| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
لمحكمة الخاصة بلبنان من وجهة نظر متابعيها الغربيين، تختلف عن الصورة التي دأب الاعلام اللبناني على رسمها، فلا مؤامرات دولية تحاك داخلها ضد «حزب الله» أو سورية، حسب الموالين لهما، ولا سرية مطبقة وما ورائيات، حسب المؤيدين للمحكمة من تحالف 14 اذار.
فقط عشرة اشخاص، بمن فيهم المدعي العام دانيال بلمار والقاضي دانيال فرانسين ورئيس القلم هيرمان فون هيبل، اطلعوا على مضمون القرار الاتهامي. ومن المتوقع ان يبدي فرانسين رأيه في مدى صلاحية الاتهامات والقرائن حتى يصار الى تقديمها في جلسات محاكمة علنية.
الشهود الذين يعول عليهم بلمار «قلائل»، ومعظمهم «صاروا في هولندا»، حسب المصادر المتابعة لعمل المحكمة. بيد ان القرائن تعتمد ايضا على براهين حسية مثل بصمات وفحوص «دي ان اي» وتسجيلات صوتية واتصالات هاتفية. وهناك ايضا «تصريحات علنية قد تشير الى تناقضات وتدين اصحابها».
القرار الظني، حسب المطلعين على سير المحكمة، ينحصر بجريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، ولا يتضمن ما تسميه المحكمة «الجرائم المتصلة»، والتي سيصار الى اضافتها الى مجرى العدالة في وقت لاحق.
عن شهود الزور، يقول المعنيون ان «شاهد الزور هو من حضر جلسة المحكمة بصفة شاهد، وقدم افادة كاذبة». اما «من قدم افادات كاذبة للجان التحقيق الدولية قبل انشاء المحكمة في العام 2009، وهؤلاء قد يكونون كثراً، انما لا يعتبرون في مصاف شهود الزور اذا لم يبن الادعاء العام اتهامه بناء على افاداتهم». ويتساءل المعنيون: «كيف امكن لاطراف لبنانية اتهام المحكمة باستنادها الى شهود الزور فيما حتى الآن لا توجد لائحة شهود، لا زور ولا غير زور».
على الرغم من ادراك المعنيين بالمحكمة الدولية ان عملهم «محاط بالسياسة والسياسيين»، فهم يشعرون ان المحكمة هي «عملية قضائية اولا واخيرا»، و«جلساتها ستتم علانية، وستكون لاي متهم فرص للدفاع».
بيد ان المحكمة «لن تقدم محامين دفاع، انما يعمل مكتب الدفاع على تسهيل مهمة محامي المتهمين».
ويدرك المعنيون ايضا ان «بعض المتهمين قد يختارون عدم حضور جلسات المحاكمة، ما سيجعلها غيابية، وهذا اسلوب معتمد اوروبيا، وفي لبنان، اكثر منه في الولايات المتحدة او كندا». أما عن مسؤولية الافراد او المجموعات اوالدول في الجريمة، فيجزم المعنيون بالمحكمة انه في الانظمة القضائية، لا يتم ابدا توجيه الادعاء جماعيا. «هذا جدال طويل، اثناء محاكمات نورمبورغ للنازية، تم تكريس مسؤولية المأمور في الذنب، على اعتبار ان مسؤولية الآمر في الذنب كانت مؤكدة».
في اغتيال الحريري، «الصورة مقلوبة... المنفذون مذنبون بالجرم»، ولكن «قتل الحريري لم يأت نتيجة عراك فردي، وقد يتبين ان هناك من حرض المنفذين، والمحكمة ستحاول ان تطول وتحاسب المحرضين كما المذنبين».
في الشؤون القضائية كذلك، سألت «الراي» عن معنى ان يكون عمل المحكمة بموجب الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة، فجاءت الاجابة ان «الفصل السابع يتجاوز سيادة الحكومات، في هذه الحالة الحكومة اللبنانية، اي ان المطلوب منها التعاون مع التحقيق والادعاء وتسليم من تطلبهم المحكمة بصفة شهود او متهمين، او تقع في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن».
الفصل السابع هذا لا يشمل دولا اخرى: «مثلا لو ثبت ان احد الشهود او المتهمين موجود في تركيا، ورفضت الحكومة التركية تسليمه الى المحكمة، لا تملك الاخيرة سلطة فرض، ويتحول الموضوع الى مجلس الامن لتحديد كيف يتم التعامل مع اي عرقلة للعدالة الدولية».
بيد ان المحكمة الخاصة بلبنان قامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع البوليس الدولي (انتربول). «هذا يعني انه لو رفضت تركيا، مثلا، تسليم متهم ما الى المحكمة عن طريق الانتربول، فان مذكرة الاحضار تبقى سارية المفعول بحق المتهم ويتم القبض عليه في حال انتقاله الى اي دول اخرى لديها تعاون مع الانتربول».
ويقول المعنيون ان «مذكرات الاعتقال الصادرة عن الانتربول تبقى سارية المفعول عشرين وثلاثين سنة...».
ختاما، في الشؤون الادارية، يقول المتابعون ان «في المحكمة خمسة قضاة لبنانيين، اعلنت المحكمة اسماء ثلاثة منهم حتى الآن». مرتبات هؤلاء القضاة «تأتي من موازنة المحكمة لا من الحكومة اللبنانية، التي لا تتمتع بأي سلطة عليهم». بكلام آخر، هؤلاء القضاة يعرفون القانون اللبناني، وتمرسوا به، وسيحكمون بموجب خبرتهم هذه، ولكنهم اصبحوا الآن موظفين لدى الامم المتحدة، ويتمتعون بحمايتها.
عن التسريبات التي احاطت ببعض عمل لجنة التحقيق الدولية، يقول المعنيون بالمحكمة ان هذه مصدرها في بعض الاحيان موظفين سابقين في اللجنة، او حتى ديبلوماسيين في الامم المتحدة من غير العاملين في المحكمة. ويختم المعنيون بالقول: «نحن نقدم تقارير دورية للدول المانحة وللامانة العامة، وهذا يعني ان عددا لا بأس به على اطلاع على اجزاء من عملنا، ما يجعل ضبط التسريبات اصعب». وختم المعنيون ان القرار الظني سيظهر الى العلن قبل حلول سبتمبر المقبل، كحد اقصى، وان جلسات المحاكمة العلنية ستبدأ مع مطلع العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق