| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قبل 45 يوما من انتخابات الرئاسة والكونغرس المقررة في 6 نوفمبر المقبل، تظهر احدث استطلاعات الرأي الاميركية ان صعود شعبية الرئيس باراك اوباما تنعكس ايجابا على معركة حزبه الديموقراطي للمحافظة على الغالبية التي يتمتع بها في مجلس الشيوخ.
على ان الصعود الديموقراطي لا ينعكس في انتخابات مجلس النواب، حيث تؤكد معظم الاستطلاعات احتفاظ الحزب الجمهوري بالاكثرية، ومرد ذلك لسببين.
الاول، هو سيطرة الجمهوريين على المجلس في سنة 2010 التي تم اجراء الاحصاء السكاني فيها، حسب الدستور الذي يلزم اجراؤه مرة كل عشر سنوات. بعد كل احصاء، يقوم الكونغرس باعادة رسم الدوائر الانتخابية لتعكس التغيرات السكانية في البلاد، وبما ان الجمهوريين يسيطرون على الكونغرس الحالي، فهم قاموا باعادة توزيع المناطق الانتخابية في الولايات بما يضمن استمرار تفوقهم انتخابيا في المدى المنظور.
السبب الثاني لاستمرار تقدم الجمهوريين في انتخابات الكونغرس يعود الى صغر الدوائر الانتخابية بالقياس الى دوائر مجلس الشيوخ، حيث تجرى الانتخابات على صعيد الولاية بأكملها في كل واحدة من الولايات الخمسين، التي تحصل كل منها على مقعدين بغض النظر عن عدد سكانها. بدورها، تحتاج انتخابات الرئاسة الى تحالفات واسعة لمجموعات تحمل اراء سياسية مختلفة، واحيانا متناقضة، لانها تشمل البلاد بأكملها.
اما انتخابات الكونغرس، التي تقام كل عامين، فتجري على نطاق ضيق، وهو ما يعطي الحركات الحزبية وخصوصا المتطرفة منها، مثل «حفلة الشاي» داخل الحزب الجمهوري، قوة اكبر، وتتحول القضايا الوطنية الى نزاعات محلية، وهذه ان اضيف اليها التمويل الانتخابي المتفوق للجمهوريين، تصبح سيطرتهم على الكونغرس مفهومة.
اما مجلس الشيوخ، فالمعارك لنيل مقاعده تحمل طابعا وطنيا اوسع، فاذا ما كانت القواعد الحزبية متحفزة، كما هي حال الديموقراطيين اليوم الذين يستعدون لخوض معركة للمحافظة على البيت الابيض لولاية ثانية، تنعكس الارقام الرئاسية على استطلاعات الرأي لانتخابات الشيوخ. لذا، وقف الديموقراطيون يتأملون بحسرة تقلص حجم غالبيتهم من 60 سناتورا العام 2008، الى 53 فقط على اثر هزيمة حزبهم في انتخابات الكونغرس في 2010.
وعلى الوتيرة نفسها، كان الديموقراطيون يرتعدون لدى رؤيتهم الانحدار في شعبيتهم في مجلس الشيوخ في يناير عندما كانت الارقام تشير الى فوز الجمهوريين بـ 47 مقعدا، مقابل 45 لهم، وثمانية تجري فيها معارك يصعب تحديد الفائر فيها. ذلك كان يعني انه حتى لو فاز الديموقراطيون بالمقاعد الثمانية المتأرجحة، فانهم سيحافظون بالكاد على كتلة 53 سناتورا التي يملكونها حاليا.
لكن هذه الترجيحات بدأت تأخذ منحى مختلفا مع اواخر شهر مايو الماضي، حيث سجلت تقدمهم للمرة الاولى منذ العام 2008، ورجحت فوزهم بـ 47 مقعدا، مقابل 46 للجمهوريين و7 غير محسومة.
ويوم السبت الماضي، اشارت الارقام للمرة الاولى ان الديموقراطيين سينالون 48 مقعدا في مجلس الشيوخ، مقابل 44 للجمهوريين، ومعارك متوقعة لحسم 8 مقاعد، منها واحد في ولاية ماساشوستس ذات الاغلبية الديموقراطية الساحقة، وآخر في ولاية كونيتيكت الديموقراطية كذلك، وفي نيفادا، حيث الماكينة الانتخابية القوية لزعيم الغالبية الديموقراطية السناتور هاري ريد. وهذه الحسابات ان صدقت، تعني ان الحزب الديموقراطي سيحصد على الاقل 51 مقعدا في مجلس الشيوخ، وهو ما يكفي للمحافظة على الغالبية حتى العام 2014، لان مجلس الشيوخ ينتخب ثلث اعضائه كل سنتين فيما ولاية كل سناتور ست سنوات.
في انتخابات هذه السنة، سجل صديق اوباما المرشح عن ولاية فيرجينيا تيم كاين تقدما عوض به عن تأخره، وتشير الارقام الى حصوله على 48 في المئة من الاصوات مقابل 45 لمنافسه الجمهوري تيم الان. ولا يخفى ان تقدم كاين يأتي في الوقت الذي صارت الاستطلاعات تشير الى ابتعاد اوباما بثماني نقاط مئوية عن منافسه الجمهوري ميت رومني في الولاية نفسها، بعدما تقاسم المرشحان الرئاسيان، كما المرشحان الى مجلس الشيوخ، الشعبية على مدى الاشهر القليلة الماضية.
مرشحة اخرى صديقة للرئيس ومقربة جدا منه، هي اليزابيت وارن، تحاول استعادة مقعد آل كينيدي في ولاية ماساشوستس، والذي شغله السناتور الراحل تيد، شقيق الرئيس جون كينيدي، من العام 1962 وحتى وفاته في العام 2009، عندما انتزعه المرشح الجمهوري سكوت براون بمفاجأة من العيار الثقيل كانت مقدمة للهزيمة القاسية التي تعرض لها الديموقراطيون في انتخابات 2010.
وفي ولاية ويسكونسن، تتقدم الديموقراطية تامي بالدوين على منافسها الجمهوري توم تومسون بستة نقاط، 49 مقابل 43، بعدما كان تومسون متقدما لفترة طويلة حتى مطلع هذا الشهر. ويعتقد بعض المحللين ان قيام احد مستشاري تومسون بتوجيه النقد الى بالدوين كونها سحاقية انعكس سلبا على حظوظ معلمه الذي تشهد ارقامه انهيارا مع مرور الايام.
في ولاية اوهايو المتأرجحة، التي يأمل اوباما الفوز بها حتى يتمكن من حسم السباق الرئاسي، القى محرك الجمهوريين خلف الكواليس كارل روف بثقله خلف مرشح الحزب الى مجلس الشيوخ جو ماندل، البالغ من العمر 34 عاما فقط. ومع ان ماندل انفق 25 مليون دولار في شن حملة تقذيع تلفزيونية ضد السناتور الديموقراطي عن الولاية شيرود براون، الذي يسعى للاحتفاط بكرسيه، واسعفه روف بـ 18 مليون دولار اخرى للمزيد من الهجوم على الديموقراطيين بالولاية، الا ان الفارق ما يزال سبع نقاط مئوية لمصلحة المرشح الديموقراطي. حجم الانفاق الانتخابي دفع المراقبين الى اطلاق لقب «الانتخابات الكونغرسية الاكثر تكلفة في تاريخ اميركا» على معركة اوهايو.
ختاما، برزت الاخطاء المتكررة للجمهوريين في ولاية ميسوري الجنوبية، ذات الغالبية السكانية المؤيدة للحزب الجمهوري. هناك، اجمع الخبراء على انه من الصعب ان تنجح السناتور الديموقراطية كلير ماكاسكيل في الحفاظ على مقعدها بوجه المرشح الجمهوري تود ايكين، الذي كان يتقدمها في الاستطلاعات بـ 11 نقطة مئوية مع حلول منتصف اغسطس.
الا ان ايكين قال جملته الشهيرة ان النساء اللواتي تغتصبن لا يحملن لان اجسامهن تمنع ذلك طبيعيا، وهو ما ادى الى انقلاب حتى الحزب الجمهوري عليه، وطلبت قيادة الحزب منه الانسحاب من السباق، واوقفت الاموال التي كانت تساهم بها دعما لحملته. اما اليوم، فتتقدم ماكاسكيل بستة نقاط مئوية فيما يبدو انها رحلة لطيفة لتحقيق النصر والاحتفاظ بمقعدها لدورة ثانية.
وفيما تبتسم استطلاعات الرأي للحزب الديموقراطي للمحافظة على غالبيته في مجلس الشيوخ، لا يعد هكذا نصر بالكثير، فالحزب يسيطر على المجلس منذ العام 2006، وهو لم ينجح كثيرا في تمرير مشاريع اوباما نظرا للمعارضة والعناد الجمهوري في الكونغرس، حيث يتم القضاء على معظم تشريعات اوباما ومجلس الشيوخ.
لكن رغم تواضع الانتصار في حال نجاح الديموقراطيين في المحافظة على الرئاسة والشيوخ، فان ذلك سيكون اضعف الايمان لحفظ ماء الوجه في ولاية ثانية يمسك فيها الحزب بالبيت الابيض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق