واشنطن - من حسين عبدالحسين
لم تكد تصريحات وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو تصل مسامع السياسيين الاميركيين، حتى ثارت «زوبعة» من ردود الفعل السلبية، خصوصاً في الكونغرس بين اركان الحزب الديموقراطي المعارض، فضلاً عن عدد من المشرعين الجمهوريين.
ومما قاله الوزير التركي انه اثناء قمة العشرين، التي انعقدت في بوينس آيرس، أبلغ الرئيس الاميركي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان ان واشنطن تعمل على تسليم الداعية التركي المعارض فتح الله غولن لأنقرة.
ويتهم أردوغان، غولن بالوقوف خلف محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة قبل عامين. وكانت انقرة قامت، في هذا السياق، بتسليم واشنطن 85 صندوقاً اعلنت انها مليئة بالاثباتات على تورط غولن، و80 من مناصريه الاتراك المقيمين في الولايات المتحدة، بمحاولة الانقلاب، وطالبت باسترداد مواطنيها، بموجب اتفاقيات تبادل المتهمين والسجناء القائمة بين البلدين.
الا ان مسؤولي وزارة العدل الأميركية ردوا بالقول ان ما قدمته تركيا لا يرقى ليكون اثباتات جرمية بحق الداعية.
ويقيم غولن في ولاية بنسلفانيا منذ اوائل التسعينات، وهو يحمل بطاقة اقامة اميركية دائمة «غرين كارد». وسرت انباء، لم يمكن التأكد منها، ان محامي غولن تقدموا بطلب حصوله على الجنسية، ما يعني انه ان كان غولن حاز على جواز اميركي، يصبح تسليمه الى انقرة عملية شبه مستحيلة على ادارة ترامب.
وكانت وسائل الاعلام الأميركية قامت، الشهر الماضي، بنشر تقارير اوردت فيها ان ادارة ترامب تعمل على تسليم غولن الى الاتراك، وهي تقارير اثارت ردود فعل سلبية واسعة في صفوف اعضاء الكونغرس من الحزبين، وكذلك في وسائل الاعلام. وقام البيت الابيض بنفيها جذرياً.
أما أبرز ما اثار ردة الفعل الأميركية، فلا يتعلق بتسليم غولن الى خصمه اردوغان فحسب، بل يرتبط بقيام ترامب بقطع وعود لنظيره التركي بالعمل على اتمام عملية الاسترداد التي تطالب بها أنقرة، وهو ما تعتبره غالبية الاميركيين تدخلا من الرئيس في القضاء الاميركي ومسار العدالة، وهو أمر بمثابة الفضيحة في السياسة الأميركية.
لهذا السبب، لم تكد تصريحات أوغلو، اثناء مشاركته في مؤتمر الدوحة يوم الأحد، تصل واشنطن، حتى ثارت ثائرة شريحة كبيرة من المشرعين الاميركيين، وكذلك من العاملين في الاعلام، اذ ان تصريحات الوزير التركي أكدت الاشاعات السابقة، التي كان البيت الابيض سعى الى نفيها.
وراح بعض المشرعين الاميركيين والمحللين يتحدثون عن «نوعية الصفقة». وتراوحت السيناريوات المطروحة بين حديث عن تحسين ترامب لارباحه من فندقه في اسطنبول، وامكانية توسعة اعماله في تركيا، الى احتمال قيامه بالتخلي عن حلفاء أميركا من المجموعات الكردية السورية، المنخرطة في القتال ضد تنظيم «داعش»، فضلا عن صفقات سياسية اخرى وتكهنات اشار اليها مسؤولون اميركيون واعلاميون، مع توصل معظم المعلقين الى شبه اجماع يدين وعود ترامب لاردوغان بالتدخل في القضاء، ويدين كذلك امكانية تسليم مقيم في اميركا الى خصومه في دولة اجنبية، على خلفية عداوات سياسية لا ترقى لتكون جرائم يحاسب عليها القانون الاميركي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق