| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
علمت «الراي»، ان السناتور جو ليبرمان يقود حملة داخل الكونغرس من اجل دفع ادارة الرئيس باراك اوباما الى تبني موقف اكثر دعما للمتظاهرين السوريين، والمطالبة بتنحي الرئيس بشار الاسد واشراف حكومته على عملية انتقال السلطة الى برلمان وحكومة منتخبين.
وفي حال تبني اوباما دعوة ليبرمان، فهي ستكون المرة الاولى في تاريخ العلاقات بين الدولتين التي تطالب فيها واشنطن بتغيير النظام في سورية، اذ حتى في اشد ايام المواجهة بين واشنطن ودمشق في عهد ادارة الرئيس السابق جورج بوش والمحافظين الجدد، لم يطلب هؤلاء ابدا «تغيير النظام» السوري، بل حصروا مطالبتهم للاسد «بتغيير تصرفاته».
ومنذ خروج بوش من الحكم ودخول اوباما، تراجعت واشنطن عن المطالبة بتغيير تصرفات النظام، وحاولت استخدام سياسة «الانخراط»، التي تقضي بإقناع الاسد بأن مصالح سورية تكمن في الابتعاد عن حليفته ايران.
الا ان سياسة اوباما لم تنجح في حيازة اي اجماع حولها، وزادها ضعضعة الثقة الكبيرة التي اظهرها الاسد حول ما صوره على انها هزيمة انزلها بواشنطن بعد خروج بوش من الحكم، الامر الذي دفع بعدد كبير من السياسيين الاميركيين الى التشكيك في جدوى الانفتاح على سورية.
ولأنه ثبت من وجهة نظر اوباما ان التعاطي مع سورية مكلف سياسيا ومن غير مردود يذكر، قام الرئيس الاميركي «بوضع دمشق على الرف» ولم يعد يوليها اهمية تذكر في سياسته الخارجية، فيما استمر في تمديد العقوبات عليها سنويا تفاديا لخوض مواجهة مع المعارضين لانهاء العقوبات.
غياب الخطة الاميركية المتكاملة لكيفية التعاطي مع النظام السوري خلق فراغا، حاول سده رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطي جون كيري، وهو زار دمشق مع وفد ديموقراطي من الكونغرس في العام 2007 على اثر فوز الديموقراطيين بالاكثرية.
بيد انه في الوقت الذي لم يترك الاسد اي انطباع يذكر على زواره الاميركيين من الوزن الثقيل من امثال رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هاورد بيرمان، اعجب كيري وزوجته تيريزا هاينز بالاسد وزوجته، واخذا يكرران الزيارات برعاية صديق آل الاسد منذ عهد الرئيس الراحل حافظ، السناتور الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا آرلين سبكتر، والذي خسر مقعده في نوفمبر الماضي.
كيري، وهو من المقربين الى اوباما، نقل اعجابه بالاسد الى الرئيس الاميركي، وحاول المراهنة على تحويل الاسد الى حليف لاميركا في الشرق الاوسط، فملأ الفراغ الاميركي في السياسة تجاه سورية، وتحول كيري الى صلة الوصل بين العاصمتين.
كما جهد كيري لاستصدار مصادقة على تعيين روبرت فورد سفيرا في دمشق، ولكن الجمهوريين عرقلوا هذا المجهود، ما دفع السناتور الاميركي الى الطلب من الرئيس تعيين فورد، مطلع هذا العام، بمرسوم ينتهي في سنة اذا لم يصادق عليه مجلس الشيوخ.
اندلاع التظاهرات المناوئة للاسد، في 15 مارس الماضي، تسبب بحرج لكيري، المراهن دوما على حسن نيات الاسد، فطار السناتور الى دمشق بعد ان اكد له الاسد جديته في السير في مفاوضات سلمية مع اسرائيل. ثم طلب كيري من وزارة الخارجية ارسال فرد هوف، مسؤول ملف سورية في مكتب مبعوث السلام جورج ميتشل، الى دمشق لدفع عملية السلام.
الا ان الاعتماد على عملية السلام لخطب ود الاميركيين لم يؤثر في الشارع السوري، الذي ازدادت تظاهراته عددا وكثافة، وانتشرت في انحاء سورية، فاضطرت الولايات المتحدة كما معظم عواصم العالم الى وقف زياراتها الى دمشق، ولقاءاتها التي كانت مقررة مع الاسد، حتى تتوقف التظاهرات.
في هذه الاثناء، عمد كيري الى اقناع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، بوصف الاسد علنا بالاصلاحي. وعمد الى القول انه «عندما يكون الاسد في موقف ضعف» فان فرص اقناعه بالتوصل الى سلام مع اسرائيل وشراكة مع اميركا تكبر.
على ان الشرط الاساسي لاي حوار اميركي مع سورية هو توقف التظاهرات، اذ لا ترغب اميركا في ان تبدو بمظهر الدولة التي تزور الاسد وتبارك قيام قواته الامنية باطلاق النار على المتظاهرين. ومع مرور الاسابيع، بدا ان التظاهرات لن تتراجع وصار الصمت الاميركي تجاه سورية، والذي يدعو اليه كيري، بمثابة تحامل من اوباما لصالح الاسد وضد المتظاهرين السوريين.
هذا الصمت هو الذي دفع ليبرمان الى القيام «بنشاط استثنائي للتعويض عن صمت الادارة تجاه سورية»، حسب احد المقربين منه، فاعطى اكثر من مقابلة تحدث فيها عن الشأن السوري وادان قمع النظام للمتظاهرين وقتل الابرياء.
ومع ان ليبرمان اعلن انه لا ينوي الترشح لولاية خامسة في مجلس الشيوخ، اي ذهابه الى التقاعد مع نهاية العام 2012، الا ان السناتور الديموقراطي الهوى يتمتع بثقل سياسي كبير، وهو واحد من ثلاثة يعدون من ابرز اركان السلطة التشريعية الاميركية في السياسة الخارجية الى جانب كيري والسناتور الجمهوري جون ماكين.
وليبرمان قريب جدا من ماكين، والاثنان يمارسان الضغط على كيري للتراجع عن دعمه للاسد، في وقت قالت مصادر في الكونغرس ان ليبرمان ينوي «تحقيق اجماع بين الثلاثي لادانة الاسد ونقل الاجماع الى الرئيس اوباما».
واضافت المصادر ان دوافع ليبرمان في العمل على ادانة الاسد ووقف قتل المتظاهرين هي «انسانية محض تأتي من سياسي اعلن تقاعده قريبا».
ونقلت عن ليبرمان ان قيام واشنطن بالطلب من «اصدقائها في مصر واليمن التنحي، والتزام الصمت في وجه انظمة دعمت عمليات ادت الى مقتل اميركيين كسورية، يرسل رسالة مفادها ان واشنطن تتخلى عن الاصدقاء المعلنين فقط».
من ناحيته، (ا ف ب) - دان الرئيس الاميركي، الجمعة، استخدام العنف ضد المتظاهرين، متهما النظام السوري بالسعي للحصول على مساعدة ايران لقمع التحركات الاحتجاجية. وقال اوباما في بيان، ان «الولايات المتحدة تدين باشد العبارات استخدام الحكومة السورية للقوة ضد المتظاهرين»، مؤكدا ان «هذا الاستخدام المروع للعنف ضد التظاهرات يجب ان يتوقف فورا».
ورأى ان اعمال العنف تدل على ان اعلان النظام رفع حال الطوارئ لم يكن «جديا»، متهما في شكل مباشر الاسد بالسعي للحصول على مساعدة طهران لقمع الاحتجاجات.
وتابع اوباما: «عوضا عن الاستماع لشعبه، يتهم الرئيس الاسد الخارج ساعيا في الوقت عينه للحصول على المساعدة الايرانية لقمع السوريين باستخدام السياسات الوحشية نفسها المستخدمة من قبل حلفائه الايرانيين».
وقال: «نعترض في شدة على المعاملة التي تخص بها الحكومة السورية مواطنيها ولا نزال نعترض على موقفها الذي يزعزع الاستقرار، بما في ذلك دعمها للارهاب ولجماعات ارهابية». وكان البيت الابيض عبر قبيل تصريح اوباما، عن قلقه في شأن العنف، ودعا الحكومة السورية وكل الاطراف الى وقف الاضطرابات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق