حسين عبدالحسين
في تغريدة واحدة، لخصت الصحافية الأميركية لورا روزن، من حيث لا تدري، والتي تعمل في موقع إخباري يموله سوري - أميركي موالٍ للأسد، واقع المفاوضات السورية المتعثرة. وكتبت: "انتخابات الرئاسة الأميركية في عشرة أشهر، ما الذي يدفع القوات المعارضة (للرئيس السوري بشار) الأسد على المساومة قبل أن ترى من هو الرئيس المقبل؟". وأضافت: "يمكن (للمعارضة) تمرير الوقت حتى ذلك الحين".
روزن محقة في تساؤلها، فإدارة الرئيس باراك أوباما صارت بحكم المنتهية، وهي لا يمكنها ضمان تنفيذ حتى قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي عملت مع روسيا على اصدراه، والذي ينص على ضرورة تنظيم انتخابات رئاسية في سوريا منتصف العام 2017.
لكن الادارة الاميركية المقبلة غير ملزمة بالقرار 2254، ولا برؤية أوباما، ولا سياسته الدولية، ولا انحيازه لإيران ضد خصومها العرب، ولا تأييد أوباما للأسد، الذي لم يعد تأييداً ضمنياً، بل تحول علنياً على مدى الاسبوع الماضي، مترافقاً مع تقذيع الرئيس السوري، من باب ذر الرماد في العيون.
ويعرف المتابعون انه بعد 4 سنوات على اقفال الروس لمجلس الأمن، لم يكن القرار 2254 ليصدر لو لم تتراجع — لا موسكو حسبما يزعم المسؤولون الاميركيون — بل واشنطن. والتراجع الاميركي صار بادياً للعيان، على الأقل منذ زيارة وزير الخارجية إلى الرياض، السبت الماضي، حيث بدا جلياً أن الولايات المتحدة لا تشترط خروج الأسد، لا قبل مفاوضات جنيف ولا بعدها، ولا تشترط استبعاده عن اي انتخابات مقبلة، ولا ترضى مشاركة المعارضة السورية المسلحة — من غير داعش والنصرة — في المفاوضات، على الرغم من ان القرار 2254 ينص على مشاركة سورية متعددة.
ولأن لا حياء اميركياً بعد الآن في معاداة المعارضة السورية وداعميها العرب والاتراك، هدد كيري بوقف دعم المعارضة في حال امتنعت عن المشاركة في مفاوضات جنيف. أما المفارقة الأكبر، فتكمن في السؤال التالي: إذا كانت ادارة أوباما تعتبر أنها على مدى الاعوام الماضية كانت تدعم المعارضة السورية، فكيف يكون الحال في حال أوقفت واشنطن دعمها؟
منذ توقيع الاتفاق النووي مع إيران في تموز/يوليو الماضي، أصبحت ادارة الرئيس أوباما في صف واحد مع كل من روسيا وايران والأسد، لا في سوريا فحسب، وإنما في عموم المنطقة. روسيا تدرك ذلك، لذا سارعت الى تنفيذ عملية عسكرية لمساعدة الأسد في القضاء على الثوار عسكرياً، فيما تسعى موسكو لاختراق صفوف المعارضة بفرض معارضيها ديبلوماسياً.
وفي خضّم حملتها لفرض انتصار الأسد، تعرف موسكو، وربما طهران، أن أمامها 10 أشهر، أو 12 شهراً في أبعد تقدير. بعد ذلك، يأتي رئيس أميركي جديد، فإذا كان رئيس من الجمهوريين، لا بد أنه سيظهر قسوة ضد الروس والايرانيين في سوريا والعالم، وإن كانت الديموقراطية هيلاري كلينتون، فهي لا شك ستعكس سياسة أوباما الخارجية على الرغم من تظاهرها التماهي معه في حملتها الانتخابية من أجل كسب أصوات الكتلة الاميركية من أصل افريقي ضد خصمها بيرني ساندرز. وحده السناتور ساندرز سيكمل سياسة أوباما بالاستمرار في التماهي مع روسيا وايران، على حساب حلفاء أميركا التقليديين، في حال انتخابه.
على أن مهلة سنة طويلة جداً في عالم السياسة والعسكر، وسلسلة الانتصارات التي يحققها الأسد شمالي اللاذقية، وجنوبي حلب، تنذر بأن الحملة الروسية قد تنجح في حمله على استعادة معظم ما خسره امام المعارضين على مدى السنوات الاربع الماضية، باستثناء المناطق الجنوبية التي تحظر اسرائيل، بالاتفاق مع روسيا، على حلفاء الأسد — مثل حزب الله — القتال فيها، في وقت يعتقد الخبراء الاميركيون أن لا مقدرة للأسد على استرداد الجنوب بمفرده ومن دون الميليشيات المتحالف معها.
هكذا، يصبح سؤال روزن محقاً، فيما اجابتها عن السؤال تقتصر على كونها من باب التكهنات.
نظرياً، الافضل للمعارضة السورية أن تتجاهل أوباما بالكامل، وأن تركز على ادائها العسكري علّها تنجح في صد الحملة العسكرية الروسية، أو على الاقل احتوائها بأقل خسائر ممكنة على الارض. لكن واقعياً، تحتاج المعارضة السورية الى الكثير من مقومات الصمود، ومن غير الواضح إن كان داعموها سيخضعون لضغط الادارة الاميركية المنتهية صلاحيتها، أم أنهم سيستمرون بدعم المعارضة من دون الاكتراث لرئيس صارت قصته معروفة وسياسته مكشوفة وصلاحيته منتهية,
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق