واشنطن - من حسين عبدالحسين
رغم النبرة الأميركية العالية المترافقة مع تحذيرات وتهديدات ضد إيران، تؤكد مصادر مطلعة في واشنطن أن سياسة إدارة دونالد ترامب تجاه طهران هي نوع من «الحرب الباردة»، التي تستند إلى إستراتيجية مواجهة طويلة الأمد وليست مباشرة.
وأشارت تقارير في العاصمة الأميركية إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وقعتا «وثيقة تفاهم استراتيجية» في 12 ديسمبر الجاري، تهدف إلى مواجهة ايران في المنطقة.
وفي هذا السياق، ذكر موقع «آكسيوس»، المعروف بصلاته الوثيقة داخل الادارة، أن سلسلة لقاءات مكثفة عقدها في البيت الابيض مسؤولون أميركيون، برئاسة مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، مع نظرائهم الاسرائيليين، برئاسة مستشارهم للأمن القومي مائير بن شابات.
وكان هدف اللقاءات وضع سياسة الرئيس دونالد ترامب حول إيران، التي أعلنها في خطاب في 13 أكتوبر الماضي، موضع التنفيذ، وأفضت إلى توقيع مذكرة تفاهم لاستراتيجية مشتركة مبنية على أربع نقاط، تتصدرها ضرورة تفعيل النشاطات السرية والديبلوماسية لقطع طريق إيران في سعيها للحصول على أسلحة نووية، واستغلال الاتفاقية النووية الحالية مع الإيرانيين للتأكد من أنهم لا يقومون بأي خرق لبنودها.
ثاني نقاط الاستراتيجية المشتركة تمحورت حول «مواجهة نشاطات إيران في المنطقة، خصوصاً محاولاتها إقامة خنادق لها في سورية، والدعم الايراني لـ (حزب الله) ومجموعات إرهابية أخرى». وورد في الاستراتيجية أن هذه النقطة تتضمن تقديم «سياسة أميركية - إسرائيلية لكيفية التعاطي مع اليوم الثاني (لانتهاء) الحرب الاهلية في سورية».
ثالث النقاط تطرقت إلى مواجهة برنامج إيران للصواريخ البالستية، ومحاولات طهران تصنيع «صواريخ تتمتع بدقة ويمكن توجيهها عن بعد في لبنان وسورية، وذلك لاستخدامها ضد إسرائيل».
أما النقطة الرابعة والأخيرة في الاستراتيجية الاميركية - الاسرائيلية فدعت إلى إعداد سيناريوهات عسكرية مشتركة لمواجهة إمكانيات التصعيد المتعددة في المنطقة، سواء في إيران أو سورية، أو في مواجهة «حزب الله» في لبنان أو «حماس» في غزة.
والاستراتيجية المشتركة تؤكد الانطباع العام السائد، بين المقربين من الادارة الاميركية، ان سياسة واشنطن، في عهد ترامب تجاه طهران، هي نوع من «الحرب الباردة»، وأنه على عكس التهديدات التي يوجهها الرئيس الاميركي لإيران، بين الحين والآخر، لا تبدو إدارته في عجلة من أمرها للانخراط في مواجهة عسكرية مسلحة مع الجمهورية الاسلامية، بل تبدو، بقيادة وزيري الدفاع والخارجية جيمس ماتيس وريكس تيلرسون، عاكفة على تصميم مواجهة طويلة الأمد مع طهران، والتغلب عليها بالأسلوب نفسه الذي تغلبت فيه الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي، بعد عقود من المواجهة بينهما ومن دون الانخراط في صراع عسكري مباشر.
وكان ترامب وقع مرسوم تسليح المعارضة السورية بمبلغ ناهز 400 مليون دولار، في خطوة اعتبر المراقبون أنها أولى الخطوات في «الحرب بالوكالة» المتوقعة بين واشنطن وطهران، وهي حرب ستغطي رقعة جغرافية واسعة ومتنوعة، وستتضمن، إلى «المواجهات بالوكالة»، مواجهات استخباراتية وعسكرية سرية، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية والمالية التقليدية التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وحلفائها حول العالم.
ومع اندلاع التظاهرات المناوئة للنظام في إيران، دار نقاش في الأوساط الأميركية حول تجربة الإيرانيين مع «الثورة الخضراء» في العام 2009، أظهر وجود إجماع أميركي على توجيه اللوم إلى الرئيس السابق باراك أوباما، لتغاضيه عن قيام النظام بسحق الثورة الشعبية الواعدة، التي كان يمكن لها، حسب البعض، أن تقوّض الحكومة المتشددة وأن تستبدلها بأخرى معتدلة.