يحار نظام بشار الاسد في من يتهم باندلاع ثورة شعبية تطالبه بالتنحي عن بلاد يحكمها واباه منذ 40 عاما. تارة عصابة مسلحة، ثم ارهابيين، ثم تيار المستقبل اللبناني وسعد الحريري، والسعودي بندر بن سلطان، ثم النائب اللبناني جمال الجراح، الذي وعد بتهريب "الدبابات" الى سورية حسب اعترافات مزعومة بثها التلفزيون السوري. بعد ذلك قام تلفزيون رامي مخلوف "الدنيا" ببث تقرير قال فيه ان مكتبين اعلاميين في بيروت وفي عمان تحت اشراف بندر والحريري ومروان حمادة وهاني حمود، يعملان على انتاج الدعاية الطائفية، كل ذلك للنيل من الموقف السوري "الداعم للمقاومة في حرب 2006 وحرب غزة 2008".
حتى "حزب الله" في لبنان يعلم انه اثناء حربه مع اسرائيل، ارسل الاسد رسائل الى اسرائيل انه لا يود دخول الحرب، بل يرغب في مباشرة مفاوضات السلام. وفيما كانت اسرائيل تدك بيروت، ارسل الاسد رجل الاعمال السوري المقيم في واشنطن ابراهيم سليمان الى الاسرائيليين، ثم ذهب سليمان الى الكنيست الاسرائيلي في آذار 2007. هذه القصة ثبتها آلون ليئيل مدير عام وزارة الخارجية السابق ورئيس جمعية الصداقة الاسرائيلية – السورية في حديث علني في واشنطن.
على من يضحك ازلام الاسد ان الحريري وبندر يريدان النيل من النظام السوري لمواقفه في دعم المقاومة المزعومة؟ اية مقاومة يتحدثون عنها؟ حتى حزب الله لن يبادر الى اشعال الحرب مع اسرائيل. هذه صفحة ويكيليكس تظهر ان مساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ابلغ المسؤولين الاميركيين ان "حزب الله" لن يهاجم اسرائيل الا ان بادرت هي الى الهجوم.
الم يلاحظ العرب ان كل جبهة يعلنون النصر فيها تتحول الى سكينة تامة. هذا نصر حرب اوكتوبر 1973، وهذا النصرالالهي 2006. بعد كل نصر، يسود الهدوء لان العرب يدركون فداحة الحرب التي لم يقدروا على حسمها لمصلحتهم، فيرتضون نصرا كلاميا وكان الله يحب المحسنين.
اين هي المقاومة التي يريد الحريري وبندر النيل منها؟ هذا حسن نصرالله وصواريخه، منذ خمس سنوات، لم يطلق ولا طلقة على اسرئيل، على الرغم من عنترياته الكلامية بتدمير مطارات ومرافئ. ماذا فعل نصرالله بالسلاح بعد العام 2006؟ احرق تلفزيون وجريدة المستقبل وهدد وليد جنبلاط ليتراجع عن تسمية الحريري ويسمي ميقاتي بدلا منه رئيسا لحكومة. هذه هي المقاومة وسلاحها منذ 2006.
العدو والاعداء والمؤامرات وافشال المخططات الغربية ضد المقاومات، هذا ما يتحدث عنه يوميا بشار الاسد وحسن نصرالله. قد يكون اهالي درعا من غير الميسورين. قد يعاني اهالي بانياس من انعدام فرص العمل. لكن لا السوريين ولا اللبنانيين مغفلين، ولم تعد تنطلي عليهم اكاذيب الاعلام السوري واللبناني الموالي له عن ان "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة". لماذا يبحث بشار الاسد عن عدو؟ ليخفي عيوبه باستخدام القوة، وليبرر استخدام القوة بادعاء انه يستخدمها ضد الاعداء الوهميين.
ماذا تريدون ان يقول بشار الاسد؟ هذه 11 عاما في الحكم، "ستروا ما شفتوا منا" وحان الدور لرئيس من غير بيت الاسد ليحكم سورية؟ ماذا يحصل لـ "سورية الاسد" في هذه الحالة؟ تصبح سورية الحرة الديموقراطية؟ ثم ماذا يفعل الاسد، يتقاعد وهو ابن 45 عاما ويكتب مذكراته؟ ام يفتح عيادة عيون؟
ماذا يشتغل نصرالله اذا توصل العرب الى سلام مع اسرائيل؟ رجل دين؟ هل هناك رجل دين في العالم متورط في السياسة والاعيبها واكاذيبها اكثر من نصرالله؟
كل هذه الصواريخ، ويا قدس اننا قادمون، طيب ماذا ينتظر نصرالله ليشن هجومه على اسرائيل؟ اذا كان نصرالله اقوى من اسرائيل، فواجبه ان يقضي عليها والا فهو عميل. واذا كان نصرالله اضعف من اسرائيل، فليصارحنا بذلك وليدعنا من عنترياته وليتركنا نعيش في دول ديموقراطية فيها تداول للسلطة وشفافية ومحاسبة من دون قصة التأهب الدائم لمواجهة الاعداء الذين كل ما فزنا عليهم ازداد تأهبنا.
مضى على احتلال الجولان 38 عاما، ومضى على احتلال مزارع شبعا 38 عاما. اجيال تلد وتموت، والاسد ونصرالله يصران على ابقائنا في وضع طوارئ وتأهب، مواجهة اسرائيل، مقاومة الغرب،احباط مشروع تقسيم المنطقة لاضعافها (وكأن المنطقة موحدة وقوية في الوقت الراهن).
كلها اعذار واهية يختبأ خلفها فساد الاسد ونزق نصرالله للقوة، منذ ما قبل ان نلد والى مابعد ان نموت. هذا عدو، وذلك عميل وهذه مؤامرة، وذاك طائفي. اسرائيل، ومحافظون جدد، وجيش اميركي في العراق، وعندما عبر الجيش الاميركي الى سورية لتصفية احدهم، صال وجال وليد المعلم ان سورية تحتفظ بحق الرد، وكان الرد هو اغلاق المركز الثقافي الاميركي. هل تحتاج سورية لقانون طورائ لتغلق مركزا ثقافيا واحدا؟ ثم ماذا ينفع اسد الصمود والتصدي عندما تضرب له اسرائيل مفاعله النووي وهو – الى اليوم – يتوعد بالرد.
ولكن على الرغم من الفزاعة المسماة اسرائيل، لا يستطيع الاسد ان يتهم الثورة السورية بانها اسرائيلية، اذ ان ذلك سيعني ان اربعة عقود من قانون الطوارئ، ومازالت اسرائيل قادرة على تدبير مؤامرات داخل سورية. ثم ان كانت اسرائيل هي المذنبة، فالرد عليها متعذر على الاسد ونصرالله.
لذلك، كان لا بد من البحث عن عدو. قامت سورية في الماضي بتحويل رفيق الحريري الى شماعة علقت عليه كل شرورها الدولية وفساد ضباطها في لبنان. تحمل الحريري حتى وصل اليوم الذي قال فيه (في مقابلة للحياة) "ليس على حساب كرامتي بعد اليوم". والشخص الذي ينتصر لكرامته مع آل الاسد والخواجة نصرالله، يموت.
السوريون ليسوا اغبياء، ولا اللبنانيين. الاسد ديكتاتور محتكر للسلطة وفريقه فاسد محتكر لخيرات سورية، وعلى الاسد الرحيل، لذا قامت الثورة السورية. لا بندر ولا حريري ولا اسرائيل خلف الثورة السورية، بل سوريين شرفاء نبلاء تحملوا الكثير من العيش تحت احذية مخابرات الاسد، التي مازالت تدوس على اجسادهم في ساحات بانياس وغيرها.
غدا موعد الحرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق