واشنطن - من حسين عبدالحسين
يختتم دونالد ترامب عامه بلا وزير دفاع، ولا وزير داخلية، ولا وزير عدل، ولا رئيس موظفين للبيت الابيض، فيما الحكومة الفيديرالية مقفلة حتى اشعار آخر. حتى من شباك مكتبه البيضاوي، الذي يطلّ على الحديقة الجنوبية للبيت الابيض، ينظر الرئيس الاميركي ليرى شجرة الميلاد حزينة، أضواؤها مظلمة، بسبب توقف دائرة الحدائق عن العمل.
هذه صورة مختصرة لحكم ترامب وهو يستعد لاختتام عامه الثاني: إدارة تعاني من الخواء، ومن رفض غالبية الكوادر الأميركية، من الحزبين، العمل فيها، ومناصب إما شاغرة، او يندر ان يبقى فيها اصحابها.
هكذا، يبحث ترامب عن ثالث رئيس لموظفي البيت الابيض، وثاني وزير دفاع، وثاني وزير داخلية، وثاني وزير عدل، وهو يعمل مع ثالث مستشار للأمن القومي، وثاني وزير للخارجية، وثاني وزير للأمن القومي، وثاني وزير للصحة، وثاني وزير لشؤون متقاعدي الجيش، وثاني مدير لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي)، وثاني مدير لمكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي)، وثاني مبعوثة اميركية دائمة لدى الأمم المتحدة، وثاني ناطق باسم البيت الابيض.
هذه التغييرات، غير المسبوقة بوتيرتها، الى جانب التحقيقات التي تلاحق ترامب وافراد عائلته في مواضيع متعددة، منها امكانية تعاونه وافراد حملته الانتخابية مع روسيا، قبل عامين، ومنها تورطه في دفع اموال لعشيقات سريات لشراء صمتهن، ومنها مخالفة جمعيته الخيرية القوانين واستخدام اموالها لشؤون شخصية لترامب، لا شك انها ساهمت في دفع شعبيته نحو الحضيض، اذ تظهر استطلاعات الرأي - حتى اليمينية منها مثل راسموسن وفوكس - ان نسبة تأييد الرئيس تبلغ 46 في المئة، مقابل 52 في المئة من الاميركيين ممن لا يأيدونه. أما معدل التأييد لترامب، اي معدل نسب كل مراكز الاستطلاع، فيبلغ 42 في المئة.
وللمقارنة، بلغت شعبية الرئيسين السابقين جورج بوش الاب والابن، بعد مرور سنتين على دخولهما الحكم، اكثر من 60 في المئة، فيما بلغت شعبية كل من الرئيسين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون 45 في الفترة نفسها. وحده الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان كان من يعاني من نسبة تأييد مشابهة في تدنيها لنسبة ترامب.
على ان الفارق بين ريغان وترامب يكمن في ان الاول تسلم البلاد واقتصادها يقبع في ركود، ومع انتهاء ولايته الثانية، كان اقتصاد الولايات المتحدة بدأ يعود الى عافيته ويظهر مؤشرات قوة، وهو ما ساهم في فوز الرئيس الراحل بولاية ثانية في العام 1984، فوزاً تاريخياً ساحقاً تضمن انتزاعه 49 من الولايات الخمسين.
ويبدو ان ترامب كان يعتقد انه، على غرار ريغان، يمكن لاقتصاد اميركي قوي ان ينقذه من كل ورطاته، وان يضمن اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، في العام 2020. لكن ترامب تسلم اقتصاداً قوياً، وحاول تعزيزه بتخفيض ضرائب الدخل وزيادة الانفاق، وهو ما اسهم في رفع العجز السنوي في الموازنة الفيديرالية الى معدلات غير مسبوقة، ورفع - في الوقت نفسه - نسب نمو الناتج المحلي.
مشكلة ترامب ان كل المؤشرات الاقتصادية تشير الى ان فترة النمو والبحبوحة امتدت اكثر من المعقول، وان اقتصاد الولايات المتحدة مع موعد الزامي مع الركود الدوري، وأن أولى علامات هذا الركود بدأت تظهر في اميركا وفي اقتصادات العالم.
أما كابوس ترامب، فيتجلى بأن يغرق الاقتصاد في ركوده الدوري مع اقتراب موعد انتخابات العام 2020، إذ ان من دون اقتصاد قوي، ومع ادارة غارقة في الخواء والفوضى على غرار ادارة ترامب، تتقلص فرص اعادة انتخابه لولاية ثانية، وترتفع امكانية تحوله الى «رئيس ذي ولاية واحدة»، وهو ما يعتبره الاميركيون بمثابة مذلّة، وهو ما يقلق ترامب كثيراً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق