| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
استحوذت الأزمة السورية على جزء كبير من الحوار الهاتفي الذي اجراه الرئيس باراك أوباما مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اول من امس، في وقت ناقض مسؤولون أميركيون سابقون، خلال جلسة في الكونغرس، اقوال الادارة الاميركية، واعتبروا ان الحملة العسكرية الروسية «تؤخّر التوصّل الى تسوية في سورية بدلاً من ان تسرّعها».
وجاء في البيان الصادر عن البيت الابيض ان أوباما وبوتين «ناقشا ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 حول سورية»، وانهما «اتفقا على اتخاذ خطوات لرعاية نقاش مثمر بين ممثلين عن المعارضة السورية والنظام تحت رعاية الأمم المتحدة».
اما الخطوات المطلوبة لبدء الحواء، فتتضمن «بشكل رئيس»، حسب البيت الابيض، «تقليص العنف، والالتفات إلى الحاجات الانسانية الطارئة للشعب السوري، خصوصاً حاجات من يعيشون في مجتمعات تعاني من الحصار او يصعب الوصول اليها» بسبب الاعمال القتالية الدائرة.
وينص قرار مجلس الأمن 2254، الصادر الشهر الماضي، على ضرورة بدء وقف للنار بتاريخ 18 الجاري، على ان يلي ذلك بدء الحوار بين الاطراف السورية المتحاربة. إلا ان استمرار الحملة العسكرية الروسية، جواً، والايرانية على الأرض، تشي بأن بدء الحوار السوري مازال بعيداً، خصوصاً بعد قول منسّق الهيئة العليا للمعارضة رياض حجاب، ان المعارضين يشترطون وقف النار قبل البدء بالمفاوضات.
وسبق لوكيل وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن، أن قال، في نوفمبر الماضي، ان الحملة العسكرية الروسية في سورية تعطي بوتين اليد العليا وتسمح له بممارسة ضغوط على الأسد للتوصّل الى حل.
على ان المراهنة على بوتين ورغبته في الحل قد تبدو في غير محلها، او هذ الانطباع الذي تولّد على إثر جلسة الاستماع التي عقدتها «لجنة القوات المسلحة» في الكونغرس، وشارك فيها السفير الاميركي السابق في سورية روبرت فورد.
وقال فورد، الذي يعمل باحثاً في مركز أبحاث «معهد الشرق الاوسط»، انه يعتقد ان«التدخّل الروسي جعل من الاصعب، بشكل لا يقاس، الحصول على التنازلات المطلوبة» من الأسد، ما يعرقل إمكانية التوصّل إلى إقامة حكومة وحدة وطنية.
وأكمل:«لأنهم (الروس) يستخدمون قذائف عنقودية، ولأنهم يستهدفون مناطق المدنيين باستمرار، ولأنهم يستهدفون قوافل الإغاثة، لا تبدو هذه سياسة روسية مصمَّمة لانتزاع تنازلات من (الرئيس السوري) بشار الأسد لدعم عملية السلام».
ورغم الاشادة المتواصلة من الادارة الاميركية بحق جهودها الديبلوماسية وتعاونها مع موسكو في الشأن السوري، يرى فورد انه«في الوقت الحالي، هناك الكثير من الألاعيب (السياسية) حول من يمكنه ان يمثّل المعارضة السورية». ويضيف:«يحاول الروس ان يضعوا اصدقاءهم في صفوف وفد المعارضة، وكذلك يحاول الايرانيون، وبصراحة، يتابع فورد:(يحاول الأتراك والسعوديون وضع بعض أصدقائهم)».
ومما قاله فورد ان«السوريين لا يمسكون» بالعملية السياسية المطلوبة، مردفاً:«بالنسبة لي، هذا يعني كارثة، خصوصاً اذا تم استثناء التنظيمات المسلحة المعارضة الجدّية، التي يمكنها ان تقبل الحل السياسي»، معتبراً انه في حال استثناء هذه الفصائل السورية المسلحة،«فلا أتخيل انها ستقدم دعمها لاتفاقية سياسية».
ويتابع:«حتى يقترب السوريون من التسوية، على المعارضة المسلحة ان تحرز نجاحات اكبر ضد نظام الأسد، وهو ما يحتاج دعم الولايات المتحدة». وختم فورد بالقول:«لن يحقق المعارضون انتصاراً عسكرياً، فذلك سيستغرق الى الأبد، وسيؤدي الى تدمير اي شيء تبقّى في سورية… لكن المطلوب هو إيقاع ألم كاف بحكومة الأسد ومناصريها حتى يفاوضوا بجدية على الطاولة».
ويمثّل اقتراح فورد ما سبق ان قاله وزير الخارجية جون كيري، في جلسة تثبيته في منصبه مطلع العام 2012، لناحية ان السبيل الوحيد لحمل الأسد على التنازل والرحيل هو بدعم معارضيه عسكرياً، حتى يقتنع ان لا مستقبل لديه في سورية، وحتى«يقرأ الأسد الكتابة على الحائط ويرحل».
إلا ان كيري تخلّى فيما بعد عن رؤيته هذه للحل السوري، في وقت يعتقد المراقبون ان مواقف وزير الخارجية الاميركي لا تنبع من وزارته، بل يفرضها عليه «مجلس الأمن القومي» في البيت الابيض، في ظل ادارة يكاد يُجمع كل من سبق ان عملوا فيها وخرجوا منها على انها مركزية بامتياز، وانها لا تقبل إلا رأياً واحداً، هو رأي رئيسها، دون غيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق