حسين عبدالحسين
تحول الرئيس دونالد ترامب من شخص يوجّه الحوار السياسي الأميركي في الاتجاه الذي يريده، في الغالب عبر تغريداته، الى مدافع، ومبرر، ومشكك بالقضايا القضائية المتعددة، التي صارت تلاحقه بشكل يومي.
ويبدو ان الايام التي كان يمكن لترامب ان يستفز فيها الأميركيين، والعالم، لناحية التهجم على المسلمين والدعوة الى منع دخولهم اميركا، الى مهاجمته اقرب الحلفاء في اوروبا وكندا، وسعيه للتحريض ضد الأميركيين من اصول اميركية جنوبية، ولّت الى غير رجعة، وان استفزازات ترامب فقدت بريقها، وصارت بمثابة كلمات فارغة يرددها رئيس صار يعاني من الوحدة في البيت الابيض.
ومع استقالة رئيس موظفي البيت الابيض الجنرال جون كيلي، واجه ترامب صعوبة في تعيين بديل في واحد من أقوى المناصب في التراتبية الحكومية الاميركية، ما اضطره الى تعيين ميك مولفايني رئيس موظفين بالوكالة. وتزامن هذا التعيين مع اعلان وزير الداخلية ريان زنكي الاستقالة من الحكومة مع نهاية العام، بسبب الفضائح التي تلاحقه في وزارته.
كما صار من الواضح ان ترامب، المهجوس بالقضايا القضائية التي تطارده، صار يعزل نفسه في البيت الابيض، الذي امتنع عن توزيع الجدول اليومي لنشاطات الرئيس، بسبب الشحّ في نشاطاته، وانفاقه ساعات طويلة وهو يشاهد التلفزيون، ويغرّد ردا على ما يشاهده. وفي هذا السياق، لاحظ الزملاء الاعلاميون المولجون تغطية شؤون البيت الابيض، ان نشاطات الرئيس الاميركي لم تتعد العشرين ساعة الاسبوع الماضي، وهو ما يؤكد ان ترامب صار يعزل نفسه، وينقطع عن العالم.
ومن المصائب التي يواجهها ترامب ان القضايا صارت تلاحقه في كل شؤونه تقريباً، ولا تنحصر بالتحقيق الخاص في امكانية تواطؤه وافراد حملته مع روسيا. ومن القضايا المنفصلة عن التحقيق الروسي، قضية ارتكابه مخالفات في تمويل حملته الحكومية، وهي القضية التي أدت الى صدور سجن بحق محاميه السابق مايكل كوهن لمدة ثلاث سنوات، وهو حكم قد يطول الرئيس فور انتهاء ولايته.
ومن القضايا التي تطارد ترامب قيام مدعي عام ولاية نيويورك بتوجيه الاتهامات الى الجمعية الخيرية، التي كانت تحمل اسمه والتي قام ترامب بحلّها منذ عام بسبب المشاكل القضائية. اما فحوى الاتهامات في هذا المضمار، فتتضمن قيام ترامب باستخدام التبرعات التي كان يجمعها على اساس انها لقضايا خيرية ويقوم بانفاقها على شؤون شخصية تخصّه.
وفي مقاطعة كولومبيا، التي تحتضن العاصمة واشنطن، نجح الادعاء العام في الحصول على تعاون الجاسوسة الروسية ماريا بوتينا، التي تواجه تهم محاولة اقامة علاقات بكبار اركان الحزب الجمهوري، ودعمهم انتخابياً، مقابل الحصول على وعود منهم برفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على موسكو، منذ قيام الاخيرة باحتلال شبه جزيرة القرم الاوكرانية.
وكان ترامب نفسه وعد، اثناء حملته الانتخابية، برفع العقوبات عن روسيا في حال فوزه بالرئاسة، وهو الوعد الذي تعذر تنفيذه بسبب قيام الكونغرس بالتصويت، بشبه اجماع عصي على الفيتو الرئاسي، بفرض عقوبات قاسية على موسكو بموجب قانون يتطلب الغاؤه قانوناً مشابهاً، وهو ما لا يقدر ترامب على تحقيقه.
من القضايا التي تلاحق ترامب، ايضاً، قيام محققين فيديراليين بالتدقيق بالاموال التي جمعتها لجنة تنظيم حفل القسم الرئاسي قبل عامين. وكانت اللجنة جمعت 107 ملايين دولار، يعتقد المحققون ان معظمها جاءت من طامحين للفوز بحظوة لدى الرئيس. ورفضت اللجنة نشر تفاصيل أي تدقيق خارجي، وتبين في وقت لاحق ان صديقة السيدة الاولى ميلانيا ترامب كانت حصلت على عقد بلغ 26 مليون دولار ثمن «الاشراف» على الحفل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق