته عندما أطلق النار عليه، وعلى صديقه، عسكري سابق يعاني اضطرابات عقلية، فيما كان الثلاثة يلهون في مركز للرماية الترفيهية.

بعد الفيلم، أطلت حفنة من الاميركيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتقول انها شاهدته وشعرت برغبة في قتل مسلمين وعرب. وتلقف بعض الصحافيين العرب الاميركيين هذه الرسائل وأعادوا نشرها للدلالة على عنصرية الفيلم. لكن البطل كايل كان قد خرج من العراق سالماً معافى، وهو لم يمت بسبب الحرب في بلاد العرب والمسلمين، بل بسبب انفلات السلاح الفردي في الولايات المتحدة، ما يعني ان العبرة من الفيلم هو ضرورة تنظيم السلاح، وهو أمر يعارضه ايستوود والجمهوريون واليمين ولوبي صناعة السلاح من خلفهم.

فيلم "قناص أميركي" يظهر براعة هوليوود في الإنتاج وسطحيتها في المضمون. اما الخلاف الذي تسبب به الفيلم المليء بالتناقضات، فهو خلاف لسبب ما "في نفس يعقوب"، ولا يمت بكثير صِلة، الى سطحية الفيلم ومحاولته تقديم اليمين المسيحي الأميركي بصورة وطنية وبطولية.

الأحد، 15 فبراير 2015

الاتفاق النووي بين إيران وأميركا قاب قوسين أو أدنى

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ودارت الأيام. وصار الرئيس باراك أوباما يتبادل الرسائل الودية مع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، حسبما أوردت صحيفة
«وول ستريت جورنال»، فيما يوصد أبواب البيت الأبيض في وجه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يزور العاصمة الأميركية في الثالث من الشهر المقبل. التغيير الحاصل في السياسة الأميركية غير مسبوق، في وقت يرصد المتابعون اقتراباً مؤكداً نحو التوصل الى اتفاقية مع الإيرانيين، حول ملف طهران النووي، مع نهاية الشهر المقبل.


وتقول مصادر الإدارة الأميركية ان وفدي أميركا وإيران شبه انجزا الاتفاقية النهائية المبنية على فكرة رئيسية مفادها ان إيران ستقدم، بشفافية وفي أي وقت وبشكل مستمر، كل التأكيدات التي يطلبها المجتمع الدولي لإثبات ان برنامجها النووي «يحتاج الى سنة على الأقل لتحقيق الاختراق المطلوب لإنتاج المواد النووية لصناعة سلاح نووي».


وحاولت مصادر البيت الأبيض تقديم التسوية هذه على انها انجاز ديبلوماسي للإدارة، وقالت ان الحل الوحيد الممكن لمنع إيران من حيازة سلاح نووي هو القيام بذلك بالاتفاق مع الإيرانيين، اذ ان القضاء على البرنامج متعذر فعلياً «لأن إيران حازت على تقنية الصناعة النووية، وهذه لا يمكن وقفها لا بعقوبات ولا بعمل عسكري». وضرب المسؤولون الأميركيون المثال بكوريا الشمالية، وقالوا ان المجتمع الدولي لم يتمكن من وقف زحفها نحو السلاح النووي على الرغم من وضعها الاقتصادي المعدم.


بيد ان معارضي أوباما، خصوصاً من الحزب الجمهوري وأصدقاء إسرائيل، عبروا عن سخطهم الشديد للاتفاقية المتوقعة، وقالوا ان «أساس المفاوضات وقرارات مجلس الأمن بدأت على أساس تجميد إيران التخصيب وتفكيك البنية التحتية النووية». ويضيف هؤلاء: «اما الآن، فصارت الإدارة تتحدث وكأن صناعة إيران للسلاح النووي أمر ناجز، وان كل ما يمكن للمجتمع الدولي فعله هو ابعادها مهلة سنة واحدة عن صناعته».


وتابع المعارضون ان التاريخ يظهر ان إيران لم تلتزم ما وعدت به الأوروبيين في برنامجها النووي، وأنها بنت منشأة فوردو سرا، وانه من غير المستبعد ان تعد المجتمع الدولي بالبقاء بعيدة مهلة عام عن بناء السلاح النووي، لكن ان تسير نحو بنائه سرا.


بدورهم، يرد مسؤولو البيت الأبيض ان التوصل لاتفاقية مع إيران حول التسوية النووية استغرق وقتا لبناء الثقة. ومع ان الإدارة لا تفصح عن كيفية بنائها الثقة، لكن المعارضين يقولون ان ذلك بدا جلياً منذ الأشهر الأولى لتسلم أوباما الحكم، فهو «أشاح بوجهه» فيما قام النظام الإيراني بقمع الثورة الخضراء، ثم امتنع عن ضرب الرئيس السوري بشار الأسد كرمى لعيون الإيرانيين، وأخيراً تخلى أوباما عن حلفاء واشنطن في اليمن ليصبح وإيران في صف واحد.


والغضب الذي يسود صفوف معارضي أوباما، خصوصاً في موضوع إيران، لم يعد سراً، حتى ان غالبية الخبراء تعتقد ان زيارة نتنياهو وخطابه امام الكونغرس بغرفتيه هو بهدف تعطيل الاتفاقية المقبلة مع طهران بحجة «الخطر الوجودي» لأي برنامج نووي إيراني على إسرائيل.


لكن أوباما لا يكترث، وهو ساهم في المزيد من تأزيم العلاقة مع نتنياهو بإعلانه عدم استعداده استقباله، وهذه سابقة في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية. كذلك، شن البيت الأبيض حملة داخل الحزب الديموقراطي لإقناع أكبر عدد ممكن من أعضاء الكونغرس بمقاطعة خطاب المسؤول الإسرائيلي.


على ان مصادر في الكونغرس هزأت من محاولات أوباما هذه، وقالت انه حتى الساعة، لا يبدو ان عدد المقاطعين يتجاوز «دزينتين» من أصل 535 عضواً.


وتختم أوساط الجمهوريين بالقول انه لم يسبق ان نجحت أي من السياسات الخارجية أو المبادرات التي أعلنها أوباما على مدى السنوات الماضية، ولا داعي للاعتقاد ان اتفاقيته المقبلة مع الإيرانيين ستؤدي الى أي نجاحات تذكر، بل أنها ستكون اتفاقية بمثابة «التنازل للإيرانيين عن الدور الأميركي في الشرق الأوسط، وهو ما يهدد مصالح حلفاء أميركا تهديداً وجودياً».


اما أوساط أوباما فتختم بالقول ان «الخوف من ان تكون إيران بعيدة مهلة سنة عن صناعة سلاح نووي قد يبدو امراً خطراً، نظراً للعداء السائد مع طهران، في الوقت الحالي، ولكن ما ان تتم التسوية وتتحول إيران الى دولة صديقة، يصبح كل الموضوع النووي ثانوياً، فلا اسرار بين الاصدقاء».

السبت، 14 فبراير 2015

موازنة أميركية بمواصفات انتخابية و أوباما يحاول إظهار خصومه معرقلين

واشنطن - حسين عبدالحسين

يُجمع الخبراء الأميركيون على أن مشروع الموازنة الذي قدمه البيت الأبيض للكونغرس، هو بمثابة «إعلان سياسي» يقدم وجهة نظر الرئيس باراك أوباما والحزب الديموقراطي لعلمهما باستحالة أن يوافق عليه الكونغرس، الذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الجمهوري المعارض. لكن في الموازنة بعض البنود التي يبدو أن الفريق الاقتصادي لأوباما وضعها خصيصاً لنيل موافقة الجمهوريين عليها. من البنود المحبذة لدى الجمهوريين، موافقة الرئيس الأميركي على السماح لشركات النفط بتنفيذ أعمال مسح وتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية للشمال الشرقي الأميركي، وهو أمر لطالما طالب به الجمهوريون واستخدمه مرشحوهم شعاراً في حملاتهم.

لكن الموافقة هذه، والتي أثارت حفيظة قاعدة الحزب الديموقراطي المدافع عن البيئة والمعارض لاستخراج الطاقة التقليدية، أرسلها أوباما إلى الكونغرس مرتبطة بشرط: فرض ضريبة لمرة واحدة تبلغ 14 في المئة على الشركات التي ستنقب، ما يدر على الخزينة مبلغاً يُقارب نصف تريليون دولار تستخدمها الحكومة الفيديرالية لصيانة البنية التحتية المتهالكة للبلاد.

ضريبة على الوقود
وتمويل صيانة البنية التحتية هذا يرتبط بضريبة على الوقود لم تُرفع منذ عقود، ما يعني أن الأموال المتوافرة للصيانة أصبحت ضئيلة. ويبدو أن فريق أوباما كان يعتقد أن زيادة هذه الضريبة ستواجه معارضة شرسة عند الجمهوريين فابتعد عنها، لكن أوساطهم تردد أن لا مانع من زيادة الضريبة على الوقود لتمويل صيانة البنية التحتية، وسط تراجع سعر النفط العالمي وانخفاضه بالنسبة للمستهلك الأميركي.

وموازنة أوباما لعام 2016 لا تختلف جذرياً عن سابقاتها، فهي تلحظ إنفاقاً بنحو 4 ترليونات دولار، مع عائدات تقارب 3.5 ترليون، وعجز سنوي يبلغ 2.5 في المئة من الناتج المحلي المتوقع، وهذه زيادة في العجز عن السنوات الماضية بواقع 20 في المئة ولكنها تعيده إلى معدله التاريخي على مدى نصف القرن الماضي.

ويبدو أن فريق أوباما رصد خلافات داخل الحزب الجمهوري حاول النفاد منها، فلحظ مشروع الموازنة زيادة 74 بليوناً على الإنفاق «غير المخصص»، أي الإنفاق لغير صناديق الرعاية الاجتماعية والضمان الوطني. وكان الحزبان اتفقا قبل سنتين على تقليص الإنفاق في هذا المضمار بواقع 1.2 ترليون دولار على مدى عشر سنوات، أي 120 بليوناً سنوياً، شرط أن يطال نصف الاقتطاع موازنة وزارة الدفاع، والنصف الآخر يطال الموازنات الأخرى.

وبهذه الطريقة، يلغي أوباما 62 في المئة من الاقتطاع المعروف بـ «سيكويستر»، ما من شأنه أن يثير معارضة شرسة لدى الجمهوريين المهووسين بالتقشف، وبسد العجز السنوي، وبخفض الدَين العام. لكن يبدو أن فريقه رصد تبايناً عند الجمهوريين الذين تعارض غالبيتهم أي خفض في الموازنة العسكرية، ما حدا برئيس لجنة الشؤون المسلحة في مجلس الشيوخ، السناتور جون ماكين، إلى القول إن «سيكويستر» يطاول قدرة الجيش في الدفاع عن الأمن الوطني للولايات المتحدة.

أما البنود الأخرى في الموازنة فلا يبدو أنها تحوز أي موافقة، وإن هامشية، عند الجمهوريين. فالرئيس الأميركي اقترح زيادة الضريبة على الأثرياء، أي كل عائلة تجني أكثر من ربع مليون دولار سنوياً، وبرفع الضريبة على الأرباح من الاستثمارات المالية، ما يرفع إجمالي الجباية من أصحاب الدخل الأعلى في البلد إلى أكثر من نصف الجباية الأميركية عموماً، أي نحو ترليوني دولار سنوياً.

هذه الزيادة في الجباية يسعى أوباما إلى استخدامها لخفض الضرائب على العائلات التي تجني أقل من ربع مليون سنوياً. كذلك، يسعى إلى استخدام الفائض من الضرائب لتمويل برنامجه لتأمين تعليم جامعي مجاني للأميركيين، ولمضاعفة الحوافز الضريبية للإنجاب فيمنح أهل كل قاصر ائتماناً ضريبياً يبلغ ثلاثة آلاف دولار سنوياً، بدلاً من ألف دولار وفق القانون الحالي.

ويسعى أوباما إلى استخدام الزيادة لخفض الضرائب على الشركات من 35 في المئة حالياً إلى 28 في المئة، لتنشيط عملها داخل الولايات المتحدة، مع فرض ضريبة 19 في المئة على عائدات الشركات خارج البلد والتخلص من ازدواجية الضرائب.

ويعتقد فريق الرئيس أن إعادة توزيع الدخل من شأنها أن تساهم في ردم الهوة المتسعة بين الأقل دخلاً وأصحاب المداخيل المرتفعة. لكن رئيس لجنة الشؤون المالية في الكونغرس، العضو الجمهوري بول ريان، وصف هذه السياسة بـ «اقتصاد الحسد».

تنشيط الاستهلاك
ويعتقد فريق أوباما أن زيادة النقد بين أيدي الأميركيين من شأنه أن ينشط الاستهلاك ويحرك الأسواق، ما ينعكس إيجاباً على نمو الناتج المحلي الذي يرتكز ثلثاه على الاستهلاك. كذلك يعتقد أن زيادة الإنفاق «غير المخصص» بواقع 74 بليوناً سنوياً من شأنه أن يساهم في زيادة نسبة نمو الناتج المحلي بواقع نقطة مئوية واحدة، تُضاف إلى معدل 3.4 في المئة المتوقعة لعام 2016، ما يرفع نسبة النمو الأميركي إلى نحو 4.5 في المئة، وهي نسبة «محترمة»، وفق الاقتصاديين الأميركيين الذين يعتبرون أن الاقتصاد الأميركي في موقع جيد في ظل نسبة نمو 4 في المئة ونسبة بطالة 4 في المئة، وهاتان النسبتان اللتان سيطرتا على المشهد الاقتصادي الأميركي على مدى التسعينات، العقد الذي يعتبره الاقتصاديون بمثابة «الفترة الذهبية» في التاريخ الحديث للبلاد.

ويُتوقع أن تشهد مناقشة مشروع الموازنة جولات معقدة من الأخذ والرد يحاول فيها كل من الحزبين استخدام مواقفه لحشد التأييد الشعبي، مع اقتراب البلاد من موعد انتخابات الرئاسة العام المقبل. إلا أن عرقلة الجمهوريين الكاملة للموازنة، ودفع الحكومة للتجديد على قاعدة الالتزام بالإنفاق الحالي المحدد بالموازنة السابقة، من شأنه أن يُظهرهم بمظهر المعرقلين في السنة الانتخابية، ما يدفع كثيرين إلى الاعتقاد بأن الحزبين، على رغم المفاوضات المضنية، قد يخرجان على الأميركيين بموازنة فيها بنود ترضي الطرفين وقاعدتيهما، ولكنها ستأتي لا شك بموازنة يشوبها كثير من التعقيدات التي تجعل فهمها متعذراً على عدد كبير من مؤيدي الحزبين.